الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
بين الشعر اليوناني والشعر العربي القديم
المؤلف:
د. عبد الرسول الغفاري
المصدر:
النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق
الجزء والصفحة:
ص:148-150
23-3-2018
6554
كان الشعر الاجنبي (عند اليونان والرومان والافرنج) كثير الانواع متباين الفنون، غنياً في نفسه خصباً في لفظه ومعناه، كما ان في هذا الشعر - الاجنبي- نوعاً قد تميّز به عن غيره ألا وهو الشعر القصصي والشعر التمثيلي ولكل نوع من هذه الأنواع خصائصه وميزاته وجماله.
أما الشعر العربي القديم فليس له حظّ في هذين النوعين من الشعر؟ وقد اسرف النّقاد عندما وصفوا الشعر العربي القديم بالنقص والضعف، وعندما اتهموا شعراءه بالقصور.
ولو تساءلنا لماذا انعدم الشعر القصصي والتمثيلي في ادبنا العربي القديم؟
لا يخفى ان الشعر التمثيلي يعتمد في صياغته على اللفظ من جانب وعلى المعنى من جانب آخر.
أما اللفظ فقد استخدم السرد المملّ حتى اصبحت القصيدة تبلغ من الطول اَلاف من الابيات، وهذا الطول الذي قد يصل الى حدّ الاسراف انه مستهجن ولا يمكن للقارئ أن يتفاعل مع هكذا قصيدة، علاوة على ذلك قد تتعدد الاوزان والقوافي في القصيدة الواحدة.
ثم الشعر التمثيلي يعتمد الحوار والمناظرة وكذلك يتّخذ من الاشخاص التنقّل في المشاهد والاعمال والحركات وهذه كلّها تحتاج الى مكان فعدّ لهذا الغرض، والى افراد لهم ممارسة فنّية في هذا الحوار، والى تنسيق فنّي بين مقاطع هذا الحوار.
إذاً المتحاورون لا يقتصرون على الحديث وانّما لابدّ من حركات يأتون بها على سبيل محاكاة الناس في حياتهم اليومية.
وهذا اللون من الحوار لم يعرفه الشعر العربي القديم مطلقاً لأن الشعر الجاهلي كان شعراً غنائياً، وقد اخطأ من قال بوجود شعر قصصي في الادب الجاهلي، والدليل على ذلك ان اغلب الشعر العربي شعر شخصي فهو يمثّل قبل كل شيء نفسيّة الشاعر وما يتصل به من عاطفة وهوى وميل، ولا فرق في ذلك بين جميع الاغراض التي عرفها الشعر الجاهلي كالغزل والنسيب والحماسة والفخر والمدح والرثاء والهجاء.
كما أنه كان يعتمد على الجرس الموسيقي، والكثير منه كان يُغنّى، والبعض الاَخر كان يُنشد انشاداً وهو بين القراءة والغناء.
وعليه فإن تلك الصفات والمميزات لا تشكّل منقصة في الشعر العربي ولا في الشاعر هذا من جانب، ومن جانب اَخر لا يمكن جعل الشعر الاجنبي ذا ميزة وفضل، بل لا يمكن أن نقيس بين الشعر العربي والشعر الاجنبي ونصدر الحكم بجودة احدهما دون الاَخر؛ لأن لكل امة ولكل زمان ومكان نتاجه الأدبي الخاص وظروفه الخاصة واحتياجاته. فلا يمكن أن نقيس الجودة، وعدمها بميزان شمولية الاغراض وعدم الشمولية. نعم يقاس الشعر بأنه اجاد أو لم يجد النوع الذي اشتمل عليه. ثم لا ننسى ان الشعر القصصي والشعر التمثيلي انّما وجدا قبل كل شيء عند اليونان بصورة متعاقبة، بمعنى ان هذا اللون من الشعر كان يُساير تطوّر الحياة، فهو يلائم حياة اليونانيين في سذاجتهم اثناء القرن التاسع قبل ميلاد المسيح، كما ان الشعر التمثيلي هو اثر من آثار الحياة الديمقراطية والرّقي العقلي والفلسفي اللذين ظهرا في القرن الخامس قبل المسيح.
اما الشعر الغنائي عند العرب هو كذلك كان استجابة لحاجة الفرد العربي ولاعتداده بنفسه وبناء ذاته، فلا قصور في الشعر العربي إذا انعدم فيه الشعر القصصي او الشعر التمثيلي لأن العرب امّة كانت تعيش في ارجاء الجزيرة العربية، ولهذه البيئة خصائصها المتميّزة عن بقية البيئات كما أن لساكنيها ظروفهم الحياتية المتفرّدة بها دون غيرهم من سائر الامم، فما لم يتذوّقوا نوعاً ما من الادب لم يقلّدوه ولم يقتفوا أثره.
الاكثر قراءة في النقد القديم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
