في دراسة حديثة تم ربط بين السرطان الذي يصيب الفئران والإشعاعات المنبعثة من الهواتف المحمولة، الدراسة استمرت لأكثر من عقدين ووجدت أن التعرض لمدة معينة ولكميات كبيرة من الإشعاعات من الممكن أن تؤدي إلى الإصابة بالسرطان، وهذا ما يجعل النتائج مقلقة للمليارات ممن يستخدمون الهواتف النقالة وفي جميع أنحاء العالم. وما لا يزال غير مفهوم هو كيف يمكن للترددات الراديوية  (RF) المستخدمة في الهواتف النقالة أن تؤدي إلى إحداث تغيرات في الخلايا مما يسبب السرطان.
وقد وجد الدراسة التي أقامها برنامج علم السموم الأمريكي (U.S. National Toxicology Program)، والتي عرض خلالها الآلاف من الفئران لكميات كبيرة من الإشعاع الترددات اللاسلكية، والنتيجة كانت نشوء أنواع نادرة من سرطان الدماغ والقلب، وهذه الأنواع لا يمكن كشفها بسهولة، مما يظهر علاقة مباشرة بين كمية الإشعاع والاستجابة له. بينما يقول مسئولي البرنامج انه البحوث ليست نهائية، ويجب القيام بالمزيد من البحوث.
هذا البحث يقع ضمن اختصاص جيري فيليبس (Jerry Phillips)، عالم الكيمياء الحيوية  ومدير مركز تعليم العلوم الصحية في جامعة كولورادو في كولورادو سبيرينغز. قام فيلبس ببحوث ممولة من شركة موتورولا للبحث عن الآثار الصحية الجانبية المحتملة من الهواتف المحمولة خلال عام 1990 عندما كان يعمل في وكالة شؤون المحاربين القدامى التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، في لوما ليندا في كاليفورنيا. فيلبس وزملاءه بحثوا في الآثار التي تسببها الترددات اللاسلكية على الفئران، وعلى الخلايا في أوعية الاختبار. ويقول فيلبس “سببت نتائج الأبحاث في ذلك الوقت إزعاجا لموتوريلا، حيث كشف أن الإشارات الراديوية يمكن أن تتفاعل مع الأنسجة الحية، وهذا ما رأيناه في الفئران”.
في هذا المقال سوف يجيب فيلبيس على مجموعة من الأسئلة حول هذه الدراسة.
بماذا تختلف إشعاعات الهواتف المحمولة عن الأشكال الأخرى من الإشعاعات؟
إشعاع الهواتف المحمولة هو إشعاع غير مؤين. فعلى سبيل المثال، الأشعة السينية هي أشعة المؤينة وتحتوي على طاقة كافية لكسر الروابط الكيميائية. والأشعة الغير المؤينة مرتبطة مع الموجات اللاسلكية، لكن طاقتها منخفضة وغير كافية لكسر الروابط الكيميائية. ويفترض أن تكون طاقة الأشعة الموجودة في الهواتف منخفضة دائما، بحيث لا تكون حرارة؛ لان تكوين الحرارة تكون هنالك أثار بيولوجية على الأعضاء.
ماذا يحدث للخلايا عندما تتعرض لإشعاع الترددات اللاسلكية؟
عندها تقترن الخلايا مع هذه الإشارة، لكن لا احد يعرف ما هي طبيعة هذا الاقتران. وهنالك أثار يتسبب بها هذا الاقتران مثل انتقال الكالسيوم إلى خارج أغشية الخلية، وإنتاج جذور حرة أو تغيير في تعبير الجينات في الخلايا. ويتم إفراز كميات كبيرة من بعض البروتينات المهمة في أوقات وأماكن لا ينبغي لها أن تفرز فيه، وهذه البروتينات عادة ما تؤثر على وظائف الخلايا. فبعض هذه التغييرات تكون مرافقة للتغيرات التي تمر بها الخلايا عند تحولها من خلايا طبيعية إلى خلايا سرطانية. وتختلف هذه الآثار حسب طبيعة الإشارة وطول مدة التعرض لها، وكذلك خصائص الإشارة نفسها.
هل استخدام الفئران يؤثر على صحة مثل هذه الدراسات، وخصوصا أن الدراسة تهدف إلى تحديد أثار الهواتف المحمولة على الإنسان؟
نحن نحاول الحصول على أفضل نموذج متاح بناءاً على علم وظائف الأعضاء وعلم الوراثة وما توصلنا إليه من الكيمياء الحيوية. فيكون السؤال الرئيسي الذي يطرح هو “ما إذا كانت الأجهزة اللاسلكية تؤثر أو لا؟”. والنقد الرئيسي هو أنها تؤثر على الفئران وليس الإنسان.
درس برنامج علم السموم الأمريكي كل من الوصول المتعدد بواسطة الشفرات المقسمة (Code Division Multiple Access) والتعديلات على النظام العالمي للهواتف المحمولة (Global System for Mobile)، والتي تنظم كيفية حمل الأشعة للمعلومات. لماذا اختبر التشفير على أكثر من نظام في هذه الدراسة؟
الاختبار يكون على النظامين لأن كلاهما يستخدمان على نطاق واسع اليوم، لكن لا اعرف ما هو الأساس المنطقي في دراسة برنامج علم السموم، لكن في الدراسة التي أقمناها في عام 1990 كان هدفه هو معرفة ما إذا كانت الإشارة تتضمن الآثار التي نبحث عنها. المشكلة تكمن في جزء من الإشعاعات الراديوية، وفي الدراسة ليس لدينا جرعة من مادة كيميائية لكي نحدد الكمية التي تسبب هذه الآثار، ففي الإشارات اللاسلكية هنالك الكثير من العوامل التي تؤثر، منها كثافة الطاقة التي يحملها الإشعاع ومدة التعرض له. فلا احد يعرف أي الأمور أهم.
ما هي الحجة السائدة حول كون الإشعاعات الغير مؤينة تسبب السرطان؟
أنها مسألة معقدة، فالأمر أشبه لما يحدث للأشخاص عند تدخينهم السجائر، فلوقت طويل لم يكن معروف عن المركب الذي يسبب السرطان في دخان السجائر، فاختلاف رئة المدخن عن غير المدخن واضحة، لكن من الصعب معرفة الآلية التي تسبب هذا الاختلاف. وهنا نفس النوع من الجدل، فليس هنالك تفسير معقول لكون إشعاع يحمل هذا المستوى المنخفض من الطاقة أن يؤدي إلى تغيرات بيولوجية كبيرة وضارة على صحة الإنسان وتقدمه. فالأشخاص الذين يعملون في مجال الترميز الجيني رأوا تلك الآثار، لكن يصعب عليهم إيجاد طريقة لشرحها.
ما يجب على الناس أن يهتموا فيه من هذه الدراسة؟
هذه الدراسة تقدم بعض الأجوبة على تساؤلات الناس، وتثير تساؤلات أكثر. أتوقع أن الأمور سوف تبقى على وضعها في هذا البلد (يقصد أمريكا*). فان نظرتم إلى البحوث والدراسات التي تجري في هذا لخصوص سوف ترون أنها جميعا تجري خارج البلد. فالأشخاص يفضلون أن يؤمنوا بان تقنياتهم آمنة.
كيف يمكن التوفيق بين استخدام الهاتف المحمولة الشخصية ومنع المخاطر الصحية المحتملة؟
عن نفسي أقوم بربط الهاتف مع بلوتوث “Bluetooth” السيارة، عند الاتصال أو استقبال الرسائل، أو أضع المكالمات على مكبر الصوت. فعلينا أن ندرك انه إذا كانت هذه الإشعاعات المنخفضة الطاقة تؤثر على الأنسجة البيولوجية فهي تفتح الكثير من القضايا المتعلقة بسلامة الاتصالات اللاسلكية. فنحن نسبح ببيئة كهرومغناطيسية، لا نعرف إذا كانت آمنة.