تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
فيزياء ورياضيات تناظر المرآة
المؤلف:
برايان غرين
المصدر:
الكون الأنيق
الجزء والصفحة:
ص282
2025-06-08
149
يمثل تيسير الارتباط القوي والفريد - وفقاً لآينشتاين – بين هندسة الفراغ والفيزياء المرئية واحداً من التحولات الصارخة الناتجة من نظرية الأوتار. غير أن هذه التطورات تضم ما هو أكثر كثيراً من مجرد موقف فلسفي. فتناظر المرآة بالتحديد، يقدم وسيلة قوية لفهم كل من فيزياء نظرية الأوتار ورياضيات فراغات كالابي - ياو. كان علماء الرياضيات المشتغلون في مجال الهندسة الجبرية يدرسون فراغات كالابي - ياو لأسباب رياضية بحتة، وذلك قبل اكتشاف نظرية الأوتار بزمن طويل. وقد توصلوا إلى الكثير من الخواص التفصيلية لهذه الفراغات الهندسية بدون ظهور أي ملمح عن التطبيقات الفيزيائية في المستقبل. وقد اتضح أن سمات معينة لفراغات كالابي - ياو صعبة - وفي الأساس مستحيلة - بالنسبة للكشف عنها كلياً بواسطة الرياضيين. لكن اكتشاف تناظر المرآة في نظرية الأوتار قد غير من ذلك بشكل واضح وملخص القول أن تناظر المرآة يعني أن أزواجاً معينة من فراغات كالابي - ياو، تلك الأزواج التي كان يعتقد أنها غير مرتبطة بعضها ببعض تماماً، أصبحت الآن مرتبطة بشكل وثيق بواسطة نظرية الأوتار. وهي مرتبطة بواسطة العالم الفيزيائي العام الذي تتضمنه كل منها إذا كانت أي منها هي التي تم اختيارها لتكون البعد الإضافي المتجعد ويقدم هذا الارتباط المتشابك غير المتوقع في السابق، وسيلة فيزيائية ورياضية جديدة وقاطعة.
تخيل مثلاً أنك مشغول بحساب الخواص الفيزيائية - كتلة الجسيمات وشحنات القوى - المرتبطة بأحد اختيارات كالابي – ياو المحتملة للأبعاد الإضافية. ولست معنياً بصفة خاصة بالتوافق بين النتائج التفصيلية والتجربة، حيث أننا قد رأينا أن هناك عدداً من العقبات النظرية والتقنية تجعل من هذا أمراً في غاية الصعوبة في الوقت الحالي. وبدلاً من ذلك فإنك تعمل من خلال تجربة ذهنية تتعلق بما قد يكون عليه الكون إذا تم اختيار شكل معين من أشكال كالابي - ياو. ولفترة يبدو أن كل شيء يسير على ما يرام لكن وفي خضم أبحاثك تقابلك صعوبات في الحسابات الرياضية لا يمكن التغلب عليها، ولا يستطيع أحد أن يحلها حتى ولو كان من أعظم الخبراء الرياضيين في الكون. لقد أصبحت في مأزق. لكن عندئذ أدركت أن لهذا الشكل من أشكال كالابي - ياو رفيق صورة مرآة. وبما أن نتائج فيزياء الأوتار المتعلقة بكل عضو من ازدواج صورة المرآة متناظرة، فإنك ستقر بأنك حر في اختيار أي منهما لإجراء حساباتك. وهكذا ستعيد إجراء الحسابات الصعبة على فراغ كالابي - ياو الأصلي مستخدماً صورة المرآة الأخرى، متأكداً. من أن نتائج الحسابات - أي الفيزياء - ستكون هي نفسها. ومن النظرة الأولى قد تظن أن الصورة المعدلة للحسابات ستكون في مثل صعوبة الحسابات الأصلية. لكنك ستقف على مفاجأة قوية وسارة ستكتشف أنه بالرغم من أن النتيجة واحدة إلا أن الصيغة التفصيلية للحسابات مختلفة تماماً، بل وفي بعض الأحيان تتحول الحسابات المعقدة الفظيعة إلى حسابات غاية في السهولة على صورة المرآة لفراغ كالابي - ياو، ولا يوجد تفسير بسيط لحدوث ذلك، لكن على الأقل بالنسبة لحسابات معينة - ذلك يحدث بكل تأكيد، بل ويمكن أن تكون درجة الصعوبة التي أصبحت عليها الحسابات قد تناقصت بشكل حاد. والمغزى هنا واضح بالطبع فأنت لست بعد في مأزق. ويشبه ذلك - بشكل ما - إذا طلب أحدهم منك أن تحصي بالضبط عدد البرتقالات الموجودة عفوياً في سلة عملاقة طول ضلعها 50 قدماً وعمقها 10 أقدام ستبدأ في إحصاء البرتقال واحدة واحدة وسرعان ما ستدرك أن هذا العمل جداً، ولحسن حظك يجيئك صديق كان موجوداً عند تسليم البرتقال. يخبرك هذا الصديق أن البرتقال قد وصل معبأ في صناديق صغيرة بعناية (تصادف أنه كان يمسك بأحدها وأن هذه الصناديق عندما رصت كانت بطول عشرين صندوقاً وعرض عشرين صندوقاً وارتفاع عشرين صندوقاً وهكذا ستحسب بسهولة أن البرتقال قد جاء معبأ في 8000 صندوق، وأن كل ما تحتاج إليه هو معرفة كم برتقالة في الصندوق الواحد وستفعل ذلك بسهولة بأن تأخذ الصندوق من صديقك، ثم تملأه بالبرتقال، الأمر الذي ينهي مهمتك الرهيبة في إحصاء البرتقال من دون أي مجهود يذكر. وخلاصة القول أنك بإعادة تنظيم حساباتك بمهارة تمكنت من إنجاز مهمتك بسهولة محسوسة.
والوضع بالنسبة لحسابات عديدة في نظرية الأوتار هو نفسه. ومن منظور أحد أشكال كالابي – ياو قد تتضمن الحسابات عدداً لا حصر له من الخطوات الرياضية الصعبة. ومع ذلك، وينقل الحسابات إلى صورة المرأة فإن إعادة الترتيب بطريقة أكثر كفاءة بكثير تسمح بإنهائها بسهولة نسبية. وقد قمنا أنا وبليسير بهذه الخطوة التي طبقت عمليات بشكل مثير للانتباه بواسطة كانديلاس ومعاونيه زينيا لا أوسا وليندا باركيز من جامعة تكساس وبواسطة بول غرين من جامعة ماريلاند. وقد أثبتوا أنه يمكن إتمام حسابات على درجة لا يمكن تخيلها من الصعوبة باستخدام منظور صورة المرآة بقليل من الجبر والحاسب الشخصي.
كان هذا التطور مثيراً وخاصة بالنسبة لعلماء الرياضيات، لأن بعض هذه الحسابات كانت هي بالضبط التي عكفوا عليها سنين طويلة من دون الوصول إلى حل. فنظرية الأوتار - أو هكذا يزعم الفيزيائيون - قد سبقتهم في الوصول إلى الحل.
والآن لا بد أن نأخذ في الاعتبار أن هناك عموماً تنافساً جيداً وصحياً بين علماء الرياضيات وعلماء الفيزياء. وقد تصادف أن كان هناك عالما رياضيات من النروج - جير إيلينغسرود وشتاين أريلد ستروم يجريان أحد الحسابات العديدة التي تغلب عليها بنجاح كانديلاس ومعاونوه باستخدام تناظر المرآة. وباختصار توصلت حساباتهما إلى إحصاء عدد الكرات التي يمكن رصها داخل فراغ معين لكالابي - ياو، بطريقة مشابهة إلى حد ما لطريقة إحصاء البرتقال في السلة العملاقة. وفي مؤتمر للفيزيائيين والرياضيين في بيركلي 1991، أعلن كانديلاس النتائج التي توصل إليها هو ومجموعته باستخدام نظرية الأوتار وتناظر المرآة، وهي. بينما أعلن إيلينغسرود وستروم نتائج حساباتهما الرياضية التي في غاية التعقيد وهي
. وتجادل الرياضيون والفيزيائيون لعدة أيام فمن منهم على صواب؟ تحول السؤال إلى اختبار حقيقي للمصداقية الكمية لنظرية الأوتار، حتى أن بعض الناس قد علق - على شكل دعابة - أن هذا الاختبار هو البديل (أو أقرب شيء لمقارنة نظرية الأوتار مع التجربة. والأكثر من ذلك فإن نتائج كانديلاس قد تخطت النتيجة العددية الوحيدة التي زعم إيلينغسرود وستروم أنهما توصلا إليها. وقد زعم كانديلاس ومعاونوه أنهم قد أجابوا عن أسئلة كثيرة أخرى كانت أكثر صعوبة بمراحل - كانت في الحقيقة صعبة لدرجة أن الرياضيين لم يحاولوا أبداً الاقتراب منها ولكن هل يمكن أن نثق في نتائج نظرية الأوتار ؟ انتهى الاجتماع بتبادل مثمر للأفكار بين الرياضيين والفيزيائيين، لكن من دون حل للتناقض. وبعد شهر من ذلك، وصلت رسالة بالبريد الإلكتروني لجميع المشاركين في مؤتمر بيركلي معنونة "الفيزياء تنتصر ! " ، فلقد اكتشف إيلينغسرود وستروم خطأ في شفرة الكمبيوتر، وعند تصحيحها تأكدت نتائج كانديلاس. ومنذ ذلك الحين أجريت العديد من المراجعات الرياضية على المصداقية الكمية لتناظر المرآة في نظرية الأوتار : لقد نجحت بسهولة بدرجة امتياز وحديثاً جداً وبعد ما يقرب من عقد من الزمان بعد اكتشاف تناظر المرآة بواسطة الفيزيائيين، أنجز الرياضيون تقدماً عظيماً في الكشف عن الأسس الرياضية المتأصلة في هذه الحسابات. وبالاستفادة من المساهمات المحسوسة لعلماء الرياضة مكسيم كونتسيفيش ويوري مانين وغانغ تيان وجون لي والكسندر جيفينتال وجد ياو ومعاونوه بونغ ليان وكيفنغ ليو في النهاية برهاناً رياضياً عظيماً على صحة المعادلات المستخدمة لإحصاء الكرات في فراغات كالابي - ياو، وبذلك يكونون قد توصلوا لحل المشكلات التي حيرت الرياضيين لمئات السنين.
وإلى جانب اعتبارات هذا النجاح، فإن ما ألقت عليه الضوء هذه التطورات هو الدور الذي بدأت تلعبه الفيزياء في الرياضيات الحديثة. دأب الفيزيائيون لفترة طويلة على التنقيب في أرشيف الرياضيين بحثاً عن وسائل لبناء وتحليل نماذج للعالم الفيزيائي. أما الآن ومن خلال اكتشاف نظرية الأوتار بدأت الفيزياء في رد الدين وتقديم وسائل ذات مقدرة عالية للرياضيين لحل مشكلاتهم المتعثرة، ولا تقدم نظرية الأوتار إطاراً موحداً للفيزياء فقط، بل إنها من الممكن أن تقيم اتحاداً عميقاً بنفس الدرجة مع علم الرياضيات كذلك.