ما مدى صحّة حديث : « خير القرون قرني ، ثمّ الذين يلونهم ، ثمّ الذين يلونهم »؟ وما هي دلالته؟
المؤلف:
مركز الابحاث العقائدية
المصدر:
موسوعة الاسئلة العقائدية
الجزء والصفحة:
ج4 , ص 144 - 146
2-9-2020
8111
السؤال : ما مدى صحّة حديث : « خير القرون قرني ، ثمّ الذين يلونهم ، ثمّ الذين يلونهم »؟ وما هي دلالته؟ (1)
الجواب : في الجواب نشير إلى نقاط :
1 ـ إنّ هذا الحديث وأمثاله لم يرد من طرق الشيعة ، وإنّما ورد من طرق أهل السنّة ، وهو لا يمكن أن يكون حجّة علينا ، لأنّ قانون المناظرة والمحاججة أن تذكر المسائل المتّفق عليها بين الطرفين ، أو أن يحتجّ بما وافق عليه الطرف الآخر ، « ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم » (2).
2 ـ بعد الإغماض عمّا في سند هذا الحديث عند أهل السنّة ، فإنّه لا دلالة لهذا الحديث على ما يقصده أهل السنّة منه ، وذلك بادعائهم خيرية جميع الناس الموجودين في قرن النبيّ صلى الله عليه واله ، لأنّ قولنا : إنّ قريش أفصح العرب وأكرمهم ، لا يقتضي لغة وعرفاً أن يكون كُلّ واحد من آحاده كذلك ، لظهور وجود الآحاد المتّصفة بأضداد ذلك.
3 ـ هذا الحديث معارض بما رواه أهل السنّة عن عمر ، قال صلى الله عليه واله : « أتدرون أيّ الخلق أفضل إيماناً »؟ قالوا : الملائكة ، قال : « وحقّ لهم بل غيرهم » ، قالوا : الأنبياء ، قال : « وحقّ لهم بل غيرهم » ، ثمّ قال : « أفضل الخلق إيماناً قوم في أصلاب الرجال يؤمنون بي ولم يروني ، فهم أفضل الخلق إيماناً » (3).
4 ـ وكذلك هذا الحديث معارض بأحاديث أُخرى مثل : « مثل أُمّتي مثل المطر ، لا يدرى أوّله خير أم آخره » (4) ، وقوله : « ليدركن المسيح أقواماً ، إنّهم لمثلكم أو خير ثلاثاً » (5).
5 ـ إن مظلومية أهل بيت النبيّ صلى الله عليه واله أمر متسالم عليه ، وكُلّ ما ذكرته كتب الحديث والتاريخ ممّا جرى على فاطمة عليها السلام ، وعلي أمير المؤمنين والحسنين عليهم السلام ، كُلّ هذا كان في تلك البرهة من الزمن ، وكُلّ الفتن كانت في تلك البرهة من الزمن!!
فكيف يعبّر رسول الله صلى الله عليه واله عن تلك الفترة بأنّها ... ، وفيها سفكت دماء أهل بيته عليهم السلام ، وظلمت ابنته ، وقتل الحسن والحسين عليهما السلام؟!
كُلّ ذلك ، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه واله عن ما يجري على أهل بيته بأحاديث كثيرة.
ولا تنس عزيزي القارئ فترة بني أُمية التي كانوا يسبّون فيها أمير المؤمنين علي عليه السلام ، ويلعنونه على المنابر.
6 ـ كُلّ ما جرى من محن على أهل بيت النبيّ صلى الله عليه واله ، وكذلك ما جرى من فتن عمياء ، كُلّ ذلك جرى من أناس شاهدوا الرسول صلى الله عليه واله ، أو شاهدوا من شاهد الرسول صلى الله عليه واله ، فتكون الحجّة عليهم أكمل ، والعقاب أشدّ بكثير ممّن لم تتمّ عليهم الحجّة.
وأخيراً : فإنّ هذا الحديث وأمثاله لا يمكن أن يستند عليه باحث متجرّد عن أيّ تعصّب ، هدفه إصابة الحقّ.
إضافة إلى أنّ اختلاف الأئمة نشأ نتيجة اختلاف القرن الأوّل الذي وقعت فيه الحروب ، وسفكت الدماء وقتل بعضهم بعضاً.
____________
1 ـ أحكام القرآن للجصّاص 1 / 615 ، تفسير القرآن العظيم 3 / 331 و 4 / 305 ، الإصابة 1 / 21 ، البداية والنهاية 6 / 283.
2 ـ تهذيب الأحكام 9 / 322.
3 ـ فيض القدير 4 / 369 ، كنز العمّال 12 / 182 ، الجامع لأحكام القرآن 4 / 172.
4 ـ مسند أحمد 3 / 130 و 143 و 4 / 319 ، مجمع الزوائد 10 / 68 ، مسند أبي داود : 90 و 270 ، مسند أبي يعلى 6 / 380.
5 ـ فتح الباري 7 / 5 ، المصنّف لابن أبي شيبة 4 / 567 و 8 / 548.
الاكثر قراءة في الصحابة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة