كُتاب الوحي
المؤلف:
الدكتور عبد الرسول الغفار
المصدر:
الميسر في علوم القرآن
الجزء والصفحة:
ص71- 84
2025-06-25
640
البخاري بسنده عن البراء قال لما نزلت لا يستوي القاعدون من المؤمينن والمجاهدين في سبيل الله قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ادع لي زيدا وليجيء باللوح والدواة والكتف أو الكتف والدواة ثم قال اكتب لا يستوي القاعدون وخلف ظهر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عمرو بن أم مكتوم الأعمى قال يا رسول الله فما تأمرني فإني رجل ضرير البصر فنزلت مكانها: لا يستوي القاعدون من المؤمنين في سبيل الله غير أولي الضرر [1].
في معاني الأخبار بسنده عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومعاوية يكتب بين يديه وأهوى بيده إلى خاصرته بالسيف: من أدرك هذا يوماً أميراً فليبقرن خاصرته بالسيف ... الخ). [2] في تفسير القمي علي بن إبراهيم عن أبيه صفوان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن عبد الله بن سعد بن أبي سرح أخو عثمان من الرضاعة أسلم وقدم المدينة وكان له خط حسن وكان إذا نزل الوحي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دعاه فكتب ما يمليه رسول الله فكان إذا قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سميع بصيرا يكتب (سميع عليم) وإذا قال {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [البقرة: 234] يكتب (بصير) ويفرق بين التاء والياء وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول هو واحد فارتد - ابن أبي سرح - كافرا ورجع إلى مكة وقال لقريش: والله ما يدري محمد ما يقول أنا أقول مثل ما يقول.
فلا ينكر علي ذلك فأنا أنزل مثل ما ينزل فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [الأنعام: 93] فلما فتح رسول الله مكة أمر بقتله فجاء به عثمان قد أخذ بيده ورسول الله في المسجد فقال: يا رسول الله اعف عنه فسكت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم أعاد فسكت ثم أعاد فقال: هو لك فلما مر قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه ألم أقل من رأه فليقتله؟ فقال رجل: عيني إليك يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تشير إلي فاقتله فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن الأنبياء لا يقتلون بالإشارة فكان من الطلقاء [3].
قال الصدوق (رضي) إن الناس شبه عليهم أمر معاوية بأن يقولوا كان كاتب الوحي، وليس ذلك بموجب له فضيلة وذلك أنه قرن في ذلك إلى عبد الله بن سعد بن أبي سرح فكانا يكتبان له الوحي وهو الذي قال: سأنزل مثل ما أنزل الله.. فكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يملي عليه {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 218] فيكتب {وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 228] ويملي عليه {وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 228] فيكتب {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النساء: 26] فيقول له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو واحد. فقال عبد الله بن سعد أن محمدا لا يدري ما يقول أنه يقول وأنا أقول غير ما يقول فيقول لي: هو واحد هو واحد إن جاز هذا فإني سأنزل مثل ما أنزل الله. فأنزل الله فيه {وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [الأنعام: 93] ... فهرب وهجا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من وجد عبد الله بن سعد بن أبي سرح ولو كان متعلقا بأستار الكعبة فليقتله وإنما كان النبي يقول له فيما يغيره هو واحد هو واحد لأنه لا ينكتب ما يريده عبد الله إنما ينكتب ما كان يمليه (عليه السلام) فقال: هو واحد غيرت أم لم تغير لم ينكتب ما تكتبه بل ينكتب ما أمليه عن الوحي وجبرائيل (عليه السلام) يصلحه.
وفي ذلك دلالة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ووجه الحكمة في استكتاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الوحي معاوية وعبد الله بن سعد وهما عدوان هو أن المشركين قالوا: أن محمدا يقول هذا القرآن من تلقاء نفسه ويأتي في كل حادثة بآية يزعم أنها أنزلت عليه وسبيل من يضع الكلام في حوادث يحدث في الأوقات أن يغير الألفاظ عليه إلا مغيرا عن حاله الأولى لفظا ومعنى أو لفظا دون معنى فاستعان في كتب ما ينزل عليه في الحوادث الواقعة بعدوين له في دينه عدلين عند أعدائه ليعلم الكفار والمشركون أن كلامه في ثاني الأمر كله في الأول غير مغير ولا مزال عن جهته فيكون أبلغ للحجة عليهم ولو استعان في ذلك بولين مثل سلمان وأبي ذر وأشباههما لكان الأمر عند أعدائه غير واقع هذا الموقع وكانت تتخيل فيه التواطؤ والتطابق فهذا وجه الحكمة في استكتابهما واضح مبين والحمد الله .
الاكثر قراءة في جمع وتدوين القرآن
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة