لا يخفى على أبسط المتتبعين لتاريخ الإسلام مدى عظمة الدور الذي لعبته المساجد في حياة المسلمين في مختلف جوانب الحياة التربوية والعلمية والعقائدية والاجتماعية وغيرها، كما لا يخفى ما للمساجد من قداسةٍ نابعة من كونها بيوت الله جلَّ جلاله وتشرفت بانتسابها للذات المقدسة، ولهذا فإنَّ للمساجد أحكام شرعية وأخلاقية صرح بها القرآن الكريم وأحاديث النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وروايات أهل بيته (سلام الله عليهم) مما ملأ بطون الكتب ورسائل الفقهاء العملية، ولعل هذا أوضح من الشمس في رائعة النهار.. وإنما استوقفتني بعض المواقف المؤسفة التي تصدر أحياناً عن البعض داخل المساجد وفي أضرحة الأئمة.. والتي لا تخلو في الأعمِّ الأغلب من الإساءة والانتهاك لحرمة بيوت الله والمصلين فيها، وهذه وقفة مع بعض ما يجري :
• لا يتورَّعُ البعضُ عن الغيبة والكذب والخوض في مختلف أحاديث الباطل، فبدلاً من الدعاء والاستغفار مثلاً تجدهم منشغلين بالحديث عن عيوب الناس وعثراتهم وعن التلفزيون وبرامجه المبتذلة على تنوع أصنافها، وعن الرياضة و أبطالها وعن الفن ونجومه!! وغالباً ما يرفعون أصواتهم بالمزاح الخارج عن حدود اللياقة والممتزج بالضحك المجلجل فيقطعون على المصلين توجههم واسترسالهم بالصلاة، وعلى الداعين تواصلهم بالمناجاة، وعلى قـُرّاء القرآن تلاوتـَهم لكتابِ الله، فتذكروا قوله تعالى:(وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) (الجن:18)
• قال تعالى:(يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) (الأعراف:31) ومع ذلك لا يُعيرُ البعض للنظافة اهتماماً، فيحضر إلى المسجد ويؤدي الصلاة بملابس متسخة تحمل بين طياتها روائح مستهجنة تسبب الأذى لمن في المسجد، كما لا يتردد آخرون بالتدخين حتى لو كان المسجد مزدحماً فيمتلأ المكان برائحة الدخان الخانق الذي يزكم الأنوف، بل ولا يتحرجون حتى إذا اتسخ المُصلَّى وفِـراش المسجد بما تخلفه سجائرهم ..
• أحياناً ً وأثناء أداء الصلاة - صلاة الجماعة على وجه الخصوص - يُفاجئ المصلون برنين الموبايل، وما أقبحه من موقفٍ أن تسمع الغناء الفاحش أثناء الصلاة وفي بيت الله!! فلماذا هذه النغمات التي تملأ الأذن في الدنيا حراماً و في الآخرة ناراً ؟!، فليكن الجهاز صامتاً على أقل تقدير احتراماً للصلاة ولقدسية المكان.
يتخذ البعض من المسجد دار استراحة، يقضون فيه ساعات متطاولة من النوم، خصوصاً أيام شهر رمضان المبارك وينسى أن النوم في المسجد مكروه شرعاً. والأعجب من هذا كله فإنك لا تجدُ آذاناً صاغية لدى الكثيرين ممن تنهاهم عن فعل هذه الأمور وغيرها..
أخوتنا الأعزاء: ألسنا نجتهد لنكون في أفضل الأحوال ونتجنب فعل أي سوء عندما نحلُّ ضيوفاً عند أبسط الناس، إذن فمن الأولى أن نكون كذلك ونحن دوماً ضيوف في حضرة رب العالمين لاسيما في المساجد المباركة وأن نمتثل لقوله تعالى:(وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (الأعراف:29)







وائل الوائلي
منذ 7 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN