أهداف الإصلاح الإداري
المؤلف:
صباح عبد الكاظم شبيب الساعدي
المصدر:
دور السلطات العامة في مكافحة ظاهرة الفساد الإداري في العراق
الجزء والصفحة:
ص 296-299
2025-11-08
51
ورغم عدم اتفاق الباحثين حول تحديد الأهداف المثلى للإصلاح الإداري، إلا أنه يمكن القول أن أهمية الإصلاح الإداري تنبع من الأهداف التي يحققها والتي يراها البعض بأنها ضرورة الالتزام بالنظام والتمسك في اتخاذ الإجراءات اللازمة في تنفيذ القرارات الإدارية وفقاً للقوانين والأنظمة. أما البعض الآخر فأنه يرى ضرورة تحرير الإدارة من القيود الجامدة والإجراءات الروتينية العقيمة التي تحرم المواطنين من حقهم في الخدمات العامة وإشباع حاجاتهم اليومية الضرورية بيسر وبسهولة(1). ونتيجة لهذا الاختلاف في تحديد أهداف الإصلاح الإداري والذي يؤدي أحياناً إلى التطرف، فقد اعتبرت بعض حكومات الدول النامية أن تحديد الأهداف هي عملية سياسية القصد منها خلق جهاز إداري قادر على تحمل أعباء ومتطلبات تنفيذ التغيير الشامل المستهدف في الخطط التنموية وهذا يتطلب (2):
1- التوفيق بين وجهات النظر المتعارضة في تحديد الأهداف حيث أن لكل من هؤلاء المسؤولين أبعاداً فكرية مختلفة وخلفيات اجتماعية واقتصادية تعزز رأي كل منهم في اختيار أهداف مثلى للإصلاح الإداري.
2- التنسيق بين رؤية هؤلاء المسؤولين من جهة وبين تطلعات المواطنين من جهة أخرى لأن المواطن سواء كان من العاملين في الجهاز الإداري أو من المتعاملين معه يجب أن يكون محوراً للإصلاح الإداري حيث أن هذا المواطن ينتمي إلى جماعات لها مصالح ولها قيم وتقاليد يتأثر بها في عمله وفي سلوكه والتي تتطلب من القيادة السياسية أن توازن بين مصلحته ومصلحة الجماعات الذي يعيش معها من جهة وبين مصلحة المجتمع والدولة من جهة أخرى عند تحديد أهداف الإصلاح الإداري. إلا أنه بالرغم من إشراف القيادة السياسية على عملية تحديد أهداف الإصلاح الإداري، فأن المسؤولين عن الإصلاح يلعبون دوراً كبيراً في تحديد أهدافه لأنهم يمثلون السلطة التنفيذية مما يجعل القيادة السياسية تأخذ برأيهم دون رأي غيرهم من فئات المجتمع كالمجالس المحلية والنقابات والجمعيات والجامعات وأحزاب المعارضة والصحافة (3).
ويلاحظ أنه رغم عدم الاتفاق التام حول تحديد هذه الأهداف إلا أن هناك اتفاق حول الهدف الرئيس الذي ليس عليه خلاف وهو خلق جهاز إداري قادر على تحمل أعباء ومتطلبات تنفيذ الخطط التنموية بوصفه إدارة تنمية، وهذا الهدف يضم في داخل إطاره مجموعة من الأهداف الإصلاحية المختلفة والتي تستمد أولوياتها وفقا لطبيعة وظروف كل دولة، ولكنه لا يتحقق على الوجه المطلوب ما لم تتحقق الأهداف الأخرى والتي يمكن تصنيفها في خمس مجموعات (4):-
1- الأهداف المتعلقة بتنظيم العلاقة بين الوحدات الإدارية :-
وهي التي تهدف إلى حل المشاكل الإدارية والتنظيمية بصورة مستمرة لمواجهة التوسع السريع والمستمر لوظائف الدولة وأنشطتها الجديدة والمتطورة وذلك عن طريق رفع مستوى التنظيم الإداري من حيث التخطيط والتنفيذ ومن حيث أسلوب العمل وسلوك الأفراد في جميع المستويات الإدارية وذلك بأحداث تغييرات جذرية في مراكز القوة والثقل بين جميع وحدات الجهاز الإداري للدولة، كالوزارات والمؤسسات والهيئات، أي أنه تغيير شامل لموازين القوى الإدارية وهذا ما يعبر عنه بفشل الموازين القديمة وإتاحة الفرصة للموازين الجديدة، ولعل ذلك هو المعنى الذي تبرزه مقولة التنمية الادارية بصفة خاصة بمعنى ارتباط الديناميكية والحركية الادارية بدينامكية التنمية الشاملة، ونبذ الأفكار القديمة التي سادت في محيط الادارة العامة على أساس الحفاظ على الأوضاع والمواريث السياسية والاجتماعية كما هي في إطارها المختلف والأخذ بفكرة الحركة من داخل هذا التراث لتطويره والوصول به الى مرحلة جديده اكثر تقدماً وتجاوباً مع حاجات البشر المتطورة (5).
2- الأهداف التي تحقق المزيد من اللامركزية :-
تسعى هذه الأهداف إلى التوزيع الجغرافي الواسع للسلطات والاختصاصات الإدارية وذلك لتخفيف الأعباء عن كاهل الإدارة المركزية والحد من كثرة الإجراءات الروتينية التي أصبحت مصدر ضيق وإزعاج للمواطنين بسبب عدم إشباع حاجاتهم الضرورية من الخدمات العامة بيسر وبسهولة أو حرمانهم منها، بالإضافة إلى أن كثرة الإجراءات تؤدي إلى قلة الإنتاج وعدم جودته ونرى في هذا المجال ضرورة القيام بإصلاحات إدارية في العراق تأخذ بنظر الاعتبار انتقال نظام الحكم في العراق الى النظام الاتحادي.
3- الأهداف التي تعنى بالعنصر البشري
يعد العنصر البشري من أهم عناصر التنظيم الإداري والعامل الأول في نجاحه بالإضافة إلى أنه محور عملية الإصلاح الإداري التي لا يمكن أن يكتب لها النجاح إلا بالقدر الذي يساهم به هذا العنصر من خلال تعاونه مع أجهزة الإصلاح الإداري، وعليه فأن العناية التامة بشؤون العاملين ورفع مستواهم الثقافي والفني وتحسين مستواهم المادي أصبحت من أهم أهداف الإصلاح الإداري(6).
فالاهتمام بتحسين وتنمية الجانب الانساني في الجهاز الاداري يختص أيضا بتنمية الصفات والقدرات والمهارات والواجب توفرها في القائمين على شؤون الجهاز الاداري، اذ كيف يمكن تحقيق أهداف الدولة اذا لم يكن القائمون على جهازها الاداري على نفس المستوى الذي يعمل فيه القادة السياسيون(7).
4- الأهداف التي تعني بالنواحي الاقتصادية :-
تسعى هذه الأهداف إلى عدم الإسراف في النفقات الإدارية لأن الإسراف فيها يعتبر من أبرز عيوب التنظيم الإداري التي تؤدي إلى ضعفه وعجزه عن القيام بمهامه على الوجه الأمثل بالإضافة إلى أنه يخلق بيروقراطية تهتم بمظهرها دون عملها، وعليه فان تقليص النفقات الإدارية والتركيز فقط على نفقات التشغيل في جميع المستويات الإدارية دون أن يؤدي ذلك إلى هبوط مستوى الإنتاج كماً ونوعاً أو الحد من الخدمات الضرورية، تعتبر من الأهداف المهمة للإصلاح الإداري(8).
5- الأهداف التي تؤدي إلى مزيد من الرقابة :-
تؤدي هذه الأهداف إلى تحقيق المزيد من الرقابة الإدارية لأن أجهزة الإصلاح الإداري تعتبر سلطات رقابة إدارية حيث أن المسؤولين عن الإصلاح الإداري وإن اختلفوا في وسائل التنفيذ إلا أن صفة الإصلاح تربطهم وتجعلهم بمستوى المسؤولية، إلا أن صفة الإصلاح هذه لا تعصمهم من الخطأ والانحراف وانتشار ظاهرة التسلط و (البرقطة ) بين صفوفهم لذلك فأن القيادة السياسية وبخاصة في الدول النامية تراقب بنفسها هؤلاء المسؤولين في الإصلاح الإداري خشية استغلال نفوذهم والتسلط على غيرهم، لأنه مثل هذا الانحراف إذا وقع فأنه لا يؤدي إلى فشل الإصلاح الإداري فحسب بل أنه يؤدي إلى انتكاسات خطيرة تهدد النظام السياسي نفسه (9).
وهناك من يقسم أهداف الإصلاح الإداري الى أهداف عامة، وهي الأهداف التي ترتبط بالتغيرات الأساسية في الجهاز الإداري للدولة، وكذلك تحقيق متطلبات خطة التنمية الاقتصادية، واهداف خاصة وهي التي تستبعد التفكير الذي بدأ يسود الآن والذي يحدد مجموعة من الأهداف والمؤشرات المتكاملة لنتائج أي مخطط للإصلاح الإداري (10).
_________
1- أنظر: رحيم عويد نغميش الإصلاح الإداري والتنمية الإدارية في العراق 1970.1980, رسالة دكتوراه جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية 1984 ،ص77.
2- أنظر
Dr.Iskander Adnan, Administrative Reform in Lebanon.(Beirut American University of Beirut), 1961 pp.25.27.
3. أنظر: عبد الرحيم علي أحمد, إدارة التنمية والإصلاح الإداري في السودان 1956.1975, رسالة ماجستير, جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية 1978 ص 31.
4- أنظر: رحيم عويد نغميش الإصلاح الإداري والتنمية الإدارية في العراق 1970.1980, رسالة دكتوراه جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية 1984 ، ص 79.
5- أنظر: ناصف عبد الخالق جاد, الإصلاح الاداري في جمهورية مصر العربية 1952 1972, رسالة دكتوراه, جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية 1975، ص 133.
6- أنظر رحيم عويد نغميش الإصلاح الإداري والتنمية الإدارية في العراق 1970.1980, رسالة دكتوراه جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية 1984, ص 80.
7- أنظر: ناصف عبد الخالق جاد, الإصلاح الاداري في جمهورية مصر العربية 1952 1972, رسالة دكتوراه, جامعة القاهرة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية 1975 ، ص 136.
8- أنظر ... Dr.Iskander Adnan, Administrative Reform in Lebanon ,op,cit,p32 4
9-Dr.Iskander Admen, op.cit.p28
10-أنظر محمد رستم حسان النظرية العامة للإصلاح الإداري دراسة تطبيقية في الجمهورية العربية اليمنية رسالة دكتوراه جامعة القاهرة كلية الحقوق بدون ذكر التاريخ ق، ص 54 وما بعدها.
الاكثر قراءة في القانون الاداري
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة