تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
الواقعية الرياضية
المؤلف:
رولان أومنيس
المصدر:
فلسفة الكوانتم
الجزء والصفحة:
ص157
2025-10-15
20
تؤكد أقدم النظريات الفلسفية، التي لا تزال مزدهرة حتى اليوم، أن هناك عالما مختلفا عن الواقع العيني تنتمي إليه حقائق الرياضيات على نحو تام. كان أفلاطون أول من اقترح هذه النظرية، وهذا العالم الآخر كما جاء في صياغة أفلاطون هو عالم المثل. هذه الوجهة من النظر، التي يعود أصلها إلى فيثاغورث تعرف باسم «الأفلاطونية Platonism». يفضل آخرون اسم الواقعية الرياضية mathematical realism للتأكيد على الفرض الجذري لوجود واقع منفصل. ولسوف نستخدم هذه التسمية الثانية لتحاشي أي لبس أو غموض.
كانت الواقعية الرياضية هي التي أوحت بفقرة من التأمل الخامس من تأملات ديكارت ورد ذكرها من قبل وتستحق الإعادة هنا : حينما اتخيل مثلثا، حتى لو كان وجود مثل هذا الشكل مستحيلا في أي مكان في العالم، اللهم إلا أن أجده في عقلي، وهو لم يوجد أبدا، فإنه على الرغم من ذلك يبدي طبيعة معينة، أو صورة أو ماهية محددة لهذا الشكل ثابتة وأبدية، ولم أستحدثها أنا فضلا عن أنها لا تعتمد على عقلي بأي شكل من الأشكال؛ ويبدو أن هذا هو الوضع ما دام المرء يستطيع أن يثبت خصائص معينة لهذا المثلث.
ويقول هيرميت عين هذا أساسا وذلك في خطابه إلى ستيلجز: «أعتقد أن الأعداد ودالات التحليل ليست اختيارا تحكميا من قبل عقولنا، وأحسب أنها موجودة بصورة مستقلة عنا بنوع الضرورة نفسه التي أوجدت الأشياء في الواقع الموضوعي، والتي نجدها ، أو نكتشفها بالطريقة نفسها التي يتبعها الفيزيائيون أو الكيميائيون أو المختصون بدراسة علم الحيوان.
وقد عبر برتراند رسل نفسه، وهو يقينا ليس مبتدئا في الموضوعات الفلسفية، عن الفكرة نفسها عندما كتب يقول إن العدد 2 يجب أن يكون كيانا يمتلك واقعا أنطولوجيا حتى وإن لم يكن موجودا في أي عفل ويقول إن المعرفة هي بالضرورة إعادة، معرفة، وإلا فإنها لن تكون سوى وهم. لقد اعتقد أن الحساب يجب أن يكتشف تماما كما اكتشف كولومبس جزائر الهند الغربية. إن العدد 2 ليس مجرد إبداع ذهني خالص بل هو كيان يمكن أن يكون موضوعا لفكر. وتبعا لرسل، كل ما هو خاضع للفكر هو واقع أنطولوجي، مهيأ لذلك الفكر سلفا، وليس نتيجة له. أما بالنسبة إلى وجود موضوعات الفكر، فإنه لا يمكن استخلاص أي شيء من حقيقة مفادها أنها فكر، لأنها يقينا ليست موجودة في الذهن الذي يفكر فيها. والخلاصة أن رسل يؤكد أن الموضوعات التي نتصورها أو نتمثلها ذهنيا لا تتمتع بأي نوع خاص من أنواع الواقعية.
وبالنسبة إلى جان ديودنيه J. Dieudonné فمن المؤكد أنه «يصعب جدا وصف أفكار الرياضيين التي تختلف من شخص إلى آخر»، على أنه يضيف: «إنهم يقدرون عموما أن الموضوعات الرياضية لها واقعية مميزة عن الواقعية الحسية، ربما تماثل الواقعية التي كان أفلاطون ينشدها لأفكاره». ويعترف ألان كونيه Connes A. قائلا: «أعتقد أن وضعي ليس بعيدا عن وجهة النظر الواقعية بالنسبة إلي يمثل تتابع الأعداد الأولية، مثلا، واقعية أكثر استدامة من الواقعية المادية التي تحيط بنا .... والنسق الأكسيوماتيكي يسمح للرياضيين بأن يغامروا في ما وراء المناطق المألوفة ..... إن الواقع الرياضي يمتلك فعلا اتساقا أسمى من أي اتساق يتميز به الحدس الحسي، وبتساوق لا يمكن تفسيره من دون الاعتماد على منظومة تفكيرنا».
وتوجد أدلة كثيرة داعمة لوجهة نظر الواقعيين كلهم تقريبا رياضيون مبدعون ويعلمون جيدا الإحساس المألوف والمتجدد دائما بعملية الاكتشاف الذي يتحدثون عنه. وثمة أيضا ذلك الذي أسماه كونيه التساوق coherence الذي يميز الصورة الرياضية عن صورة أي فن آخر، إن الرياضيات في أبديتها الأزلية، منذ مبرهنة فيثاغورث حتى أحدث نظرية، تمتلك وحدة كاملة تقريبا، إنها تشبه قطعة عمل مفردة، أكثر كثيرا من ان تشبه ضم آلاف الأجزاء معا. هذا التساوق يمكن أيضا أن يتخذ صورة انسجام تام بين السؤال الذي يطرحه المرء والإجابة التي يتوقع أن يجدها؛ أو يتخذ شكل التعميم الذي يحوّل مبرهنة سليمة إلى نظرية قوية فعالة؛ أو حتى يكون حاضرا في كل مكان من صرح التماثلات التي تتكرر وتدعم نفسها بألف طريقة وطريقة، وأيضا يثبت التساوق نفسه عندما تتشكل على حين غرة بنيات جديدة من إبداعات تبدو اختيارية تحكمية، وتؤكد هذه البنيات خصوبتها على نحو مدهش توزيعات (استغراقات) فراغات مترية (قياسية)، فراغ هيلبرت أو فراغ بنا. Banach. هذه الأمثلة تبين أيضا، لسوء الحظ، الصعوبة التي يلاقيها الرياضيون في الربط بين ما يرونه، إنهم في حقيقة الأمر لا يرون إلا العجائب التي تروق لهم ويعلمون أنها تبهجهم كثيرا : وبالنسبة إلى آخرين، من غير المبتدئين، فيجب عليهم أن يتعاملوا مؤقتا مع الصورة المبسطة والباهتة التي تلمع بنظرة خاطفة من بين ثنايا وصف يقدمه رياضياتي.
لا يشك الواقعيون أبدا في أنهم يتقدمون على أرض صلبة موجودة دائما وأنهم يستكشفونها فقط. ومقاربتهم في هذا تشبه إلى حد ما استكشاف غابة بكر برية وكثيفة أحيانا يصل المستكشفون إلى أرض واسعة مقطوعة الشجر في هذا الدغل ولكن التقدم لا يحدث في العادة إلا من خلال دليل ويكون بطيئا متدرجا وغالبا ما يكون زحفا؛ توخيا للسر الآمن في كل خطوة. إن الرياضياتي يتقدم في العمل مركزا نظره على الأرض، وهو يعلم أن بعض الحقائق الممتازة لن يمكن الوصول إليها إلا بعد رحلة طويلة، وأن المشهد من ذروة هذه الحقائق يبدو رائعا ويمتد على طول المدى إلى الأفق. وعلى هذا النحو تخيل سبينوزا معرفة من «النوع الثالث»، ليعلو بها على تلك المعرفة المجتناة من خلال البرهان المتأني التي هي مجرد معرفة من« النوع الثاني». كل أولئك الرجال والنساء قضوا أعمارهم يسجلون انطباعاتهم وملاحظاتهم: وجود المحتوى الهائل الذي اكتشفه جزئيا كل واحد منهم؛ بهجة ملامسة أجمة من اجمات الحقيقة صلابة البقاع وشبكة اتصالاتها التساوق .... إنهم مثل الصوفيين، يتحدثون عن آفاق أخرى يتأملون فيها بحار الضوء. ههنا إذن قد يتسرب إلى المستمع شك وارتياب هل تراهم انخدعوا بالسراب فقط، أم احتال عليهم وضللهم العقل المغرور كثيرا بقدرته أم استحوذ عليهم حلم ثقيل الوطأة حتى يبدو أشد واقعية من الواقع؟ هذه هي الأسباب التي أدت بالشكاك إلى نبذ الواقعية الرياضية باعتبارها صورة مخففة من صور مذهب الإشراق illuminism . يمكن الرد على مثل هذا النوع من الاعتراضات بمعونة من التاريخ، وهو العامل الموضوعي الوحيد في الأمور التي تعنى بالعقل. ومن المهم أن نستمع مرة أخرى إلى الان كونيه عندما يقرر أن التساوق الذي يتصوره الرياضيون مستقل عن أي آلية معينة من آليات التفكير المتعقل. وبصياغة أكثر جلاء يمكننا القول إن الرياضيين جميعا متفقون في التعرف على خصائص المنطقة المكتشفة نفسها بصورة مستقلة عن المسارات التي اتبعوها.
على سبيل المثال، سوف نعود إلى تاريخ التحليل بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر. في هذه الفترة، كان متاحا عدد كبير من النتائج المدهشة، على أن ضعف أساساتها قد أزعج العديد من الرياضيين. وفي أعقاب ذلك جرى الاضطلاع ببرنامج ضخم للمراجعة والنقد لا نظير له في تاريخ الأفكار. وكان للهجمات العنيفة التي شنت على الفلسفة اللاهوتية بعد نهاية العصر المدرسي الوسيط تأثير أشبه بتأثير ضربات بسيطة غير مؤذية على ظهر اليد، مقارنة بالعنف البالغ الذي أظهره الرياضيون إزاء مسكنهم، حيث كان ينبغي أن ينهار البناء بأكمله فلا يبقى منه إلا أطلال دوارس وبقايا متناثرة. ماذا حدث عوضا عن ذلك؟ لقد استعاد الصرح العظيم صلابته وفخامته، وأصبح أعلى ارتفاعا وأكثر رحابة عن ذي قبل، والتأمت الشقوق القديمة وتم ترميم مواطن الضعف، وفوق هذا كله. تغير من نواح معينة كل شيء تقريبا، فحلت البديهيات محل الحدس، وعكست الآن نظاما وترتيباً جديدا، تغيرت مناهج الاستدلال على أن انساق النتائج القديمة والجديدة، يتبدى الآن ذا قيمة وجمال، وتجلى أكثر إحكاما.
يلاقي الرياضيون باستمرار هذا النوع من الدروس في سياق عملهم البحثي، ويتولد لديهم الانطباع بأن ما يجدونه ليس بالضرورة أن يكون هو ما يتوقعونه، بل الأحرى هو ما تفرضه قوة الظروف مع كل الضرورة والحاجة الملحة لعالم مستقل بوجوده تعزي الاعتراضات الموجهة ضد الواقعية الرياضية أساسا إلى الأفكار المتصورة أو المكونة سلفا عن طبيعة الواقع على أن هذه التصورات المكونة مقدما تبدو أقل إقناعا عندما تواجهها صورة الواقع المنقولة بواسطة الفيزياء الحديثة. ولسوف أقتصر على مثال واحد نشر الفيلسوف أندريه داربو A. Darbon كتابا خصصه لنظريات رسل اللوجسطيقية» .يزخر بأفكار ومعلومات قيمة . ولسوء الحظ، راح في الفصل الأخير يهجو واقعية رسل الرياضية، واصفا إياها بالصبيانية والحمق وفي الوقت نفسه يدعم حجته باعتبارات علمية مهيبة تنم عن علم غزير، وبين هذا وذاك، يسلم داربو جدلا باستحالة وجود اللامتميزات indiscernible - من حيث المبدأ - وهو في هذا يأخذ ليبنتز في صفه . على أن الفيزياء التجريبية قبل عشرين عاما قد دحضت هذا الوضع تماما. يكشف هذا المثال عن عنصر يعاود الظهور مرارا وتكرارا في نقد الواقعية الرياضية، إنه وجود أنطولوجيا متصورة سلفا، وهي ليست مدعاة للاعتقاد أكثر من تلك التي يحاولون رفضها . لن نتوسع في هذا الموضوع أكثر من ذلك. ثمة رؤية نقدية أحدث ذات طابع مختلف تستحق أن يشار إليها. فقد عرض جان بيير تشانغو Jean-Pierre Changeux في كتابه وجهة نظر أحد المتخصصين في التاريخ الطبيعي وأبحاث المخ. ولاحظ أن تراكيب المخ الخاصة بالإدراك الحسي وتنظيم الوظائف تبدي نزوعا داخليا، واعيا أو غير واع، لتناول الرموز إن عقلنا يخترع الرموز لأنه هو ذاته، يعمل عن طريق معالجة رموز عينية، هي علاماته وإشاراته الخاصة به. وعندما يستبدع العقل الاكتشافات التي يحرزها من خلال قدرة الفكر وحده، فإنه ربما يكون معجبا بذاته فقط. إن التساوق الذي تلقاه في نتاج عقولنا يمكن أن يكون انعكاسا للانسجام الداخلي المدهش في آلة تفكيرنا.
هذا الاعتراض ذو تأثير أكبر بكثير لأنه نفذ إلى صميم ما يتعلق به الرياضيون عادة. ولكن يبدو لي أن نقد تشانغو لا يخلو من نقص معيب كان ينبغي أن يعرفه عالم في التاريخ الطبيعي: لقد اختزلت أعجوبة الرياضيات وردت إلى أعجوبة أخرى، ألا وهي أعجوبة مخنا نحن. إن معجزة الطبيعة تلك المسماة بالمخ، مثلها مثل كل شيء حي هي نتاج بلايين السنين من التطور، وعليها أن تفسر تمامها واكتمالها الذي لم تبلغه إلا قريبا. ولكن هناك ما هو أكثر من ذلك. فما السبب الذي جعل التطور يمنح المخ مثل هذه الخصائص ما لم تكن هذه الخصائص مفيدة للبقاء، الأمر الذي يقتضي ضمنا ويفترض مقدماً وجود نظام مناظر يلائم العالم الخارجي تماما، فهل هو نظام متأصل في الواقع؟ عندما يستكشف العالم هذا النظام، ويتوصل إلى اكتشاف مبادئ الفيزياء، فإنه يلتقي بالرياضيات مرة أخرى، لكنه يلقاها هذه المرة كضرورة مصحوبة بواقع ولن تعود مجرد نتاج النشاط المستقل للمخ. جماع القول، إننا ندور في حلقات والإجابة التي اقترحها تشانغو ليست في الحقيقة إجابة، [إنها في أحسن الأحوال مجرد مسلاط بروجيكتور projector] يساعد على إضاءة جزء من الصورة. سوف نعود إلى هذا السؤال، لكننا نستطيع أن نبدأ الآن بملاحظة بسيطة وهي أنه لا يمكن إجراء مناقشة جادة لواقع رياضي بصورة مستقلة عن فحص قوانين العالم الفيزيائي، أي أن طبيعة الرياضيات لا تنفصل عن طبيعة تلك القوانين ذلك أن خصائصها الغربية متشابكة في ما بينها بشكل جوهري، ولا يستطيع أحد أن يدحض من حيث المبدأ وجود واقع غير ملموس باسم الحس المشترك عندما تغير الفيزياء على هذا الحس المشترك ذاته. وسوف يكون من الخطأ في يومنا هذا أن نشيد فلسفة للرياضيات من دون مساعدة فلسفة العلوم الفيزيائية.
وبالرجوع إلى خصائص الرياضيات المذكورة في نهاية الفصل السابق الجمال والتساوق والخصوبة والاتفاق مع قوانين الواقع الفيزيائي - نجد أن الواقع الرياضي يتسع لها جميعا. المشكلة الوحيدة مع الواقعية، وهي ليست مشكلة بسيطة، تتمثل في جعل الناس يقبلون بوجود شيء ما غير ملموس، شيء ما لا يمكن الإشارة إليه، ثم يقولون: «ها هو، هنالك»؛ أي باختصار يقبلون بوجود واقع لا يكون ماثلا في التو واللحظة ولا هو قابل للإدراك الحسي.
الاكثر قراءة في الفيزياء الرياضية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
