فروض نظرية صدام الحضارات
المؤلف:
د. عدنان عبد الله حمادي الجميلي
المصدر:
الجغرافية السياسية والجيوبولتيك مع بعض التطبيقات
الجزء والصفحة:
ص 266 ـ 269
2025-10-14
110
هناك نمط جديد للعلاقات السياسية وصراعاتها بدأ بالظهور على خارطة ما بعد الحرب الباردة ، هذا النمط أو العامل الجديد والذي يطرحه (هنتنغتون) يأتي من خلال إعادة رسم الاطار الوظيفي للأقاليم ، وتغير بنيتها واتجاهاتها الأيديولوجية وتوظيف العالم الثقافي بوصفه فاعلاً رئيساً في تلك العلاقات وحسب فرضيته يرى ان العالم اصبح ولأول مرة في التاريخ متعدد الأقطاب والحضارات ، وان توازن القوى بين الحضارات أخذ بالتغيير فالغرب يتقهقر في نفوذه النسبي والحضارات الآسيوية تقوم بتوسيع قواها الاقتصادية والعسكرية والسياسية ، والإسلام يتفجر سكانياً مصحوباً بنتائج عدم الاستقرار للدول الإسلامية وجاراتها والحضارات غير الغربية بشكل عام تؤكد مرة أخرى على قيمة ثقافتها.
ويذكر هنتنغتون بأن نظاماً عالمياً أساسه التنوع الحضاري آخذ بالانبثاق ، إذ إن مواضيع الإنسانية التي يطرحها الغرب تضعه بشكل متزايد في صراع مع الحضارات الأخرى ، وبشكل أكثر خطورة مع الإسلام والصين وعلى المستوى المحلي فإن حروب خط الصدع (Fault line wears) والتي تقع بين المسلمين وغير المسلمين تولّد الحشود التي تؤيدها دولة تشاطرها حضاراتها والتهديد بتوسيع حدود الصراع ، ومن ثم تبذل الدول الكبرى جهوداً من أجل إنهاء هذه الجروب.
ويذكر همنتغتون بأن استمرار حياة الغرب يعتمد على الأمريكيين وهم يعيدون تأكيد هويتهم الغربية ، وعلى سكان العالم الغربي وقد قبلوا حضارتهم على أنها متميزة وليست عالمية أو كونية ، وقد اتحدوا لغرض تجديدها وحياتها ضد التحديات من المجتمع غير الغربي وقد طرح منطوق نظريته القائل بأن المصدر الأساس للصراعات العالمية الجديدة سيكون ثقافياً وحضارياً بدل أن يكون أيديولوجي أو اقتصادي ، فالانقسامات البشرية ستكون ثقافية وستظل الدول والأمم هي اقوى اللاعبين في الشؤون الدولية ، إذ ان الصراعات في السياسات الدولية ستحدث بين أمم ومجموعات لها حضارات مختلفة وسيسيطر الصدام بين الحضارات على السياسات العالمية ذلك ان الخطوط الفاصلة بين الحضارات ستكون هي خطوط المعارك في المستقبل.
والحضارة كيان ثقافي واعلى تجمع للناس وأوسع مستوى للهوية الثقافية للشعب وهي تتحدد بعناصر المجموعة المشتركة مثل اللغة والدين والتاريخ والعادات والمؤسسات لقد كان الصراع القديم يحدث بين الأمراء والأباطرة والملوك ، ثم بعد الثورة الفرنسية اصبح النمط السائد للصراع وخطوطه الأساسية هو بين الأمم وليس بين الملوك واستمر هذا النمط حتى نهاية الحرب العالمية الأولى ، إذ تحول بعد ذلك إلى صراع بين الأيديولوجيات الذي يحصل بين الشيوعية والديمقراطية الليبرالية ثم خلال الحرب الباردة اصبح هذا الصراع بين الدولتين العظيمتين وحدد كل منها هويته من خلال الأيديولوجية أما الصراع الحضاري بحسب همنتغتون سيحدث بين أمم ومجموعات ذات حضارات مختلفة ، ومن الواضح ان الحضارات تمتزج وتتداخل ، وقد تتضمن حضارات فرعية، فالحضارة الغربية لها صورتان متمايزتان هما الحضارة الأوربية والحضارة الأمريكية الشمالية ، كما ان للإسلام أقسامه الفرعية العربية والتركية والماليزية ، وعلى الرغم من الخطوط التي تفصل بين الحضارات نادراً ما تكون حادة لكنها تبقى خطوط حقيقية ، والحضارة دينامية متطورة، وهي تزدهر وتنهار وتنقسم وتندمج واي دارس للتاريخ يعرف ان الحضارات تختفي وتدفن في رمال الزمن ، وتتألف الحضارات التي تتصارع في إطار نظرية همنتغتون من ثماني حضارات تتباين مكانياً وفكرياً وفيما يأتي موجز لتلك الحضارات.

الاكثر قراءة في الجغرافية الحضارية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة