1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

النحو

اقسام الكلام

الكلام وما يتالف منه

الجمل وانواعها

اقسام الفعل وعلاماته

المعرب والمبني

أنواع الإعراب

علامات الاسم

الأسماء الستة

النكرة والمعرفة

الأفعال الخمسة

المثنى

جمع المذكر السالم

جمع المؤنث السالم

العلم

الضمائر

اسم الإشارة

الاسم الموصول

المعرف بـ (ال)

المبتدا والخبر

كان وأخواتها

المشبهات بـ(ليس)

كاد واخواتها (أفعال المقاربة)

إن وأخواتها

لا النافية للجنس

ظن وأخواتها

الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل

الأفعال الناصبة لمفعولين

الفاعل

نائب الفاعل

تعدي الفعل ولزومه

العامل والمعمول واشتغالهما

التنازع والاشتغال

المفعول المطلق

المفعول فيه

المفعول لأجله

المفعول به

المفعول معه

الاستثناء

الحال

التمييز

الحروف وأنواعها

الإضافة

المصدر وانواعه

اسم الفاعل

اسم المفعول

صيغة المبالغة

الصفة المشبهة بالفعل

اسم التفضيل

التعجب

أفعال المدح والذم

النعت (الصفة)

التوكيد

العطف

البدل

النداء

الاستفهام

الاستغاثة

الندبة

الترخيم

الاختصاص

الإغراء والتحذير

أسماء الأفعال وأسماء الأصوات

نون التوكيد

الممنوع من الصرف

الفعل المضارع وأحواله

القسم

أدوات الجزم

العدد

الحكاية

الشرط وجوابه

الصرف

موضوع علم الصرف وميدانه

تعريف علم الصرف

بين الصرف والنحو

فائدة علم الصرف

الميزان الصرفي

الفعل المجرد وأبوابه

الفعل المزيد وأبوابه

أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)

اسناد الفعل الى الضمائر

توكيد الفعل

تصريف الاسماء

الفعل المبني للمجهول

المقصور والممدود والمنقوص

جمع التكسير

المصادر وابنيتها

اسم الفاعل

صيغة المبالغة

اسم المفعول

الصفة المشبهة

اسم التفضيل

اسما الزمان والمكان

اسم المرة

اسم الآلة

اسم الهيئة

المصدر الميمي

النسب

التصغير

الابدال

الاعلال

الفعل الصحيح والمعتل

الفعل الجامد والمتصرف

الإمالة

الوقف

الادغام

القلب المكاني

الحذف

المدارس النحوية

النحو ونشأته

دوافع نشأة النحو العربي

اراء حول النحو العربي واصالته

النحو العربي و واضعه

أوائل النحويين

المدرسة البصرية

بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في البصرة وطابعه

أهم نحاة المدرسة البصرية

جهود علماء المدرسة البصرية

كتاب سيبويه

جهود الخليل بن احمد الفراهيدي

كتاب المقتضب - للمبرد

المدرسة الكوفية

بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الكوفة وطابعه

أهم نحاة المدرسة الكوفية

جهود علماء المدرسة الكوفية

جهود الكسائي

الفراء وكتاب (معاني القرآن)

الخلاف بين البصريين والكوفيين

الخلاف اسبابه ونتائجه

الخلاف في المصطلح

الخلاف في المنهج

الخلاف في المسائل النحوية

المدرسة البغدادية

بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في بغداد وطابعه

أهم نحاة المدرسة البغدادية

جهود علماء المدرسة البغدادية

المفصل للزمخشري

شرح الرضي على الكافية

جهود الزجاجي

جهود السيرافي

جهود ابن جني

جهود ابو البركات ابن الانباري

المدرسة المصرية

بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو المصري وطابعه

أهم نحاة المدرسة المصرية

جهود علماء المدرسة المصرية

كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك

جهود ابن هشام الانصاري

جهود السيوطي

شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك

المدرسة الاندلسية

بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الاندلس وطابعه

أهم نحاة المدرسة الاندلسية

جهود علماء المدرسة الاندلسية

كتاب الرد على النحاة

جهود ابن مالك

اللغة العربية

لمحة عامة عن اللغة العربية

العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)

العربية الجنوبية (العربية اليمنية)

اللغة المشتركة (الفصحى)

فقه اللغة

مصطلح فقه اللغة ومفهومه

اهداف فقه اللغة وموضوعاته

بين فقه اللغة وعلم اللغة

جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة

جهود القدامى

جهود المحدثين

اللغة ونظريات نشأتها

حول اللغة ونظريات نشأتها

نظرية التوقيف والإلهام

نظرية التواضع والاصطلاح

نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح

نظرية محاكات أصوات الطبيعة

نظرية الغريزة والانفعال

نظرية محاكات الاصوات معانيها

نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية

نظريات تقسيم اللغات

تقسيم ماكس مولر

تقسيم شليجل

فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)

لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية

موطن الساميين الاول

خصائص اللغات الجزرية المشتركة

اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية

تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)

اللغات الشرقية

اللغات الغربية

اللهجات العربية

معنى اللهجة

اهمية دراسة اللهجات العربية

أشهر اللهجات العربية وخصائصها

كيف تتكون اللهجات

اللهجات الشاذة والقابها

خصائص اللغة العربية

الترادف

الاشتراك اللفظي

التضاد

الاشتقاق

مقدمة حول الاشتقاق

الاشتقاق الصغير

الاشتقاق الكبير

الاشتقاق الاكبر

اشتقاق الكبار - النحت

التعرب - الدخيل

الإعراب

مناسبة الحروف لمعانيها

صيغ اوزان العربية

الخط العربي

الخط العربي وأصله، اعجامه

الكتابة قبل الاسلام

الكتابة بعد الاسلام

عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه

أصوات اللغة العربية

الأصوات اللغوية

جهود العرب القدامى في علم الصوت

اعضاء الجهاز النطقي

مخارج الاصوات العربية

صفات الاصوات العربية

المعاجم العربية

علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة

ماهية علم اللغة

الجهود اللغوية عند العرب

الجهود اللغوية عند غير العرب

مناهج البحث في اللغة

المنهج الوصفي

المنهج التوليدي

المنهج النحوي

المنهج الصرفي

منهج الدلالة

منهج الدراسات الانسانية

منهج التشكيل الصوتي

علم اللغة والعلوم الأخرى

علم اللغة وعلم النفس

علم اللغة وعلم الاجتماع

علم اللغة والانثروبولوجيا

علم اللغة و الجغرافية

مستويات علم اللغة

المستوى الصوتي

المستوى الصرفي

المستوى الدلالي

المستوى النحوي

وظيفة اللغة

اللغة والكتابة

اللغة والكلام

تكون اللغات الانسانية

اللغة واللغات

اللهجات

اللغات المشتركة

القرابة اللغوية

احتكاك اللغات

قضايا لغوية أخرى

علم الدلالة

ماهية علم الدلالة وتعريفه

نشأة علم الدلالة

مفهوم الدلالة

جهود القدامى في الدراسات الدلالية

جهود الجاحظ

جهود الجرجاني

جهود الآمدي

جهود اخرى

جهود ابن جني

مقدمة حول جهود العرب

التطور الدلالي

ماهية التطور الدلالي

اسباب التطور الدلالي

تخصيص الدلالة

تعميم الدلالة

انتقال الدلالة

رقي الدلالة

انحطاط الدلالة

اسباب التغير الدلالي

التحول نحو المعاني المتضادة

الدال و المدلول

الدلالة والمجاز

تحليل المعنى

المشكلات الدلالية

ماهية المشكلات الدلالية

التضاد

المشترك اللفظي

غموض المعنى

تغير المعنى

قضايا دلالية اخرى

نظريات علم الدلالة الحديثة

نظرية السياق

نظرية الحقول الدلالية

النظرية التصورية

النظرية التحليلية

نظريات اخرى

النظرية الاشارية

مقدمة حول النظريات الدلالية

أخرى

علوم اللغة العربية : المدارس النحوية : المدرسة البغدادية : أهم نحاة المدرسة البغدادية :

مذهب ابن جني العام

المؤلف:  د. محمد المختار ولد اباه

المصدر:  تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب

الجزء والصفحة:  ص199- 205

29-03-2015

3651

 مذهبه العام:

يرى بعض المعاصرين أن ابن جني كان بغدادي المذهب نظرا لأخذه عن أئمة الكوفيين و البصريين، لكن انتماءه للبصريين يتضح في كتاب اللمع من خلال مواقفه التي تابعهم عليها موردا إياها و كأنها مسلمات لا تحتاج إلى مناقشة أو برهان، من ذلك قوله: إن

ص199

 

«بئس» و «نعم» فعلان ماضيان (1) و قوله بفعلية صيغتي التعجب و منعه القياس عليه فلا تقول (ما أبيضه) (2)، و في حديثه عن «من» الجارة لم يأت بمثال يدل على أنها تأتي لابتداء الزمان (3)، كما لا يجوز عنده تقديم الفاعل على الفعل (4).

و من مظاهر بصريته أيضا تقربه من آراء الإمام سيبويه في استعمال أمثلته، مثل (وامن حفر بئر زمزماه) (5)، و السمن منوان بدرهم (6)، و في قوله باستحسان حذف التاء في الفعل إذا فصل عن المؤنث المسند إليه مستدلا بقول الشاعر:

       إن امرأ غره منكن واحدة              بعدي و بعدك في الدنيا لمغرور (7)
و في نطاق بصريته نراه ينتصر للإمام سيبويه، في معرض كلامه عن ألف التثنية، و الخلاف فيها هل هي حرف إعراب أم دليل إعراب. و تلخص هنا بحثه الطويل في هذه المسألة. يقول ابن جني:

(و اعلم أن هذه الألف قد زيدت في الاسم المثنى علما للتثنية، و ذلك قولهم رجلان، و فرسان، و زيدان و عمران و اختلف فيها فقال سيبويه هي حرف الإعراب، و كذلك الياء في حال الجر و النصب، و لا تقدير إعراب فيها) .

(و قال أبو الحسن إنها دليل الإعراب. و قال الجرمي انقلابها هو الإعراب. و قال الفراء و أبو إسحق الزيادي إنها هي الإعراب) .

(و اعلم أنا بلونا هذه الأقوال فلم نر فيها أصلب مكسرا و لا أحمد مخبرا من مذهب سيبويه، و الدليل على صحة قول سيبويه أن الذي أوجب للواحد المتمكن حرف إعراب في نحو رجل و فرس هو موجود في التثنية نحو رجلان و فرسان و هو التمكن، و هي تحتاج إلى حرف إعراب) .

(و هذا الحرف إما أن يكون قبل الألف، أو الألف، أو ما بعد الألف. ففي الزيدان، الدال ليست حرف إعراب لأن التثنية مثل التأنيث في قائم، و قائمة. فكما أن الميم في قائمة ليست حرف إعراب، و إنما علم التأنيث في قائمة هو حرف الإعراب، فكذلك ينبغي أن يكون علم التثنية في نحو قولنا «الزيدان» هو حرف الإعراب. لأن الألف علامة التثنية

ص200

 

و التاء علامة التأنيث، و لا يمكن أن يكون النون، لأنها حرف صحيح يحتمل الحركة. فلو كانت حرف الإعراب لقلت قام الزيدان (بضم النون) . و انقلاب هذه الألف ياء في النصب و الجر لا يمنع من كونها حرف إعراب مثل ما اتفق عليه في كلا، و كلتا. و نفس الانقلاب في الأسماء الخمسة، فلو لم تكن الواو في «ذو» حرف إعراب لبقي الاسم المتمكن على حرف واحد و هو الذال. و في ألف عصاي، إذ يقال فيها عصيّ، و تاء التأنيث التي هي حرف إعراب إجماعا تقلب هاء في الوقف. و نحو من ذلك أيضا إبدال ألف التأنيث همزة عند بعضهم في الوقف نحو «حبلأ» في الوقف على حبلى، و هذا القلب يدل على تمكن الإعراب و بعده من البناء، فليس مثل «متى» و «إذا» مما آخره ألف من المبني.

(و قد قلبت لأن التوابع تبين إعراب المقصور، و لا تبينه بنفس الدرجة في التثنية لأن التوابع سوف تثنى بعدها هي أيضا، مع أن بعضهم لا يقلبها) (8).

(يرى سيبويه أنه لا تقدير للحركة في حروف إعراب التثنية بدليل قوله:

 

و دخلت النون كأنها عوض لما منع من الحركة و التنوين، فلو كانت نية الحركة عنده موجودة لما احتيج إلى العوض عنها كما لا يعوض عنها في حبلى (9)، و يعزو ابن جني للفارسي قوله (و يدل على صحة ما قال سيبويه من أنه ليس في حرف الإعراب تقدير حركة صحة الياء في الجر و النصب و لو كان في الياء منهما تقدير حركة لوجب أن تقلب ألفا كرحى و فتى، ألا ترى أن الياء إذا انفتح ما قبلها و كانت في تقدير حركة وجب أن تقلب ألفا، و هذا استدلال من أبي علي في غاية الحسن و صحة المذهب و سداد الطريقة)(10)، و أما قول أبي الحسن إنها دليل الإعراب، فمعنى ذلك عنده أنها تقوم مقام الضمة و الفتحة و الكسرة و تفيد ما يفدنه، فشابه الألف النون التي في يقومان. و ما قال أبو الحسن له وجه لأنها تدل على الإعراب، لكن الخلاف بينه و بين سيبويه إنكاره أنها أحرف إعراب(11)، و قد ظهر ذلك آنفا.

و أما قول الجرمي فضعيف و وجه فساده أنه جعلها حرف إعراب في الرفع و جعل الإعراب في الجر و النصب معنى لا لفظا و في الرفع لفظا لا معنى، فتخالفت جهة الإعراب في الاسم الواحد (12)،

ص201

 

و أما قول الفراء و أبي اسحق الزيادي «إن الألف هي الإعراب» فإنه أبعد الأقوال من الصواب، قال أبو علي «يلزم من قال إن الألف هي الإعراب» أن يكون الاسم متى حذفت منه الألف دالا من معنى التثنية على ما كان يدل عليه و الألف فيه، لأنك لم تعرض لصيغة الاسم و إنما حذفت إعرابه) (13).

السماع عنده:

لقد أولى ابن جني عناية خاصة للسماع، فاهتم بالقراءات و ألف فيها كتابه المحتسب الذي بين فيه أن مجمل القراءة، و لو كانت شاذة، فإنّ لكل منها ما يبررها من كلام العرب، قائلا: إن اللغات تختلف، و إن كلها حجة مستدلا بقوله عليه الصلاة و السّلام إن القرآن نزل بسبعة أحرف كلها شاف كاف، غير أن عنايته بالحديث النبوي، محدودة مثل ما هو حال شيخه أبي علي الفارسي.

لكنه مع ذلك وضع مقاييس خاصة لحجية اللغة، مستلهما إياها من آراء الأصوليين، فقال: إن إجماع أهل البلدين إنما يكون حجة إذا أعطاك خصمك يده أنه لا يخالف النصوص، و المقيس على النصوص (14).

فهو في هذه القاعدة يدخل في نظام المناظرات الأصولية، كما أنه عقد بابا خاصا لحكم العربي الذي يسمع لغة غيره، هل يراعيها، و يعتمدها أم يطرحها (15)، و هنا يؤكد على تعددية الفصيح من اللغة، دون أن يعطي سلّما للأفصح، مثل ما رأينا عند الخليل، و سيبويه، اللذين يفرقان بين اللغة المعتمدة و لهجات القبائل.

و من الملاحظات التي أوردها في معرض السماع قضية تشبه ما اصطلح عليه الأصوليون بفساد الاعتبار، و ذلك حينما تحدث عن «تقاود السماع و تقارع الانتزاع» فقال: إن السماع قد يطّرد في حكم ما، مثل رفع الفاعل و لكن قد تختلف النتائج المترتبة على هذا الحكم إلى أن يصل الأمر إلى الاستدلال بالشيء الواحد على الحكمين الضدين مثل ما هو في قول أبي حية النميري:

        زمان علي غراب غداف                      فطيره الشيب عني فطارا 
فقال في هذا: يمكن أن يذهب ذاهب إلى سقوط حكم ما تعلق به الظرف من الفعل و يمكن أيضا أن يستدل به على ثباته و بقاء حكمه، فالظرف الذي هو «علي» متعلق بمحذوف تقديره «استقر علي» ، و قام الظرف مقامه، فمن أثبت حكم الفعل المحذوف جعل «فطيّره»

ص202

 

عطفا على «استقر» ، و من اعتقد سقوط حكم ما تعلق به الظرف استدل عليه، يعطف «فطيره» على الظرف الذي هو (علي) (16)

القياس:

القياس من الأسس التي بنى عليها ابن جني آراءه اللغوية، فلقد كانت له المقولة المأثورة و هي أن ما قيس على كلام العرب فهو من كلام العرب (17). ثم خصص بابا مستقلا لمقاييسها (18)، كما أنه مد آفاق هذا القياس ليشمل النثر و الشعر فقال: إن لنا أن نقيس منثورنا على منثور العرب، و أن نقيس شعرنا على شعرهم، و في هذا المجال يجيز للشاعر أن يأتي بكل الاستعمالات الواردة في ما يسمى بضرائر الشعر (19)، و لا حرج عليه في ذلك، فهو في هذا المنحى يتقرب شيئا ما من مذهب الكوفيين.

لكنه مع ذلك لم يطلق العنان للقائس ليقول ما يشاء بل إنه وضع له ضوابط تحمي من الخورج عن الجادة، نذكر منها ما قاله في بابين من كتابه و هما «تعارض السماع و القياس» ، و (امتناعهم من الكلام بما يجوز فيه القياس) . و أعطى أمثلة تحتمل القياس، لكن السماع يمنعه، منها أن العرب لم تأت بخبر المبتدإ في قولنا: لعمرك لأقومن (20)، و لم تقل «استحاذ» و إنما قالت استحوذ (21)، و لم تستعمل إلا نادرا الماضي من يدع، و يذر (22)، و لا المضارع من عاره في قولهم «لا أدري أي الجراد عاره» أي ذهب به (23)، فبإفساحه لمجال القياس في النثر و الشعر، من جهة و ضبطه لحدوده من جهة أخرى اتبع طريقا وسطا و سلوكا يتسم بالتوازن و الاعتدال، يسوقه فيه منهجه القياسي الذي أعطاه وسائل التجريد و التعميم و يقوده اطلاعه الواسع على نصوص العربية الصحيحة و حذقه لأساليب العرب في استخدامها.

ص203

 

التعليل:

و في حديثه عن العلل، تقرب ابن جني من مذهب المتكلمين، و قال إن العلل النحوية أقرب إلى عللهم (24)، و إن مرجعها العام هو الثقل و الخفة، و مثل لذلك بأمثلة في التصريف و الإبدال (25)، فمن دقة ملاحظته، اعتباره لخصوع القواعد اللغوية للسعي إلى سهولة التلفظ، ثم بيّن الفرق بين العلة و السبب، قائلا: إن العلة مبناها على الإيجاب، مثل نصب الفضلة، و إن السبب علة الجواز مثل حكم الإمالة (26)، ورد على ابن السراج في كلامه عن علة العلة في مثل قول القائل، ما هي علة رفع الفاعل؟ و لم صار الفاعل مرفوعا؟ فذكر ابن جني أن هذا من باب شرح العلة و تتميمها لا من باب العلة (27).

و قد استدل البعض على ضعف حجية النحوي في قولهم برفع الفاعل و نصب المفعول و جر المجرور بأن قد نجد الأمر على خلاف ذلك فنجد الفاعل منصوبا في نحو «إن زيدا قام» و نجد المفعول مرفوعا في «ضرب زيد» كما نجد المجرور مرفوعا في نحو ( ولِلّٰهِ اَلْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ) (الروم- الآية 4).

و قد انتقد ابن جني هذا و قال إنه هراء و لغو و إن قائله لا يفرق بين الفاعل اصطلاحا و الفاعل في المعنى و المفعول في حال كونه فضلة أو لا و حال الإعراب و حال البناء.

كما انتقد الجاحظ في استدلاله على رأيه المشهور في ضعف علة النحوي، ببيت الأعشى:

        و لست بالأكثر منهم حصى                   و إنما العزة للكاثر 
إذ قال الجاحظ إن في هذا البيت تكذيبا لقول النحويين إن «أفعل» المؤنثة بفعلى، لا تجمع فيها «أل» مع «من» وردّ ابن جني أن «من» في هذا الموضع ليست تلك التي تصاحب أفعل التفضيل نحو: من هو أحسن منك، و إنما هي مثل «أنت من الناس حر». و قد أراد الشاعر، لست من بينهم بالكثير الحصى، و لست فيهم بالأكثر حصى (28).

و يتضح التقارب بينه و بين الأصوليين في هذه البحوث، حينما يرفض العلة القاصرة حيث يقول إن بناء الكلمة على حرفين لا يمكن أن يصلح علة لبناء اسم مثل «كم» بسبب انتقاضها بوجود «يد» و نحوها (29).

ص204

 

و هكذا نرى أن ينطبق على ابن جني ما يقال في تفسير اسم والده، فلقد كان من عباقرة النحاة الذين و سموا تاريخه بمنظومة من الأفكار المتطورة، و التي قربت بين الدراسات اللغوية و النحوية، و اعتمدت منهجا جديدا متميزا عن طريق دعاة المنطق الأرسطي مستلهما آليات المنهج الأصولي عند المتكلمين بواسطة المقارنة و باستعمال مصطلحاتهم المعروفة، فاستطاع ابن جني أن يصوغ نظريات لغوية نحوية و عد بها الخليل في إشاراته التعليلية، و قدم ابن السراج عنوانها دون أن يسير على دربها، و حرر الزجاجي طرفا منها لكن عمله بقي جزئيا، حتى انتزع ابن جني من تعاليم شيخه العملاق أبي علي الفارسي، أصولها في نسق يكاد يكون متكاملا.

ثم جاء دور ابن الأنباري الذي أعطى لهذا المنهج شكله النهائي حينما استنسخ منه صورة مطابقة للنظام الأصولي، و لو أنه في هذه المحاولة، لم ينل مرضاة جميع النحويين الذين ظلوا متشبثين بنحو الفروع إلى أن حقق لهم ابن مالك رغبتهم الكامنة في تصور نحو القواعد التطبيقية، و مع ذلك فإن نظرية ابن جني، و تجربة ابن الأنباري، و محاولة تجديده في اقتراح السيوطي، لها كلها أهميتها في تاريخ تطور النحو العربي.

ص205

____________________

(1) كتاب اللمع في العربية:79.

(2) نفس المصدر:78-79.

(3) نفس المصدر:42.

(4) نفس المصدر:16.

(5) نفس المصدر:69.

(6) نفس المصدر:13.

(7) نفس المصدر:16-17.

(8) سر صناعة الإعراب:695-704.

(9) كتاب سيبويه:1/17-18.

(10) سر صناعة الإعراب:706.

(11) نفس المصدر:713.

(12) نفس المصدر:713.

(13) سر صناعة الإعراب:716.

(14) الخصائص:1/189.

(15) المصدر نفسه:2/14.

(16) الخصائص:1/107.

(17) نفس المصدر:1/114-357.

(18) نفس المصدر:1/109-115.

(19) نفس المصدر:1/396.

(20) نفس المصدر:1/393.

(21) نفس المصدر:1/117-394.

(22) نفس المصدر:1/396.

(23) نفس المصدر:1/394.

(24) الخصائص:1/48-145.

(25) نفس المصدر:1/49.

(26) نفس المصدر:1/164.

(27) نفس المصدر:1/173.

(28) نفس المصدر:1/184-186.

(29) نفس المصدر:1/169.