في ظلّ الظروف الصعبة التي تواجهها العائلات اللبنانية النازحة، استطاعت الحملة الإغاثية الإنسانية التي أطلقتها العتبة العبّاسية المقدّسة، دعم المحتاجين والتخفيف من معاناتهم استجابةً لدعوة المرجعية الدينية العُليا في النجف الأشرف. ولعبت المواكب الحسينية دوراً محورياً في هذه الحملة، مجسّدةً أسمى معاني العطاء والتكافل الاجتماعي المستلهم من فلسفة عاشوراء وزيارة الأربعين المباركة، بالتنسيق مع العتبة المقدّسة. وتمكّنت المواكب الحسينية المنتشرة في مختلف محافظات العراق من توفير الدعم اللوجستيّ للحملة الإغاثية، التي استهدفت العائلات اللبنانية النازحة نتيجة الأزمات المتتالية التي تسبّب بها العدوان الإسرائيلي. وشملت المساهمات توفير الموادّ الغذائية المختلفة، واللوازم الأساسية لتلك العائلات، بجهود تجسّد روح التكافل التي تربط بين المؤمنين تحت راية الإمام الحسين(عليه السلام)، حيث لم تقتصر أدوار المواكب الحسينية على إحياء الشعائر الدينية فحسب، بل امتدّت لتشمل أبعاداً إنسانية واسعة. وفي حديث مع كفيل موكب الإمام الحسن(عليه السلام)، أحد المواكب الحسينية في قضاء الحيّ بمحافظة واسط المشاركة في الحملة، السيد عمار حسون شعيل، قال "نحن نعتبر أن خدمة الإمام الحسين(عليه السلام) لا تقتصر على أيام عاشوراء فقط، بل تشمل كلّ موقفٍ إنساني يحتاج فيه أيّ فردٍ من المؤمنين إلى العون، ومن هذا المنطلق قرّرنا المساهمة في الحملة الإغاثية التي أطلقتها العتبة العبّاسية لتقديم يد العون للعائلات اللبنانية التي تعاني من ظروفٍ صعبة". وأضاف "الشعب العراقي هو رمز للكرم والعطاء، ونحن ورثنا هذه القيم من أهل البيت(عليهم السلام)، وما نراه اليوم من دعم من قبل العراقيين للحملات الإغاثية سواء داخل البلاد أو خارجها، هو تجسيد حيّ لهذه الروح، فالعراقيّون لم يتردّدوا يومًا في تقديم يد العون لمن هم في حاجة، ونحن هنا لإيصال ما نستطيع إيصاله إلى إخواننا النازحين في لبنان". وفي السياق ذاته ذكر الشيخ لطيف المنصوري من ممثّلية مواكب محافظة البصرة أن "الحملة شهدت استجابة واسعة من أصحاب المواكب الذين بادروا بجمع التبرّعات المادّية والمواد الغذائية، من أجل إيصالها إلى المناطق المتضرّرة، ونعمل بالتنسيق الكامل مع العتبة العبّاسية لضمان توزيع المساعدات إلى المحتاجين". من جانبه، أشار مسؤول وحدة مواكب قضاء بدرة في محافظة واسط السيد ناظم محمد أن "الروح الحسينية التي نستلهمها من الإمام الحسين(عليه السلام) تدفعنا دائمًا للتفاعل مع الأزمات الإنسانية، وما قمنا به في هذه الحملة هو جزء بسيط من واجبنا تجاه إخواننا في لبنان الذين يمرّون بظروفٍ صعبة". وأضاف "نحن نستلهم من توجيهات المرجعية الدينية العُليا في النجف الأشرف، التي لطالما كانت الداعم الأوّل لكلّ مبادرةٍ إنسانية تخدم المحتاجين، سواء داخل العراق أو خارجه، فالمرجعية تؤكّد دائمًا على قيم التضامن والإخاء، وتحثّنا على تقديم العون لمن هم في أمسّ الحاجة لذلك". وتبرز هذه الحملة الإغاثية التي أطلقتها العتبة العبّاسية، والدور الكبير الذي لعبته المواكب الحسينية فيها، العمل الإنسانيّ التطوّعي الذي يترجم الرسالة الحسينية التي تحمل في طيّاتها قيمًا عالمية، تظلّ منارةً للتضامن والعطاء في كلّ زمانٍ ومكان.
وقد أرسلت العتبة المقدّسة إلى الآن قافلتين من المساعدات ويجري التجهيز لإرسال القافلة الثالثة، ضمن حملتها لدعم وإغاثة الشعب اللبنانيّ، وايصال جميع المستلزمات الطبّية والغذائية المتنوّعة التي يحتاجها النازحون، بالإضافة إلى العيادات المتنقّلة لإسعاف الجرحى، ومطبخًا مركزيًا لتوزيع الطعام بصورة يومية مستمرة. وشرعت العتبة العبّاسية بإطلاق الحملة الإغاثية بعد دعوة المرجع الدينيّ الأعلى سماحة السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظلّه)، للقيام بما يُساهم في التخفيف عن معاناة الشعب اللبنانيّ وتأمين احتياجاتهم الإنسانية، بعد الاعتداءات الأخيرة.