كيف يحشر أعداء الله
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 4 ص238-239.
2025-05-27
450
كيف يحشر أعداء الله
قال تعالى : {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا} [الإسراء : 97 - 99].
1 - قال أحدهما عليهما السّلام : {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ }( على جباههم ) « 1 » . قال موسى بن جعفر عليه السّلام : « صم » يعني يصمّونه في الآخرة في عذابها « بكم » يبكمون هناك بين أطباق نيرانها « عمى » يعمون هناك ، وذلك نظير قوله عزّ وجلّ : وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى « 2 » وقوله : وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً [ الإسراء : 97 ] « 3 ».
وقال علي بن إبراهيم القميّ : قوله : « صم بكم عمى » الصمّ : الذي لا يسمع ، والبكم : الذي يولد من أمّه أعمى ، والعمي : الذي يكون بصيرا ثمّ يعمى « 4 ».
2 - قال الشيخ الطبرسي : في مجمع البيان : مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً أي : مستقرهم جهنم ، كلما سكن التهابها ، زدناهم اشتعالا ، فيكون كذلك دائما ، ومتى قيل : كيف يبقى الحي حيا في تلك الحالة من الاحتراق دائما ؟ قلنا : إن اللّه تعالى قادر على أن يمنع وصول النار إلى مقاتلهم .
ذلِكَ أي : ذلك الذي تقدم ذكره من العقاب {جَزاؤُهُمْ استحقوه بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا } أي : بتكذيبهم بآيات اللّه . وَقالُوا أَ إِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً مثل التراب مترضضين {أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } مر معناه في هذه السورة أَوَلَمْ يَرَوْا أي : أو لم يعلموا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ لأن القادر على الشيء ، قادر على أمثاله إذا كان له مثل ، أو أمثال في الجنس وإذا كان قادرا على خلق أمثالهم ، كان قادرا على إعادتهم ، إذا الإعادة أهون من الإنشاء في الشاهد . وقيل : أراد قادر على أن يخلقهم ثانيا ، وأراد بمثلهم إياهم ، وذلك أن مثل الشيء مساو له في حالته ، فجاز أن يعبر به عن الشيء نفسه . يقال : مثلك لا يفعل كذا ، بمعنى أنت لا تفعله ، ونحوه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وتم الكلام ههنا .
ثم قال سبحانه : وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لا رَيْبَ فِيهِ أي : وجعل لإعادتهم وقتا لا شك فيه أنه كائن لا محالة . وقيل : معناه وضرب لهم مدة ليتفكروا ويعلموا فيهما أن من قدر على الابتداء قدر على الإعادة . وقيل : وجعل لهم أجلا يعيشون إليه ، ويخترمون عنده لا شك فيه فَأَبَى الظَّالِمُونَ لنفوسهم ، الباخسون حقها بفعل المعاصي إِلَّا كُفُوراً أي : جحدوا بآيات اللّه ونعمه .
وفي الآية دلالة على أن القادر على الشيء يجب أن يكون قادرا على جنس مثله ، إذا كان له مثل ، وعلى أنه يجب أن يكون قادرا على ضده ، لأن منزلته في المقدور منزلة مثله . وفيه دلالة أيضا على أنه يقدر على إعادته إذا كان مما يفنى ، وتصح عليه الإعادة .
__________
( 1 ) تفسير العيّاشي : ج 2 ، ص 318 ، ح 168 .
( 2 ) تفسير الإمام العسكري عليه السّلام : ص 130 ، ح 65 .
( 3 ) تفسير القمي : ج 1 ، ص 34 .
( 4 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 29 .
الاكثر قراءة في المعاد
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة