قيل: إن النفاق من النفق، وهو السَّرَب في الأرض،وقد
سُمي المنافق مُنافقًا؛ لأنه نافَقَ كاليربوع، أي دخل واستتر في جُحره، ويسمی جحر اليربوع بالنافقاء، فإذا ارتاب اليربوع من أمر داهمه، هرب من مخرج آخر!
والنفاق: مصطلح يقصد به إظهار المرء خلاف ما يضمر في داخله،وهو مصطلح قرآني، اختص ببيان حال هولاء الذين يخفون الكفر في دواخلهم، ويظهرون الإيمان،والنفاق صفة مقيتة، وحال مذمومة، ورذيلة نفسية، ذمها القرآن الكريم، وتوعد المنافقين في مواضع عديدة، ومنها ما ورد في سورة(المنافقون) التي بينت خصائص المنافق، وخصائص ظاهرة النفاق، وكذلك في سورة التوبه، إذ قال تعالی:((الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) وغيرها من المواضع التي تذم النفاق وتتوعد المنافق.
ونحن هنا لا نتحدث عن النفاق بوصفه رذيلة نفسية فردية، تصدر من شخص واحد، أو النفاق الديني القائم علی إخفاء الكفر والتظاهر بالإيمان، إنما نقصد انتقال هذه الرذيلة من الفرد الی الجماعة، ومن الحالة الی الظاهرة، ومن السلوك الخاص الی المرض الاجتماعي، المرض الذي ينخر المجتمعويضعفه ويسلبه صبغته الإنسانية، ويسهم في الإفساد ويشجع الفاسدين، ويؤدي الی ضياع حقوق الناس وظلمهم، ثم يقود الی سفـ.ك الدمـ.اء وإزهـ.اق الأرواح البريئة، وقد ذكرت الملائكة ذلك حين استفهمت عن خلق آدم كما في قوله تعالی:((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً۞ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ...)).
إن هولاء المنافقين سبب من أسباب تراجع المجتمع، وتراكم المفاسد ومضاعفتها، فهم يتبعون النظرية الميكاڨيلية القائمة علی مبدأ" الغاية تبرر الوسلية" وما أكثر هذه النماذج المتسلقة،الانتفاعية، الوصولية، ومثال علی ذلك؛ شخصية"الشيخ طه" في المسلسل المصري
" المال والبنون" إذ تمثل أنموذجا واقعيا لما هو سائد في مجتمعاتنا العربية للأسف!! حتی يمكننا استنتاج قولٍ يشخّص حالنا ويصفها وهو: كلنا في النفاق عرب!!
ومع أننا ضد الحكم بالسالبة الكلية، إلا أننا نتحدث عن ظاهرة شائعة مع وجود الاستثناءات حتما.
إن شخصية (الشيخ طه) التي جسدها الفنان" محمد الشويحي" وقد أجاد في أدائه دور المطبِّل الذي يسوّق ـ هو ومجموعته- إعلاميا لمن ينتفع منه، ويستفيد منه،ويحقق مصالحه الخاصة، بعيدا عن المبادئ والثبات والحلال والحرام، فضميره في سبات مادامت المكاسب موجودة!!
وهذا المطبلاتي، يقوم بأعمال أخری فهو مصلح ومؤمن يحارب المفسدين، ويهمه جدا أن يكتشف من سرق المجوهرات!! لهذا يريد أن يفتح المندل ويفضح السارق!!
وحين رأی أن" سلامة فراويلة" قد أفلس وأفل نجمه، تحول بزفّته الإعلامية وتطبيله الی مدح "السحت" والثناء عليه و الدعاء له!!
والضمير مازال في سبات، فلا يسأل من أين أتی السحت بهذه الأموال؟ وكيف أصبح ثريا بين ليلة وضحاها؟!! وبسرعة البرق تحولت الزفّة من " ادعوا لعمي الحاج سلامة بطولة العمر... الله يخليه الله يخليه"
إلی" ادعوا لعمي السحت بطولة العمر... الله يخليه الله يخليه"
وها نحن نعيش أياما يعلو فيها صوت" الشيخ طه" وزفته الإعلامية، فسرعان ما تغيرت المواقف، وتحول المنافقون من ضفة إلی ضفة!!
بالأمس كانوا مع الإعمام والتسقيط الجمعي، وكانوا يربطون الثوابت بالمتغيرات، فوجدناهم يعتدون علی الثوابت الإسلامية، ويسخرون من عقائد الناس الذين تحركهم فطرتهم السليمة، ويهاجمون الإسلام بحجة فشل الأحزاب الإسلامية، وما إن يقبل شهر المحرم الحرام حتی يبدعوا في مواعظهم: الحسين مو بچي، الحسين مو تمن وقيمة، الحسين مو مشي...الخ وبهذه الانتقائية اللاأخلاقية يشوهون كل شيء متعلق بهوية المجتمع الغالبة أو المهيمنة، حتی أن أحدهم ينتقي صورةً لشارع يفيض بماء المطر ويكتب تعليقا مع الصورة: كـــل هذا ويصيحون هيهات منا الذلة!!
الغريب أن هذا الشخص وغيره يتحدث الآن في المجموعات الإعلامية والنخبوية الخاصة، وفي صفحات الفيسبوك، يتحدث عن اختيار الكابينة الوزارية، ويوجه النصائح لرئيس الوزراء المكلف، ويقترح بعض الأسماء، ويناقش ويرجح ويصوب!! ليس هو وحسب، وإنما مجموعة زفَّة الشيخ طه كلها معه!!
هولاء الذين لايشبعون، ولايفكرون بلحظة النهاية وقدوم الموت الحتمي، قد مُلئت جيوبهم بالأموال، وتصدروا الواقع، وأبعدوا الصادقين والثابتين وأصحاب المبدأ!! هولاء هم سبب دمار المجتمع، وهم كدودة الأرضة، تنخر وتدمر بسرعة فائقة!! وإن لم يتم تشخيصهم وصدهم، وكبح جماحهم، سيستمر الحال كما هو عليه، وستبقی زفّة الشيخ طه جاهزة في كل حين، مع استبدال الاسم القديم.







وائل الوائلي
منذ ساعتين
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN