الفرح والسرور ملأَ أجواء الصحن الكاظمي الشريف ابتهاجاً بولادة فريدة من نوعها عطرت جبهة التاريخ ألا وهي ولادة امام المتقين وقائد الغر المحجلين أسد الله الغالب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع), وذكرى ولادة حفيده شباب الأئمة الامام محمد بن علي الجواد(ع), حيث أقامت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة حفلها البهيج احتفاءً بهاتين المناسبتين المباركتين, بحضور أعضاء مجلس إدارة العتبة الكاظمية المقدسة وعدد من الوجهاء والمشايخ والشخصيات الدينية والاجتماعية وجمع غفير من زائري الإمامين الجوادين(ع). استهل الحفل بتلاوة ايٍ من الذكر الحكيم شنف بها اسماع الحاضرين القارئ (علي فلاح خشان), ثم تلاها كلمة الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة ألقاها نائب أمينها العام السيد (موسى الأعرجي) وجاء فيها: (عندما نتحدث عن أمير المؤمنين (ع) لابد ان نتحدث عن العدالة التي لازمت شخصيته السامية حتى اقترن اسمه المقدس بالعدالة وكان مصداقاً بارزاً لقوله تعالى (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالقِسطِ) فحقاً لم يعرف تاريخ الانسانية بعد الرسول الأكرم(ص), شخصاً كعلي(ع) خلد اسمه الى الأبد, وارتسمت صورة عدالته في أذهان البشر, وما وصيته لمالك الأشتر عندما ولّاه مصراً إلا عنوان شامل لمعنى العدالة لايفرق بين أطياف مجتمعه عندما قال:(الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق) , لذا اصبحت عدالته(ع) أنموذجاً واضحاً لكل القادة وطلاب العدالة على مرِّ القرون, ومصداقاً مشرَّفاً للإنسان المسلم المتكامل الذي يستطيع أن يكون قدوة في جميع المجالات, فماذا نقول عن إمام ارتقى صهوات المجد وحكم البلاد بدستور الله, فحريّ بحكام الدول الإسلامية اليوم ان ينتهجوا نهج ربيب النبي (ص), وليعلموا بأن قيادة الشعوب ما هي إلا أمانة في أعناقهم فليتقوا الله وليتعاملوا معها بالعدل والمساواة . أما حديثنا عن القدوة الثانية فهو ما يخص إمامنا الجواد(ع) إذ استطاع ذلك الشاب أن يفرض نفسه على مجتمع عصره بسموه الروحي والخُلقي, ونشاطه المتواصل بين جماهير الأمة بما تجمع لديه من مقومات الصلاح والإصلاح والرغبة في نشر العلم والحث على مكارم الأخلاق, وعلى الرغم من قصر عمر الإمام الجواد(ع) الذي عاش خمسة وعشرين عاماً, فقد تمكن من النهوض بمسؤولية الأمة, وترسيخ المعتقدات الإسلامية في المجتمع, بما له من مواهب علمية, وعطاء معرفي واسع ورثه عن آبائه المعصومين. وعمل الإمام جاهداً على تحسين العلاقة بين الأفراد انفسهم, واقامة علاقات طيبة مبنية على المودة والأخاء والإخلاص والتعاون بين الجميع. فإن الإمام الجواد(ع) يبقى قدوة لشبابنا الواعد ليعرفوا كيف يبنون مجتمعاً رصيناً محصناً بفكر خالٍ من كل ما يشوه ديننا وعقيدتنا وأن يكونوا درعاً حصيناً ضد كل الثقافات المنحرفة, وليعرفوا كيف يكسبوا أفراد المجتمع من خلال المعاملة القائمة على مكارم الأخلاق وصدق الحديث والدفاع عن الدين المحمدي الأصيل). ثم ألقى عدد من الشعراء القصائد الولائية من الشعر القريض والشعبي والتي نهلت من بحر علمه وفيض كرمه واخلاقه العظيمة وسجاياه النبيلة من بينهم الشاعر (محسن الموسوي وعلي اللامي). وكان لفرقة الجوادين للإنشاد الديني مشاركة جميلة بالموشحات الإسلامية صدحت بها حناجرهم ولاءً وحبا لأمير المؤمنين والأئمة الأطهار من ذريته(ع), وأشادت بشرفه وفضله ومواقفه النبيلة الصادقة, كما تخلل الحفل الأهازيج والردات التي أضفت روح الفرح والسرور والبهجة في نفوس المؤمنين من زائري الإمامين الجوادين(ع) تألق فيها الرادود (حيدر الصغير ) ترنمت بالحب والولاء للرسول الأكرم(ص) والعترة الطاهرة(ع), كما تخلل الحفل فقرة الاسئلة والأجوبة الخاصة بالمناسبة وتم توزيع الهدايا على الفائزين, وكان لعريف الحفل الاستاذ(مصطفى الصائغ) الدور البارز في انجاح الحفل وتنسيق فقراته. كما نظمت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة مسيرة ولائية حاشدة تخللت الحفل المبارك شارك فيها موكب خَدَمة الإمامين الجوادين(ع) وكوادر العتبة المقدسة مجددين العهد والولاء لوصي رسول الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) حيث انطلقت من حسينية آل الصدر متجهة صوب الحرم الكاظمي الشريف بأهازيج صدحت بها حناجر المشاركين التي شادت بفضائل ومناقب وسيرة صاحبي الذكرى ودورهما الرسالي في قيادتهما للأمة الإسلامية.