المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



ما معنى قوله : ( وَعَصَىٰ ) و ( فَغَوَىٰ ) ؟ -


  

3330       03:41 مساءاً       التاريخ: 29-09-2015              المصدر: آية الله جعفر السبحاني
ربّما يتمسك المخالف بهذين اللفظين ، حيث قال سبحانه : {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 121] لكن لا دلالة لهما على ما يرتئيه المستدل.

أمّا لفظة ( عَصَىٰ ) فهي وإن كانت مستعملة في مصطلح المتشرعة في الذنب والمخالفة للإرادة القطعية الملزمة ، ولكنه اصطلاح مختص بالمتشرعة ولم يجر القرآن على ذلك المصطلح ، بل ولا اللغة ، فإنّ الظاهر من القرآن ومعاجم اللغة أنّ العصيان هو خلاف الطاعة ، قال ابن منظور : العصيان خلاف الطاعة ، عصى العبد ربّه : إذا خالف ربّه ، وعصى فلان أميره ، يعصيه ، عصياً وعصياناً ومعصية : إذا لم يطعه. وعلى ذلك فيجب علينا أن نلاحظ الأمر الذي خولف في هذا الموقف ، فإن كان الأمر مولوياً إلزامياً كان العصيان ذنباً ، وإذا كان أمراً إرشادياً أو نهياً تنزيهياً لم تكن المخالفة ذنباً في المصطلح ، ولأجل ذلك لا يصلح التمسّك بهذا اللفظ وإثبات الذنب على آدم عليه السلام .

وأمّا اللفظة الثانية : أعني ( فَغَوَىٰ ) فالجواب عنها : انّ الغي يستعمل بمعنى الخيبة ، قال الشاعر :

فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره            ومن يغو لا يعدم على الغي لائماً

  أي ومن حرم من الخير ولم يلقه ، لا يحمده الناس ويلومونه.

وفي حديث موسى وآدم : ( أغويت الناس ) أي خيّبتهم ، كما أنّه يستعمل في معنى الفساد ، وبه فسر قوله سبحانه : {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} أي فسد عليه عيشه كما سيأتي (1).

إذا عرفت ذلك فنقول : إنّ المراد من الغي في الآية هو خيبة آدم وخسرانه وحرمانه من العيش الرغيد الذي كان مجرداً عن الظمأ والعرى ، بل من المنغصات والمشقات ، وليس كل خيبة تتوجه إلى الإنسان ناشئة من الذنب المصطلح ، كما أنّه يحتمل أن يكون المراد منه هو الفساد ، وبذلك فسر ابن منظور المصري في لسانه قوله سبحانه : { وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ } أي فسد عليه عيشه (2) ، ولا شك أنّ العيش في الجنّة لا يقاس بالعيش في عالم المادة الذي هو دار الفساد والانحلال.

ولو سلم أنّ الغي بمعنى الضلال في مقابل الرشد ، لكن ليس كل ضلال معصية ، فإنّ من ضل في طريق الكسب أو في طريق التعلّم يصدق عليه أنّه غوى : أي ضل ، ولكنه لا يلازم المعصية.

وكان سيدنا الأُستاذ العلاّمة الطباطبائي ـ رضوان الله عليه ـ يقول في مجلس بحثه : إنّ لفظة ( غَوَىٰ ) تعني الحالة التي تعرض للغنم عندما تنفصل عن القطيع فتبقى حائرة تنظر يميناً وشمالاً ولا تشق طريقاً لنفسها ، وكان آدم أبو البشر حائراً بعد ما خالف نهي ربِّه وابتلي بما ابتلي به لا يدري كيف يعالج مشكلته ، وكيف يتخلّص من هذا المأزق الحرج ؟!

وبالجملة : فالغي إن أُريد منه الخروج عن جادّة التوحيد ، والانحراف عمّا رسم للإنسان من الواجبات والمحرمات ، فهو يلازم الكفر تارة والذنب أُخرى ، ولكن ليس كل ضلال ـ على فرض كون الغي بمعنى الضلال ـ ملازماً للجرم والذنب ، فمن ضل عن الطريق وتاه عن مقاصده الدنيوية أو المصالح التي يجب أن ينالها ، يصدق عليه أنّه ( غَوَىٰ ) مقابل أنّه « رشد » ولكنه لا يلازم المعصية المصطلحة.

ولا شك أنّ آدم بعدما أكل من الشجرة بدت له سوأته وخرج من الجنة وهبط إلى دار الفساد ، فعندئذ غوى في طريقه وضل عن مصلحته.

وبالجملة : فهذه الوجوه الثلاثة المذكورة حول ( غَوَىٰ ) تثبت وهن الاستدلال بها على العصيان.

____________________

(1) لاحظ لسان العرب : 15 / 140.

(2) لاحظ لسان العرب : 15 / 140 ، مادة « غوى ».


Untitled Document
د. فاضل حسن شريف
الامام الصادق في كتاب موازين الهداية للدكتور أبو لحية...
السيد رياض الفاضلي
المطالعة المثمرة نافذة على العالم
السيد رياض الفاضلي
يا طالب العلم
د. فاضل حسن شريف
(عدم نطق ألف التفريق للجماعة) في سورة فاطر (ح 1)
د. فاضل حسن شريف
واجبات وحقوق المعلم: الالتزام (وألزمهم كلمة التقوى) (ح...
نجمة آل درويش
"بين آراء الجميع وحكمة الإمام السجاد: نصنع الفارق...
السيد رياض الفاضلي
اثر الابداع بالصنع في تعزيز الحق
قصص وعظات
رَضِيَ بِالذُّلِّ مَنْ كَشَفَ ضُرَّهُ (قصة قصيرة)
حمدي الروبي
ترنيمة اللقاء ، قراءة نقدية في قصيدة : أغداً ألقاك
حمدي الروبي
الفرق بين التدريب والتعليم
د. فاضل حسن شريف
عقيدة الزيدية والقرآن الكريم من سورة المائدة (ح 22)
ياسين فؤاد الشريفي
قبيلة الهيمبا المتأصلة
د. فاضل حسن شريف
عقيدة الزيدية والقرآن الكريم من سورة المائدة (ح 21)
حمدي الروبي
هل تنجح الصين في تهميش الدور الأمريكي في الشرق الأوسط