حسن الهاشمي
لماذا يلجأ الانسان الى الكآبة وربما الانتحار ويقرر ان ينهي حياته بمحض ارادته أليست الحياة جميلة، أليست سنوات عمره عزيزة، أليست أجزاء بدنه غالية، أليست مغريات الدنيا من المال والبنون والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة زينة الحياة الدنيا، أليست لذة العلم والابتكار والتنمية تجعل المؤمن بها ان يحافظ على حياته لبلوغ هدفه، أليست شهوات البطن والفرج تجعل الانسان الساعي لتلبيتهما ان يكون حريصا على حياته للوصول الى مبتغاه بالرغم من كل تلك الامور التي ربما تجلب السعادة لشريحة من الناس، لماذا نجد البعض من الشباب الواعد أو حتى المائع بل الأحداث والشيوخ في بعض الأحيان يلجأون الى وضع حد لمغريات الحياة الدنيا المتعددة الأغراض والأفعال بالإقدام على الانتحار
شاع الانتحارُ وكثُر في الآونةِ الاخيرة حتى أصبح ربّما يُمثّل ظاهرةً عامّةً في المجتمعات الغربية وغيرها، لذلك تجب الإشارة إلى حكمه، ونظرة الإسلام له، ومكانة المُنتحر في الإسلام، وكيف حذّر منه الشرع المقدس اذ إنّ الانتحار مُحرّمٌ شَرعاً؛ بل إن الإسلام قد اعتبره من كبائر الذنوب والآثام التي قد يقوم بها المسلم، لما في ذلك من إنهاء حياته التي أعطاها الله له، وأمره بحفظها، فيكون المنتحر متعدّياً على ما استأمنه الله عليه قبل أن يتعدّى على نفسه ويظلمها. يعد الانتحار مِن أخطر المشاكل التي تواجه المجتمع، وأشد الأسى على الاُسر؛ لما يتركه مِن آثار سلبية وخيمة بعد موت المنتحرين، والمنتحر هو الشخص الذي له نظرة تشاؤمية عن كل موضوع، فيقمع ارادته مِن التحرك والسعي لتحقيق الأهداف، ويحكم عليها بالنفي من الحياة، لاشك أنّ الانتحار مِن المحرّمات؛ إذ هو إزهاقٌ للنفس بغير حق وأنّ الدّين الإسلامي قد حرّم قتل النفس، كما في قوله الله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) والنهي هنا بمعنى الانزجار والحرمة ومن هذه الآية استنبطت الروايات الحكم الشرعي لإزهاق النفس بغير حق.
كما قال تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نــَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا يا للمصير البائس ينتظر المنتحر فمصيره يوم القيامة النار، وللانتحار في الدنيا طرق عديدة منها: الشنق الحرق الغرق تناول السموم تناول المبيدات قطع الأوردة الدموية الحوادث المتعمدة المرورية السقوط مِن مكانٍ شاهق حبس النفَس تناول أشرطة الدواء بأكملها وغيرها من الطرق التي فيها من الآلام مما لا يخفى على كل ذي لب.
أوضح العلماء أن الانتحار ينتج عن تفاعل معقد لعوامل سببية معينة منها: الأمراض النفسية والعقلية، والفقر، والإدمان، والعزلة الاجتماعية، وفقدان عزيز، وصعوبات التواصل مع الآخرين، ومشكلات العمل، مما يستدعي توافر خبراء واختصاصيين في المجالات الطبية والصحة النفسية للتغلب على مشاعر الإحباط التي تدفع إلى الانتحار وقتل النفس وتقويم الأخطار وتوفير الخدمات الطارئة وسبل العلاج، بالاهتمام بمعالجة الصعوبات والأزمات والمشاكل التي يواجهها المجتمع حاليًا، والخروج منها بنجاح.. أن هذه المعالجات مطلوبة بإلحاح في ظاهرة تزايد حالات الانتحار بين الشباب أخيرا، وحتى حالات الطلاق والتفكك الأسري والمشاكل الأسرية والاجتماعية.
وللحصول على تلك العلاجات الناجعة لابد ان تتظافر الجهود من الجميع لانتشال الذي يروم الانتحار من واقعه المزري الذي يحوم حوله، وعلى المجتمع والدّولة أن تحرص على تأمين الحياة الكريمة للنّاس، وكذلك أن تبثّ المواد الإعلاميّة التي تحمل رسائل تربويّة وأخلاقيّة تحثّ على معاني الصّبر والإيمان بعيدا عن الرّسائل التي تبثّ الخوف في صفوف النّاس من المستقبل وتقلّبات الزّمان.
السعادة حالة روحية تنعش النفس البشرية وتحلق بها في سماء الطمأنينة والارتياح، وانها بالضد مع كل ما يعكر صفو الحياة الواعدة وعلى رأسها الانتحار الذي يقضي على الحياة وما فيها من لمسات تضفي عليها روح المحبة والتآخي والتعايش بسلام وأمان وتواصل وتكامل، ولكي تكون الحياة مزرعة جميلة لآخرة أجمل واروع واودع، ما علينا الا ان نتمتع بلحظاتها ونقطف ثمارها ونحن في ظفر يخلو من كل بطر، وفي جلوة تخلو من كل زلة، حيث ان الظفر لا يكون جليا الا بعد ان نخلي انفسنا من كل بطر يحدو بنا الى مهالك الانتحار.
فقد انسابَت مِنّي كلمَةٌ مِن وراء الرُّوح، فامتزجت مع غبرة المادة، فحاولت ان افصل بينهما لكيلا تعمش عيني ويختلط علي الحابل بالنابل، فَخُذني على ظهرٍ مِن محبَّة ألطافِك على مدىً فَوق الزَّمَان، على وطنٍ حيثُ لا مكان، دُلّني على نفسي لأنَّ الطِّين سلبَ منّي بقيّة الوجدان وأشعرني بالخذلان، أريد ان أتسلق بالطين واتعالى فوق الزمان والمكان لكي ارتقي وارتقي حتى اكدح الى ربي والتقي بنور رحمته وكرمه وضيافته، وقتئذ اباهي بمقامي المتألق كل من التصق بالطين ولم تسعفه رجلاه الوصول الى ما وصلت اليه من مقام ورفعة وحبور.
دع اليأس وقُل ها قد جئتُك يا ربّي وليس لي لسان، وعلى شَفَتَيَّ ألف كلمة، كلت الألسن عن النطق بلطفك وجودك وكرمك، واحتارت العقول عن المواهب والآلاء والنعم التي تحوطنا من كل حدب وصوب، واعيت الكلمات من الاشارة الى ما يحوطنا من عنايتك ورحمتك، إلاَّ أنَّ حروفها ممزوجةٌ بأبديَّة حنوّك وعطفك، حيثُ لا كتفَ للوجود يتكئ عليه، فقط أنت يا ربَّ هناك، فأينما تكونوا فثمة وجه الله تعالى، فهو أقرب الينا من حبل الوريد، وما عساني ان أصف سعادة يتحلى بها بشر يرتبط بهكذا رب رحيم ودود غفور.







وائل الوائلي
منذ 3 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN