تطبيقات النانوتكنولوجي في وسائل المواصلات والاتصالات
المؤلف:
منير نايفة
المصدر:
النانوتكنولوجي- عالم صغير ومستقبل كبير- صفات سلامة
الجزء والصفحة:
ص101
2025-10-27
44
توشك النانوتكنولوجي أن تغير بطريقة ثورية، الطرق التي تنتج وتدار بها وسائل المواصلات والاتصالات فهي بعكس الطرق الإنتاجية المستخدمة حالياً حيث يتم جمع المواد معاً، تعمل النانوتكنولوجي على الذرات واحدة واحدة ثم تقوم بجمعها بشكل دقيق لإنتاج المواد مع الخصائص المرغوب فيها. وهذا يعني على سبيل المثال أنه لم يعد هناك ضرورة لاختيار ألواح ضخمة لأجسام السيارات كي يتم تخفيض أسعارها أو اختيار سرير ضعيف لوسائط النقل للتقليل من وزن العربة. لهذا يسعى الباحثون باستخدام النانوتكنولوجي إلى إيجاد طرق تهدف إلى صناعة سيارات أخف وأقوى وأرخص وأكثر سلامة، إذ ستتم إدارة مصانع إنتاج السيارات بشكل أكثر كفاءة بفضل آلة الرصف المجهرية، وسيتم تقليل الإصابات التي تقع أثناء الإنتاج إلى درجة كبيرة. يقول "آلان تاوب Alan Taub المدير التنفيذي لشركة "جنرال موتورز" General Motors للبحث والتطوير، إن النانوتكنولوجي تفتح لنا عالماً جديداً تماماً في صناعة السيارات نحن ندخل عالماً نستطيع أن نحسنه بشكل فعلي في كل اتجاهاته الحساسة بدلاً واحد منه على حساب جانب آخر. وقد بدأت شركة "جنرال موتورز" منذ فترة باستخدام المركبات المصغرة المنتجة وفق تقنية النانوتكنولوجي، وذلك لبناء سطوح أخف، لكنها أقوى، لعدة موديلات خاصة بعربات الشحن إضافة إلى بناء أسرة خاصة بوسائط النقل، مثل "هامر إتش 2 Hummer H2 بالإضافة إلى الألواح الخارجية الخاصة بسيارات شيفروليت ماليبو" Chevrolet Malibu sedan. وباستخدام النانوتكنولوجي أيضاً سيكون للسيارات القادمة نوافذ زجاجية تقاوم الشروخ والانكسار ، وسيكون وزنها أخف، كما ستقدم من تحسين جانب أجزاء السيارة حماية أفضل في حالة وقوع أي اصطدام. وقد بدأت شركات صناعة السيارات التفكير في إنتاج أجهزة وقطع غيار صغيرة، فأكثر السيارات قد بدأت تضم أجهزة بحجم رأس الدبوس والمعروفة باسم أنظمة الأجهزة الميكرو إلكترو - ميكانيك" (الأجهزة الميكروميكانيكية المتناهية في الصغر) microelectromechanical system، وتشمل هذه الأجهزة "معجل الأكياس الهوائية air-bag accelerometers المستخدمة في حالات الاصطدام وآلات التحسس (المستشعرات) في أنظمة التكييف الهوائي engine-oil condition sensors. ومن بين التطبيقات الأخرى للنانوتكنولوجي التي سيتم تضمينها في صناعة السيارات:
- أنظمة التعليق Suspension system حقن جسيمات حديدية صغيرة في بعض السوائل، لخلق محال مغناطيسي يبدل اللزوجة من سائل خفيف إلى صلد، وهذا ما يساعد السيارة على التبديل الفوري لنظام تعليقها المستند إلى الأوضاع التي يتحسسها.
- الكماليات المانحة لرفاهية إضافية Amenities: مثل "حاملات الأكواب" cup holders القادرة على امتصاص أو إنتاج الحرارة، والحفاظ على درجة حرارة المشروب، فعلى سبيل المثال تقوم شركة "تيلوركس Tellurex الأميركية في تطوير إنتاج مثل هذا.
- طلاءات تقاوم الخدوش Scratch-resistant paints: سيتم طلاء السيارات بطلاءات مقاومة للخدوش مصنوعة وفق تقنية النانوتكنولوجي.
وفي شباط/ فبراير 2008 أعلنت شركة" فيورافانتي" Fioravanti الإيطالية للسيارات أنها استخدمت تقنية النانوتكنولوجي في تطوير زجاج سيارة تسمى "هيدرا" Hidra فيها ينظف زجاج السيارة نفسه تلقائياً بدون الحاجة إلى "ماسحات زجاج السيارة Windshield Wipers ويتكون هذا الزجاج من 4 طبقات تقوم الطبقة الأولى بالحماية من أشعة الشمس وصد المياه والطبقة الثانية تحتوي على تقنية "النانو - دست nano-dust ، التي تدفع الأوساخ إلى أطراف الزجاج، وتعمل هذه التقنية من خلال حاسة الاستشعار الموجودة في الطبقة الثالثة، أما الطبقة الرابعة فتحتوي على الطاقة الكهربائية اللازمة لعمل جميع الطبقات الأخرى ، (أنظر الشكل1 ).

شكل (1) زجاج ذاتي التنظيف مصنع بتقنية النانو للسيارة "هيدرا" ،Hidra من إنتاج شركة" فيور افانتيFioravanti " الإيطالية، باستخدام تقنية النانوتكنولوجي.
وبفضل تقنية النانوتكنولوجي تمكن العلماء من صنع أصغر سيارة في العالم السيارة النانوية Nanocar، حيث تمكن فريق بحثي بقيادة عالم الكيمياء "جيمس تور "James Tour في مختبر جامعة رايس الأميركية في هيوستن Rice University Laboratory in Houston من صنع تريليون تريليون سيارة بحجم نانومتري trillion trillion nanoscopic cars، والنانوسكوبي Nanoscopic هو صفة لكل ذي حجم من رتبة النانومترات، حيث يحتوي طول نانومتر واحد من ثماني إلى عشر ذرات، وهو أصغر بألف مرة من الميكروسكوبي الذي يعني بالحجوم والأطوال الميكرومترية، حيث لا يتجاوز عرض هذه السيارة أربعة نانومترات، مما يعني أن نسقاً . من 25000 ألف سيارة منها لا يتجاوز سماكة ورقة كتاب واحد وقد تمكن الفريق البحثي من تصنيع عجلات لهذه السيارة من الكربون ورصف طرق من معدن الذهب لها، وبتسخين هذه الطرق، كانت العجلات تدور بفعل التدرج الحراري وتتحرك السيارات، كما استخدم العلماء "المجهر النفقي الماسح" (Scanning Tunneling Microscope (STM لتوجيه حزمة إلكترونات تقود هذه السيارات بفعل كهروستاتيكي static electricity، ويقوم محور العجلات بتوجيهها بشكل أفقي على سطح الطريق. ويعمل العالم "تور" حالياً على إيجاد محرك داخلي internalmotor لهذه السيارات يقودها حيث يشاء على سطح المادة دون الحاجة للطرق أو للحزم الإلكترونية من هذه المحركات محرك يعمل بطاقة الفوتونات photon-powered التي تصدم جزيئات معينة فتحركها وتدير العجلات. ويقول العلماء بأن الفائدة المرجوة من هذه النانوسيارات، قد يكون حفر رقائق السيليكون بشكل دقيق لتصنيع إلكترونيات أقل حجماً واكبر سرعة (20)، (أنظر الشكل 2).

شكل2: "السيارة النانوية"، Nanocar تمكن من صنعها علماء من مختبر جامعة رئيس الأميركية في هيوستن .
كما أن "شركة يوانتونج المحدودة ببكين Beijing Yuantang Corporation Ltd، قد استخدمت تقنية النانوتكنولوجي في تطوير "تكنولوجيا الوقود النانومتري" التي تسمّى ESP nano-fuel technology، وحصلت هذه التكنولوجيا على براءة اختراع في 21 دولة، ويقول الخبراء أن جهاز هذه التكنولوجيا الذي تركب به السيارة، يستطيع أن يحول كل الوقود العادي إلى وقود نانومتري، مما يخفض عادم السيارة بنسبة أكثر من 50 بالمئة، ويوفر الوقود بنسبة أكثر من 20 بالمئة، الأمر الذي يتجلى بأهمية بالغة بالنسبة إلى تخفيف حدة تلوث البيئة وأزمة الطاقة.
وفي كانون الثاني/ يناير 2009، أعلنت شركة صناعة السيارات اليابانية "مازدا Mazda اعتزامها طرح تكنولوجيا "المحول الحفاز" الجديدة Automobile Catalytic Converters القائمة على تقنية النانو، والذي يعمل على خفض العوادم الغازية، إذ يحول العوادم الملوثة للبيئة إلى مواد صديقة للبيئة، وذلك في الأسواق الألمانية خلال العام 2009. وذكرت الشركة أن تكنولوجيا المحول الحفاز أكثر فاعلية من التقنيات المماثلة الأخرى، حيث تخفض التلوث الناتج عن السيارة بنسبة 75 بالمئة عن الحد الأقصى المسموح به وفقاً لقواعد الإتحاد الأوروبي البيئية، كما أن تكنولوجيا المحول الحفاز الجديدة تقلل استخدام معدني "البلاتين والبلاديوم" النفيسين Platinum and Palladium في صناعة المحولات التحفيزية، وهو ما يقلل تكاليف إنتاجها. وقد أعلنت "مازدا" من مقر فرعها الألماني في مدينة كولونيا أن هذه التكنولوجيا الجديدة ستكون متاحة في السيارة مازدا 3 المزودة بمحرك بنزين سعة لترين، وأشارت "مازدا" إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يتم استخدام هذه التكنولوجيا على نطاق، تجاري، وتعتزم "مازدا" استخدام هذه التكنولوجيا في باقي سياراتها تدريجيا.
ومن بين تطبيقات تقنية النانوتكنولوجي في وسائل الاتصالات، استخدامها في صناعة أجهزة الآي بود iPod أجهزة لتخزين الملفات الصوتية والمرئية، وإعادة الاستماع إليها ومشاهدتها، وهي من إنتاج شركة "أبل" Apple المعروفة بصناعة أجهزة الكومبيوتر، وقد طرح أول إنتاج لها عام 2001، وهناك عدة أجيال منها)، وتتميز أجهزة "الآي بود نانو iPod nano ، الجيل الثالث أنتج في أيلول/سبتمبر 2007)، بصغر حجمها، وقدرتها على تشغيل أجهزة الفيديو، فهي أكثر عرضاً وأقل طولاً من أجهزة الآي بود نانو السابقة، إذ تبلغ سماكة جهاز "آي بود نانو" الجديد ربع بوصة فقط (البوصة 2.5 سم تقريباً)، (يمكن استخدامه كسكين لفتح مظاريف الرسائل)، وهو بهذا الرفع والنعومة قادر على إحتواء بطارية تكفي شحنتها إلى 22 ساعة من تشغيل الفيديو، وشاشة لا يتعدى حجمها الطابع البريدي (أو حجم أصبع الإسهام) وذاكرة سعة 4 إلى 8 جيغابايت تكفي لاستيعاب مابين ألف وألفي أغنية، كما أن شاشة الجهاز الجديد أفضل. من شاشة آي بود نانو القديمة، مما يجعل عروض الفيديو واضحة وعند استخدام هذا الجهاز تشعر أنك تشاهد أفلاماً سينمائية على بطاقة تعريف من بطاقات رجال الأعمال Business card ، وعن طريق "كابل" يمكن لجهاز آي بود نانو الجديد تشغيل الفيديو على جهاز التليفزيون، وهذه هي المرة الأولى بالنسبة إلى جهاز بمثل هذا الصغر. وباستخدام تقنية النانوتكنولوجي تمكنت أيضاً شركة "أبل" من تقديم جهاز "روكر" ROKR الذي يجمع بين جهاز الآي بود نانو" والهاتف المحمول، ويتسم هذا الجهاز الجديد بسمك رقيق جداً لا : يتعدى بوصة واحدة، كما لا يتعدى وزنه 1.5 أوقية (42 غرام)، ويمكنه تخزين حوالى 1000 أغنية يمكن تشغيلها بالطريقة نفسها المستخدمة في جهاز "الآي بود"، وبفضل استخدام الآي بود نانو" فإنه من الممكن وضع جهاز "روكر" بسهولة في الجيب. وقد طور هذا الجهاز في تعاون بين شركتي "موتورولا" Motorola وشبكة الاتصالات الأميركية "سينجولار" Cingular أول شبكة يعمل عليها "روكر"، ويتوافر من جهاز "روكر" نسختين، الأولى بسعة 4 جيغابايت (4GB) ويمكنها تخزين 1000 أغنية، والأخرى بسعة 2 جيغابايت (2GB) ويمكنه استيعاب 500 أغنية فقط .
وهناك تعاون حالياً بين مركز نوكيا للأبحاث Nokia Research (Center (NRC و "مركز علوم "النانو" Cambridge Nanoscience Center في "جامعة كامبريدج" البريطانية University of Cambridge لاستخدام النانوتكنولوجي في تطوير هاتف محمول جديد سيظهر عام 2015، بمواصفات ومزايا جديدة، منها أنه سيكون رفيع. جداً وكأنه ورقة، ومرن جداً، بحيث يمكن تغيير حجمه بل وتشكيله كما نريد، فمثلاً يمكن دورانه على ساعة اليد وكأنه ساعة، أو أشكال أخرى، كما سيكون هذا الهاتف شفاف جداً بحيث يمكننا رؤية ما وراءه، كما سيقوم بتنظيف نفسه ذاتياً self-cleaning، بمعنى لو لامسته بكتيريا مثلاً فإنه يقوم بالتنظيف فوراً، ولو طبعت عليه آثار لمس أصابع اليد فإنه يمحوها ويبدو جديداً تماماً، كما أن بطارية الهاتف سيتم شحنها أوتوماتيكياً بالطاقة الشمسية، فكلما تعرضت للشمس يتم شحنها من تلقاء نفسها، كما سيكون الهاتف مزوداً بمجسات (مستشعرات) يستم من خلالها معرفة معلومات عن كل ما هو موجود حولنا مثل درجة حرارة ورطوبة وضغط ودرجة تلوث الجو، ولو قربنا منه فاكهة مثلاً فيخبرنا هل هي في حاجة للتنظيف أم لا، ويتم قراءة كل ذلك من خلال شاشة الموبايل التي ستعمل باللمس، (أنظر الشكل 3).

شكل (3) الهاتف المحمول باستخدام تقنية النانوتكنولوجي، والذي تجرى أبحاث حالياً لإنتاجه بين مركز نوكيا للأبحاث، وجامعة كامبريدج" البريطانية.
وباستخدام تكنولوجيا النانو سوف تمثل الأقمار الصناعية متناهية الصغر Nano-Satellites ثورة في عالم الفضاء، حيث إن الأقمار الصناعية التي تستخدم هذه التكنولوجيا تتسم بوزن أخف ودرجة أعلى من التصميم المتكامل، وتمثل تلك التكنولوجيا واحدة من أهم التحولات في تكنولوجيا الفضاء العالمية المعاصرة، وتتنبأ باتجاه للتطور تصبح فيه مركبات الفضاء أصغر فأصغر. فعلى سبيل المثال في نيسان/ أبريل 2004 أطلقت الصين بنجاح قمر النانو الأول" 1 Nano-satellite الذي طورته بشكل مستقل باستخدام تكنولوجيا النانو، وجعل هذا الإطلاق الناجح من الصين رابع دولة في العالم تصبح قادرة على إطلاق أقمار صناعية بتكنولوجيا النانو بعد روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا، وفقاً لما ذكره خيراء الفضاء الصينيون، ويزن "قمر النانو الأول" 25 كيلوغراماً، وقد طورته جامعة "تشينغهوا" Qinghua University وشركة "تشينغهوا الفضائية المحدودة لتكنولوجيا الأقمار الصناعية "Aerospace Qinghua Satellite Technologies Co. Ltd.
وتقوم وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) بتطوير أقمار صناعية نانوية (متناهية الصغر) تسمى "نانو سانس" nanosats، يتراوح وزنها بين 11 إلى 110 باوند (حوالى من 5 إلى 50 كيلوغراماً)، كما تعتزم إسرائيل إطلاق أقمار صناعية مزودة بتكنولوجيا النانو بديلاً عن الأقمار الحالية التي تعمل بنظام تحديد المواقع العالمي Global Positioning System (GPS)، ففي تشرين الثاني / نوفمبر 2008 أعلنت جمعية نانو ستالايت الإسرائيلية" The Israel Nanosatellite Association - التي أسسها مهندسون فضائيون إسرائيليون في عام 2006 - في بيان لها أن إطلاق أول قمر صناعي مزود بهذه التقنية، من المتوقع أن يكون بين تموز/يوليو وأيلول/سبتمبر 2009 من الهند، حيث أوضح "راز تامير" Raz Tamir رئيس الجمعية ومدير إدارة قسم أقمار النانو التابعة لهيئة الصناعات الجوية والفضائية المملوكة للحكومة الإسرائيلية، أن المنصات الجزيئية يمكن أن تحل محل الأقمار الصناعية العادية في الفضاء، مضيفاً أن الأقمار الصناعية المزمع تصميمها وتجميعها يمكن أن تصل إلى وزن 10 كجم، بالإضافة لما تتميز به من إنخفاض تكلفة إنتاجها. وتأتي خطط الإطلاق في أعقاب دراسة جدوى إمتدت إلى 10 أشهر عن أقمار النانو، وانتهى القائمون على الدراسة إلى أنها يمكن أن تحل محل الأقمار الصناعية العالمية العادية في تحديد المواقع من ناحية، وتوفير تكاليف مبالغ باهظة من الناحية الأخرى، وأضافوا بأن كل منصة سوف تتكلف نحو 150 ألف دولار، وأن 60 قمراً صناعياً بتقنية النانو يمكن أن تشكل مدار أرضي منخفض لتغطية الأرض كلها بصورة مستمرة، ويتكلف القمر المداري المنخفض 15 مليون دولار.
الاكثر قراءة في الفيزياء الجزيئية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة