فيديو

صور

مفتاح

اضاءات

منشور

القرآن الكريم
العقائد الإسلامية
الفقه واصوله
سيرة النبي وآله
علم الرجال
الأخلاق
الأسرة والمجتمع
اللغة العربية
الأدب العربي
التاريخ
الجغرافية
الإدارة و الإقتصاد
القانون
الزراعة
الكيمياء
الرياضيات
الفيزياء
الاحياء
الاعلام
اللغة الانكليزية

في حَلَقاتِنا المتسلسلةِ عن "مفاهيمَ أخلاقيةٍ وقِيمٍ مرجعيةٍ " والتي نحاولُ من خلالِها التعريفَ بأهمِّ القيمِ السلوكيةِ  لمن هُم في دائرةِ المسؤوليةِ، و ضرورةِ إحياءِ البُعدِ الأخلاقيِّ في وظائفِهم وأعمالِهم ومنهُم الأطباءُ.

لا يشكُّ أحدٌ بمدى عِظَمِ مسؤوليةِ الطبيبِ، وإنَّ دورَهُ في حياةِ الإنسانيةِ كبيرٌ وموازٍ لدورِ أطبّاءِ الأرواحِ وهُمُ الأنبياءُ؛ فالطبيبُ يعالجُ أمراضَ البَدنِ، ويُعَدُّ سبباً مانعاً لدفعِ أسبابِ موتِ الإنسانِ، ونجاتهِ من العاهاتِ و ممّا يهدِّدُ عافيتَهُ، غيرَ أنَّ هذهِ المهنةَ كغيرِها، يتطلّبُ فيها أنْ يكونَ الطبيبُ على درجةٍ عاليةٍ من الأخلاقِ والقِيَمِ، وأنْ يتميّزَ ببعضِ الصفاتِ التي ينبغي أنْ تكونَ فيهِ بنحوٍ ثابتٍ ومركّزٍ؛ لما تتطلبهُ مهنتُهُ ذلكَ، ويقتضيهِ ظرفُ العملِ من عطاءٍ وبذلٍ متميّزٍ.

ولهذا تمَّ وضعُ القَسَم ِعلى وثيقةِ القوانينِ الإنسانيةِ بعدَ تخرّجِ طالبِ الطبِّ، وقبلَ مزاولتِهِ لمهنةِ التطبيبِ، و تتضمنُ تلكَ الوثيقةِ عِدَّةَ آدابٍ أخلاقيةٍ وقيمٍ روحيةٍ، تُعتَبَرُ الأساسَ لأخلاقياتِ مهنةِ الطبِّ، والتي ينبغي أنْ يلتزمَ بها الطبيبُ في تخصُّصِهِ وتعامُلِهِ معَ المرضى، و يجبُ أنْ يتحلّى بها معَ زملائِهِ وفي الوسطِ الطبيِّ بصورةٍ عامّةٍ ، حتى لا يقعَ بما يسيءُ لهذهِ المهنةِ، وينحرفُ عن أهدافِها الإنسانيةِ، فممّا يؤسفُ لهُ أنَّ هناكَ بعضَ المشتغلينَ في الوسطِ الطبيِّ استغلوا حاجةَ المجتمعِ إليهم فتاجَروا بمهنتِهم، فكانَ المالُ عندَهم فوقَ القيمِ ، ليجدَ المرضى الفقراءُ أنفسَهم بينَ قسوةِ طبيبٍ طمّاعٍ  و صيدليٍّ جَشعٍ ... فاستسلَموا لآلامِ الأمراضِ وأنهكَ الداءُ عافيتَهم ليُنهيَ الموتُ حياتَهم ، هذا الذي يحصلُ وهوَ حاصلٌ  ! حينما تُغَلَّبُ المصالِحُ على التعاونِ ، وتموتُ الضمائرُ فيتبخرُ دفءُ القلوبِ المتراحمةِ ويستولي على الروابطِ الاجتماعية صقيعُ القطيعةِ ، وحينها يشعرُ الفردُ أنَّهُ في غابةٍ وليسَ بينَ بشرٍ !!

فمِنَ الضروريِّ أنْ يُذكِّرَ الطبيبُ نفسَهُ بقيمِ الإنسانيةِ والدينِ كالأمانةِ والإخلاصِ في التشخيصِ والمعالجةِ، والرأفةِ والشفقةِ بالمريضِ، والأريحيةِ والتواضعِ في التعاملِ معَ الجميعِ ، وعدمِ جعلِ المالِ محوراً في تعاملِهِ ...، وأنْ يصقلَ قلبَهُ من رَينِ الطمعِ والجشعِ ومساوئِ الصفاتِ، وأنْ يُفكِّرَ بتكرِمَةِ اللهِ لهُ حينما ائتمنَهُ على علمٍ يخدِمُ بهِ عبادَهُ، فكيفَ سيؤدّي أمانتَهُ ليحظى بالأجرِ الكبيرِ يومَ الحسابِ، ويتركَ أثراً طيّباً تتناقلهُ الأجيالُ، فيكونُ قدوةً للبشريةِ في فعلِ الخيرِ والبرِّ.