لا تتفاجأ إذا أهديت بليدا قلما فكتب به هجاءك، أو منحت جافيا عصا يتوكأ عليها فشج بها رأسك، أو علمت أحدا الرماية فلما اشتد ساعده رماك ...؛ هذا هو نمط جل البشرية المقيدة بدائرة الجحود مع خالقهم سبحانه، فكيف بهم مع بعضهم البعض !؟
إذا صنعت معروفا أو اجتهدت في عمل ما فلا تنتظر الشكر من أحد فإن طبيعة كثير من الناس هو الجحود وكتمان الفضل.
يدعو: "ديل كارنيجي" إلى ضرورة تقبل الطبيعة الإنسانية على علاتها؛ لأنها لن تبرح ما جبلت عليه، والأرجح أنها لن تتغير، أو تتخلص من جحودها.
فعلى الإنسان المستقيم على المبادئ، والذي يسير على نهج الأنبياء والأولياء المخلصين أن لا يستاء من جحود أهل اللئم لفضله وعطائه، وأن يتذكر قول الحبيب المصطفى في حق الذين لا يشكرهم الناس: فقال (صلى الله عليه وآله): » أفضل الناس عند الله منزلة وأقربهم من الله وسيلة المحسن يكفر إحسانه « فحتى لا تضيع النعمة ولا يكون ذلك سببا في انقطاع المعروف، ينبغي أن يكون هناك تبادل في الشكر والثناء، فإن الإحسان جزاؤه الإحسان، كما أن النعم تدوم بالشكر حتى قيل: " أشكر لمن أنعم عليك، وأنعم على من شكرك، فإنه لا بقاء للنعمة إذا كفرت، ولا زوال لها إذا شكرت"، قال الإمام الصادق (عليه السلام): " لعن الله قاطعي سبيل المعروف، وهو الرجل يصنع إليه المعروف فيكفره، فيمنع صاحبه من أن يصنع ذلك إلى غيره " لهذا يعاني البعض من أزمة في القيم، ويعتريه شعور بالدونية، و تجذر في عقدة الاحتقار والنقص فيترجمه بالتكبر والأنفة، فلا يلتفت لعطاء الآخرين إلا من وراء أنفه، ويستنكف عن مبادلة أهل الفضل بالشكر والحمد والثناء، فنفسه المـبتلاة بالشح تنقبض من إفاضة عبارات الشكر والثناء الى من أحسن إليها، وفاته أن من شكر الله تعالى هو شكر المخلوقين ، فـ "من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق" كما ورد في الأثر.