1

وَالْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِيَةٌ

في إحدى زوايا جامعة الموصل، كان سامي يعمل بهدوء في قسم المكتبة. شابٌ طموح، يحب القراءة والتأمل، ويؤمن أن العقل كحديقة؛ إذا رويته بالفكر النقي، أزهرت أفكاره وأثمرت.

كان الصمت يلف المكان إلا من همسات خافتة وصوت تقليب صفحات الكتب، وكأن المكتبة تهمس بأسرارها لمن يصغي. وسط هذا الهدوء، لفت انتباه سامي طالبٌ يجلس في زاوية بعيدة. أمامه كومة من الكتب، وعلى وجهه علامات قلق واضح.

اقترب سامي وسأله بلطف:

"هل تحتاج إلى مساعدة؟"

رفع الطالب عينيه بتردد وقال:

"أشعر أنني أقرأ دون أن أفهم شيئًا. فكري مشوش، وكلما حاولت التركيز، ازدادت الأمور سوءًا."

ابتسم سامي وقال وهو يجلس بقربه:

"العقل، يا صديقي، مثل المرآة. إذا تراكم عليها الغبار، فلن ترى الأشياء بوضوح. ما تحتاجه هو لحظة صفاء."

أشار سامي للطالب ليرافقه إلى الحديقة الخلفية للجامعة، حيث النسيم عليل والأشجار وارفة الظلال. جلسا تحت شجرة شاهقة، وقال سامي:

"حاول أن تغلق عينيك. تنفس بعمق. أفرغ ذهنك من كل الأفكار المتزاحمة. ركز فقط على نفسك. عندما تصفو مرآة فكرك، ستفهم كل شيء بوضوح."

امتثل الطالب لنصيحته. دقائق من الصمت مرت، ثم فتح الطالب عينيه، وابتسامة خفيفة تعلو وجهه.

"أشعر وكأنني أزيح غبارًا كان يثقلني."

ضحك سامي بلطف وقال:

"بالضبط. الفكر مثل المرآة. إذا لم تنظفه بانتظام، فلن يعكس سوى التشويش."

في نهاية اليوم، شكر الطالب سامي وعاد إلى كتبه بفكر متجدد. أما سامي، فابتسم لنفسه وهو يتمتم:

"وَالْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِيَةٌ."

ثم تذكر قول الله تعالى:

﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾

(محمد: 24).

وأيقن أن صفاء الفكر ليس مجرد وسيلة لفهم النصوص، بل هو مفتاح للحكمة، طريق للتدبر، وجسر بين القلب والعقل.

-------------

روي عن الإمام علي:

"وَالْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِيَةٌ".

صَدْرُ الْعَاقِلِ صُنْدُوقُ سِرِّهِ

وَالْفِكْرُ مِرْآةٌ صَافِيَةٌ

وَالْأَدَبُ حُلَلٌ مُجَدَّدَةٌ

الْعِلْمُ وِرَاثَهٌ كَرِيمَةٌ

الراشي والمرتشي في النار

الْعَجْزُ آفَةٌ

وَالْمُقِلُّ غَرِيبٌ فِي بَلْدَتِهِ

وَالفَقْرُ يُخْرِسُ الْفَطِنَ عَنْ حُجَّتِهِ

وَالْجُبْنُ مَنْقَصَةٌ

الْبُخْلُ عَارٌ

وَهَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ مَنْ أَمَّرَ عَلَيْهَا لِسَانَهُ

وَرَضِيَ بِالذُّلِّ مَنْ كَشَفَ ضُرَّهُ

أزرى بنفسه مَن استشعر الطمع

الناصح

اتبع شغفك، وسِر بخطى ثابتة

وَالزُّهْدُ ثَرْوَةٌ

1

المزيد
EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي