التأكيد على جمع القرآن بواسطة زيد بن ثابت
المؤلف:
الدكتور عبد الرسول الغفار
المصدر:
الميسر في علوم القرآن
الجزء والصفحة:
ص145 – 150
2025-07-05
511
فمن هو زيد؟ زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري يكنى أبو سعيد ويقال أبو خارجة ابن حجر المدني قدم النبي (صلى الله عليه وله وسلم) المدينة وهو ابن إحدى عشرة سنة. قال عنه في تهذيب التهذيب كان يكتب له - للنبي - الوحي ... وقال عاصم عن الشعبي غلب زيد الناس على اثنتين الفرائض والقرآن[1]. وقال ابن الأثير في الكامل وفيها - أي سنة 45 - مات زيد بن ثابت الأنصاري وبهامشه قال: أحد كتاب الوحي وهو الذي كتب المصحف الإمام الذي بالشام عن أبو عثمان تعلم لسان اليهود وكتابهم في خمسة عشر يوما والفارسية في 18يوما أول مشاهده الخندق. وقد استعمله عمر بن الخطاب على القضاء. مات هذه السنة وقد قارب الستين الكامل2/ 476ط 1989 دار إحياء التراث العربي
قال القشيري في قاموس الرجال: روي عن الباقر قال الحكم حكمان حكم الله وحكم الجاهلية وأشهد على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية[2].
وقال الجزري كان يكتب للنبي (صلى الله عليه وله وسلم) الوحي وغيره وكانت تتردد على النبي كتب بالسريانية فأمر زيد فتعلمها وكتب لأبي بكر وعمر وكان على بيت المال العثمان وكان عثمانيا ولم يشهد مع علي (عليه السلام) شيئا من حروبه وكان يظهر فضل علي (عليه السلام) وتعظيمه وكان أعلم الصحابة بالفرائض.. قال التستري بعدما نقل نص كلام صاحب الاستيعاب أقول: أما غلبه الناس على القرآن فلأنه كان في حرفه هوى عثمان فشهره لهوى عثمان الحجاج وحظره غيره قال الإسكافي في نقض عثمانية الجاحظ أن بعض الملوك ربما أحدثوا قولا أو دينا لهوى يحملون الناس على ذلك حتى لا يعرفون غيره كنحو ما أخذ الناس الحجاج بقراءة عثمان وترك قراءة ابن مسعود....
ثم قال وأما غلبة الناس على الفرائض فإنما كان لخبر وضعوه له في قبال ما تواتر عن النبي (صلى الله عليه وله وسلم) (أقضاكم علي) ويشهد لوضعه تكذيب أمير المؤمنين (عليه السلام) له وإنما غلب أيضا لمعاضدة عثمان له. ثم ذكر الشيخ المفيد في إرشاده مخالفة عثمان في الإفتاء لأمير المؤمنين والعمل بقول زيد بن ثابت في مكاتبة زنت[3].
نقل الذهبي في سير أعلام النبلاء أن القرآن جمع زمن الرسول والذي جمعه سنة وهم من الأنصار: معاذ وأبو الدرداء وزيد وأبو زيد وأبي وسعد بن عبيد[4].
وفيه جمع القرآن على عهد النبي أربعة وذكر زيد منهم 1/ 281، 1, 319. وعن ابن سيرين أن عثمان جمع اثني عشر رجلا من قريش والأنصار فيهم أبي بن كعب وزيد بن ثابت في جمع القرآن[5]. وقال الذهبي في3/ 306: وكان عمر بن الخطاب يستخلف إذا حج على المدينة وهو الذي تولى قسمة الغنائم يوم اليرموك [6]، وقال له أبو بكر: أنك رجل شاب عاقل لا نتهمك[7] .
وقال: لما توفي رسول الله قام خطباء الأنصار فتكلموا وقالوا: رجل منا ورجل منكم. فقام زيد بن ثابت فقال: أن رسول الله كان من المهاجرين ونحن أنصاره وإنما يكون الإمام من المهاجرين ونحن أنصاره. فقال أبو بكر جزاكم الله خيرا يا معشر الأنصار وثبت قائلكم لو قلتم غير هذا ما صالحناكم [8].
ثم قال للأنصار: إنكم نصرتم رسول الله (صلى الله عليه وله وسلم) فكنتم أنصار الله فانصروا خليفته تكونوا أنصارا لله مرتين فقال الحجاج بن غزية والله إن تدري هذه البقرة الصبحاء ما تقول... [9]وقال الذهبي: كان عمر يستخلف زيدا في كل سفر سير [10].
وقال: قال خارجة بن زيد كان عمر يستخلف أبي فقلما رجع إلا أقطعه حديقة من نخل [11]
وقال استعمل عمر زيدا على القضاء وفرض له رزقا[12]وقال: لما حصر عثمان اتاه زيد بن ثابت فدخل عليه الدار. فقال له عثمان أنت خارج الدار أنفع لي منك هاهنا فذب عني. فخرج فكان يذب الناس ويقول لهم فيه حتى رجع أناس من الأنصار وجعل يقول يا للأنصار كونوا أنصار الله - مرتين - انصروه والله إن دمه لحرام. فكان بينهما كلام وأخذ بتلابيب زيد هو وأناس معه. فمر به ناس من الأنصار فلما أوهم أرسلوه... [13]
وقال عن الشعبي: أن مروان دعا زيد بن ثابت وأجلس له قوما خلف ستر فأخذ يسأله وهم يكتبون فقطن زيد فقال: يا مروان أغدرا إنما أقول برأي فمحوه. [14]
وكان زيد عثمانياً يحرض الناس على سب أمير المؤمنين (عليه السلام)[15]. وفي أنساب الأشراف: كان أحد الأربعة الذين نصروا عثمان ولم ينصره من الصحابة غيرهم أنساب الأشراف 5/ 60 وتاريخ الطبري 5/ 97 وتاريخ ابن خلدون 2/ 391 وتاريخ أبي الفداء 1/ 68.
ويبدو أنه كان أحد المهاجمين لبيت فاطمة بعد وفاة الرسول 1/ 375. وعن المسعودي: خلف - زيد - من الذهب والفضة ما كان يكسر بالفؤوس غير ما خلف من الأموال والضياع بقيمة مائة ألف دينار 1/ 434. ومما أقطعه عثمان من المال إلى زيد مائة ألف دينار في وقعة واحدة إذن ليس عجيبا أن ينكر زيد بن ثابت خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام) لأنه قال (عليه السلام) ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان وكل مال أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال ... نهج البلاغة.
وفي الأنساب للبلاذري: لما بايع الناس أبا بكر اعتزل علي والزبير فبعث عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت فأتيا منزل علي فقرعا الباب ... الخ وبعد هذا الخبر نقل البلاذري عن ابن عون أن أبا بكر أرسل إلى علي يريد البيعة فلم يبايع.
فجاء عمر ومعه فتيلة فتلقته فاطمة على الباب فقالت فاطمة: يا ابن الخطاب أتراك محرفا علي بإبي؟ قال: نعم وذلك أقوى فيما جاء به أبوك وجاء علي... [16]
خلاصة البحث
1 - مما تقدم ثبت أن قول (الدير عاقولي) الذي نقله السيوطي وهو أنه قال (قبض النبي (صلى الله عليه وله وسلم) ولم يكن القرآن جمع في شيء) إن هذا القول يتنافى مع الأدلة التي ذكرناها لك في الصفحات السابقة.
2- إن القرآن جمع في زمن النبي (صلى الله عليه وله وسلم) وكان جبرائيل يأتيه في كل عام ليعارض عليه القرآن وفي السنة التي توفي بها النبي (صلى الله عليه وله وسلم) عارضه مرتين. ثم شهد بعض الصحابة العرضة الأخيرة بمعنى أن القرآن كان مجموعا بحيث تمكن الصحابة من عرض ما حفظوه أو كتبوه أو كتبوه على النبي مباشرة. قال البغوي في شرح السنة: يقال أن زيد بن ثابت شهد العرضة الأخيرة التي بين فيها ما نسخ وما بقي وكتبها لرسول الله (صلى الله عليه وله وسلم) وقرأها عليه وكان يقريء الناس بها حتى مات ولذلك اعتمد أبو بكر وعمر في جمعه وولاه عثمان كتب المصاحف. صحيح البخاري 6/ 96.
3- القرآن جمعه عدة من الصحابة في زمن الرسول.
4- حمل كلمة جمع على الحفظ لا دليل عليه.
5 - أول من باشر في ضم السور بعضها إلى بعض هو الإمام علي (عليه السلام) وعلى أشهر الروايات أنه جمعه بعيد وفاة الرسول (صلى الله عليه وله وسلم).
6- ما قام به أبو بكر بإشارة من عمر بن الخطاب أنه عمل قبال عمل الإمام علي بن أبي طالب والداعي إلى ذلك ما قاله الدكتور مصطفى مندور والمستشرق بلاشير نقتطف هنا مورد الشاهد قال بلاشير:
أولا: إن جمع القرآن كان عملا شخصيا قصد به تحقيق رغبة أبي بكر وعمر.
ثانيا: وإن هذه الرغبة كانت منبعثة عن غيرة شخصية وإحساس لديهما بالنقص - Inferiorite - بالنسبة إلى بعض الصحابة. ثالثا: وأن عملهما هذا كان مسبوقا بأعمال أخرى لدى كثير من الصحابة. انظر المدخل إلى القرآن ص 30 و36 ورسالة الشواذ المقدمة ص6.
7- أن عمر بن الخطاب لم يدوّن ولم يجمع القرآن قط [17] وربما كانت له محاولة في تجديد النظر فيما صنعته اللجنة - زمن أبو بكر - والتي أنيطت رئاستها بزيد بن ثابت.
8- ما ورد عن الرجل العراقي الذي جاء إلى عائشة ليؤلف القرآن لم يتضحمن هو الرجل وما سند الخبر فهو مجهول لا ينفع علما ولا عملا.
9- وهكذا ما جاء في رواية كهمس عن بن بريدة وفيما أخرجه بن أشتة في كون سالما مولى حذيفة قد جمعه غير ثابت بل هو من الموضوعات وقد مر عليك أن السيوطي قال إسناده منقطع.
10- أما عمل عثمان بن عفان فلا يشك من أنه جمع القرآن على قراءة واحدة وأتلف بقية نسخ المصاحف التي كانت على قراءات مختلفة وهكذا ما كتب متفرقا فقد أمر بحرقه وإتلافه. ولا شك أن حرق المصاحف التي كانت في الأمصار الإسلامية وعند جل الصحابة أنه أمر يوآخذ عليه عثمان بن عفان ولا يعذر عليه لأن تلك النسخ تعد من تراث الأمة الإسلامية ولا يحق لأحد أن يقدم على إتلافها كما أنها وثائق مهمة ينبغي الحفاظ عليها وأما سند حرق المصاحف فإليك أحد طرقه.
[2] انظر الكافي ج 7/كتاب القضاء والأحكام باب أصناف القضاة والتهذيب ج /6 / حديث 512
[4] سير أعلام النبلاء 2/ 245
[5] سيرأعلام النبلاء 1/ 187و 288
[6] سير أعلام النبلاء 2/ 306
[7] سير أعلام النبلاء 2/ 308.
[8] سير أعلام النبلاء 2/ 310
[9] انظر أنساب الأشراف 5/ 90و78 والكامل لابن الأثير 3/ 191 وتاريخ الأمم والملوك 4/ 430
[11] سير أعلام النبلاء ص 110
[12] سير أعلام النبلاء ص 3112
[13] سير أعلام النبلاء 2ج ص 312.
[14] سير أعلام النبلاءج 2 ص 312.
[16] أنساب الأشراف 1/ 586 تحقيق الدكتور محمد حميد الله ط دار المعارف بمصر 1959.
[17] قال صبحي الصالح وأن أول من جمع كتاب الله بين اللوحين أبو بكر أنا عمر فقد سجل له التاريخ أنه صاحب الفكره كما سجل لزيد أنه موضع التنفيذ. مباحث في علوم القرآن ص 77
الاكثر قراءة في جمع وتدوين القرآن
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة