منذ ما يقرب عقدينِ من الزمن، انبلج للناس فجرٌ جديد أضاء الدنيا بنور علوم أهل البيت(عليهم السلام)، ونشر على العالم ضوع سيرتهم العطرة، وكان منهاجهم (عليهم السلام) هو الدليل الذي سارت عليه إدارة العتبة العبّاسية المقدّسة، التي دأبت أن تنهل من فيض بركات المولى أبي الفضل العباس(عليه السلام)، وتقتدي به في الجود والإيثار والدفاع عن العقيدة، فكانت لها جملةٌ من المنجزات الفكرية والثقافية، والكثير من المحطّات التي تنشر من خلالها فكر محمد وآله الطاهرين( صلوات الله عليهم)، وتضع في كلّ موسمٍ من المواسم مثابة يهتدي بها السائرون، ومن تلك المثابات التي بثّتها في ربوع وطننا الحبيب الاحتفالية السنوية لخرّيجات جامعاتنا العراقية الموسومة بـ(بنات الكفيل)، والتي جاءت لتتوّج جهد السنين لطالبات العلم بالولاء لأهل البيت (عليهم السلام)، والقَسَم عند ضريحه المبارك بتسخير العلم لخدمة المجتمع. المركز الخبري في العتبة العباسية كانت له وقفةٌ مع عضو اللجنة المشرفة على الاحتفالية السيد جواد الحسناوي، فكان هذا الحوار: ـ ما رسالة العتبة العبّاسية من إقامة الحفل؟ إنّ العتبة العبّاسية المقدّسة وبناءً على توجيهات متولّيها الشرعي سماحة السيد أحمد الصافي (دام عزّه)، اهتمّت ببناء الإنسان والعمل على ترسيخ المفاهيم الأخلاقية النبيلة فيه، للمساهمة في بناء هذا المجتمع وتجاوز ما يحيط به من مخاطر، وكان للمرأة نصيبٌ من هذا الاهتمام من خلال عدد من مراكزها وشعبها النسوية العاملة فيها، التي عملت على ترجمة رؤية العتبة المقدسة في هذا المجال على أرض الواقع، ومن تلك الفعّاليات هي الاحتفاء بالطالبات المتخرّجات سنوياً، واليوم يصل لنسخته الخامسة، وسنعمل على إقامته سنوياً وزيادة عدد الطالبات المشتركات فيه إضافةً إلى الجامعات، وإنّ الهدف من إقامة هذا التجمّع هو لإعادة مركز المرأة كقيمةٍ مهمّةٍ في المجتمع، واحتفاءً بالنجاح والعلم بطريقةٍ تليق بحَمَلة العِلم ومكانتهم الثقافية في المجتمع، ووضعهم أمام مسؤوليّة بنائه وخدمته، ومن خلال تواصلنا مع المجاميع المشتركة في هذه الفعالية، نعمل على إقامة مخيّماتٍ كشفيّة تقدّم لهنّ فيها ندواتٌ تثقيفيّة وعلميّة وعقائديّة، وورشُ عملٍ وسفراتٌ ترفيهية ومسابقات وأنشطة أُخَر، كان لها أثرٌ كبير في تنمية المهارات لديهنّ، وازدياد أواصر العلاقة فيما بينهنّ وبين العتبة المقدّسة، والدليل على ذلك هو الإقبال الكبير على طلب الاشتراك في حفلات التخرّج، وكذلك الانتماء إلى الخدمات التطوّعية التي تقيمها العتبة العبّاسية المقدّسة. ـ ما الغاية التي ترومون الوصول إليها من التوجّه لأداء القسم في صحن المولى أبي الفضل العبّاس؟ لا شكّ أنّ أداء القسم في أيّ مكان له قيمة ومكانة والتزام، لكن القسم عند مرقد أبي الفضل العباس(عليه السلام) ستكون له قيمة ومنزلة أكبر من أيّ مكانٍ آخر، وهذا ما سيعزّز روح الانتماء للوطن واحترام التخصّص العلميّ وترجمة مخرجاته بعد التخرّج بكلّ أمانةٍ وصدق، إضافةً إلى ذلك فإنّه سيشكّل دافعًا معنويًا للمتخرّجات لبذل المزيد في خدمة المجتمع وحسب كلّ اختصاص. ـ هل ستكون هناك مشاركة للجامعات العراقية المختلفة أم أنّها ستقتصر على الجامعات التابعة للعتبة العبّاسية؟ العتبة العبّاسية المقدّسة للجميع، وفعّالياتها وأنشطتها بأنواعها المختلفة لم تقتصر يوماً على فئةٍ أو رقعةٍ جغرافية معيّنة، والاحتفال بالطالبات كذلك لم يقتصر على طالبات جامعات العتبة المقدّسة فحسب، ولا لمحافظة كربلاء المقدّسة أو المحافظات الجنوبية فقط، بل اتّسعت لتشمل جامعات المحافظات العراقية المختلفة، لأنّ رؤية العتبة العبّاسية رؤيةٌ بنظرةٍ واحدة وترى الجميع بعينٍ واحدة دون أيّ تفرقة. ـ ما الشعار الذي سيحمله الحفل في هذا العام؟ الشعار لهذا العام (منْ نُورِ فَاطِمَة -عَليهَا السَّلام- نُضِيءُ العَالَمْ)، واستثمرنا إقامتَه تزامنًا مع مناسبات شهر شعبان المبارك. ـ ما عدد الطالبات اللواتي سيشاركن في هذا الحفل، وما فقراته؟ عدد الطالبات هذا العام سيناهز الـ(1600) طالبةٍ بالتخصّصات العلمية والإنسانية المختلفة. ـ بماذا يختلف البرنامج المُعدّ لحفل تخرّج هذا العام عن الأعوام السابقة؟ البرنامج المُعدّ لهذا العام يشمل عددًا من الفقرات ستكون إضافةً نوعيةً له، وقد وُضِع بعنايةٍ فائقةٍ، وبما يُسهم في تَحقيق الفائدة المرجوّة منه، ولم يقتصرْ على تأدية القَسم فحسب، بل هناك محاضراتٌ وورش تثقيفية وإرشادية، إضافةً إلى فقراتٍ أُخَر ستستمرّ لمدّة يومين. ـ ماذا بعد هذا الحفل، هل توجد برامج ثقافية وفكرية تستهدف هذه الفئة؟ إنّ الشيء الذي تتميّز به العتبة العباسية المقدسة ويُعدّ سمةً لها، هو أنّ المشاريع التي تنفّذها لا تنتهي بمجرّد اختتامها، بل تبقى متواصلةً إلى ما بعد ذلك ومنها هذا البرنامج، فإنّ الشعبة متواصلةٌ مع كلّ فئةٍ تستفيد من برامجها وبما يعود بالفائدة عليهنّ، من خلال عددٍ من القنوات التواصلية الهامّة والهادفة والمثمرة، وما يُجنى من هذه التجمّعات هو الاستمرار مع أغلب الخرّيجات من خلال نشاطاتٍ عديدة، إذ أُنشِئَت رابطة بنات الكفيل التطوّعية للخدمة الحسينية، والتي ضمّت آلاف الطالبات والخرّيجات لتقديم أفضل الخدمات للزائرات على مدار السنة، كذلك هناك تواصلٌ مع خريجات المجموعات الطبّية، من خلال الخدمة التطوّعية في الوحدة الطبّية النسوية التابعة لقسم الشؤون الطبّية في العتبة العباسية. لم تكن مراسيم الاحتفال هذه نهاية المطاف بالنسبة للخرّيجات، إنّما هي نقطة البداية للتعاون بين الطلبة والعتبة العباسية المقدسة، لتكون المتخرّجات في هذا العام والأعوام السابقة على أهبة الاستعداد لتقديم أيّ خدمةٍ لزائري المرقدَينِ المطهّرَينِ.