المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
Untitled Document
أبحث في الأخبار


الكسوف والخسوف


  

690       01:41 صباحاً       التاريخ: 2023-11-02              المصدر: يعقوب صرُّوف

أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-8-2020 1117
التاريخ: 22-8-2020 1140
التاريخ: 2023-03-07 713
التاريخ: 2023-02-28 896
التاريخ: 26-2-2022 1799
أنَّ الشمس والقمر والكواكب السيارة وغير السيارة ليست على بعد واحد من الأرض بل بعضها بعيد عنا بُعْدًا شاسعاً جدًّا حتى لا يصل النور منها إلينا على سرعته الفائقة إلا بعد السنين الطوال، وبعضها قريب منا إذا قوبل بعده عنا بتلك الأبعاد الشاسعة، وإذا كانت الحال كذلك فيحتمل أن يمرَّ جِرم منها أمام جرم أبعد منه؛ أي بيننا وبينه فيحجبه عن نظرنا وهذا هو الواقع، ويظهر ذلك على أوضحه في كسوف الشمس بواسطة القمر فإنه أقرب منها إلينا، فإذا اتفق أنْ مرَّ بيننا وبينها تماما غطى وجهه وجهها؛ أي حَجَبَها عن نظرنا أو أبقى حلقة منيرة حوله وهو أصغر منها كما تقدم لكنه أقرب وتكاد تكون نسبة بعدها إلى بعدهِ كنسبة سعتها إلى سعته فيظهران لنا كأنهما متساويان سعة.
وإذا اتفق مرور القمر بيننا وبين الشمس تمامًا فالذين منا في المكان المقابل لمركز القمر ومركز الشمس يرون القمر عند تكامل الكسوف قد غطى وجه الشمس كله وهو الكسوف الكلي أو يرونه قد غطّى وجه الشمس كله وترك حلقة ضيقة حوله؛ لأن الشمس كانت حينئذ في أقرب بعدها منا فيرى وجهها أوسع من وجهه وهو الكسوف الحلقي، وقبل تكامل هذا الكسوف وذاك ترى القمر يمرُّ على وجه الشمس رويدا وريدا، وبعد تكامل الكسوف يأخذ القمر ينجلي عن وجه الشمس رويدا رويدا إلى أن يتم الانجلاء أما إذا لم يكن مشاهد الكسوف مقيمًا حيث يظهر له مركز القمر ومركز الشمس في خط واحد عند تمام الكسوف فإنه لا يرى كسوفًا كليًّا يرى ولا حلقيا بل كسوفًا جزئيا؛ أي يرى أن قرص القمر مرَّ أمام جانب من قرص الشمس لا أمامه كله.
وقد رَسَمْنَا في الشكل 6-1 التالي تفصيلا للكسوف الكلي الذي حدث في 28 مايو سنة 1900 ففي الزاوية العليا جزء من قرص الشمس ونورها واقع على القمر ولكونها أكبر منه كثيرًا يكون ظله مخروطًا كما ترى في الرسم، وقد أصاب طرف هذا الظل حينئذ منطقة ضيقة من الأرض فسار عليها خمسة آلاف ميل من نيواورليانس بالولايات المتحدة الأمريكية إلى فرجينيا فالاوقيانوس الأتلنتيكي فإسبانيا فبلاد الجزائر وانتهى في الصحراء غربي مصر، وقد عبرنا عن مسيره هذا بخط أسود وعلى جانبي هذا الخط خطان متقطعان، والأماكن التي بينهما وبين الخط الأسود ظهر فيها الكسوف جزئيا ولم نَرَه نحن في القاهرة؛ لأن الغيوم كانت تحجب وجه الشمس، وأما سكان حلوان فرأوه وما بلغ أعظمه عندنا غطّى القمر تسعة أعشار قُطر الشمس وغابت الشمس حينئذ مكسوفة.

شكل 6-1
 
وحدث كسوف آخر مثل هذا ظهر كليًّا على مقربة من الأماكن التي ظهر فيها الكسوف المذكور آنفا، وقد رسمنا مسيره في الشكل 6-2 حيث ترى الخط الأسود ممتدا من شمال أمريكا الشمالية إلى تونس فصعيد مصر وبلاد العرب.

شكل 6-2
 
حدث هذا الكسوف في الثلاثين من أغسطس سنة 1905 وظهر كليًّا في أسوان، فأتى علماء الفلك لرصدِهِ من روسيا وأمريكا وإنكلترا، ووصفنا ما شاهدوه في مقتطف أكتوبر سنة 1905، صفحة 846 وصفحة 845، وقد شاهدناه في القاهرة ولم يكن فيها كليا بل كان قريبًا من الكلي فابتدأ الساعة 3 والدقيقة 9 بعد الظهر، وما بلغ أعظمه بقي من الشمس هلال دقيق كالقمر وهو ابن ثلاث ليال ولكن نورها بقي ساطعا لا تحتمل العين النظر إليها من غير زجاجة مدخنة، وبقيت الغربان والحدان محلقة في الجو على جاري عادتها ولكن العصافير الصغيرة سكنت.
أما في أسوان فحدثت المماسة الأولى الساعة 3 والدقيقة 26 وانحجب وجه الشمس كله الساعة 4 والدقيقة 36 وبقي محجوباً دقيقتين و24 ثانية، وظهرت نجوم كثيرة ولا سيما المريخ وكان إكليل الشمس واضحًا جدًّا، والمشاعل كبيرة في مناطق الكلف والغربية منها أقصر من الشرقية، وطول أطولها مضاعف قُطر الشمس، وظهرت مشاعل كثيرة ناتئة من قطبي الشمس الشمالي والجنوبي.
والأماكن التي يظهر فيها كسوف الشمس كليا ضيقة لا يزيد اتساعها على 165 ميلا، والغالب أنه أقل من ذلك كثيرًا وعلى جانبيها إلى بعد ألفي ميل يُرى الكسوف جزئيا، ومدة الكسوف الكلي في المكان الواحد قصيرة لا تزيد على خمس دقائق. وأكثر ما يحدث في السنة الواحدة خمسة كسوفات وخسوفان أو أربعة كسوفات وثلاثة خسوفات، وأقل ما يحدث في السنة كسوفان ولكن قد لا يحدث فيها خسوف ما. وأبهج المناظر التي تُرى بالنظارات الفلكية منظر الكسوف الكلي حينما يتكامل، فإنه يظهر حينئذٍ حول الشمس أشعّة من نور لؤلؤي وألسنة من نار حمراء لم تكن ترى من قبل؛ لأن نور الشمس الساطع كان يمنعنا من رؤيتها فلما توسط القمر بيننا وبين الشمس وحجب نورها عنا بانت هذه الألسنة ببهائها، وقد أطلق عليها العلماء اسم الإكليل الشمسي وعلى ألسنة النار اسم الكروموسفير.
وليس بين الحوادث السماوية ما هو أوقع في النفس من منظر الخسوف والكسوف ولا سيما منظر الثاني إذا كان كليًّا، فأظلم به الجو وانتقل الناس في دقائق قليلة من النهار إلى ما يشبه الليل. وما حدث الكسوف الكلي في 21 أغسطس سنة 1914 بعد ابتداء الحرب رصده علماء الفلك في أسوج فرأوا أنه لما كان القمر يحجب كل وجه الشمس كما ترى في الشكل 6-3 المقابل ابتدأ ظهور الإكليل، وما تمَّ الاختفاء ظهر الإكليل ببهائه كما ترى في الشكل 6-4 وبان حينئذ للعين المجرَّدة كما ترى في الشكل 6-5 ولكن هذه الصورة لا تدلُّ على بهاء المنظر وجلاله؛ لأنَّها خالية من الألوان البديعة التي ترى حينئذ من أبيض وأصفر وبرتقالي وأحمر وبنفسجي ومهما يتفنّن المصوِّرون لا يبلغوا ما يرسمه النور في السماء من بديع الألوان.
وقد تقدَّم أن فلك الزهرة ضمن فلك الأرض؛ أي إنه أقرب إلى الشمس من فلك الأرض؛ ولذلك يتفق أن تمرَّ الزهرة بيننا وبين الشمس تمامًا فتُرَى كنقطة سوداء جارية على وجه الشمس وما يصدق على الزهرة من هذا القبيل يصدق على السيار عطارد ولا بد لرؤية مرورهما من الاستعانة بزجاجة مدخنة تحجب أكثر أشعة الشمس لئلا تؤذي العين.
ومن الأجرام السماوية التي يحجب بعضها بعضًا المشتري وأقماره، فإن له أقمارًا صغيرة تدور حوله فإذا اتفق أنْ مرَّ قمر منها وراءه بالنسبة إلينا رأيناه يختفي ثم يظهر بعد هنيهة؛ أي حينما يجتاز وراء جرم السيار.

شكل 6-3

شكل 6-4
 
إلا أن خسوف القمر ليس من هذا القبيل؛ لأنه لا يُخسف بمرور جرم سماوي بيننا وبينه بل بوقوع ظل الأرض عليه؛ لأن نوره مستمد من الشمس فإذا حُجب عنه أظلم، وظلُّ الأرض لا يمتد وراءَها إلا نحو مليون ميل ولا يوجد على هذا البُعْدِ القليل جزم سماوي ليُخْسَف به غير القمر فإذا وقع هذا الظل عليهِ خَسَفَهُ ولكنه لا يظلم تمامًا إلا نادرًا؛ لأن هواءَ الأرض يكسر أشعة نور الشمس بما فيه من البخار فيستنير به وجه القمر بعض الشيء ولكن إن كان جو الأرض مغطّى بالغيوم حُجِبَ القمر تماما ولو كان فلك القمر موازيًا لفلك الأرض؛ أي لو كانت الدائرة التي يدور فيها القمر حول الأرض موازية للدائرة التي تدور فيها الأرض حول الشمس لوقع ظلُّ الأرض على القمر وخسفه في منتصف كل شهر قمري، ولكن الفلك الواحد مائل على الفلك الآخر فيتفق أن يقع ظلُّ الأرض على القمر ويتَّفق ألا يقع عليه فإذا وقع عليه خسفه وإلا فلا، وإذا وقع عليهِ فإما أن يشمله كله وهو الخسوف الكلي وإما أن يشمل بعضه وهو الخسوف الجزئي.

شكل 6-5

شكل 6-6
 
ترى في الشكل 6-6 رسمًا يمثل من الجهة الواحدة أشعة الشمس وقد وقعت على القمر «ق» وهو بينها وبين الأرض «ر» فحدث الكسوف الكلي، ومن الجهة الأخرى الأرض واقعة بين الشمس والقمر فوقع ظلُّها عليه فخسفه، لكن الكسوف والخسوف لا يحدثان في وقت واحد كما لا يخفى.
ولقد كان للإنباء بالأوقات التي يقع فيها كسوف الشمس وخسوف القمر شأن كبير دائمًا، وكان القدماء يكتفون بما استدلوا عليه بالاستقراء من تكرار الكسوفات والخسوفات كل ثماني عشرة سنة وبعض سنة، أما المتأخّرون فصاروا يحسبون لذلك حسابات دقيقة جدًّا تصدق إلى حدّ الدقيقة، والثانية، ومما حسبوه من كسوفات الشمس الكلية في السنوات الأربع التالية ما يأتي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سنة 1925   24 يناير   يظهر كليًّا في الولايات المتحدة الأمريكية.
                   سنة 1926   14 يناير   يظهر كليا في شرقي أفريقية وصومطرة وجزائر الفيلبين.
              سنة 1927   29 يونيو   يظهر كليًّا في بلاد الإنكليز واسكتلندا وأسوج ونروج.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


Untitled Document
طه رسول
الأبعاد الكيميائية للشوكولاتة: لماذا هي مميزة؟
د. فاضل حسن شريف
مفهوم (الفاحشة، الفحشاء، الفواحش) في القرآن الكريم (ح 6)
الدكتورة مواهب الخطيب
السلوك الحضاري للانسان وفق نظر القران الكريم
د. فاضل حسن شريف
مفهوم (الفاحشة، الفحشاء، الفواحش) في القرآن الكريم (ح 5)
أنور غني الموسوي
السنّة لا تخصص القرآن ولا تقيده
د. فاضل حسن شريف
تفاسير القرآن الكريم عن الأم (ح 11)
عبد العباس الجياشي
هل تعلم ان الحسن والحسين عليهما السلام ( من صلب رسول...
منتظر جعفر الموسوي
ماذا تعرف عن الدخل السلبي ؟
.مرتضى صادق
شبّ الليل (لاله عبّاس)
ياسين فؤاد الشريفي
مصطلح (الفرعون) أو (الفراعنة)
طه رسول
رواد الكيمياء في الحضارة الإسلامية شعلة المعرفة التي...
علي الحسناوي
المسؤولية السياسية الفردية للوزارة
مجاهد منعثر الخفاجي
الظلم ظلمات
حسن السعدي
الإعلام: قوة مؤثرة في تشكيل المجتمعات