تعرف العديد من المشاريع الاستثمارية بالجزائر انتعاشا كبيرا في الأشهر الأخيرة، بعد رفع العقبات البيروقراطية. وتُراهن الدولة على المُضي قدما في هذا المسعى الذي يهدف إلى الزيادة من وتيرة النشاط الصناعي، وبالتالي استحداث المزيد من مناصب الشغل في البلاد.
وبحسب خبراء، فإن الانتعاش، الذي أصبحت تعرفه المشاريع الاستثمارية، خاصة في مجالات الصناعة التحويلية وإنتاج مواد البناء وغيرها بعد تخليصها من مختلف القيود البيروقراطية، يهدف إلى الرفع من القدرات الإنتاجية المحلية خاصة مع تنصيب خلية اليقظة لمنع استيراد المواد المنتجة محليا بهدف حماية الصناعة الوطنية.
وفي تصريحات سابقة للإذاعة الجزائرية، كشف المدير العام للتنمية والتنافسية الصناعية بوزارة الصناعة، عبد العزيز قند، أن "لجنة مشتركة تم تنصيبها مؤخرا تسهر على تحرير كافة القيود عن جميع المشاريع التي بإمكانها استحداث أزيد من 63 ألف منصب شغل".
خارطة طريق
وشرح الخبير إسحاق خرشي، في اتصال مع "موقع سكاي نيوز عربية"، الرهانات التي تقف وراء التوجه نحو معالجة ملف المشاريع الاستثمارية المعطلة منذ ندوة الإنعاش الصناعي المنعقدة نهاية سنة 2021، مؤكدا على "ضرورة وضع خارطة واضحة لهذه
الاستثمارات لأنها مهمة في خطة توسيع التنمية المحلية".
وأرجع خرشي هذه الديناميكية إلى "التقلبات التي يعرفها برميل
النفط في الأسواق العالمية على غرار ما حدث في السنوات الأخيرة"، مشيرا إلى أن هذا الوضع "دفع الجزائر إلى العمل المستمر على الخفض من فاتورة وارداتها للمحافظة على احتياطي الصرف البالغ 44 مليار دولار".
كما اقترح الخبير ذاته "تسهيل مهام المستثمرين المحليين في قانون الاستثمار الجديد"، والعمل على إعطاء "دور للمجلس الوطني للإحصاء والهيئة الاستشارية المتمثلة في المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي وهذا عبر لجانهم الخاصة لدعم وسيط الجمهورية ووزير الصناعة في هذه المهمة".
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي والبرلماني السابق، الهواري تيغرسي، أن "المشاريع المعطلة التي عادت إلى النشاط ستمنح حركية للاستثمار في الولايات الداخلية كما ستساهم في خلق الثروة واليد العاملة".
وتابع تيغرسي، لـ"موقع سكاي نيوز عربية": "المواد الخام موجودة في
الجزائر، في حين يتمثل الرهان في إيجاد آليات إنشاء مؤسسات اقتصادية منتجة للثروة وقادرة على المنافسة على مستوى التصدير مستقبلا".
بعثات برلمانية استعلامية
وفي السياق ذاته، تعتزم الغرفة الأولى للبرلمان عن طريق لجنة الشؤون الاقتصادية والتنمية والصناعة والتجارة والتخطيط، الدخول على الخط عبر تنظيم بعثات استعلامية للاطلاع عن قرب على انشغالات المتعاملين الاقتصاديين داخل البلاد.
وكشف البرلماني عضو اللجنة الاقتصادية بالمجلس الشعبي الوطني، هشام صفر أن اللجنة ذاتها "عقدت اجتماعا، خُصص لضبط برنامج البعثات الاستعلامية التي ستشمل حوالي 14 ولاية بهدف الإصغاء لانشغالات المستثمرين بخصوص مختلف العراقيل التي تواجههم في نشاطهم".
وأبرز النائب البرلماني هشام صفر، في تصريح لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، أن "الولايات المعنية بهذه اللجنة البرلمانية الاستعلامية تمتاز بأنها ذات نشاطات تجارية وصناعية، وستنتهي اللجنة بكتابة تقرير مفصل عن وضعية الاستثمارات فيها".
تزايد المشاريع
ويحظى رهان تحرير المشاريع الاستثمارية العالقة بمتابعة من أعلى مستوى، حيث يقوم "وسيط الجمهورية" بتقديم عرض مفصل بالأرقام عن عدد المشاريع الاستثمارية الإضافية التي تدخل حيز الخدمة من خلال مشاركته في مجالس الوزراء المنعقدة تحت رئاسة رئيس الجمهورية.
وبحسب آخر حصيلة قدمها "وسيط الجمهورية"، إبراهيم مراد، خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير، الأحد الماضي، فقد تم "رفع القيود عن 109 مشروعا استثماريا إضافيا، ودخول 66 مشروعا آخر، حيز الاستغلال".
وبحسب بيان لرئاسة الجمهورية، فإن هذا الأمر "سمح بدخول 491 مشروعا استثماريا في الخدمة، مقارنة بالوضعية المقدمة، خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير، المتمثلة في 431 مشروعا.
ومكنت المشاريع الجديدة التي دخلت حيز الخدمة خلال الأسبوعين الأخيرين، من خلق 2420 منصب شغل إضافيا، ما يعني استحداث 30133 منصب فعلي منذ بدء عملية رفع القيود، على أن تصل إلى 48553 منصب شغل فعلي قريبا.
وعقب هذا العرض، أكد بيان رئاسة الجمهورية أن "الرئيس
تبون ثَمَّن عاليا النتائج المحققة والجهود المبذولة ميدانيا، من قبل وسيط الجمهورية والحكومة، لاسيما في قطاع الصناعة، لتحريك المشاريع الاستثمارية العالقة".
كما أكد على "استخلاص العبرة، من الأساليب البيروقراطية، التي كانت تحول دون التجسيد، ومواصلة محاربتها في المشاريع الاستثمارية المقبلة، باستدراك كل الثغرات، حتى لا تتكرر، وتضمين ذلك في قانون الاستثمار الجديد"، بحسب البيان ذاته .