ثلاث نفخات في الصور
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 5 ص279-281.
2025-07-17
434
ثلاث نفخات في الصور
قال تعالى : {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87) وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} [النمل : 87، 88].
قال الشيخ الطبرسي ( رحمه اللّه تعالى ) : قوله وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ منصوب بتقدير ، واذكر يوم ينفخ إسرافيل بأمر اللّه تعالى ، في الصور ، وذلك اليوم الذي يقع عليهم القول بما ظلموا ويجوز أن يكون على حذف في الكلام ، والتقدير : ويوم ينفخ في الصور ، وتكون النشأة الثانية .
واختلف في معنى الصور فقيل : هو صور الخلق جمع صورة . . . ويكون معناه : يوم ينفخ الروح في الصور ، فيبعثون .
وقيل : هو قرن فيه شبه البوق . . . وقد ورد ذلك في الحديث فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ أي ماتوا لشدة الخوف والفزع ، يدل عليه قوله في موضع آخر فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ الآية . وقيل : هي ثلاث نفخات : الأولى نفخة الفزع ، والثانية نفخة الصعق ، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين . إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ من الملائكة الذين يثبت اللّه قلوبهم ، وهم :
جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل . وقيل : يعني الشهداء ، فإنهم لا يفزعون في ذلك اليوم . وروي ذلك في خبر مرفوع - عنه عليه السّلام - وَكُلٌّ من الأحياء الذين ماتوا ، ثم أحيوا أَتَوْهُ أي : يأتونه في المحشر داخِرِينَ أي : أذلاء صاغرين - أقول « هذا ما روي عن أبي جعفر عليه السّلام » « 1 » - .
وقال : قوله : وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً أي : واقفة مكانها ، لا تسير ، ولا تتحرك في مرأى العين وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ أي : تسير سيرا حثيثا مثل سير السحاب . . . وفي مثل هذا المعنى قول النابغة الجعدي ، يصف جيشا :
بأرعن مثل الطود ، تحسب أنهم * وقوف الحاج ، والركاب تهملج
أي : تحسب أنهم وقوف من أجل كثرتهم والتفافهم ، فكذلك المعنى في الجبال ، أنك لا ترى سيرها لبعد أطرافها ، كما لا ترى سير السحاب إذا انبسط ، لبعد أطرافه . وذلك إذا أزيلت الجبال عن أماكنها ، للتلاشي ، كما في قوله : وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ . صُنْعَ اللَّهِ أي صنع اللّه ذلك صنعا ، وانتصب بما دل عليه ما تقدمه من قوله : وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ .
وذكر اسم اللّه ، لأنه لم يأت ذكره فيما قبل ، وإنما دل عليه الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ أي : خلق كل شيء على وجه الإتقان والإحكام والإتساق ، قال قتادة : أي أحسن كل شيء خلقه .
- أقول « هذا ما روي عن أبي جعفر عليه السّلام » « 2 » - .
وقيل : الإتقان حسن في إيثاق . إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ أي : عليم بما يفعل أعداؤه من المعصية ، وبما يفعل أولياؤه من الطاعة « 3 » .
_________________
( 1 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 133 .
( 2 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 131 .
( 3 ) مجمع البيان : ج 7 ، ص 409 .
الاكثر قراءة في المعاد
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة