(معرفة الذات وأهميتها في اختيار النصف الآخر )
* سؤال مطروح للنقاش :
(هل الزواج قسمة ونصيب أم اختيار ؟ )
ان الذات معناها نشاط موحد مركب للإحساس والتذكر والتصور والشعور والتفكير، وتعتبر نواة الشخصية. ويقسم (ريموند كاتل Cattle)الذات إلى ذات واقعية وذات مثالية. فالذات الواقعية هي ذات حقيقية أو فعلية تمثل مستوى الاقتدار، في حين أن الذات المثالية هي ذات تطلعية يؤمل منها أن تكون -أي تمثل- ما يطمح الفرد أن يكون أو يصبح.
إن اشد ما ينغص حياة الفرد ويجعله يصاب بالتأزم والإحباط حينما يشعر أن هناك بُعد بين ما هو كائن وما يريد أن يكون، أو بين ما يريد وبين ما يقدر عليه بالفعل. وهذا البعد يولد لديه الشعور بالنقص مما يؤثر على بناء الذات سلبيا، لذلك تراه يلجأ للأساليب الدفاعية ولا أقول الحيل الدفاعية كما تسميها بعض الكتب لأن الحيلة عملية شعورية في حين الآليات الدفاعية يقوم بها الفرد لا شعوريا.
إن الذات بناء معرفي يتكون من أفكار الإنسان عن مختلف نواحي شخصيته فمفهومه عن جسده يمثل الذات البدنية ومفهومه عن بنائه العقلي يمثل مفهوم الذات المعرفية أو العقلية ومفهومه عن سلوكه الاجتماعي مثال للذات الاجتماعية.
ومن المهم جداً للمقبلين على الزواج من كلا الجنسين معرفة ذواتهم وان يوجه لنفسه وبكل سهولة هذه الاسئلة:
من انا ؟ وما هي مؤهلاتي ؟ وما هي سلبياتي وايجابياتي؟
ومتى ما تمكن من الإجابة على هذه الاسئلة بكل صراحة ووضوح سيكون قادرا على تحديد ملامح شخصية الشريك الآخر الملائم له . وهنا اود ان اطرح قصة من التراث العربي عن أهمية معرفة الذات ودورها في اختيار الشريك الآخر :
وتبدأ الحكاية بسؤال وجهه رجل من أشراف العرب اسمه الحارث بن عوف بن أبي حارثة إلى صديقه خارجة بن سنان المرّي قائلا: أتراني أخطب إلى أحد من العرب فيردني؟قال: نعم . قال: ومن ذاك؟ قال: أوس بن حارثة بن لأم الطائي ، فقال الحارث لغلامه: ارحل بنا ، ففعل ، فركبا حتي اتيا اوس بن حارثة في بلاده فوجداه أمام منزله . فلما رأى الحارثَ بن عوف قال : مرحباً بك ياحارث، ثم قال : ماجاء بك! قال : جئتك خاطبا، قال : لَستَ هناك، (أي لن أُجيبَ طلبَك) فانصرف ولَم يُكَلّمُه. فدخل أوس على امرأتِه مُغضباً - وكانت من بني عبس - فقالت : مَن الرجلْ الذي وقفَ عليك فَلم يُطِل ولَم تكلمه؟ قال : ذاك سيد العرب الحارث بن عوف، قالت : فمالك لاتستنزله؟ (أي ما لك لم تدعه لينزل عندك وتقدم له واجب الضيافة؟) قال : إنه استحمق، قالت : وكيف؟ قال : جاءني خاطبا، قالت : أفتريد أن تُزَوِّج بناتك؟ قال : نعم، فقالت : فإذا لم تُزَوِّج سيدَ العرب فمن؟ قال قد كان ذلك، قالت : فتدارك ماكان مِنكَ، قال : بماذا؟ قالت : تلحقه فتردّه قال :كيف وقد فرط مني مافرط إليه؟ فقالت : تقول له : إنك لقيتني مُقتضباً بأمر لم يتقدم مني فيه قول، فلم يكن عندي فيه من الجواب إلا ماسمعت، فارجع ولك ماعندي كل ما أحببت! فركب أوس في أثرهما، قال خارجة بن سنان : فوالله إنا لنسير إذ حانت مني التفاتة فرأيته فقلت للحارث، وهو ما يكلمني غمّا، هذا أوس في أثرنا فقال ما أصنع به؟ فلما رآنا لا نقف قال يا حارث اربِع علي فوقفنا له وكلمه بذلك الكلام فرجع مسروراً... ويكمل راوي القصة قائلاً: فبلغني أن أوساً لما دخل منزله دعا ابنته الكبرى وعرض عليها خطبة الحارث ..
وهنا توجهت بالسؤال الى الاخت مقدمة البرنامج والاخت المخرجة :
ما رأيكما؟ فقلن أكيد ستوافق فمن تقدم لخطبتها ليس بقليل الشأن .
فقلت لهن: لكنها رفضته قائلة:
إن في وجهي ردة (أي ليست تامة الجمال)
وفي خلقي عربدة (كناية عن المشاكسة والحدة)
ولست بابنة عمه فيرعى حقي، ولست بجارته فيستحي مني ، ولا آمن أن يرى مني ما يكره فيطلقني•• قال لها: قومي بارك اللّه فيك ••
ثم دعاأوس بابنته الوسطى فأجابته بنحو جواب أختها الكبرى
وقالت: إني خرقاء وليس بيدي صناعة وأخشى أن يجد مني ما يكرهه فيطلقني••
وعندما عرض الأمر على ابنته الصغرى قالت: أنت وذاك•• فقال: إني عرضت ذلك على أختيك فرفضتاه••
وهنا تاتي اهمية معرفة الذات دون غرور أو مبالغة
فقالت: لكني واللّه الجميلة وجهاً، الصناع يداً، الرقيقة خلقاً، الحسيبة أباً فإن طلقني فلا أخلف اللّه عليه بخير•• فخرج أوس إلى الحارث بهيسة بنت أوس .







وائل الوائلي
منذ 7 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN