تلبدت مشاعرُ الحزن في سمائنا تعلوها آيات الأسى ونحن ننشر رايات الحزن السواد فوق رؤوسنا، ترافقها آهاتٌ وعبرات على فقدِ كريم السادات إمامنا محمد بن علي الجواد "عليه السلام "، إذ أقامت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة المراسم السنوية لاستبدال رايتي الإمامين الكاظمين الجوادين "عليهما السلام" التي تَعلو القبتين الشامختين برايتي الحزن السوداوتين، والتي جَرَت وسط حضور وكيل المرجعية الدينية العُليا في مدينة الكاظمية المقدسة سماحة الشيخ حسين آل ياسين "دامت توفيقاته"، ومشاركة وفود العتبات المقدسة العلوية والحسينية والعسكرية والعباسية والمزارات الشريفة، ونُخبة من السادة الأجلاء والمشايخ الفضلاء في المشروع التبليغي الحوزوي، وعدد من الشخصيات الرسمية والاجتماعية وجمع غفير من وجهاء وشيوخ مدينة الكاظمية المقدسة والمواكب والهيئات الحسينية ومسؤولي دوائرها الأمنية والخدمية وزائري الإمامين الجوادين "عليهما السلام".
استهلت المراسم العزائية بتلاوة مباركة من الذكر الحكيم شنّف بها قارئ العتبة المقدسة الشيخ عامر الخفاجي أسماع الحاضرين، تلتها كلمة الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة بهذه المناسبة، وألقاها نائب أمينها العام المهندس سعد محمد حسن جاء فيها قائلاً: (اليوم تعتصر القلوب ألماً، ويتشح الكون سوداً، وتدمع العيون حزناً لفقدك يا سيدي يا جواد الأئمة نسأله تعالى أن يجعلنا وإياكم من الذين يستلهمون الدروس والعِبر من صاحب الذكرى والاقتداء بمنهج سيرته المباركة من خلال إصلاح سرائرنا والرجوع إلى الله تعالى، ونشر الوعي والإصلاح في مجتمعنا وأسرنا ومؤسساتنا وأن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وأضاف: على بركة الله تعالى نبدأ مراسم استبدال الرايات الخضراء بالرايات السوداء إيذاناً ببدء أيام الحزن والعزاء في ذكرى استشهاد إمامنا الجواد "عليه السلام" ودعوة المؤمنين والزائرين لإحياء هذه الزيارة المباركة في مدينة الكاظمية المقدسة وهي مستعدة بأهلها ومواكبها وهيئاتها وحسينياتها وجوامعها وبمشاركة المواكب الحسينية من جميع مناطق بغداد والمحافظات العزيزة، فضلاً عن العتبات المقدسة، وخدام العتبة الكاظمية المقدسة بتقديم مختلف الخدمات للزائرين الكرام، داعين للجميع قبول الأعمال والحفظ والسلامة).
أعقبّها كلمة وكيل المرجعية الدينية العُليا في مدينة الكاظمية المقدسة سماحة الشيخ حُسين آل ياسين "دامت توفيقاته" استهل في مقدمتها قائلاً: ( نيابة عن أبطال فتوى الدفاع الكفائي شهداء، وجرحى، ومُلبين، الذين قالت لهم المرجعية في خطبة النصر: "ان المرجعية الدينية العُليا صاحبة فتوى الدفاع الكفائي التي سخّرت كل إمكاناتها وطاقاتها في سبيل إسناد المقاتلين وتقديم العون لهم، لا ترى لأحدٍ فضلاً يداني فضلكم ولا مجداً يرقى إلى مجدكم في تحقيق هذا الإنجاز التأريخي المهم .. فالنصر منكم ولكم وإليكم وأنتم أهله وأصحابه.. أنتم فخرنا وعزّنا ومن نباهي به سائر الأمم".
بعدها قرأ سماحته زيارة الإمامين الكاظمين "عليهما السلام" نيابةً عن الشهداء الأبرار والجرحى وذويهم ثم أشار في حديثه إلى شذرات من السيرة المباركة لإمامنا الجواد "عليه السلام" وفضائله.
تخللت المراسم العزائية مشاركة الشاعر طلال آل طالب بقصيدة رثائية نظمها بحق صاحب الذكرى "عليه السلام" بعنوان: (يا سيدي يا باب المراد)، ومشاركة لمواكب مدينة الكاظمية النجباء بمراسم تأبينية حاملين فيها رايات الولاء بهذه المناسبة الأليمة، والاستماع إلى القصائد العزائية بمشاركة الرادود الحسيني خضير السعدي الكاظمي، من بعد ذلك تم استبدال رايتي القبتين الشريفتين وسط أجواء يملؤها الحزن وذرف الدموع وتعالي الأصوات بـ(لبيّك يا جواد)، واختتم  تلك المراسم فضيلة الشيخ أحمد الربيعي بقراءة مجموعة من المراثي مواساة للنبي الأكرم وأهل بيته الأطهار "عليهم السلام" بهذه المصيبة الراتبة، والدعاء بتعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان "عجل الله فرجه الشريف".