تزامناً مع دخول عامها الرابع عشر تواصل " مجلة زهور الجوادين " شَقَّ طريقها نحو النجاح والإبداع الفكري والثقافي والإعلامي، بخطوات ثابتة وثقة عالية نابعة من إيمانها بأهمية الرسالة التي تحملها، وعِظم المهمة التي تضطلع بها، منطلقة في مواصلة هذه المسيرة المعطاء من الفكر النيّر لأهل بيت النبوة "عليهم السلام" وثقافتهم الأصيلة التي جسّدت كلّ القيم الرسالية الحقّة، مستمدة طاقاتها وديمومتها من نهج الإمامين الكاظمين "عليهما السلام" الواضح والداعي إلى إصلاح الأسرة المُسلمة والسعي إلى نشر العلم والأخلاق والفضيلة.
إذ حققت خلال مسيرتها موقعاً متميزاً في المجتمع العراقي من خلال معالجتها لمختلف المشاكل والمعوقات التي تواجه الأسرة بطرق علمية وعملية، إذ استطاعت أن تعزّز الثقة لدى الشريحة النسوية، وتنمية قدراتها الثقافية والفكرية من خلال نشر الموضوعات الهادفة التي تعنى بالجانب الأسري والتربوي والصحي والاجتماعي.
وبهذه المناسبة المباركة وبرعاية كريمة من قبل خادم الإمامين الكاظمين الجوادين، الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة الدكتور حيدر حسن الشمّري، أقامت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة/ قسم الشؤون الفكرية والثقافية، في رواق سيدنا عبد الله بن عبد المطلب "عليه السلام" الندوة الفكرية النسوية تحت شعار: ( المرأة والحِراك الإعلامي أسباب التراجع وطموحات النهوض ) وتكريم الفائزات بمسابقة القصة القصيرة، بحضور نائب الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة المهندس سعد محمد حسن، وعضو مجلس الإدارة والمُشرف على قسم الشؤون الفكرية والثقافية المهندس جلال علي محمد، ونخبة من الشخصيات العلمية والأكاديمية، وممثلي الأقسام الفكرية والثقافية والإعلامية في المؤسسات الحكومية.
استهل الحفل بتلاوة من الذكر الحكيم شنّف بها مسامع الحضور قارئ العتبة المقدسة الخادم فراس الطائي، بعدها قراءة سورة الفاتحة المباركة ترحماً على أرواح الشهداء وقراءة أنشودة الفردوس، أعقبتها كلمة الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة وألقاها نائب أمينها العام جاء فيها: (اهتمت الشريعة الإسلامية اهتماماً كبيرا بالمرأة وبمكانتها في المجتمع، وبينت مقامها ودورها في التربية والتعليم ولم يغبن حقها القرآن الكريم بل جعلها حاضرة مع الرجل وأشار إليها في بعض آياته حينما لم يفرّق الله تعالى بين الذكر والأنثى في العمل والجزاء، وجعل سبحانه وتعالى التقوى مقياس الجزاء.. وبشر الله تعالى المؤمنين نساءً ورجالا بقوله: ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾.. فالحياة لا تستقيم إلا بتكاتف الرجل والمرأة معاً وكلاهما يكمل الآخر، كلٌّ في دائرة اختصاصه.
ومن هذا المنطلق اهتمت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة ضمن نشاطاتها المختلفة بالمرأة ومنها صدور مجلة زهور الجوادين التي تعنى بشؤون المرأة والأسرة وها نحن اليوم نلتقيكم في هذه الندوة الفكرية لمناسبة مرور أربعة عشر عاما على تأسيس هذه المجلة التي أسهمت في إثراء الجوانب الإعلامية والفكرية والثقافية وبيان سمو مكانة المرأة المسلمة وحقوقها وواجباتها ودورها الكبير في بناء المجتمع.
إن التميز في الإعلام المنصف والصادق ما هو إلا منارة للإبداع والثقافة، فالإعلاميون تقع عليهم مسؤولية الحِراك الثقافي وتصحيح المسارات المنحرفة وهم أداة مهمة في بناء المجتمع وتوجيه مكوناته نحو بوصلة الحقيقة والكمال المنشود، ولا يمكن والحال هذه تجاهل دور المنظومة الإعلامية، فمن يتابع حالة الحراك الإعلامي يدرك أنه قد أصبح للمرأة جزء لا يستهان به في صياغة الخطاب الإعلامي العام، فالمرأة تمثل عنصرا شريكاً وفعالا في المعادلة الإنسانية والحضارية، فإذا أردت أن تهدم مجتمعاً فعليك بإقصاء نسائه من الحراك التنموي العام.. وقد صدق الشاعر حينما قال «الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق»، فهي أمّ وزوجة وأخت ومربية ومسؤولة عن عمل وأدوار أخرى كثيرة تقوم بها المرأة بكل مهارة وتفوق.
وأهنئ قسم الشؤون الفكرية والثقافية وأسرة تحرير مجلة زهور الجوادين بهذه الذكرى السنوية وعقدهم ندوة تركز على دور المرأة في الإعلام داعيا لهم بمزيد من التألق والإبداع.. فضلا عن تنظيمهم مسابقة القصة القصيرة الخاصة بالنساء لنعيش مع نتاجاتها ومشاركاتها تجارب الحياة للأم والأخت والبنت والزوجة وبأقلام نسوية واعدة لها بصمة في واقعنا ومبارك لبناتنا مشاركتهن هذا النشاط الأدبي الثقافي ومبارك للفائزات).
تلتها كلمة قسم الشؤون الفكرية والثقافية وألقاها فضيلة الشيخ عَدِي الكاظمي بين خلالها قائلاً: (كان لقسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الكاظية المقدسة خطوات واثقة في توجيه مسارٍ خاص نحو الاهتمام بالمرأة ورعاية شؤونها وعلى وجه الخصوص الرُقيّ بفكرها، كونها موجود له القدرة على التكيف والتواصل مع الجميع وإبداعها في كثير من المجالات رغم الضغوطات الحياتية، فقد كانت المساعي في استثمار تلك الطاقات لمرضاة الله عزّ وجل، ورسوله الأكرم وأهل البيت "عليهم السلام"، فكان همنا إيجاد مسار يُعنى بهذا الشأن فأولى الخطوات ابتدأت بتأسيس مجلة زهور الجوادين وهي مجلة خصصت للأقلام النسوية والحمد الله رب العالمين على ما وصلنا إليه اليوم.
وأضاف: كانت هناك كثير من المحطات لهذه المجلة المباركة منها إقامة الندوات والمسابقات الخاصة بالنساء، وأخيراً كانت مسابقة كتابة القصة القصيرة، حيث وصل عدد المتسابقات إلى (90) مشاركة من داخل العراق وخارجه، وهذا يدل على أن الكلمة الصادقة حينما تصدر من قلوب طاهرة تصل إلى أبعد مسار كما ورد في الحكمة: ما يخرج من القلب يدخل إلى القلب، وبهذه المناسبة أعلن من هذا المنبر الشريف عن وجود دورة تطويرية وورشة عمل في مجال كتابة القصة القصيرة عِبر وسائل التواصل الاجتماعي نسعى من خلالها إلى تدريب الأقلام المتبدئة والواعدة وتنمية مهاراتها ). بعدها شهدت الندوة استعراض تقرير تلفزيوني أعدته شعبة الإعلام/ وحدة قناة الجوادين حول مسيرة زهور الجوادين ومشوار مسابقة القصة القصيرة، لتبدأ بعد ذلك جلسة الندوة العلمية لمناقشة عدد من الأوراق البحثية، فكان البحث الأول بعنوان: (الإعلام النسوي في العراق ومتغير التحديات) للباحثة د. بيان عبد الحسين العريض، وكان البحث الثاني بعنوان: (تجربة الإعلام النسوي/ مجلة زهور الجوادين أنموذجاً) للباحثة منتهى محسن.
واختتمت الندوة بتكريم رئيس الجلسة والباحثتين، وتكريم لجنة فحص النصوص القصصية والتي كان ضمنها الروائية والكاتبة اللبنانية رجاء محمد بيطار والتي تواصلت مع الجهة المنظمة من خلال شبكة الانترنت، وتكريم الفائزات حيث كان بالمرتبة الأولى المتسابقة أطياف رشيد مجيد عن قصتها (ملاك أسمر)، وجاءت بالمرتبة الثانية المتسابقة هبة الله محمد من جمهورية مصر العربية عن قصتها (الساقية)، أما بالمرتبة الثالثة فكانت المتسابقة هالة الجبوري عن قصتها (وجعلنا بينكم مودة ورحمة)، فضلاً عن توزيع الشهادات التقديرية لجميع المشاركات.