المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى : يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا
2024-11-23
بيان معنى (الضابط) لغةً واصطلاحًا.
2024-11-23
بيان معنى (العادل) لغةً واصطلاحًا.
2024-11-23
مصداق الايمان العمل .
2024-11-23
معنى قوله تعالى : الحق من ربك
2024-11-23
محاولة صرف المسلمين عن قبلتهم الجديدة
2024-11-23

Abscisic Acid
27-11-2015
المثقف منور معرفي
26-1-2016
لا يعرف موضعها الا نبي أوصي نبي
31-01-2015
استهانة الحجاج بالنبي
22-8-2016
مدخل إلى التفسير - السيد محمد باقر الصدر
25-04-2015
عنوان التناقض
13/11/2022


لماذا أبى عليّ بن أبي طالب أنْ يستجيب...؟  
  
2786   02:05 مساءً   التاريخ: 25-2-2018
المؤلف : الشيخ محمّد مهدي شمس الدين .
الكتاب أو المصدر : حركة التاريخ عند الإمام علي (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ص128-133.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله / بيعته و ماجرى في حكمه /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-3-2019 2429
التاريخ: 10-4-2016 3567
التاريخ: 15-2-2018 3688
التاريخ: 9-4-2016 3577

لعلّه كان يأمل أنْ يمرّ المجتمع - بعد ما أصاب علاقاته من اهتزاز وتشويه في العهد الماضي - في مرحلة انتقال يقوده فيها رجال لا تتألّب عليهم مراكز القوى الجديدة الّتي تمثّل قِيَم الجاهليّة...
ولكنّ تيّار الرّغبة كان عارماً، كما تعكسه لنا النّصوص الآنفة الذّكر، ولم يكن من الممكن تحويل ولاء الجماهير وثقتها إلى بديل، لقد كان الرّفض يعني الكارثة؛ لأنّ القوى الجاهليّة كانت قادرة - إذا استمر الفراغ في السّلطة - أنْ تعود من جديد، بعد أنْ تكتّل قواها المبعثرة، وحينئذٍ يحرم المجتمع الإسلامي حتّى مِن تجربة تكون في المستقبل نموذجاً ومَلْهَمَاً...
ولا نعدم في نهج البلاغة نصوصاً تضيء هذه المسألة، وتوحي بقوّة أنّ الإمام كان يفكّر على هذا النّحو، وذلك كقوله في كلام له عنونه الشّريف الرّضي بـ ... يبيّن سبب طلبه الحكم ويصف الإمام الحق :... اللّهُمَّ إنَّك تعلمُ أنّهُ لم يكُنِ الذّي كان مِنّا مُنافسةً في سُلطانٍ، ولا التِماس شيءٍ مِن فُضُول الحُطامِ، ولكن لنردَ المعالمَ من دينك ونُظهِر الإصلاح في بلادك، فيأمَنَ المَظلُومُون مِن عبادِك، وتُقام المُعطَّلةُ من حُدُودك (1).
وقوله في كتاب منه إلى أهل مصر مع مالك الأشتر لمّا ولاه إمارتها: ... ولكننَّي آسى(2) أنْ يلي(3) أمر هذهِ الأمّةِ سُفهاؤُها وفُجَّارُها، فيتّخِذُوا مال اللّه دُوَلاً(4) وعِبادَهُ خولاً(5) والصّالحينَ حرباً(6)، والفاسقينَ حزباً... (7). 
وما هو أشد خطورة في دسّ المنافقين واستغلالهم للإمكانات الّتي يتيحها الإفك، هو أنّ الفتنة أدّت إلى تصدّع تلاحم المسلمين أنفسهم، حيث استغلّ زعماء قبيلة (الأوس) تورّط بعض أفراد قبيلة (الخزرج) في إشاعة الحديث عن الإفك، للتّعبير عن أحقاد قَبَلِيَّة جاهليّة، تحت ستار الغيرة على رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله)، والتّمسّك بأهداب الدّين.
فقال رئيس الأوس (أسيد بن حضير) مخاطباً رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) حين وجّه عتاباً رقيقاً للّذين روّجوا الإشاعة الكاذبة، دون أنْ يُسمّي أحداً: يا رسول اللّه إنْ يكونوا من الأوس نكفكهم، وإنْ يكونوا من إخواننا من الخزرج فَمُرْنَا بأمرك، فو اللّه إنّهم لأهل أنْ تضرب أعناقهم.
فقال (سعد بن عبادة) زعيم الخزرج رادّاً عليه: كذبتَ لعمر اللّه، لا تضرب أعناقهم أَمَا واللّه ما قلتَ هذه المقالة إلاّ أنّك عرفتّ أنّهم من الخزرج، ولو كانوا من قومك ما قلت هذا... .
فقال (أسيد بن حضير): كذبت لعمر اللّه، ولكنّك منافق تجادل عن المنافقين... .
وتساور النّاس(8) حتّى كاد يكون بين هذين الحَيَّين من الأوس والخزرج شرّ(9).
وهكذا وَجَدَتْ القِيَم الجاهليّة القديمة متنفّساً تعبّر به عن نفسها من خلال هذه الفتنة، متستّرة بشعارات إسلاميّة.
ولكن حكمة رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله)، ووعْي المجتمع، ورسوخ المبادئ والقِيَم الإسلاميّة في نفوس النّخبة، حصرتْ الفتنة في نطاق ضيّق، وحالتْ دون تأثير في إحداث تفاعلات سيّئة بالنّسبة إلى حركة التّقدم النّبويّة، وجاء الوحي بعد ذلك فقضى على الفتنة، حيث أنزل اللّه تعالى في هذا الشّأن سورة النّور (السّورة رقم 24 في المصحف) وجعل منها درساً تربويّاً، ومناسبة لسنّ تشريعات تتعلّق بالعلاقات بين الجنسين داخل المجتمع الإسلامي، في نطاق الزّوجية - من حيث العلاقات الزّوجيّة وغيرها - وخارج الحياة الزّوجيّة.
هذان نموذجان للفتنة العارضة في المجتمع الإسلامي في عهد رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله)، وقد واجه المجتمع الإسلامي بعد وفاة الرّسول (صلّى الله عليه وآله) فتنة عارضة ذات طابع سياسي محض، هي (فتنة السّقيفة).
وقد بدأت هذه الفتنة حين تجاوز بعض كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار وصيّة رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) بإسناد الخلافة بعده إلى الإمام (علي بن أبي طالب)؛ لأنّه كان الشّخصيّة الإسلاميّة الوحيدة الّتي تجمّعت فيها المواهب والمؤهّلات الّتي جعلتها قادرة على قيادة الأمّة الإسلاميّة بعد وفاة رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله).
وقد حسم النّزاع على منصب الخلافة بين المهاجرين والأنصار، في سقيفة بني ساعدة(10)، بمعزل عن الإمام (علي بن أبي طالب)، لمصلحة قبيلة قريش، بمبايعة الخليفة الأوّل (أبي بكر) على أثر مناورات سياسيّة استخدم فيها منطق قَبَلي، وكادت تؤدّي إلى انشقاق خطير داخل المجتمع الإسلامي الوليد(11).
وقد كان العامل الأكبر والأبعد أثراً في التّغلّب على فتنة السّقيفة وآثارها الخطيرة هو موقف (علي بن أبي طالب).
فقد كان الإمام عليّ بمؤهلاته المتفوّقة بشكل مطلق على نخبة الصحابة، وبمواهبه النادرة الفريدة، وبالنّصّ عليه من رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) خليفةً من بعده... كان لذلك كلّه رجل الشرعيّة الإسلاميّة الأصيل.
وكان هذا الوضع الحقوقي المؤاتي بالنّسبة إليه يخوّله حقّ المعارضة، ونقض القرار والإنجاز الّذي اتُّخذ خارج الشّرعيّة في اجتماع السّقيفة، سعياً وراء حقّه في تسلّم السّلطة. 
ولكن هذا الوضع الحقوقي النّظري بالنّسبة إليه، كان يواجه وضعاً اجتماعيّاً وسياسيّاً واقعيّاً.
فمِنْ ناحيةٍ كان المجتمع الإسلامي الوليد لا يزال مجتمعاً هَشّاً من حيث التّلاحم الدّاخلي النّاشئ عن العقيدة الواحدة؛ لأنّ القِيَم الجاهليّة كانت لا تزال سائدة في الحياة العامّة للقبائل الّتي دخلت في الإسلام في (عام الوفود) قبل وفاة النّبي (صلّى الله عليه وآله) بسنة وأشهر - أو أقل من سنة بالنّسبة إلى إسلام بعض هذه القبائل - وكانت هذه القِيَم الجاهليّة في أحسن الحالات مستكنّة تحت قشرة رقيقة من الإسلام، وكان لا بدّ من مضيّ وقت طويل قبل أنْ تذبل هذه القِيَم الجاهليّة وتفقد حرارتها وفاعليّتها.
وفي حالة كهذه كان أيّ عمل سياسي يتّسم بطابع العنف سيؤدّي في الراجح إلى تصدّع خطير في بُنْيَة المجتمع الإسلامي وتماسكه، وقد يؤدّي إلى رِدّة واسعة النّطاق في أوساط حديثي العهد بالإسلام.
ومن ناحية أخرى كان فريق من القبائل قد ارتدّ فعلاً عن الإسلام، واتّبع بعض أدعياء النّبوة، وغدا يُشكّل تهديداً حقيقيّاً للإسلام حين انتشرتْ ظاهرة التّنبّؤ، واتّجه قادتها إلى تحالف يوحّد قواهم، فسيطروا على (اليَمَن) تقريباً في الجنوب، وعلى مساحات واسعة من (الحجاز ونجد) في الشّمال.
وقد اتّجه الإمام عليّ إلى المعارضة والاحتجاج أوّل الأمر، ورفض الاعتراف بالنّتيجة الّتي أسفر عنها اجتماع السّقيفة، واعتصم في منزله، وبدا بوضوح أنّ موقفه سيثير تفاعلات خطيرة في وجه اختيار السّقيفة داخل المدينة وخارجها... 
ولكنّ الإمام عليّاً سرعان ما واجه الواقع السّياسي والاجتماعي للمجتمع الإسلامي الوليد، والأخطار الّتي ربّما تعرّض لها الإسلام نفسه نتيجةً لهذا الموقف.
ولو لم يكن (عليّ بن أبي طالب) رجل العقيدة الأوّل، ورجل الرّسالة الأوّل، الأكثر وعياً والأعظم شعوراً بالمسؤوليّة، لَمَا ألقى بالاً إلى الواقع السّياسي والاجتماعي للإسلام، وَلَمَضَى في معارضته إلى نهايتها، مستغِلاًّ الواقع السّياسي والاجتماعي في سبيل نجاح مسعاه للوصول إلى السّلطة.
ولكنّه كان بالفعل رجل العقيدة الأوّل، ورجل الرّسالة الأوّل، وأعظم المسلمين إطلاقاً، شعوراً بالمسؤوليّة تجاه الإسلام، وأعظمهم حرصاً على ازدهاره وانتشاره وتعمّقه في العقول والقلوب.
ومن المؤكّد أنّ الحكم عنده لم يكن مطلباً شخصيّاً، بل وسيلة إلى بلوغ غاية تتجاوز الأشخاص والأجيال والمصالح الخاصّة؛ لتعمّ وتشمل ما بقي من عمر الدّنيا، وما تضمره القرون المقبلة من أجيال في كلّ الأوطان وفي كلّ الأمم.
إنّ عليّاً، بعد رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) - كان أب الإسلام، وقد تصرّف تصرّف الأب الحريص، فتحمّل بصبر جميل نبيل جراحه الشّخصيّة وحرمانه في سبيل قضيّة حياته الكبرى، قضيّة الإسلام.
ولا شكّ في أنّ جميع المسلمين كانوا يعرفون هذه الحقائق في شخصيّة وضمير الإمام عليّ، ويبدو أنّ منافسيه السّياسيّين قاموا بمغامرتهم النّاجحة(12) معتمدين على جملة معطيات من جملتها: ثقتهم بأنّ الإمام سيقدّم مصلحة الإسلام العليا على مصالحه الخاصّة.
لقد أشار الإمام في كتاب له بعث به إلى أهل مصر مع (مالك الأشتر) لمّا ولاّه إمارتها، إلى العامل السّياسي الّذي حال دون مضيّه في المعارضة، فقال: ... فأمسكتُ يدِي(13) حتَّى رأيتُ راجِعةَ النّاسِ(14) قد رجعت عنِ الإسلامِ، يدعُونَ إلى محقِ دِينِ مُحمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله)، فخشِيتُ إنْ لم أنصُرِ الإسلام وأهلهُ أنْ أرى فِيه ثلْماً(15) أو هدْماً تكُونُ المُصِيبةُ بِهِ عليَّ أعظمَ مِن فوتِ ولايتِكُمُ التي إنَّما هيَ متاعُ أيَّامٍ قلائلَ يزُول مِنهَا ما كانَ كمَا يزُولُ السَّرابُ، أو كما يتقشَّعُ السَّحابُ فنهضتُ في تِلك الأحداثِ حتَّى زاح(16) الباطِلُ وزَهقَ(17)، واطمأنَّ الدِّينُ وتنهنه (18).(19)
وقد خيّب موقفه المبدئي الرّسالي آمال كثيرين ممّن كان إسلامهم موضع شكّ، أو كانوا مسلمين مخلصين ولكنّهم ينظرون إلى مسألة الحكم من زاوية المصالح القبليّة والعائليّة؛ نتيجة لافتقارهم إلى النّضج والوعي.
وقد حاول بعض هؤلاء أنْ يحملوه على تغيير موقفه المبدئي الرّسالي، ولكنّه رفض محاولاتهم، مصرِّحاً بأنّ الموقف موقف فتنة، داعياً إلى النّظر في الموقف وفقاً لمقياس عقيدي إسلامي مبدئي، والابتعاد عن المنظور الجاهلي القَبَلي الّذي بَدَتْ سماته في تلك المحاولات.
وقد صرّح بذلك في مواقف كثيرة، منها قوله مخاطِباً الناس حين دعاه أبو سفيان بن حرب، والعبّاس بن عبد المطلب إلى أنْ يُبَايِعَا له بالخلافة: أيُّها النّاسُ، شُقُّوا أمواجَ الفِتنِ بِسُفُنِ النَّجاةِ، وعرِّجُوا عن طرِيقِ المُنافرِةِ(20) وضعُوا تِيجانَ المُفاخرةِ، أفلحَ مَن نهض بِجناحِ، أو استسلم فأراح، هذا ماء آجِن(21)، ولُقمَة يغصُّ بِها آكِلُها، ومُجتنِي الثَّمرةِ لِغيرِ إيناعِها(22) كالزَّارِعِ بِغيرِ أرضِهِ (23).

____________________
1 - نهج البلاغة: رقم النّص: 131.
2 - آسى: أَحْزَنَ - الماضي منه: أَسَيْتُ بمعنى حزنت.
3 - يلي: يكون والياً وحاكماً على الأُمّة.
4 - دولاً: جمع دولة، يعني: لِئَلاّ يكون المال العام بأيدي السّفهاء والفجّار يتداولونه بينهم لمصالحهم مهملين مصالح الأمّة فيه، والعبارة تومئ إلى قول اللّه عزّ وجلّ:
(كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ) سورة الحشر: الآية: 7.
5 - خولاً: عبيد، يعني لِئَلاّ يستعبدوا النّاس ويذلّوهم.
6 - حرباً: أعداء يحاربونهم.
7 - نهج البلاغة: باب الكتب / رقم النّصّ: 62.
8- تساور النّاس: قام بعضهم إلى بعض ليتقاتلوا.
9 - تراجع سيرة (ابن هشام) بتحقيق (مصطفى السّقا) ورفيقَيه (الطّبعة الثّانية) 1375 هجري = 1955 م / القسم الثّاني / ص: 289 - 307.
10 - سقيفة بني ساعدة: مكان مسقوف بسعف النّخل في المدينة (يثرب)، وكانت مجمع الأنصار بعد الإسلام، ودار ندوتهم لفصل القضايا وإجراء المناورات.
11 - يُراجع للمؤلِّف: نظام الحكم والإدارة في الإسلام.
كما يراجع للمؤلّف أيضاً: ثورة الحسين / ظروفها الاجتماعيّة وآثارها الإنسانيّة (الطبعة الخامسة) الفصل الأوّل.
12 - ممّا يوحي بشعور الجميع آنذاك بخطورة الإجراء الّذي اتّخذوه واشتماله على درجة كبيرة من المغامرة قول الخليفة (عمر بن الخطّاب) في خلافته في تحذير غير مباشر وجّهه إلى (طلحة والزّبير) وغيرهما لَمّا نمي إليه عنهم من آراء تتّصل بطريقة انتقال السّلطة على الأسلوب الّذي تمّ في السّقيفة (كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى اللّه شرّها).
13 - أمسكتُ يدي: توقّفتُ عن المشاركة في الموقف الرّاهن.
14 - راجعة الناس: الرّاجعون عن الإسلام، المرتدّون.
15 - ثلْماً: خرْقاً وانتهاكاً.
16 - زاح: ذهب وزال.
17 - زهق: مات، يعني هنا: زال الباطل تماماً.
18 - تنهنه: انتعش.
19 - نهج البلاغة، باب الكتب، رقم النّصّ: 62.
20 - عرّج عن الطّريق: تنحّى عنها، يعني تنحّوا عن الأسلوب الجاهلي في الصّراع السّياسي وهو المنافرة والمفاخرة.
21 - الآجن: الماء الّذي تغيّر لونه وفسدت رائحته ولم يعد صالحاً للشرب، يعني بذلك الأسلوب السّياسي الجاهلي.
22 - الإيناع: النّضج والصّلاحيّة للأكل.
23 - نهج البلاغة: الخطبة رقم: 5.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.