بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ ربّ العالمينَ.. والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الخلقِ والمرسلين.. أبي القاسم محمد النبي الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين..
السلام عليك سيدي يا رسول الله.. ورحمة الله وبركاته..
السلام عليك سيدي يا جعفر بن محمد الصادق ورحمة الله وبركاته..
السلام على الإمامين الكاظمين الجوادين ورحمة الله وبركاته.
السلام عليك سيدي يا صاحب الزمان.. عجل الله فرجك الشريف.
السادة الحضور مع حفظ الألقاب والمقامات السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته..
نلتقيكم اليوم في مسك ختام مهرجان ربيع الولادة السادس الذي انطلق منذ أسبوع تحت شعار (على صراط أحمد ).. فباسمكم وباسمي خادم الامامين عليهما السلام وباسم خدام العتبة وزوارها ومن رحاب الصحن الكاظمي الشريف ومن جوار أحفاد نبينا الأكرم نبارك للأمة الإسلامية جمعاء ذكرى ولادة نور فخر الكائنات الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وذكرى مولد نور حفيده الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) سائلين العلي القدير أن يعيد هذه المناسبة الكريمة على العراق واهله وعلى البلاد الإسلامية باليمن والخير والبركة والأمن والأمان وأن يعم السلام في ربوع أوطاننا وأن يدحر أعداءنا أينما وجدوا.. داعين الله تعالى بدعاء النبي إبراهيم الخليل عليه السلام: (رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ).
يمثل المولد النبوي فرصة للتأمل في رسالة الإسلام وقيم الرحمة والتسامح والتعاون على البر والتقوى وهي مناسبة نستذكر فيها سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحياته وتعاليمه وخلقه الذي قال تعالى فيه (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) فالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم يمثل قدوةً عظيمة ومثالاً كاملاً للإنسانية في كل جوانب الحياة وهو المبعوث رحمة للعالمين لهداية البشرية وشفيع الأمة يوم القيامة لذلك فهو منقذنا في الدنيا ومنقذنا في الآخرة إن شاء الله تعالى.
والشخصية الثانية في هذه المناسبة هو الإمام جعفر الصادق عليه السلام الذي يمثل شخصية عظيمة ومحورية في التاريخ الإسلامي والانساني، وهو الإمام السادس من أئمة أهل البيت الذي كان له تأثير واسع في الفكر الإسلامي حيث ساهم في تطوير المدارس الفقهية، وتتلمذ على يديه العديد من العلماء من أئمة المذاهب والفرق الإسلامية مثل الإمام مالك بن أنس وأبو حنيفة النعمان، وهو ما يجعله مصدرًا مشتركًا بين المسلمين من مختلف المذاهب فهو عليه السلام صاحب مدرسة جامعة للعلم والعلماء.. وقد أسس لمنهج علمي أسهم في انتشار الفقه الإسلامي والعلوم المختلفة، بما في ذلك الكيمياء والفلك وغيرهما .. لذا فلرسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم وللإمام جعفر الصادق عليه السلام رمزية راسخة في ضمائر المحبين والموالين تحمل أبعاداً دينية وروحية عميقة تمثل ارتباطهم العميق بالإيمان والقدوة الصالحة: إذ كان النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم رمز الرسالة الإلهية.. وهو النموذج الأكمل والقدوة الفضلى الذي قال فيه تعالى (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) حيث يجسد ﷺ المثال الأعلى في الأخلاق والفضائل وهو قدوة يحتذى بها في كل جوانب الحياة، ويمثل بشخصيته الفريدة القيم الإنسانية العليا وهو صاحب الشفاعة والرحمة حيث يرمز النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى رحمة الله، حيث وصفه القرآن بـ"رحمة للعالمين". قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً للْعَالَمِينَ) وهو أيضًا شفيع الأمة يوم القيامة، مما يعزز علاقته الروحية العميقة بالمؤمنين.. وقد خصه الله سبحانه وتعالى بأعلى درجات التكريم والتشريف إذ صلّى عليه وصلّت عليه ملائكته، وألزم المؤمنين بالصلاة عليه وعلى آله، قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) فكانت صلاة الله وملائكته ورسوله رشحة من ذلك التكريم، وقبساً من تلك المشكاة.
أما الإمام جعفر الصادق عليه السلام فهو رمز للعلم والمعرفة الدينية والحكمة الذي قدّم إسهامات كبيرة في تفسير الشريعة وتعميق الفهم الديني، وتأسيس مدرسة فكرية رصينة، كما أنه يمثل الاستمرارية الروحية لرسالة جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فضلا عن كونه رمزًا للزهد والتقوى ومكارم الأخلاق والخدمة الصادقة للمجتمع.. مما يعني باختصار إن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والإمام جعفر الصادق عليه السلام يرمزان في وجدان المؤمنين إلى الاتصال بالله تعالى عبر العلم والقدوة الصالحة، والتمسك بالقيم الروحية والدينية والتربوية التي تقود الإنسان نحو السمو الأخلاقي والروحي.. ومنها قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا ابن مسعود: عليك بالسكينة والوقار وكن سهلا لينا عفيفا مسلما تقيا نقيا بار طاهرا مطهرا صادقا خالصا سليما صحيحا لبيبا صالحا صبورا شكورا مؤمنا ورعا عابدا زاهدا رحيما عالما فقيها).. وقول الإمام الصادق عليه السلام: (الصلاة قربان كل تقي، والحج جهاد كل ضعيف، وزكاة البدن الصيام، والداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر، واستنزلوا الرزق بالصدقة وحصنوا أموالكم بالزكاة). وقوله عليه السلام: (كن للقرآن تالياً وللسلام فاشيا وللمعروف آمرا وعن المنكر ناهيا ولمن قطعك واصلا ولمن سكت عنك مبتدئا ولمن سألك معطيا إياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في القلوب، وإياك والتعرض لعيوب الناس، فمنزلة المتعرض لعيوب الناس كمنزلة الهدف). ونستثمر هذه المناسبة الكريمة للإشارة إلى أن الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة وضعت في أولوياتها خدمة الزائرين الكرام في كل المناسبات ومن أجل تلك الخدمة أخذنا على عاتقنا القيام بمشاريع التأهيل والتطوير وإضافة مساحات عبادية تليق بالزائرين الوافدين والتي تنوعت في أكثر من اتجاه على المستوى العمراني والخدمي والصحي والثقافي والاعلامي وأيضا على مستوى الموارد البشرية والاختصاصات المهنية والعلمية.. ولا يخفى عليكم أن كل هذه الأعمال لابد أن تأخذ وقتها لحين إنجازها على أتم وجه بعد أن أصبحت هذه الرحاب الطاهرة قبلة يتوجه إليها ملايين الزائرين.
في الختام أسأل الله تعالى بحق النبي وآله أن يجعلنا من الدعاة لمنهج النبي المختار وآله الأطهار والملتزمين بها وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.