تعريـف رأس المـال البـشـري وخصائصه
المؤلف:
د . سعد علي حمود العنزي د . احمد علي صالح
المصدر:
إدارة رأس المال الفكري في منظمات الاعمال
الجزء والصفحة:
ص210 - 214
2025-09-24
180
1- تعريف رأس المال البشري وخصائصه:
منذ بداية القرن العشرين عدَّ الاقتصادي المعروفMarshal & Alfred,1890 البشر رأس مال مهم ينبغي استثماره للإفادة من قابلياته وطاقاته البناءة ومهاراته المتنوعة، ومعارفه في الاكتشاف والتحليل والإبداع، حاله حال رأس المال المادي. وهذا ما جعل فيما بعد، بالكثيرين أمثال: (1961 ,Theodor & Schultz) أن يطلقوا عليه برأس المال البشري المجتمعي، والذي مثلاه على أنه إجمالي الطاقات والقابليات البشرية، التي يمكن استخدامها للحصول على مجموع الموارد الاقتصادية.
ليست كل نفقات رأس المال البشري في منظمات الأعمال تعد مدخلات فقط. فما ينفق على العاملين من برامج تدريبية، لم يتم مبادلته على كونها خدمات أتيحت لهم خلال مدة قصيرة لتطويرهم، وتسجل في الميزانية مصروف لنشاط سابق فحسب بل ينبغي عدم تجاهل تحقيقها قيمة مضافة في المستقبل. ولذلك، أن ما يطلق عليه بالكلف والاستثمارات، فهما لا يشيران بشكل مطلق إلى مجموعة ثابتة من فقرات المحاسبة، ولكنهما قد يتغيران لاحقاً، على أهداف المنظمة والمهارات الجوهرية التشغيلية للعاملين والسمات المتعلقة بهم.
إن المداخل الفلسفية المتعلقة بتعريف رأس المال البشري، قد تعددت، ولكنها لا تخرج عن ثلاثة فقط أتفق عليها معظم الباحثين والمهتمين، وهي:
أ- نظرية اقتصـاديات كلفـة الصفقة التجارية The Transaction Cost Economy Theory
ب- نظرية رأس المال البشري The Human Capital Theory
ج- نظرية الشركة ذات النظرة المستندة للمورد Resource-Based View of the Firm Theory
تفترض النظرية الأولى اختيار الشركة للطريقة الأكثر كفاءة في استخدام العاملين فيها بكل حكمة وترو 1999,Argyres & Liebeskind . ولقياس مهمة الشركة هنا، هو أما أن تستقطب أولئك الأفراد ذوي القابليات المميزة من المجتمع، أو أن تقوم بتدريب وترقية ونقل الموجودين في داخلها وباستخدام الأفراد للعمل على وفق هذين المدخلين، ستقع كلف مختلفة على الشركة. فعلى سبيل المثال، أن المدخل الأول (استقطاب أفراد جدد يقضي حدوث كلف استخدام (أو كلف صفقة تجارية). وأما المدخل الثاني( تدريب أفراد موجودين وترقيتهم ونقلهم) ينشأ وقوع كلف تدريبية وإدارية وتنظيمية. وتختار الشركة عند مقارنتها المدخلين الأسلوب الأكثر كفاءة أو تدمج بينهما، وذلك بعد قيامها لمقارنات الكلف المتعلقة بتلك الصفقة التجارية.
وتؤكد النظرية الثانية (نظرية رأس المال البشري) على حقيقة مفادها أن الشركة تقرر مقدار المبالغ المستثمرة في الموارد البشرية، من خلال مقارنتها أو مقابلتها بالعوائد المستقبلية المحتملة، شريطة اقترانها بتحقيق أفضل حالات التحسين في الإنتاجية، مع التزامها بتوفير أفضل فرص التدريب الفني والإداري للعاملين، وإجادتها تحقيق البناء المعرفي الحقيقي لها. ولعل من المفيد ذكره هنا، أن تلك النظرية تؤكد على ضرورة تركيز الاستثمارات، بشكل دقيق على تدريب العاملين لإكسابهم المهارات المحددة المطلوبة للعمل، مع تجنب أو تحاشي سرقة تلك المهارات أو الاستيلاء عليها من قبل شركات أخرى منافسة أو مقلدة لمنتجاتها أو خدماتها. كما تفترض امتلاك رأس المال البشري خاصيتين بارزتين هما الحصول على المهارات المتخصصة كموجود فكري معرفي، وأن لا تكون تلك المهارات سهلة النقل والاقتباس والتحويل والتنازل عنها لحساب شركات أخرى.
وأما النظرية الثالثة (نظرية الشركة ذات النظرة المستندة للمورد) فهي تدافع عن افتراضاتها، إن المهارات الجوهرية هي الأساس لتحقيق الميزة التنافسية للشركة، والتي ينبغي اكتسابها من خلال حالات التطوير الداخلي الذي تحدثه أو تسعى له بنفسها، وأما الجوانب التكنولوجية العامة، فيمكن اكتسابها أو شرائها عن طريق التوريد الخارجي لها من البيئة العامة. ولعل ما يجدر ذكره هنا، إن المهارات الجوهرية ينبغي أن تتصف بخصائص هامة. هي القيمة (Value) الندرة (Rareness)، عدم التقليد (Imitable)، وعدم نقلها أو حركتها بسهولة للغيـر (Immobility) [1991 ,Barney] ونضيف إلى ذلك أن تكون كذلك منظمة بشكل عقلاني من قبل الشركة عبر قسم الموارد البشرية الفعال. ويستشف هنا، أن المواهب المتمكنة من امتلاكها تلك المهارات الجوهرية، واستخدامها بشكل كفوء، هي التي يمكن تحديدها برأس المال البشري، الذي يستحق من الشركة كل الرعاية والاستثمار الصحيحين وصولاً إلى التفوق المنظمي (Organizational Excellence) في السوق التنافسية العالمية.
بإجماع النظريات الثلاث المذكورة في أعلاه يمكن استخلاص القول أن رأس المال البشري هو مجموع الأفراد العاملين الذين يمتلكون معارف ومهارات وقابليات نادرة وذات قيمة للشركة في زيادة ثروتها المادية والاقتصادية. وأما استثمارات رأس المال البشري، فهي المدخلات التي تخلقها أو توجدها أو تحققها الشركات من المواهب والتكنولوجيا المتطورة التي يستخدمونها أفرادها بكل كفاءة وصولاً لتحقيق المزايا التنافسية، التي ينبغي أن تكون ذات قيمة ومتفردة بنوعها، بحيث يصعب على الشركات الأخرى الحصول عليها أو الاستيلاء عليها بالمناورة والتضليل. وبشكلٍ أدق، إن العاملين الذين يمتلكون مثل تلك الخصائص بالكم والنوع هم الذين يطلق عليهم برأس المال البشري.
تأسيساً على ذلك، تعد مهارات العاملين موجودات حيوية للشركة شأنها شأن الموجودات الملموسة من مكائن ومعدات وأموال. وهذا يعني بالتالي، إن العاملين ذوو المهارات الجوهرية هم المنبع الفكري الأصيل الذي يرفع من مقدرات الشركة، فإن الباحثين اللامعين 1999,Lepak & Snell قد استخدما القيمة (Value) على المحور الأفقي، والتفرد (Uniqueness) على المحور العمودي لتصنيف استخداماته على الإحداثين السيني والصادي، وذلك من خلال أربع أجزاء متساوية. فالربع الأول، يمثل كل من القيمة العالية والتفرد العالي، فيشير بدوره إلى الاستثمار العالي في رأس المال البشري. وبطبيعة الحال، إن مثل هذا النوع هو الذي سيكون متمكناً من امتلاكه المهارات الجوهرية، التي تكون هي الأساس في تنافسية الشركة، مع أهمية حجبها عن الشركات الأخرى منعاً من استخدامها. هذا فضلاً عن صعوبة الحصول عليها بالوسائل المتاحة أمامها لتوريدها إليها. وهذا الأمر يدعو الشركة أن تقوم بتطوير ما في داخلها من عاملين بالوسائل الذاتية المتخصصة لها، وذلك بهدف تحقيق استثمارات مؤثرة في رأس المال البشري.
عليه، يكون من الضروري في إطار مكونات أو عناصر محاسبة الكلفة Cost Accounting) ) طرح السؤال الآتي: كيف يمكن تحديد أو فرز ذلك النوع من العاملين المؤهلين، الذين ينبغي وضعهم في الكشف النوعي لاستثمارات رأس المال البشري، والحصول عليهم وإدامة تسخير جهودهم لصالح الشركة". وهنا، يستدعي التوكيد، أن الرواتب التي تدفع لهؤلاء العاملين مقابل ما يقدمونه من خدمات وأعمال تكاد تكون هي بحد ذاتها ليست تلك الاستثمارات المقصودة في رأس المال البشري، وذلك لأن تلك النفقات تعد بمثابة العوائد المقدمة لهم جزاء ما يبذلونه من جهود ماضية أو سابقة على مدى فترة زمنية محددة. ولكن، كما يقول (1997 ،Ruchala) أن الاستثمار في رأس المال البشري، يتحقق بتحقيق تحسين الكفاءة الإنتاجية، وتطوير نوعية المنتجات أو و الخدمات، وحصول التنويع والتمايز فيها، بغرض الحصول على المزايا التنافسية الستراتيجية.
إن تعريف التفرد يختلف باختلاف القطاع الصناعي، وعلى وفق منظور الموارد البشرية الستراتيجية، يكون رأس المال البشري، هو الذي يمكن استخدامه بفاعلية، من خلال أنظمة العمل فائقة الأداء (High Performance Work System)، وذلك بهدف تعظيم نوعية الاستثمار به في منظمة ما (1998 ,Becker & Haselid). وهذا يعني بعبارة أخرى، أنه إذا أرادت المنظمة أن تحقق مثل هذا الاستثمار وبنوعية متميزة، ينبغي امتلاكها تلك الإسهامات الفاعلة في وضع الأهداف الستراتيجية للموارد البشرية، بشكل لا يجيده المنافسين الآخرين، ولم يكن موجوداً في أجندتها ، مع الاشتراط الأخذ بالحسبان القيمة العالية والتفرد العالي كخاصيتين أساسيتين للاستثمار البشري الستراتيجي.
الاكثر قراءة في استراتيجية ادارة الموارد البشرية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة