x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

النحو

اقسام الكلام

الكلام وما يتالف منه

الجمل وانواعها

اقسام الفعل وعلاماته

المعرب والمبني

أنواع الإعراب

علامات الاسم

الأسماء الستة

النكرة والمعرفة

الأفعال الخمسة

المثنى

جمع المذكر السالم

جمع المؤنث السالم

العلم

الضمائر

اسم الإشارة

الاسم الموصول

المعرف بـ (ال)

المبتدا والخبر

كان وأخواتها

المشبهات بـ(ليس)

كاد واخواتها (أفعال المقاربة)

إن وأخواتها

لا النافية للجنس

ظن وأخواتها

الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل

الأفعال الناصبة لمفعولين

الفاعل

نائب الفاعل

تعدي الفعل ولزومه

العامل والمعمول واشتغالهما

التنازع والاشتغال

المفعول المطلق

المفعول فيه

المفعول لأجله

المفعول به

المفعول معه

الاستثناء

الحال

التمييز

الحروف وأنواعها

الإضافة

المصدر وانواعه

اسم الفاعل

اسم المفعول

صيغة المبالغة

الصفة المشبهة بالفعل

اسم التفضيل

التعجب

أفعال المدح والذم

النعت (الصفة)

التوكيد

العطف

البدل

النداء

الاستفهام

الاستغاثة

الندبة

الترخيم

الاختصاص

الإغراء والتحذير

أسماء الأفعال وأسماء الأصوات

نون التوكيد

الممنوع من الصرف

الفعل المضارع وأحواله

القسم

أدوات الجزم

العدد

الحكاية

الشرط وجوابه

الصرف

موضوع علم الصرف وميدانه

تعريف علم الصرف

بين الصرف والنحو

فائدة علم الصرف

الميزان الصرفي

الفعل المجرد وأبوابه

الفعل المزيد وأبوابه

أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)

اسناد الفعل الى الضمائر

توكيد الفعل

تصريف الاسماء

الفعل المبني للمجهول

المقصور والممدود والمنقوص

جمع التكسير

المصادر وابنيتها

اسم الفاعل

صيغة المبالغة

اسم المفعول

الصفة المشبهة

اسم التفضيل

اسما الزمان والمكان

اسم المرة

اسم الآلة

اسم الهيئة

المصدر الميمي

النسب

التصغير

الابدال

الاعلال

الفعل الصحيح والمعتل

الفعل الجامد والمتصرف

الإمالة

الوقف

الادغام

القلب المكاني

الحذف

المدارس النحوية

النحو ونشأته

دوافع نشأة النحو العربي

اراء حول النحو العربي واصالته

النحو العربي و واضعه

أوائل النحويين

المدرسة البصرية

بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في البصرة وطابعه

أهم نحاة المدرسة البصرية

جهود علماء المدرسة البصرية

كتاب سيبويه

جهود الخليل بن احمد الفراهيدي

كتاب المقتضب - للمبرد

المدرسة الكوفية

بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الكوفة وطابعه

أهم نحاة المدرسة الكوفية

جهود علماء المدرسة الكوفية

جهود الكسائي

الفراء وكتاب (معاني القرآن)

الخلاف بين البصريين والكوفيين

الخلاف اسبابه ونتائجه

الخلاف في المصطلح

الخلاف في المنهج

الخلاف في المسائل النحوية

المدرسة البغدادية

بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في بغداد وطابعه

أهم نحاة المدرسة البغدادية

جهود علماء المدرسة البغدادية

المفصل للزمخشري

شرح الرضي على الكافية

جهود الزجاجي

جهود السيرافي

جهود ابن جني

جهود ابو البركات ابن الانباري

المدرسة المصرية

بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو المصري وطابعه

أهم نحاة المدرسة المصرية

جهود علماء المدرسة المصرية

كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك

جهود ابن هشام الانصاري

جهود السيوطي

شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك

المدرسة الاندلسية

بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الاندلس وطابعه

أهم نحاة المدرسة الاندلسية

جهود علماء المدرسة الاندلسية

كتاب الرد على النحاة

جهود ابن مالك

اللغة العربية

لمحة عامة عن اللغة العربية

العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)

العربية الجنوبية (العربية اليمنية)

اللغة المشتركة (الفصحى)

فقه اللغة

مصطلح فقه اللغة ومفهومه

اهداف فقه اللغة وموضوعاته

بين فقه اللغة وعلم اللغة

جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة

جهود القدامى

جهود المحدثين

اللغة ونظريات نشأتها

حول اللغة ونظريات نشأتها

نظرية التوقيف والإلهام

نظرية التواضع والاصطلاح

نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح

نظرية محاكات أصوات الطبيعة

نظرية الغريزة والانفعال

نظرية محاكات الاصوات معانيها

نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية

نظريات تقسيم اللغات

تقسيم ماكس مولر

تقسيم شليجل

فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)

لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية

موطن الساميين الاول

خصائص اللغات الجزرية المشتركة

اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية

تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)

اللغات الشرقية

اللغات الغربية

اللهجات العربية

معنى اللهجة

اهمية دراسة اللهجات العربية

أشهر اللهجات العربية وخصائصها

كيف تتكون اللهجات

اللهجات الشاذة والقابها

خصائص اللغة العربية

الترادف

الاشتراك اللفظي

التضاد

الاشتقاق

مقدمة حول الاشتقاق

الاشتقاق الصغير

الاشتقاق الكبير

الاشتقاق الاكبر

اشتقاق الكبار - النحت

التعرب - الدخيل

الإعراب

مناسبة الحروف لمعانيها

صيغ اوزان العربية

الخط العربي

الخط العربي وأصله، اعجامه

الكتابة قبل الاسلام

الكتابة بعد الاسلام

عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه

أصوات اللغة العربية

الأصوات اللغوية

جهود العرب القدامى في علم الصوت

اعضاء الجهاز النطقي

مخارج الاصوات العربية

صفات الاصوات العربية

المعاجم العربية

علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة

ماهية علم اللغة

الجهود اللغوية عند العرب

الجهود اللغوية عند غير العرب

مناهج البحث في اللغة

المنهج الوصفي

المنهج التوليدي

المنهج النحوي

المنهج الصرفي

منهج الدلالة

منهج الدراسات الانسانية

منهج التشكيل الصوتي

علم اللغة والعلوم الأخرى

علم اللغة وعلم النفس

علم اللغة وعلم الاجتماع

علم اللغة والانثروبولوجيا

علم اللغة و الجغرافية

مستويات علم اللغة

المستوى الصوتي

المستوى الصرفي

المستوى الدلالي

المستوى النحوي

وظيفة اللغة

اللغة والكتابة

اللغة والكلام

تكون اللغات الانسانية

اللغة واللغات

اللهجات

اللغات المشتركة

القرابة اللغوية

احتكاك اللغات

قضايا لغوية أخرى

علم الدلالة

ماهية علم الدلالة وتعريفه

نشأة علم الدلالة

مفهوم الدلالة

جهود القدامى في الدراسات الدلالية

جهود الجاحظ

جهود الجرجاني

جهود الآمدي

جهود اخرى

جهود ابن جني

مقدمة حول جهود العرب

التطور الدلالي

ماهية التطور الدلالي

اسباب التطور الدلالي

تخصيص الدلالة

تعميم الدلالة

انتقال الدلالة

رقي الدلالة

انحطاط الدلالة

اسباب التغير الدلالي

التحول نحو المعاني المتضادة

الدال و المدلول

الدلالة والمجاز

تحليل المعنى

المشكلات الدلالية

ماهية المشكلات الدلالية

التضاد

المشترك اللفظي

غموض المعنى

تغير المعنى

قضايا دلالية اخرى

نظريات علم الدلالة الحديثة

نظرية السياق

نظرية الحقول الدلالية

النظرية التصورية

النظرية التحليلية

نظريات اخرى

النظرية الاشارية

مقدمة حول النظريات الدلالية

علوم اللغة العربية : المدارس النحوية : المدرسة الكوفية : أهم نحاة المدرسة الكوفية :

ابو زكريا الفراء

المؤلف:  د. محمد المختار ولد اباه

المصدر:  تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب

الجزء والصفحة:  ص109- 115

27-03-2015

3354

كان أبو زكريا يحيى بن زياد الديلمي المعروف بالفراء إماما في العربية، حتى قيل عنه (لو لا الفراء ما كانت عربية لأنه حصنها و ضبطها، و لو لا الفراء لسقطت العربية لأنها كانت تتنازع و يدعيها كل من أراد و يتعلم الناس فيه على مقادير عقولهم و قرائحهم تذهب)(1).

و قد جمع الفراء علمي الكسائي و سيبويه الذي تخرق كتابه تحت وسادته، و لسنا ندري هل نصدق ما يقوله عنه الجاحظ في هذا المجال، و هو أنه لم

ينتفع بالنظر في هذا الكتاب كبير نفع لأنه لم ينظر فيه نظر ناصح لنفسه و لا شاكر لمن وصل إليه العلم من جهته و لا صادق في روايته عنه ما أخذ منه، فإنه سرق بعضا و ادعاه لنفسه و ستر حق صاحبه فلم يشكره و نقل عنه مسائل و عزاها إلى الخليل (2).

و يعرف للفراء زهاء عشرين كتابا، من أهمها كتاب الحدود الذي فصل ابن النديم محتوياته (3) و كتاب معاني القرآن الذي طبع بتحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم.

ص109

و أغلب النحاة و اللغويين في هذه الفترة كتبوا كثيرا من المؤلفات بعنوان «معاني القرآن» ، و بعضهم يسمي كتابه «مجاز القرآن» أو (تأويل مشكل القرآن) .

و من الكتب المتداولة و المعروفة من هذا النوع، كتاب «مجاز القرآن» لمعمر بن المثنى أبي عبيدة و كتاب معاني القرآن للأخفش، و كتاب «معاني القرآن» للفراء، و «تأويل مشكل القرآن» لابن قتيبة.

و الذي يهمنا في هذه الصفحات هو كتاب الفراء، بوصفه نموذجا يمثل المنهج السائد في تلك الفترة، و يبسط آراء نحاة الكوفة. و الكتاب لا يهتم بمعاني الألفاظ إلا في حالات نادرة يتعلق أكثرها بالغريب، مثل «المن» و «السلوى» حيث قال إن السلوى طائر (4)، كما فسر الجبت و الطاغوت بأنهما حيي بن أخطب، و كعب بن الأشرف(5)، و قد تعرض كذلك لتوضيح الكلمات التي يتقارب معناها، مثل الظن و الخوف، في قوله تعالى: مٰا لَكُمْ لاٰ تَرْجُونَ لِلّٰهِ وَقٰاراً) (نوح- الآية 13) . و قال إن الرجاء قد يأتي بمعنى الخوف مستشهدا بقول الشاعر:

إذا لسعته النحل يرج لسعها                      و خالفها في بيت نوب عوامل(6) 

كما فسر «العصف» ببقل الزرع(7)، و الريحان بالرزق(8) و «النحاس» بالدخان، و أنشد قول الشاعر:

يضيء كضوء سراج السليط                      لم يجعل اللّه فيه نحاسا(9) 
و «العبقري» بالطنافس الثخان(10).

و مادة الكتاب الأساسية هي الأحكام النحوية، ففيه استعراض قد يكون شاملا لآراء الكوفيين عامة، و لرأي المؤلف خاصة ذلك أنه حينما يذكر آية يتبع المنهج الآتي:

1. يذكر أوجه الإعراب: مع بيان الأوجه المقروءة، و الممكنة إذ يقول:

«. . . و لو قرأ بكذا كان صوابا. و لا تقتصر أوجه الإعراب عنده على ما تظهر فيه العلامات المعروفة، بل يبين كذلك، في الحديث عن الأسماء و الأفعال المبينة محل الإعراب، و عوامله، مع توسيع

ص110

دائرة العامل، حتى إنه يقول في إعراب قوله تعالى:  (الر كِتٰابٌ) (هود- الآية 1) إن «كتاب» مرفوعة بحروف «الر» و يسميها (الهجاء) (11).

2. يستدل بأوجه القراءات و لو كانت من غير العشر: و يكاد يستقصي قراءة عبد اللّه بن مسعود في جميع الآيات التي استعرضها. و يدل أصلها عليها أنها في عصره ما زالت مدونة، و لقد ذكر مرة أنه رأى مصحفه، فقال و رأيت في بعض مصاحف عبد اللّه (وَ ثَمُودَ فَمٰا أَبْقىٰ) [النجم/51]بغير ألف (معاني القرآن ج 1 ص 102) و من المعروف أن ابن مسعود كان ممن استقر بالكوفة، و أخذ عنه قراؤها (12).

فمن ذلك قوله بحذف «القول» في عدة آيات منها( وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْرٰاهِيمُ اَلْقَوٰاعِدَ مِنَ اَلْبَيْتِ وَ إِسْمٰاعِيلُ رَبَّنٰا تَقَبَّلْ مِنّٰا ) (البقرة-الآية 127) فقبل «ربنا» حذفت «و يقولان» و هي في قراءة عبد اللّه بن مسعود(13) و يرجع الفراء النصب بعد حتى في قوله تعالى: وَ زُلْزِلُوا حَتّٰى يَقُولَ اَلرَّسُولُ ) (البقرة-الآية 214) و يذكر أن في قراءة عبد اللّه بن مسعود «و زلزلوا ثم زلزلوا و يقول الرسول» . و في هذا حسب رأيه دليل على تطاول الفعل قبل حتى. و هذا ما يؤيد النصب(14).

3. كلما استعرض آية تتضمن حكما من النحو، بيّن أحكام أهم المسائل المماثلة معطيا أمثلة مشابهة من القرآن الكريم: و غالبا ما يستأنس بالشواهد الشعرية، و من الأمثلة في هذا: عند قوله: (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا اَلْحَيٰاةُ اَلدُّنْيٰا ) (البقرة -الآية 212) . أوضح جواز تذكير الفعل إذا كان الفاعل مؤنثا و اسمه مشتق من فعل في مذهب المصدر. و مثله عنده فَمَنْ جٰاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ ) (البقرة-الآية 275) ، قَدْ جٰاءَكُمْ بَصٰائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ ) (الأنعام-الآية 104) . (وَ أَخَذَ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا اَلصَّيْحَةُ ) (هود-الآية 67) . لأن كل هذه الأسماء تتنزل منزلة المصدر و هو مذكر غالبا، و بعد ما يقول إن العرب لا تكاد تذكر الفعل المسند إلى الأسماء الموضوعة المؤنثة، و الاسم الموضوع عنده هو ما يعرف باسم العين.

و يتوسع في البحث، و يستطرد قول اللّه جل و علا: وَ إِنَّ لَكُمْ فِي اَلْأَنْعٰامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمّٰا فِي بُطُونِهِ (النحل-الآية 66) ، و يعلل عود الضمير المفرد المذكر على الأنعام باعتبار «النعم» و هو مذكر. و مثله في الشعر:

(ألا إن جيراني العشية رائح)

ص111

و يذكر أن يونس أنشده:

أرى رجلا منهم أسيفا كأنما              يضمّ إلى كشحيه كفّا مخضّبا (15) 

و في معرض حديثه عن قوله تعالى: اِبْعَثْ لَنٰا مَلِكاً نُقٰاتِلْ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ (البقرة-الآية 246) . يأتي بتفصيل أحكام فعلي الجزاء و الجواب (16).

و عند قوله جل من قائل: (وَ مٰا لَنٰا أَلاّٰ نُقٰاتِلَ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ ) (البقرة-الآية 246) . أوضح حدود «أنّ» و أن في حالتي التشديد و التخفيف، و في الخصوص إذا ما وردنا بعد إلا، كما بيّن مجمل حكم المستثنى بإلا، بعد قوله تعالى: (فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاّٰ قَلِيلاً مِنْهُمْ ) (البقرة-الآية 249) و بعد ذلك أتى بآرائه في إعراب الأسماء التي تلي «كم» استفهامية كانت أو خبرية (17).

4. و في أثناء عرضه لنظرياته النحوية نراه يبسط آراء أستاذه الكسائي، موضحا ما يكنه له من إعجاب، فمرة يقول (حدثني الكسائي و كان و اللّه ما علمته إلا صدوقا) (18).  وعند قوله تعالى: (إِنّٰا كُنّٰا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ اَلْبَرُّ اَلرَّحِيمُ ) (الطور- الآية 28) ، يقول الفراء: «الكسائي يفتح راءه و أنا أكسر، و إنما قلت أنه (أي الفتح) وجه حسن لأن الكسائي قرأه» . و في سورة الحديد يقول قرأ المدنيون: (فإن الله الغني الحميد، و قراءتنا ( فَإِنَّ اَللّٰهَ هُوَ اَلْغَنِيُّ اَلْحَمِيدُ ) (الحديد-الآية 24) . بيد أن كثرة عزوه للكسائي، و توثيقه، و التزامه بقراءته لم يمنعه من مخالفته في كثير من المسائل:

أ- عند قوله تعالى: (وَ اِتَّقُوا يَوْماً لاٰ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ) (البقرة-الآية 48) ، فيقول الفراء أن فيه إضمارا للصفة و هو يعني بها الجار و الجرور، فتقول: لا تجزئ «فيه» نفس عن نفس شيئا.

و يزيد الفراء قائلا: و كان الكسائي لا يجيز الصفة في الصلات و يقول لو أجزت إضمار الصفة ها هنا لأجزت: أنت الذي تكلمت و أنا أريد الذي تكلمت فيه. و قال غيره من أهل البصرة لا نجيز الهاء، و لا تكون (أي الهاء المحذوفة في رأي الكسائي في تجزيه) و إنما يضمر في مثل هذا الموضع الصفة.

ص112

و قد أنشدني بعض العرب:

قد صبحت صبحها السّلام                    بكبد خالطها سنام 
في ساعة يحبّها الطعام
و لم يقل يحب فيها. و ليس يدخل على الكسائي ما أدخل على نفسه لأن الصفة و الهاء في هذا الموضع متفق معناها (19).

ب- و في إعراب قوله تعالى: (فَإِنَّمٰا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (البقرة-الآية 117) فإنها (يعني فَيَكُونُ) رفع، و كذلك قوله: وَ يَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ اَلْحَقُّ ) (الأنعام-الآية 73) ، رفع لا غير. و أما التي في سورة النحل (إِنَّمٰا قَوْلُنٰا لِشَيْءٍ إِذٰا أَرَدْنٰاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (النحل- الآية40)فإنها نصب و كذلك التي في يس، لأنها مردودة على فعل قد نصب بأن. و أكثر القراء على رفعها و الرفع صواب. . . و إنه لأحب الوجهين إليّ و أن الكسائي لا يجيز الرفع فيهما و يذهب إلى النسق (20).

ج- و في توجيهه لإعراب (وَ مٰا لَنٰا أَلاّٰ نُقٰاتِلَ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ ((البقرة-الآية 246) يقول: قال الكسائي في إدخال «أن» في «مالك» هو بمنزلة قوله «ما لكم في أن لا تقاتلوا» ، و لو كان ذلك على ما قال لجاز في الكلام أن يقول «مالك أن قمت، و مالك أنك قائم» لأنك تقول في قيامك ماضيا و مستقبلا و ذلك غير جائز لأن المنع إنما يأتي بالاستقبال، تقول «منعتك أن تقوم» منعتك أن قمت) (21).

د- و عند قوله تعالى: (بِئْسَمَا اِشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا) (البقرة- الآية 90) يقول الفراء: «و لا يصلح أن تولي نعم و بئس الذي و لا من و لا ما إلا أن تنوي بهما الاكتفاء دون أن يأتي بعد ذلك اسم مرفوع (و هو يعني المخصوص) من ذلك قولك بئسما صنعت، فهذه مكتفية، و ساء ما صنعت، و لا يجوز: ساء ما صنيعك، و قد أجازه الكسائي» في كتابه على هذا المذهب، قال الفراء و لا نعرف ما جهته (22).

ص113

 

و عند قوله تعالى: بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اَللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلىٰ مَنْ يَشٰاءُ مِنْ عِبٰادِهِ (البقرة-الآية 90) ، يقول الفراء: موضع «أن» جزاء و كان الكسائي يقول في أن (هي في موضع خفض و إنما هي جزاء) .

ثم يفسر رأيه قائلا: «إذا كان الجزاء لم يقع عليه شيء قبله و كان ينوي بها الاستقبال كسرت «أن» و جزمت بها فقلت: أكرمك إن تاتني. فإن كانت ماضية قلت: أكرمك أن تاتيني، و أين من ذلك أن تقول: أكرمك أن تاتيني، كذلك قال الشاعر:

أتجزع أن بان الخليط المودعو                 حبل الصفا من عزّة المتقطع 
يريد: أتجزع بأن، أو لأن كان ذلك، و لو أراد الاستقبال و محض الجزاء لكسر «أن و جزم بها (23)، كقوله جل ثناؤه: (فَلَعَلَّكَ بٰاخِعٌ نَفْسَكَ عَلىٰ آثٰارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهٰذَا اَلْحَدِيثِ أَسَفاً) (الكهف الآية 6) فقرأها الفراء بالكسر، و لو قرأت بفتح «أن» على معنى «إذ لم يؤمنوا» ، و لأن لم يؤمنوا و من أن لم يؤمنوا لكان صوابا. و تأويله أنّ «أن» في موضع نصب لأنها إنما كانت أداة بمنزلة (إذ) .

فهي في موضع نصب إذا ألقيت الخافض و تم ما قبلها، فإذا جعلت لها الفعل أو أوقعت عليها فهي في موضع ما يصيبها من الرفع و النصب و الخفض (24).

إن نظرة في كتاب معاني القرآن تبرهن على براعة هذا النحوي الكبير و تمكنه من قضايا العربية حتى استحق جميل الثناء نثرا و نظما و من ذلك قول محمد بن جهم المسري:

يا حبّذا ما حوت السّلّه                   من كتب القرآن و الملّه 
و علمها أشهى إلى عالم                 من رطب يجنى من النخله 
أمله شيخ قديم لنا                        في الجانب الشرقي من دجله 
لم يمل أهل النحو أمثاله                 و لا رأينا بعده مثله 
عنه عفا اللّه و عنا و لا                  أرهقنا قترا و لا ذله (25)
كما قال فيه يحيى بن زياد مولى بني أسد:
يا طالب النحو التمس علم ما             ألّفه الفراء في نحوه 
أفاد من يأتيه ما لم يكن                   يعلم من قبل و لم يحوه 
ستّين حدا قاسها عالما                    أملّها بالحفظ من شدوه

ص114

على كلام العرب المنتقى          من كل منسوب إلى بدوه 
سوى لغات و معان لقد                    أرشده اللّه و لم يغوه 
و جمع ما احتيج إلى جمعه                و الوقف في القرآن أو بدوه 
و مصدر الفعل، و تصريفه               في كل فن جاء من نشوه 
إلى حروف طرف أثبتت                  في أول الباب و في حشوه 
و صنف المقصور و المد و              التح‍ويل في الخطين من شلوه 
أو مثل بادي الرأي في قوله               متخطف البرق لدى ضوّه 
و في البه الكلم المرتضي         من حسنه و النهي عن سوّه 
رام سواه و انثنى خائبا                    و أخطأ المعنى و لم يشوه 
فرحمة اللّه على شيخنا                    يحيى مع الأبرار في علوه 
كافأه الرحمن عنا، كما                    أروى الصدى بالسيب من نوه 
فاصطف ما أملاه من علمه               و صنه و استمتع به واروه 
و قول سيبويه و أصحابه                 و قطرب مشتبه فازوه (26)
عنك و ما أملى هشام و ما                صنفه الأحمر في زهوه 
أو قاسم مولى بني مالك                   من المعاني فاسم عن غروه 
فليس من يغلط فيما روى         كمثل من يؤمن من سهوه 
و لا ذوو ضحك إذا ما اجتدوا            كالبحر إذ يغرق في رهوه 
و لا وضيع القوم مثل الذي               يحتل بالإشراف من سروه 

_____________________

(1) الزبيدي: طبقات النحويين، ص 132.

(2) الإنباه، ج 4 ص 14.

(3) الفهرست، ص 106.

(4) معاني القرآن، ج 1 ص 38.

(5) المصدر نفسه، ج 1 ص 273.

(6) المصدر نفسه، ج 2 ص 265 و خالفها: هاجمها.

(7) المصدر نفسه، ج 3 ص 113.

(8) المصدر نفسه، ج 3 ص 114.

(9) المصدر نفسه، ج 3 ص 7.

(10) المصدر نفسه، ج 3 ص 120.

(11) معاني القرآن، ج 2 ص 3.

(12) المصدر نفسه، ج 3 ص 102.

(13) المصدر نفسه، ج 1 ص 78.

(14) المصدر نفسه، ج 1 ص 133.

(15) معاني القرآن، ج 1 ص 125-127.

(16) المصدر نفسه، ج 1 ص 157.

(17) المصدر نفسه، ج 1 ص 163-165.

(18) المصدر نفسه، ج 3 ص 93.

(19) معاني القرآن، ج 3 ص 133.

(20) المصدر نفسه، ج 1 ص 74-75.

(21) المصدر نفسه، ج 1 ص 165.

(22) المصدر نفسه، ج 1 ص 57.

(23) معاني القرآن، ج 1 ص 58.

(24) المصدر نفسه، ج 1 ص 32.

(25) الخطيب: تاريخ بغداد، ج 14/294.

(26) تاريخ بغداد، 14/ 154.