أين أصبحت المصاحف الأولى
المؤلف:
الدكتور عبد الرسول الغفار
المصدر:
الميسر في علوم القرآن
الجزء والصفحة:
ص156 - 158
2025-07-05
463
لا يمكن الجزم بأن المصاحف التي كتبها بعض الصحابة لا وجود لها بل هناك أدله كثيرة تؤكد وجود بعضها كما سنشير إلى أماكن تواجدها. أما المستشرقون فهم كذلك تمكنوا من خلال دراستهم للنص القرآني أن يتعرفوا على نصوص تشير إلى وجود المصحف العثماني إلى زمن متأخر ونخص من بين المستشرقين كازانوفا وكواتر مير وبرجشتراسر وبرتزل. فقد ذكر كازانوفا أن أحد المصاحف العثمانية كان موجودا إلى مطلع القرن الرابع الهجري. أما من بين الباحثين المسلمين نجد ابن بطوطة - كما ينقل كازانوفا - يروي لنا أثناء رحلته إلى البلدان أنه رأى بنفسه بعض تلك المصاحف التي في ظنه أنها عثمانية فقد شاهد منها صحائف في غرناطة ومراكش والبصرة.
ثم يأتي ابن كثير - أحد علماء القرن الثامن الهجري -فيروي لنا مشاهدته لمصحف عثمان في الشام فيقول في كتابه: أما المصاحف العثمانية الأئمة فأشهرها اليوم الذي في الشام بجامع دمشق عند الركن الشرقي المقصورة المعمورة بذكر الله وقد كان قديما بمدينة طبرية ثم نقل منها إلى دمشق في حدود سنة 518 هـ وقد رأيته كتابا عزيزا جليلا عظيما ضخما بخط حسن مبين قوي بحبر محكم في رق أظنه من جلود الإبل[1].
ومما يؤكد قول ابن كثير كل من ابن الجزري صاحب كتاب (النشر في القراءات العشر وشهاب الدين أحمد بن يحيى العمري القرشي مؤلف مسالك الأبصار في ممالك الأمصار). فهذان العالمان قد رأيا المصحف الشامي. بمعنى أنه كان إلى منتصف القرن الثامن الهجري.
غير أن الدراسات القرآنية تقول أنه بقي في مسجد دمشق حتى عام 1310وقد احترق في نفس ذلك العام باحتراق المسجد وما فيه من أثاث. وهذا ما يذهب إليه كرد علي في خطط الشام 5/ 279 وقد ادعى القاضي عبد المحسن الأسطواني بأنه قد رأى المصحف الشامي قبل احتراقه وكان محفوظاً بالمقصورة وله بيت خشبي. (مباحث في علوم القرآن حاشية ص 89) ثم هناك من يدعي أنه انتقل إلى قياصرة الروس في دار الكتب في ليننجراد ثم نقل إلى إنكلترا إلا أن ذلك لم يثب.[2]
أقول ولا يخفى أن في الخزانة الغروية في النجف مصحف يقال أنه بخط الإمام علي (عليه السلام) وكما شاهدت بنفسي عدة مصاحف مخطوطة ومصورة عن الأصل بعضها يعود إلى القرن الأول الهجري وربما تنسب عدة منها إلى الأئمة الأطهار وهي توجد في الخزانة الرضوية في مشهد. قال الشيخ أبي عبد الله الزنجاني ورأيت في شهر ذي الحجة سنة 1353 هـ في دار الكتب العلوية في النجف مصحفا بالخط الكوفي كتب على آخره: كتبه علي بن أبي طالب في سنة أربعين من الهجرة [3].
غير أن ابن كثير في (فضائل القرآن) شكك في نسبة هذا المصحف للإمام علي وشكه لم يستند إلى دليل كما أنه لم ير النسخة بنفسه بل يدعي - بنقل الآخرين - أن آخر ما كتب فيه هذه العبارة كتبه علي بنت أبو طالب ويعلق ابن كثير فيقول هذا من افتراءات المجوس الذي نسبه للإمام علي لاعلم له بالعربية ولا يفرق بين التأنيث والتذكير ...
ولو عدنا إلى كتاب تاريخ القرآن للزنجاني نرى هذه العبارة: لتشابه أبي وأبو في رسم الخط الكوفي قد يظن من لا خبرة له أنه كتب علي بن أبو طالب بالواو. انتهى. أقول أين هذا من قول ابن كثير؟
[1] فضائل القرآن ص 46 سنة (1248)
الاكثر قراءة في جمع وتدوين القرآن
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة