أصبح من المتسالم أن فايروس كورونا غيّر خريطة الكثير من الأسس والمفاهيم –وكذا الأحداث-في كل مكان، ففي العهد (القريب) كانت الأحداث التي تمر على بعض الدول يدعي قادتها –تعنّتاً وتجبّراً-أن ما قبلها لن يكون كما بعدها، في إشارة إلى هول الحدث وعظم الإجراءات التي ستترتب عليه!!
ومهما كانت تلك الإجراءات لم يلحظ تغيير مبرّز على مستوى العالم بأسره، بل يقتصر على تلك الدولة وما تطاله يدها في المحيط. اما مع وباء (كوفيد 19) المستجد فإن الأمر تغير تمامً، حتى في هيأة وصورة التحشيدات التي كانت تدار من قبل القوى العظمى في حوادث الصراع العالمي!
ففي الماضي كانت حروب (القتل والدمار) تحصل بين تحشيد دول العالم تحت لواءين (محورين) يسعى كل محور لإيقاع أكبر دمار وقتل في صفوف وإمكانات المحور المقابل، أما في عهد كورونا فجميع دول العالم أصبحت تحت لواء ومحور واحد أمام محور كورونا، وهو الكائن الضعيف الذي لا يرى بالعين! فجميع قادة العالم باتوا يصرحون بأن مشكلة الوباء ليست وطنية أو مركزية، بل باتت تضرب وتهدد (الأمن الصحي) لدول العالم بأسره! بل وأقر بعضهم أن جائحة كورونا ستغيّر النظام العالمي، فما قبله لا يمكن ان يستمر لما بعده!! إذ أن آثاره باتت تغير شكل ومضمون الكثير مما اعتادت عليه البشرية ومن ضمنهم حكامها. فبالأمس كان رؤساء العالم يبذلون أموالاً طائلة لتنظيم وتهيئة لقاءات (القمم) فيما بينهم، أما اليوم فقد بات (اللقاء) بسيطاً وغير مكلف ولا مؤونة فيه، وذلك عبر تقنية الدائرة التلفزيونية حيث سيكون (كلٌّ في محلّه)، فلا استقبالات في المطارات، ولا تشريفات في قاعات فخمة، ولا موائد طعام تعد للكثير من التفاهمات المصيرية بين دول القادة!!
بالأمس تفشّى مفهوم (نفسي نفسي ولا أحد غيري) و(المواطنة المحلية والامن القومي) ... الخ من المفاهيم التي ركزتها سياسة دول العالم منذ أن رسمت الحدود بينها، وأشاعت سياسة المستعمرات!
أما اليوم فقد صار الترويج لمفهوم (الإنسان للإنسان) !!
بالأمس كانت الأوبئة تطال عامة الناس ولا يسمح لها أن تؤرق صفو صحة أصحاب الفخامة والجلالة! واليوم لا حصانة للرؤساء، حتى أصبح بعضهم تحت قبضة كورونا، والآخرون ليسوا خارج سطوته. فهل من معتبر وساعٍ لإعادة ترتيب أوراق أعماله بغية انتشال ما تبقى، وتصحيح مسارات الفوضى التي أحدثتها الحياة المادية؟!
وهل ما زال من شك في أنّ ما قبل (كوفيد19) لا يمكن أن يكون كما بعده؟!







وائل الوائلي
منذ 5 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN