في تعاليم أهل البيت -عليهم السلام-يجد المؤمن ضالته فكلامهم نور ومواعظهم تحيي القلوب وحكمهم تحفز على التفكر و أقوالهم ترشد إلى الصواب .. ؛
" الأخوة " !!!
مفردة نتداولها في حياتنا الأسرية وعلاقاتنا الاجتماعية، ولكن هل نستشعر قيمتها ؟! ، وثقل وزنها ؟! ، ومتانة رباطها ؟!
إسأل شخصا فقد أعز صديق لديه لا يجد أحدا أحب الى قلبه منه! ولم يحتل مكانته صديق آخر!
لتعرف عمق الألم وحجم اللوعة التي يعانيها بسبب افتقاده وفراقه؟
جاء في الأدبيات عن ملحمة جلجامش وأنكيدو -وإن كانت تعد من الأساطير-حديث عن العلاقة الأخوية التي جمعت أنكيدو وجلجامش الى درجة أن جلجامش بعد موت صديقه -وقد خيم عليه الحزن والألم- راح يندبه قائلا :
"سأجعل أهل ((أوروك)) يبكون عليك ويندبونك
وسأجعل أهل الفرح يحزنون عليك
وأنا نفسي (بعد أن توسد في الثرى ) سأطلق شعري
وألبس جلد الأسود وأهيم على وجهي في الصحارى "...
وكذلك ما جاء في الملحمة الخالدة في يوم عاشوراء وتضحية أبي الفضل العباس-عليه السلام- ودفاعه عن أخيه الإمام أبي عبد الله الحسين –عليه السلام- حيث قطعت كفاه ومضى شهيدا على شاطئ الفرات ، وقد ضرب مثلا رائعا عن الوفاء والإخلاص في الأخوة إلى درجة أن الإمام الحسين حينما وقف على مصرعه ورآه بذلك الحال المفجع صاح باكيا نادبا ( الآن انكسر ظهري ) ، وندبت السيدة زينب أخاها العباس باكية وهي تقول: ( وا ضيعتنا بعدك يا أبا الفضل ) ... فإن الأخ الوفي لا يقدر بأي ثمن ومن الصعب العثور عليه ! ، وتعظم الفاجعة بفقده !
كما أنه ليس كل صديق يرتقي إلى مرتبة الأخوة، وليس كل أخ يلتزم بحقوقها ...
جاء عن الإمام الصادق -عليه السلام- : "الإخوان ثلاثة : مواس بنفسه ، وآخر مواس بماله ، وهما الصادقان في الإخاء ، وآخر يأخذ منك البلغة ، ويريدك لبعض اللذة ، فلا تعده من أهل الثقة" .
المال والنفس أعز الأشياء على الإنسان وأغلاها، فإذا ظهر لك من صديقك البذل والمواساة في الشدائد والأفراح فهو الصادق فلا تفرط به.
وإن واجه المخاطر لأجلك وعرض نفسه للأذى حتى يراك سالما وعزيزا فهو الأخ الحميم الذي لا نظير له.
وهاتان ضابطتان لتشخيص صدق الصديق لتتخذه أخا وتبذل له الغالي والنفيس أيضا،
يقول الإمام السبط الحسن (عليه السلام) : "لا تؤآخ أحدا حتى تعرف موارده ومصادره، فإذا استنبطت الخبرة ورضيت العشرة فآخه على إقالة العثرة والمواساة في العسرة" .
وابتعد عن أولئك الذين لا يعرفونك إلا في وقت المصلحة ولا يتذكرونك إلا فيما يرغبون بحصوله منك للذائذهم ومتعهم فهم ليسوا أهلا للثقة.