فيديو

صور

مفتاح

اضاءات

منشور

القرآن الكريم
العقائد الإسلامية
الفقه واصوله
سيرة النبي وآله
علم الرجال
الأخلاق
الأسرة والمجتمع
اللغة العربية
الأدب العربي
التاريخ
الجغرافية
الإدارة و الإقتصاد
القانون
الزراعة
الكيمياء
الرياضيات
الفيزياء
الاحياء
الاعلام
اللغة الانكليزية

يصعُبُ أحياناً على بعضِ الآباءِ والأُمّهاتِ التمييزُ ما بينَ تدليلِ الطفلِ وإعطائهِ الرِعايةَ والاهتمامَ الكافيينِ، فمتَى يصِحُّ أنْ نَصِفَ ما قاما بهِ دلالاً أو كونَهُ رعايةً واهتماماً؟

تذهَبُ بعضُ الدراساتِ الى أنَّ الدلالَ يتولّدُ نتيجةً لوجودِ مُبَرّراتٍ يعتمدُها الآباءُ في تدليلِ الطفلِ الى درجَةِ أنَّهُم لا يتّخذونَ أيَّ إجراءٍ تربويٍّ يتناسَبُ معَ الحالةِ.

تُذكَرُ عِدّةُ مُبرِّراتٍ كأسبابٍ يتمسّكُ بِها الأبُ والأمُّ في تدليلِ ابنِهِم ويُعامِلانِهِ بلُطفٍ زائدٍ، ويَغُضَّانِ الطّرفَ عن محاسبتِهِ وحملِهِ على الالتزامِ: -

مِنها؛ لأنّهُ مَريضٌ، أو لأنّهُ لايزالُ صغيراً، أو لأنّهُ الوحيدُ عندَهُم، أو لأنّهُ وحيدٌ بينَ أخواتِهِ البناتِ، أو لأنّها بنتٌ وحيدَةٌ معَ أُخوَتِها الذكورِ، أو لأنّهُ الأصغرُ بينَ أخوانِهِ (آخرُ العُنقُود) أو بالعَكسِ لأنّهُ الأكبرُ منْ بينِهِم، أو لأنَّ الأبَ مثلاً لا يريدُ أنْ يُكَرِّرَ ما وقعَ عليهِ مِنْ قَسوةٍ بسببِ أحدِ والديهِ، أو لكونِ الطفلِ يتيماً، أو محاولةً للتعويضِ عمّا عاناهُ الأبُ أو الأمُّ في صِغَرِهِما..

فهذهِ مُجمَلُ المُبَرّراتِ: وَهِي وإنْ كانَ بعضُها منطقِيّاً إلّا أنّها قد تدفعُ بالأبوينِ نحوَ التساهُلِ والتنازُلِ عنِ الضّبطِ والتّوجيهِ.

بينَما (المراعاةُ) هيَ المبادَرَةُ الى تَلبيَةِ حاجَةٍ يطلُبُها الطّفلُ بلسانِ مَقالهِ أو لسانِ حالهِ، وإنّ تركَ الاستجابةِ قَدْ يودي بهِ إلى الإضرارِ وحرمانِهِ منْ حَقّهِ الطبيعِيّ، فمِنَ الآثارِ السّلبيّةِ لحرمانِ الطّفلِ مِنَ الرعايةِ والاهتمامِ:

أوّلاً: يَلجأُ الطفلُ الى المُشاكسَةِ ومُعامَلَةِ أخوانِهِ والآخرينَ بقَسوةٍ وعُنفٍ.

ثانياً: تكونُ نظراتُهُ غريبَةً، وكأنّهُ يبحَثُ عنْ شيءٍ ما يَفقِدُهُ.

ثالثاً: يتعلَّقُ بكُلِّ شخصٍ يشعُرُ بأنّهُ ظريفٌ ولطيفٌ معَهُ حتّى وإنْ كانَ منَ الغُرباءِ.

رابعاً: يلجأُ الى العَبَثِ والإفسادِ متَى ما اختَلى بنفسِهِ.

أمّا الآثارُ السَّلبيّةُ التي تترتَّبُ على الدلالِ الزائدِ فكثيرةٌ، ومِنْ أهمِّها: -

أولاً: التواكُلُ والاعتمادُ على الغيرِ، فيعتَمِدُ على أمّهِ ثُمّ على أسرَتِهِ، ثُمّ على الآخرينَ في مُعظَمِ شؤونِهِ الحياتيّةِ.

ثانياً: يتهرَّبُ مِنَ المسؤولياتِ لعدمِ قُدرتِهِ على إدارةِ المواقِفِ التي تتَطَلَّبُ تحمُّلَ مسؤوليّةٍ، فيهرُبُ مِنَ المدرسةِ ويَفِرُّ مِنْ تكوينِ صَداقاتٍ وعَلاقاتٍ معَ الغُرباءِ، ورُبّما يفشَلُ في أيِّ مُهمّةٍ اجتماعيّةٍ تُوكَلُ إليهِ.

ثالثاً: الأنانيّةُ وحُبُّ التسلّطِ والتّملُّكِ، فأحياناً يتشبّثُ بشيءٍ يجِدُهُ أو يراهُ ويتخاصَمُ معَ كُلِّ مَنْ يمنَعُهُ.

رابعاً: ضَعفُ نفسِهِ يجعَلُهُ غيرَ مُؤهَّلٍ في اتّخاذِ القراراتِ، ويسخَطُ على كُلِّ مَنْ يُقَرِّرُ عَنهُ هَرباً مِنْ تَبِعاتِ القَرارِ.

خامساً: الفُوضى واللانِظامُ؛ لأنّهُ لم يعتدِ الانضباطَ على النِّظامِ.

سادساً: المَلَلُ والمزاجيّةُ وتقلُّبُهُ في قراراتِهِ واختياراتِهِ ممّا يوقِعُهُ في مَشاكِلَ معَ الآخرينَ.

سابعاً: العِنادُ وعدمُ الاكتراثِ بأيِّ أوامرَ تُوجَّهُ لَهُ، فهوَ اعتادَ على أنْ يكونَ آمراً ناهياً.

إذنْ فَفرقٌ بينَ الرعايةِ التي هيَ تنطَلِقُ مِنَ الحاجاتِ الطبيعيّةِ وبينَ الإفراطِ في الرّعايةِ والاهتمامِ الى درجةِ تَركِ مُحاسَبَةِ الطّفلِ وضبطهِ بموازينِ التربيةِ الصّحيحَةِ.