1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

علم الحديث

تعريف علم الحديث وتاريخه

أقسام الحديث

الجرح والتعديل

الأصول الأربعمائة

الجوامع الحديثيّة المتقدّمة

الجوامع الحديثيّة المتأخّرة

مقالات متفرقة في علم الحديث

أحاديث وروايات مختارة

علم الرجال

تعريف علم الرجال واصوله

الحاجة إلى علم الرجال

التوثيقات الخاصة

التوثيقات العامة

مقالات متفرقة في علم الرجال

أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

اصحاب الائمة من التابعين

اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني

اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث

علماء القرن الرابع الهجري

علماء القرن الخامس الهجري

علماء القرن السادس الهجري

علماء القرن السابع الهجري

علماء القرن الثامن الهجري

علماء القرن التاسع الهجري

علماء القرن العاشر الهجري

علماء القرن الحادي عشر الهجري

علماء القرن الثاني عشر الهجري

علماء القرن الثالث عشر الهجري

علماء القرن الرابع عشر الهجري

علماء القرن الخامس عشر الهجري

الحديث والرجال والتراجم : علم الحديث : مقالات متفرقة في علم الحديث :

سبب اختلاف الأحاديث بين المسلمين

المؤلف:  الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي

المصدر:  وصول الأخيار إلى أصول الأخبار

الجزء والصفحة:  ص 166 ـ 171

2025-01-05

255

أصل أذكر فيه سبب اختلاف الأحاديث بين أهل السنّة فقط، وبيننا وبينهم، وبيننا فقط.

فإنّ العامّة أيضاً لم يتعرّضوا لذكره مع أنّه أمر مهم وقد وقع بعد موت النبي (صلى الله عليه وآله) بغير فصل.

وترتّب على هذا الاختلاف اختلاف فتاوى العلماء وآرائهم، وأئمّتنا (عليهم السلام) كشفوا القناع عن ذلك وبيّنوه بما لا مزيد عليه.

فأنا أذكر بعضاً ممّا وصل إليّ في ذلك عنهم (عليهم السلام) فإن فيه مقنعاً.

فقد رويت بأسانيدي المتّصلة الى محمد بن يعقوب رحمه الله تعالى عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن ابراهيم بن عمر اليماني عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي قال : قلت لأمير المؤمنين (عليه السلام): انّي سمعت من سلمان وأبي ذر والمقداد شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله (صلى الله عليه وآله) غير ما في أيدي الناس ثم سمعت منك تصديق ما سمعته منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله (صلى الله عليه وآله) أنتم تخالفونهم فيها وتزعمون أنّ ذلك كلّه باطل، أفترى يكذبون على رسول الله متعمّدين ويفسّرون القرآن بآرائهم؟ قال: فأقبل عليّ وقال: قد سألت فافهم الجواب، إنّ في أيدي الناس حقاً وباطلا وصدقاً وكذباً وناسخاً ومنسوخاً وعاماً وخاصاً ومحكماً ومتشابهاً وحفظاً ووهماً، وقد كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في عهده (1) حتّى قام خطيباً فقال: أيّها الناس قد كثرت عليّ الكذّابة فمن كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار. ثم كذب عليه من بعده.

وإنّما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس: رجل منافق يظهر الإيمان متصنّع بالإسلام لا يتأثّم (2) ولا يتحرّج أن يكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) متعمّداً، فلو علم الناس أنّه منافق كذّاب لم يقبلوا منه ولم يصدّقوه ولكنّهم قالوا هذا قد صحب رسول الله ورآه وسمع منه، فأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله، وقد أخبر الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال (عزّ وجلّ): {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ...} ثم بقوا بعده فتقرّبوا إلى أئمّة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولّوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا الا من عصمه الله. فهذا أحد الأربعة.

ورجل سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئاً لم يحفظه على وجهه ووهم فيه ولم يتعمّد كذباً، فهو في يده يعول به ويعمل به ويرويه ويقول أنا سمعته من رسول الله، فلو علم المسلمون أنّه وهم لم يقبلوه ولو علم هو أنّه وهم لرفضه.

ورجل ثالث سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئاً ثم نهى عنه وهو لا يعلم، أو يسمعه ينهى عن شيء ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ولو علم أنّه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنّه منسوخ لرفضوه.

ورجل آخر رابع لم يكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يبغض الكذب خوفاً من الله تعالى وتعظيماً لرسوله، لم يسه بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص منه وعلم الناسخ من المنسوخ فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ، فإنّ أمر النبي (صلى الله عليه وآله) مثل القرآن ناسخ ومنسوخ وخاص وعام ومحكم ومتشابه، قد كان يكون من رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلام له وجهان وكلام عام وكلام خاص مثل القرآن.

وقال الله (عزّ وجلّ) في كتابه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} فيشتبه على من لم يعرف ولم يدرِ ما عنى الله به ورسوله.

وليس كلّ أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يسأله عن الشيء فيفهم وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه، حتّى أن كانوا يحبّون أن يجيء الأعرابي والطارئ فيسأل رسول الله حتّى يسمعوا (3).

ويدخل في قوله (عليه السلام): (سمع شيئاً ولم يحفظه على وجهه) مع قوله: (إنّ في الحديث عامّاً وخاصّاً) ما كان عامّاً مقصوراً على سببه وما كان حكماً في قضية مخصوصة فيروى على وجه يعم حكمه أو يتعدّى.

وروينا بطرقنا عنه عن عدّة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن أبي أيوب الخزاز عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يتّهمون بالكذب فيجيىء منكم خلافه؟ قال: إن الحديث يُنسَخ كما يُنسَخ القرآن (4).

ونحو ذلك من الأحاديث.

فهذا هو السر في اختلاف الأحاديث بين العامّة وبيننا وبينهم أيضاً.

لأنّ أئمّتنا (عليهم السلام) لم يروونا إلا الحق ممّا قد اختلف فيه الصحابة.

فخالف بعض أحاديثنا كل ما روي عنهم على غير وجهه.

وأمّا سبب اختلاف الحديث فيما بيننا فقط، فبعضه قد يكون بعضاً ممّا سبق فإنّه كان ممّن يُسمّي نفسه باسم الشيعة قوم غلاة ومبتدعة وفسقة، كما كان في أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) المنافقون والمرتدون والفسقة كما بيّنه أصحابنا في كتب الرجال، فربّما دسّوا في أحاديثنا شيئاً ممّا يوافق آراءهم ممّا لا أصل له.

وكذا كان فيهم من وهم ولم يحفظ الحديث فأدّاه على غير وجهه ولم يتعمّد الكذب.

ثم يضاف إلى ذلك من أسباب الاختلاف عندنا ما كان يخرج عن أئمتنا (عليهم السلام) على وجه التقيّة، كما اشتهر بل تواتر النقل عنهم (عليهم السلام) بأنّهم كانوا ربّما يجيبون السائل على وفق معتقده أو معتقده بعض الحاضرين أو بعض من عساه يصل إليه الحديث من أعدائهم المناوئين (5).

فقد روينا بأسانيدنا الى محمد بن يعقوب وعلي بن محمد عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبيدة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال لي: يا زياد ما تقول لو أفتينا رجلاً ممّن يتولّانا بشيء من التقيّة؟ قال: قلت له: أنت أعلم جعلت فداك. قال: إن أخذ به فهو خير له أو أعظم أجراً.

وفي رواية أخرى: إن أخذ به أوجر وإن تركه والله أثم (6).

وروينا عنه عن احمد بن ادريس عن محمد بن عبد الجبار عن الحسن بن علي عن ثعلبة بن ميمون عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن مسألة فأجابني، ثم جاءه رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني، ثم جاءه آخر فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي، فلمّا خرج الرجلان قلت: يابن رسول الله رجلان من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان فأجبت كل واحد بغير ما أجبت به صاحبه. فقال: يا زرارة انّ هذا خير لنا وأبقى لنا ولكم، ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدّقكم النّاس علينا ولكان أقل لبقائنا وبقائكم.

قال: ثم قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): شيعتكم لو حملتموهم على الأسنّة أو على النار لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين. قال: فأجابني مثل جواب أبيه (7).

ومثل ذلك ما ورد عنهم (عليهم السلام) كثير، وهو ممّا لا شبهة فيه بين شيعتهم.

وإذا تبيّنت ذلك اندفع به ما ربّما يورده علينا بعض أهل السنّة، فيقول: إذا كان أخذكم دينكم ومعالم شرائعكم عن أئمتكم المعصومين كما تزعمون، فمن أين وقع الاختلاف بين علمائكم وفي أحاديثكم، فنقول: أمّا الاختلاف في الأحاديث فقد عرفت سببه وأنّه لا خصوصية لنا به، إذ وقع الاختلاف كذلك في الأحاديث المأخوذة عمّن لا ينطق عن الهوى عندنا وعندكم، مع أنّ زمن أئمّتنا (عليهم السلام) كان أطول بكثير من الزمان الذي انتشر فيه الإسلام ووقع فيه النقل عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وكان الرواة عن أئمّتنا (عليهم السلام) أكثر عدداً وانتشاراً في الأرض واختلافاً في الآراء والأهواء فوقوع الاختلاف في أحاديثهم أولى.

وأمّا اختلاف علمائنا في التعريفات التي لم يرد فيها نص بخصوصها فسببه اختلاف أنظارهم في مبادئها ومآخذها كما هو بين علمائكم أيضاً، بل بين كلّ الطوائف من أصحاب الملل والنحل.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في المصدر: (على عهده).

(2) أي لا يكفّ نفسه عن موجب الإثم، أو لا يعدّ نفسه آثماً بالكذب على الرسول. وكذا لا يتحرّج. من الحرج بمعنى الضيق، أي لا يضيق صدره بالكذب.

(3) الكافي 1 / 63.

(4) الكافي 1 / 64.

(5) نأواه: عاداه، وأصله من النوء وهو النهوض.

(6) الكافي 1 / 65.

(7) الكافي 1 / 65.

 

 

 

 

 

 

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي