x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

النحو

اقسام الكلام

الكلام وما يتالف منه

الجمل وانواعها

اقسام الفعل وعلاماته

المعرب والمبني

أنواع الإعراب

علامات الاسم

الأسماء الستة

النكرة والمعرفة

الأفعال الخمسة

المثنى

جمع المذكر السالم

جمع المؤنث السالم

العلم

الضمائر

اسم الإشارة

الاسم الموصول

المعرف بـ (ال)

المبتدا والخبر

كان وأخواتها

المشبهات بـ(ليس)

كاد واخواتها (أفعال المقاربة)

إن وأخواتها

لا النافية للجنس

ظن وأخواتها

الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل

الأفعال الناصبة لمفعولين

الفاعل

نائب الفاعل

تعدي الفعل ولزومه

العامل والمعمول واشتغالهما

التنازع والاشتغال

المفعول المطلق

المفعول فيه

المفعول لأجله

المفعول به

المفعول معه

الاستثناء

الحال

التمييز

الحروف وأنواعها

الإضافة

المصدر وانواعه

اسم الفاعل

اسم المفعول

صيغة المبالغة

الصفة المشبهة بالفعل

اسم التفضيل

التعجب

أفعال المدح والذم

النعت (الصفة)

التوكيد

العطف

البدل

النداء

الاستفهام

الاستغاثة

الندبة

الترخيم

الاختصاص

الإغراء والتحذير

أسماء الأفعال وأسماء الأصوات

نون التوكيد

الممنوع من الصرف

الفعل المضارع وأحواله

القسم

أدوات الجزم

العدد

الحكاية

الشرط وجوابه

الصرف

موضوع علم الصرف وميدانه

تعريف علم الصرف

بين الصرف والنحو

فائدة علم الصرف

الميزان الصرفي

الفعل المجرد وأبوابه

الفعل المزيد وأبوابه

أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)

اسناد الفعل الى الضمائر

توكيد الفعل

تصريف الاسماء

الفعل المبني للمجهول

المقصور والممدود والمنقوص

جمع التكسير

المصادر وابنيتها

اسم الفاعل

صيغة المبالغة

اسم المفعول

الصفة المشبهة

اسم التفضيل

اسما الزمان والمكان

اسم المرة

اسم الآلة

اسم الهيئة

المصدر الميمي

النسب

التصغير

الابدال

الاعلال

الفعل الصحيح والمعتل

الفعل الجامد والمتصرف

الإمالة

الوقف

الادغام

القلب المكاني

الحذف

المدارس النحوية

النحو ونشأته

دوافع نشأة النحو العربي

اراء حول النحو العربي واصالته

النحو العربي و واضعه

أوائل النحويين

المدرسة البصرية

بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في البصرة وطابعه

أهم نحاة المدرسة البصرية

جهود علماء المدرسة البصرية

كتاب سيبويه

جهود الخليل بن احمد الفراهيدي

كتاب المقتضب - للمبرد

المدرسة الكوفية

بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الكوفة وطابعه

أهم نحاة المدرسة الكوفية

جهود علماء المدرسة الكوفية

جهود الكسائي

الفراء وكتاب (معاني القرآن)

الخلاف بين البصريين والكوفيين

الخلاف اسبابه ونتائجه

الخلاف في المصطلح

الخلاف في المنهج

الخلاف في المسائل النحوية

المدرسة البغدادية

بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في بغداد وطابعه

أهم نحاة المدرسة البغدادية

جهود علماء المدرسة البغدادية

المفصل للزمخشري

شرح الرضي على الكافية

جهود الزجاجي

جهود السيرافي

جهود ابن جني

جهود ابو البركات ابن الانباري

المدرسة المصرية

بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو المصري وطابعه

أهم نحاة المدرسة المصرية

جهود علماء المدرسة المصرية

كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك

جهود ابن هشام الانصاري

جهود السيوطي

شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك

المدرسة الاندلسية

بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الاندلس وطابعه

أهم نحاة المدرسة الاندلسية

جهود علماء المدرسة الاندلسية

كتاب الرد على النحاة

جهود ابن مالك

اللغة العربية

لمحة عامة عن اللغة العربية

العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)

العربية الجنوبية (العربية اليمنية)

اللغة المشتركة (الفصحى)

فقه اللغة

مصطلح فقه اللغة ومفهومه

اهداف فقه اللغة وموضوعاته

بين فقه اللغة وعلم اللغة

جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة

جهود القدامى

جهود المحدثين

اللغة ونظريات نشأتها

حول اللغة ونظريات نشأتها

نظرية التوقيف والإلهام

نظرية التواضع والاصطلاح

نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح

نظرية محاكات أصوات الطبيعة

نظرية الغريزة والانفعال

نظرية محاكات الاصوات معانيها

نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية

نظريات تقسيم اللغات

تقسيم ماكس مولر

تقسيم شليجل

فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)

لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية

موطن الساميين الاول

خصائص اللغات الجزرية المشتركة

اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية

تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)

اللغات الشرقية

اللغات الغربية

اللهجات العربية

معنى اللهجة

اهمية دراسة اللهجات العربية

أشهر اللهجات العربية وخصائصها

كيف تتكون اللهجات

اللهجات الشاذة والقابها

خصائص اللغة العربية

الترادف

الاشتراك اللفظي

التضاد

الاشتقاق

مقدمة حول الاشتقاق

الاشتقاق الصغير

الاشتقاق الكبير

الاشتقاق الاكبر

اشتقاق الكبار - النحت

التعرب - الدخيل

الإعراب

مناسبة الحروف لمعانيها

صيغ اوزان العربية

الخط العربي

الخط العربي وأصله، اعجامه

الكتابة قبل الاسلام

الكتابة بعد الاسلام

عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه

أصوات اللغة العربية

الأصوات اللغوية

جهود العرب القدامى في علم الصوت

اعضاء الجهاز النطقي

مخارج الاصوات العربية

صفات الاصوات العربية

المعاجم العربية

علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة

ماهية علم اللغة

الجهود اللغوية عند العرب

الجهود اللغوية عند غير العرب

مناهج البحث في اللغة

المنهج الوصفي

المنهج التوليدي

المنهج النحوي

المنهج الصرفي

منهج الدلالة

منهج الدراسات الانسانية

منهج التشكيل الصوتي

علم اللغة والعلوم الأخرى

علم اللغة وعلم النفس

علم اللغة وعلم الاجتماع

علم اللغة والانثروبولوجيا

علم اللغة و الجغرافية

مستويات علم اللغة

المستوى الصوتي

المستوى الصرفي

المستوى الدلالي

المستوى النحوي

وظيفة اللغة

اللغة والكتابة

اللغة والكلام

تكون اللغات الانسانية

اللغة واللغات

اللهجات

اللغات المشتركة

القرابة اللغوية

احتكاك اللغات

قضايا لغوية أخرى

علم الدلالة

ماهية علم الدلالة وتعريفه

نشأة علم الدلالة

مفهوم الدلالة

جهود القدامى في الدراسات الدلالية

جهود الجاحظ

جهود الجرجاني

جهود الآمدي

جهود اخرى

جهود ابن جني

مقدمة حول جهود العرب

التطور الدلالي

ماهية التطور الدلالي

اسباب التطور الدلالي

تخصيص الدلالة

تعميم الدلالة

انتقال الدلالة

رقي الدلالة

انحطاط الدلالة

اسباب التغير الدلالي

التحول نحو المعاني المتضادة

الدال و المدلول

الدلالة والمجاز

تحليل المعنى

المشكلات الدلالية

ماهية المشكلات الدلالية

التضاد

المشترك اللفظي

غموض المعنى

تغير المعنى

قضايا دلالية اخرى

نظريات علم الدلالة الحديثة

نظرية السياق

نظرية الحقول الدلالية

النظرية التصورية

النظرية التحليلية

نظريات اخرى

النظرية الاشارية

مقدمة حول النظريات الدلالية

علوم اللغة العربية : المدارس النحوية : المدرسة الكوفية : أهم نحاة المدرسة الكوفية :

ثعلب

المؤلف:  د. محمد المختار ولد أباه

المصدر:  تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب

الجزء والصفحة:  ص139- 148

27-03-2015

2607

التنافس مع المبرد

المبرد و ثعلب كانا فرسي رهان عصرهما، فكان الأول إمام البصرة، و ترأس الثاني مدرسة الكوفة، فقد حفظ أبو العباس أحمد بن عيسى المعروف بثعلب، كتب الفراء و هو لم يتجاوز خمسا و عشرين سنة، ثم لزم ابن الأعرابي بضعة عشر سنة، و درس على سلمة بن عاصم، و محمد بن عبد اللّه بن قادم، و سمع من ابن المغيرة جل كتب الأصمعي و أبي عبيدة و أخذ الحديث من أحمد بن حنبل و عبد اللّه بن عمر القواريري (1).

ص139

و المنافسة بين هذين العالمين كانت مضرب الأمثال حتى قال بعض الشعراء:

كفى حزنا أنا جميعا ببلدة                و يجمعنا في الأرض أقرب مشهد 
نروح و نغدو لا تزاور بيننا             و ليس بمضروب لنا يوم موعد 
فأبداننا في بلدة و التقاؤنا                 عسير كلقيا ثعلب و المبرد(2)
بدأت هذه الخصومة حينما دخل المبرد بغداد، بعد دخول المتوكل، و أراد أن يستقطب حوله حلقة خاصة ذكرناها آنفا.

و استمرت الخصومة بين الرجلين طيلة أربعين سنة، و كان لكل منهما مذهبه، و أنصاره، فبجانب المبرد نجد الزجاج الذي كان من ألمع تلامذته، و منهم أبو علي الدينوري ختن ثعلب و الأخفش الصغير، و نفطويه، و محمد بن يحيى الصولي، و الشاعر الأمير عبد اللّه بن المعتز. و من الشعراء المرموقين الذي أثنوا على المبرد البحتري و ابن الرومي:

فالأول يقول فيه:

ما نال ما نال الأمير محمد                     إلا بيمن محمد بن يزيد 
و بنو ثمالة أنجم مسعودة                       فعليك ضوء الكوكب المسعود (3)

و يقول الثاني في قصيدة طويلة:

يا أبا العباس إني رجل                          في عمن عاند الحق عنود 
و يمينا أنك المرء الذي                          حبه عندي سواء و السجود 
لم أزل قدما و قلبي و يدي                      و لساني لك مذ كنت جنود 
شاهد أنك بحر زاخر                            لك من نفسك مد بل مدود 
يجتنى درك رطبا ناعما                         فلنا منه شنوف و عقود 
غير أن البحر ملح أسن                 و لأنت المشرب العذب البرود(4)
و لأحمد بن عبد السّلام فيه يقول:

رأيت محمد بن يزيد يسمو                     إلى الخيرات في جاه و قدر 

و كان الشعر قد أودى فأحيا                   أبو العباس دائر كل شعر 
و قالوا ثعلب رجل عليمو                      أين النجم من شمس و بدر 
و قالوا ثعلب يفتي و أنى                       يشبه جدولا و شلا ببحر(5)

ص140

و لم يسلم المبرد مع ذلك من ألسنة الأعداء و الحسادين، فقد قال فيه عبد الصمد بن المعذل:
سألنا عن ثمالة كل حي                       فقال القائلون و من ثماله 
فقلت محمد بن يزيد منهم                     فقالوا زدتنا بهم جهاله (6)
و لقد وقف أحمد بن فارس و أبو بكر بن الأنباري منتصرين لثعلب، و وقف منهما أبو بكر بن أبي الأزهر موقف الحياد و الإعجاب، فقال:

فيا طالب العلم لا تجهلن                        و عذ بالمبرد أو ثعلب 

تجد عند هذين علم الورى                      فلا تك كالجمل الأجرب 

علوم الخلائق مقرونة                           بهذين في الشرق و المغرب (7)
و لما سئل ابن السراج عن أيهما أعلم فأجاب: ما أقول في رجلين العالم بينهما (8)، و بعد وفاة المبرد قال بعض الشعراء:
بيت من الآداب، أصبح نصفه                 خربا و باقي نصفه سيخرب 
مات المبرد و انقضت أيامه                    و مع المبرد سوف يذهب ثعلب 
و أرى لكم أن تكتبوا أنفاسه                    إن كانت الأنفاس مما يكتب (9)

المناظرات بينهما

لقد جمع بينهما محمد بن عبد اللّه بن طاهر، و سئل عن معنى بيت امرئ القيس:

لها متنتان خظاتا كما                          أكب على ساعديه النمر 
فقال ثعلب: خظاتا بظاء و الذي فيه من العربية أن قال خطتا، فيهما تحركت التاء و أعاد الألف من أجل الحركة و الفتحة. فقال المبرد إنما أراد إضافة خظاتا إلى «كما» و زعم أنه قول سيبويه، فقال ثعلب، أيقال: مررت بالزيدين عمرو فيضاف نعت الشيء إلى غيره فقال محمد بن عبد اللّه لا و اللّه، فأمسك المبرد و لم يقل شيئا، و يقول البصريون أن القول ما قاله المبرد و لكنه سكت أدبا مع ابن طاهر (10).

ص141

و انقطاع المبرد في هذا المجلس لا يعني ضعفا في الحجة و الجدل: ففي مناظرة أخرى بينهما، سأل ثعلبا عن همزة بين و بين هل هي متحركة أم ساكنة.

فقال ثعلب لا متحركة و لا ساكنة، إنها روم. فقال المبرد: قوله لا ساكنة، فقد أقر بأنها متحركة، و قوله لا متحركة، فقد أقر بأنها ساكنة. فهي إذن ساكنة لا ساكنة، و متحركة لا متحركة (11).

و سئل المبرد عن قول الشاعر:

وغيّرها عن وصلها الشيب إنه                شفيع إلى بيض الخدود مدرب 

فقال بعد تمهل و تمكث: يريد أن النساء أنسن به فلا يستترن عنه، و سئل ثعلب فقال: الضمير في «إنه» يعود إلى الشباب و لم يجز ذكره لأنه علم (12).

ورثي بخط المبرد «ضربته بلا سيف فقال ثعلب هذا خطأ لأن «لا» التبرئة لا يقع عليها خافض و لا غيره لأنها أداة، و ما تقع أداة على أداة (13).

و التنافس بين ثعلب و بين المبرد لم يمنع هذا الأخير من الاعتراف بقدره و علمه و الاستفادة منه، و روى عنه مرات في كتاب الكامل فقال إنه سمع منه قول النميري:

رمتني و ستر اللّه بيني و بينها                 عشية أحجار الكناس رميم 
رميم التي قالت لجارات بيتها                  ضمنت لكم ألا يزال يهيم 
ألا رب يوم لو رمتني رميتها                  و لكن عهدي بالنضال قديم (14)
و روى عنه قصيدة لأحد الشعراء في مدح ثلاثة إخوة من غني، التي منها:
هينون لينون أيسار ذوو كرم                   سواس مكرمهم أبناء أيسار 
و آخرها:
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم مثل                   النجوم التي يسري بها الساري (15)
و شعر صخر بن حبناء الذي يقول فيه:

إني هزئت من أم الغمر إذ هزئت                 بشيب رأسي، و ما بالشيب من عار

ص142

 
كما أخذ عنه أن: غرض إلى لقائه معناه حن إليه، و أنشده:
ماذا رسول ناصح فمبلغ                      عني علية غير قول الكاذب 
أني غرضت إلى تناصف وجهها              غرض المحب إلى الحبيب الغائب 

انتقاد الزجاج لثعلب ورد ابن خالويه (16):

و لم يك المبرد العالم البصري الوحيد الذي تلقى العلم من ثعلب، فقد تتلمذ له الزجاج قبل أن يعيب عليه المسائل التي خطأه فيها في كتاب الفصيح، فزعم أنه غلط في قوله عرق النسا، و أن الصواب النسا، مثل ما قال امرؤ القيس:

فأثبت أظفاره في النسا

و في استعماله لفظ «الحلم» مصدرا و هي اسم بدليل قوله تعالى: لَمْ يَبْلُغُوا اَلْحُلُمَ مِنْكُمْ ((النور- الآية 58) و أنكر عليه قوله «امرأة عزبة» ، و الصواب عزب، مستشهدا بقول الشاعر:

يا من يدل عزبا على عزب

و عاب عليه كسر كاف كسرى في النسب، و قوله وعدته بكذا في الشر، و الإتيان برشدة وزنيه بكسر، فائهما بالفتح لأنهما للمرة. و خطأه في كسر النون من أسنمة، لأن الأصمعي رواها بالضم، و قوله «إذا عز أخوك فهن» و الصواب كسر الهاء لأنه من هان يهين أي لان. و اعترض عليه كذلك استعمال لفظة المطوّعة، و الصحيح المطّوعة بتشديد الطاء كما ورد في الذكر الحكيم.

و مثل فعل ابن ولاد في الانتصار لسيبويه انتصر أبو عبد اللّه الحسين بن خالويه لثعلب، و قام ينقض جميع اعتراضات الزجاج عليه، فذكر أن عليّ بن أبي طالب و ابن عباس قالا: «إن يعقوب كان مصابا بعرق النسا، و إن الحلم مصدر و اسم مثل العلم، و إن عزبة صحيحة مثل شيخ و شيخة و غلام و غلامة و رجل و رجلة، و إن كاف كسرى يصح فتحها و كسرها لأنها ليست عربية الأصل، و الاسم الأصلي خسرو، و يقول أبو عبيد: إن الكسر فيها أفصح، ورد عليه في وعد و أوعد، أن وعد تأتي للخير مثل ( وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اَللّٰهُ إِحْدَى اَلطّٰائِفَتَيْنِ ((الأنفال- الآية 7) ، و في الشر في قوله تعالى:  (اَلنّٰارُ وَعَدَهَا اَللّٰهُ اَلَّذِينَ كَفَرُوا ((سورة الحج- الآية 72) و أوعدت مع الباء جاءت في قول الشاعر:

أوعدني بالسجن و الأداهم                    رجلي و رجلي شثنة المناسم

ص143

و أما المثل في قولهم «إذا عز أخوك فهن» فهو بالضم، و الكسر غلط لأنها من الهون، و قال اللّه تعالى:  (اَلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى اَلْأَرْضِ هَوْناً ) (الفرقان-الآية 63) و قال الشاعر:
دببت لها الضراء و قلت أيقن                إذا عز ابن عمك أن تهونا 
و يقول ابن خالويه إن رشدة وزنة، و نحوها قد تأتي مثلثة: مثل حججت في جهة، و رأيت رؤية واحدة، و وعدته عدة، و الاسم يأتي على فعلة مثل وجهة، و المصدر في جهة و يرجح أنه بكسر النون لأنها رواية ابن الأعرابي و هو عن الأصمعي، و صدق ابن خالويه ادعاء ثعلب أنه ما قال إلا المطوعة بتشديد الطاء، و بصفته إمام الكوفيين، فكان من واجبه أن ينتصر لأئمة مدرسته، و أن يبين عوار خصومه، و لقد قام بهذا الدور لأنه كان منزعجا من المبرد، و قد روى أنه تناوله بالهجاء.

ولكنهما مع ذلك كانا يتزاوران و يتبادلان التحية و السّلام، بالرغم مما كان بينهما من منافرة علمية، غذتها المعاصرة و المنافسة.

نقد ثعلب للبصريين و انتصاره للفراء:

إذا ما تناول ثعلب مسائل الخلاف العامة، لم تبد عليه دوافع العداوة و الحقد، فلم يكن نابيا في تعبير و لا فاحشا في قول.

فقد ذكر ثعلب مثلا أن أهل البصرة يقولون بإعمال فعول و مفعال، و أن الفراء و الكسائي يمنعانه(17)، و أنهم في نحو «رأيتك إياك» يقولون إن «إياك» بدل، و أن أصحابه يقولون إنها توكيد (18). و يذكر أن أهل البصرة لا يفرقون بين الصفة و النعت، و أن أصحابه يجعلون النعت أخص مثل الأعرج، و أن الصفة عامة، و لذلك فإن اللّه يوصف و لا ينعت(19)، و ربما ألمح أنه لا يطمئن لرأي الكوفيين حين يقول: و زعم أصحابنا أن «كما» تنصب و يزعم البصريون أنها لا تعمل و أنشد:

وطرفك إما جئتنا فاحفظنّه             كما يحسبوا أن الهوى حيث تنظر(20) 

ففي هذا المثال لم يسترسل أبو العباس ثعلب في الاحتجاج لرأي أصحابه من الكوفيين و إنما اكتفى بعرضه، بخلاف عرضه للقول في المثال و التقريب في إعمال «هذا» حيث قال: هذا تكون مثالا و تكون تقريبا فإذا كانت مثالا قلت هذا زيد، و إن شئت قلت

ص144

هذا الشخص كزيد، و إذا قلت هذا كزيد قائما، كأنك قلت هذا زيد قائما، و لكنك قد قربته و تكون تشبيها كزيد هذا منطلق، و كزيد قائم، و هذا يجري مجرى الخبر.

و قال سيبويه هذا زيد منطلقا، فأراد أن يخبر عن هذا بالانطلاق و لا يخبر عن زيد و لكنه ذكر زيدا ليعلم عن الفعل. قال أبو العباس و هذا لا يكون إلا تقريبا، و هو لا يعرف التقريب. و التقريب مثل «كان» لأنه رد كلام فلا يكون قبله شيء. و قال الكسائي: «سمعت العرب تقول هذا زيد إياه بعينه» فجعله مثل كان. و قالوا: تربع ابن جؤبة في اللحن حين قرأ: (هٰؤُلاٰءِ بَنٰاتِي هُنَّ أَطْهَرُ ) (سورة هود-الآية 78) ، و جعلوه حالا. و ليس هو كما قالوا، و هو خبر لهذا، كما كان، إلا أنه لا يدخل العماد مع التقريب من قبل أن العماد جواب و التقريب جواب فلا يجتمعان. و إذا صاروا إلى المكنى جعلوه بين «ها» و «ذا» فقالوا ها أنا و حذفوها و هذا كله مع التقريب و يحذفون الخبر لمعاينة الإنسان فقالوا: ها أنذا عمار.

فحذف الخبر كأنه قال ها أنذا حاضر، و إذا جاؤوا مع هذا بالألف و اللام كانت الألف و اللام نعتا لهذا. و قد أجاز أهل البصرة إذا كان معه‌دا أن ينصب الفعل اسم الفاعل و الفراء يأباه، و إنما نعتوا هذا بالأسماء فقالوا مررت بهذا الرجل فميزت هذا بجنس من الأجناس. و إذا جاء واحد لا ثاني له فقيل هذا القمر لم يكن تقريبا، و قد سقط هذا، فتقول: كيف أضاف الظلم و هذا الخليفة قائما و الخليفة قائم. و كلما رأيت إدخال هذا و إخراجه واحدا فهو تقريب مثل قولهم: من كان من الناس سعيدا فهذا الصياد شقيا، و هو قولك فالصياد شقيا.

و يظهر من ثعلب في نطاق كوفيته، ميله إلى الفراء، نظرا لقوة استيعابه المعارف النحوية، فاستحسن رأيه في تثليث «ضرورة» بعد لدن(21)، و قوله إن «أجمعين» معدول عن «أجمع» و جمعاء لأن أصله نعت فعدل إلى التوكيد، و لذلك لا يمكن أن نقول مررت بأجمعين،(22) و رجح قول الفراء على الكسائي في عدة مواضع منها عدم اشتراط الباء في مثل «مررت بزيد لا بعمرو» ، و استدل الفراء بقول الشاعر:

إنما يجزي الفتى ليس الجمل (23)

و في منع قول «زيدا إن تضرب أضرب» إذ أجازه الكسائي و منعه الفراء لأن الشروط عنده لا تتقدم عليها صلاتها (24)، و منها أيضا إنكار قول الكسائي و سيبويه إن «هو» من

ص145

(قُلْ هُوَ اَللّٰهُ أَحَدٌ ) ( الإخلاص – الآية 1) عماد أي ضمير فصل، و قال الفرّاء إنه خطأ من قبل أن العماد لا يدخل إلا على الموضع الذي يلي الأفعال، و يكون وقاية للفعل مثل «إنه قام زيد» ثم يستعمل بعد فيتقدم و يتأخر، و الأصل في هذا إنما قام زيد، فالعماد ك‍ (ما) و كل موضع فعلى هذا جاء يقي الفعل، و ليس مع (قُلْ هُوَ اَللّٰهُ أَحَدٌ ) (الإخلاص – الآية 1) شيء يقيه (25).

و اتفاق الكسائي و سيبويه لم يمنع ثعلبا أن يقف مع إمامه الأخص و هو الفراء. و مع احترامه لإمام النحاة، فإنه خطأه في بعض القضايا نرى منها قوله:

أخطأ سيبويه في إنشاد هذا البيت:

يا صاح يا ذا الضامر العنس                و الرحل و الأقتاب و الحلس 
فرواه بالرفع، و «ذا» هنا بمعنى صاحب (26) كما أورد مرة أخرى، قال سيبويه:

يا هذا فيه تنبيه في موضعين و هما «يا» و «ها» و هذا باطل.

طرائف ثعلب

و من طرائف المسائل التي أخذها النحاة عن ثعلب بعض صيغ المجازاة التي يحتاج الفقهاء إلى معرفتها لما ينبني عليها من أحكام، منها ما ذكر أبو القاسم الزجاجي، أن ابن الخياط و ابن كيسان، أفادهما ثعلب بها.

منها ثلاث صور و هي:

1. إذا قال الرجل لامرأته إن أعطيتك إن وعدتك إن سألتني فأنت طالق ثلاثا، فإنها لا تطلق حتى تبدأ بالسؤال، ثم يعدها، ثم يعطيها بعد العدة.

2. و إن قال: إن سألتني إن أعطيتك، إن وعدتك فأنت طالق ثلاثا فهو مضمر للفاء في الجزاء الثاني، و لا يضمر الفاء في الجزاء الثالث لأنه العدة قبل العطية فهذا أيضا لا تطلق حتى تسأله ثم يعدها، ثم يعطيها.

3. إن سألتني إن وعدتك إن أعطيتك فأنت طالق، فهو مضمر للفاء في ذلك كله. و الحكم فيها كسابقها (27).

ص146

و لقد كان أحمد بن يحيى إماما بارعا في اللغة ماهرا بالغريب منها، و له فيها طرائف عجيبة، منها تفسير لقول امرء القيس: 

نطعنهم سلكى و مخلوجة                       كرّك لامين على نابل 

و قد رأينا أن أبا عمرو بن العلاء قال إن البيت من اللغة القديمة و أعرض عن تفسيره أما ثعلب فقد فسر «اللام» بالسهم إذا ريش (28)، و منها تفسيره للتغييض بأنه القذف بالدموع المتوالية و استشهد بقول الشاعر:
غيضن من عبراتهن و قلن لي          ماذا لقيت من الهوى و لقينا (29)
و من غرائبه أيضا قوله إن ابن آوى، و ابن عرس و ابن قترة مذكرة في الإفراد مؤنثة في الجمع، فتقول في جمعه بنات آوى و بنات عرس و بنات قترة و هي ضرب من الحيات (30)،

 

و قوله امرأة قنعان و نسوة قنعان، فجاء الجمع و المفرد على لفظ واحد(31) و فسر «زرقا» في قوله تعالى: (وَ نَحْشُرُ اَلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً ) (طه-الآية 102) بأنهم العطاش (32)، و في مجالسه كثير من هذه النوادر.

و من شعره في العتاب:

إخاء ابن عيسى لي إخاء ابن ضرة             و ودي له ود ابن أمّ و والد 
فما باله مستعذبا من جفائنا                      موارد لم تعذب لنا من موارد 
أقمت ثلاثا خلف حمّى مضرة                  فلم أره في أهل ودي و عائدي 
سلاما هي الدنيا قروض و إنما                أخوك أخوك الحر عند الشدائد (33)
و قد بقي من آثاره كتاب الفصيح الذي نظمه مالك بن المرحل السبتي، و هو كتاب بديع في فنه و له كتاب المجالس، و هو كتاب أدب و نحو و لغة يتضمن تفسير غريب القرآن، مع الاعتماد على الأخفش و الفراء، و هو مقتضب على منوال معاني القرآن، و من أغرب ما فيه تقسيم المصحف الشريف إلى نصفين، و أثلاث و أرباع و أخماس و أسباع، بحسب تعداد حروفه، و عزاه حميد الأعرج المكي.

ص147

كما تضمن أيضا جملا من معاني الشعر و من أراجيزه، و بعض الأحيان يأتي التفسير قبل إنشاد البيت، و هذا يدل على نوع من الاضطراب قد يكون سببه النساخ. و النسخة المحققة منه فيها خروم كثيرة.

و فيه أيضا حكايات من التراث العربي، و ما يقال في وصف المطر، و وصف النخيل و أنواعه و مراحل نضج التمور. مع إعطاء لغات القبائل في ذلك في الحجاز، و نجد، و عمان، و وصف آلات الحرب.

و فيها قضايا نحوية تأتي عرضا في ثنايا تفسير الآيات، أو شرح أبيات الشعر. و الكتاب ينم عن سعة علم، و غوص في الغريب، و معرفة بالشعر. و قد اقتبس منه أهل المعاجم الكثير، و بالخصوص صاحب اللسان.

و قد رثى ثعلبا عند موته أحد الشعراء فأجاد بقوله:

مات ابن يحيى فماتت دولة الأدب             و مات أحمد أنحى العجم و العرب 
فإن تولى أبو العباس منتقد             افلم يمت ذكره، في الناس و الكتب (34)
ص148

_______________________

 (1) راجع ترجمته في الزبيدي طبقات النحاة، ص 14 و إنباه الرواة، ج 1 ص 173، و معجم الأدباء، ج 2 ص 337.

(2) معجم الأدباء، ج 6 ص 2680.

(3) ديوان البحتري، ج 1 ص 177.

(4) عضيمة: مقدمة المقتضب، ص 40.

(5) معجم الأدباء، ج 6 ص 2680.

(6) معجم الأدباء، ج 6 ص 2682.

(7) الزبيدي: طبقات النحويين، ص 143، و ياقوت، ص 1680.

(8) معجم الأدباء، ج 2 ص 550.

(9) معجم الأدباء، ج 2 ص 541.

(10) معجم الأدباء، ج 2 ص 539.

(11) مهدي المخزومي مدرسة الكوفة، ص 154 نقلا عن مجالس اللغويين و النحويين للزجاجي.

(12) معجم الأدباء، ج 2 ص 540.

(13) المصدر و الصفحة نفسهما.

(14) الكامل، ج 1 ص 30.

(15) الكامل، ج 1 ص 78.

(16) راجع الأشباه و النظائر، ج 8 ص 255.

(17) مجالس ثعلب، ج 1 ص 150.

(18) مجالس ثعلب، ج 1 ص 161.

(19) المجالس، ج 1 ص 154.

(20) المجالس، ج 1 ص 52.

(21) المجالس، ج 1 ص 191.

(22) المجالس، ج 1 ص 119.

(23) المجالس، ج 2 ص 447.

(24) المصدر نفسه.

(25) المجالس، ج 2 ص 354.

(26) المجالس، ج 1 ص 333.

(27) المجالس، ج 1 ص 52.

(28) المجالس، ج1 ص 72.

(29) المجالس، ج 2 ص 597.

(30) المجالس، ج 1 ص 365.

(31) المجالس، ج 1 ص 91.

(32)) المجالس، ج 1 ص 393.

(33) الأشباه و النظائر، ج 8 ص 225.

(34) عضيمة هارون: مقدمة المقتضب، ج 1 ص 17.