أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-04-2015
9510
التاريخ: 22/11/2022
1855
التاريخ: 17-04-2015
3582
التاريخ: 17-04-2015
3374
|
لقد عاش الإمام الصادق مع أبيه الباقر (عليه السلام) مؤسس جامعة أهل البيت نحوا من خمسة وثلاثين عاما ادرك منها في مطلع شبابه بوادر الانحلال الذي كان يهدد دولة الأمويين بالانهيار وفي تلك الفترة وما تلاها من الفترات رافق تلك الحلقات العلمية التي كانت في مسجد المدينة وخارجه بإشراف أبيه الباقر (عليه السلام) وتتألف كما تؤكد المصادر الموثوقة من مئات الطلاب والعلماء من مختلف البلاد الإسلامية وهو الى جانب أبيه يلقنه من علوم الدين وأسرار الكون وغير ذلك مما ورثه عن آبائه عن النبي (صلى الله عليه واله).
و ظل إلى جانب أبيه الباقر الى آخر نفس من حياته ومدرسة الفقه والحديث والعلوم الاسلامية توالي نشاطها في مختلف المواضيع فيما يخدم مصلحة الإسلام إلى أن وافته المنية سنة 114 هجرية فاستقل الصادق بالزعامة الدينية والمسلمون يتطلعون إليه من كل الجهات هذا والدولة الأموية تسير بخطاً سريعة الى الفناء والانتفاضات الشعبية هنا وهناك تحقق الانتصار تلو الانتصار.
في هذا الظرف بالذات كانت امامة الصادق وزعامته الدينية بين عهد الأمويين وهم في دور الاحتضار وعهد العباسيين والدنيا تبتسم لهم وتضمهم إليها وكلاهما في أمس الحاجة الى سكوته ورضاه فالحزب الحاكم الذي اصبح على ابواب الانهيار قد احس بنتيجة ما سلف منه مع أهل البيت ؛ لأن اكثر الثائرين كانوا يرددون مأساة كربلاء واضطهاد اهل البيت وشيعتهم وما جرى لزيد بن علي وولده يحيى بن زيد وغير ذلك من الجرائم التي استغلها الثائرون واستطاعوا ان يكيفوا الجماهير بواسطتها لصالحهم كما يريدون ويستنفروها للثورة على اولئك الحكام الذين اذاقوا المسلمين الوانا وألوانا من العسف والجور والتنكيل بالابرياء والصلحاء.
و حتى ان الذين كانوا يقودون الثورة ضد الامويين كانوا يتسترون بأمجاد العلويين وآثارهم وينددون بأخصامهم وبما اقترفوه معهم خلال حكمهم الذي استمر قرابة ثمانين عاما أو تزيد ما ذاق فيه أهل البيت حلاوة العيش ابدا فكان من الطبيعي والحال هذه ان يوفروا للإمام الصادق (عليه السلام) في تلك الفترة كل اسباب الهدوء والاستقرار وان يتابع هو مسيرة ابيه الباقر (عليه السلام) من حيث انتهى لا سيما وان طلاب العلم والمحدثين والذين يريدون ان يناظروا في العقائد ويحملوا الأفكار التي تتعارض مع اصول الاسلام قد انتشروا في مختلف المناطق وأصبحوا يتوافدون الى المدينة من كل الجهات حتى اجتمع عنده قرابة اربعة آلاف طالب عدا اولئك الذين كانوا يقصدونه للمناظرة في مختلف المواضيع.
و لعل من جملة الأسباب التي تكمن وراء ذلك التكتل حول الامامين الباقر والصادق (عليهما السلام) هو ان الامويين وقفوا من آثار اهل البيت وفقههم موقفا بلغ اقصى حدود الشدة والصرامة وبلغ الحال ببعض الفقهاء اذا اضطر ان يسند الحديث الى مصدره فإن كان عن علي (عليه السلام) يقول: قال ابو زينب فقد جاء في تاريخ حسن البصري لأبي الفرج ابن الجوزي انه كان اذا اراد ان يحدث عن علي (عليه السلام) يقول: قال ابو زينب ويتحاشى ان يذكره باسمه خوفا من الأمويين وأعوانهم ولما عرف لدى الخاصة انه يعنيه بهذه الكنية قال له ابان بن عياش: ما هذا الذي يقال عنك انك قلته في علي بن أبي طالب قال يا ابن اخي احقن دمي من هؤلاء الجبابرة لو لا ذلك لسالت بي اعشب.
و بعضهم كان يقول: قال الشيخ ويعني بذلك عليا (عليه السلام) ولا يجرأ على ذكره باسمه.
و جاء عن أبي حنيفة انه قال عند ما سأله احد الأمويين عن مسألة فقهية جاء عنه انه قال: فاسترجعت في نفسي لأني اقول فيها برأي علي (عليه السلام) وأدين اللّه به فكيف اصنع ثم عزمت ان اصدقه وأفتيه بالدين الذي ادين اللّه به ومضى يقول: إن بني أميّة كانوا لا يفتون بقول علي (عليه السلام) ولا يأخذون به وكان علي لا يذكر باسمه بين الفقهاء والعلامة بين المشايخ ان يقولوا قال الشيخ كما جاء ذلك في المجلد الأول من مناقب ابي حنيفة.
و قال الشعبي كما في عيون الاخبار لابن قتيبة: ما ذا لقينا من آل أبي طالب ان أحببناهم قتلنا وإن أبغضناهم دخلنا النار.
و بلغ من حرص الأمويين على طمس آثار أهل البيت وفقههم أن رفعوا من شأن بعض الفقهاء وتركوا لهم امر الافتاء وبيان الأحكام كسليمان بن موسى الاشدق المتوفى سنة 119 وعبد اللّه بن ذكوان المتوفى سنة 130 احد مواليهم وراوي احاديث أبي هريرة ونافع مولى ابن عمر وسليمان بن يسار الذي كان ملازما لقصورهم وقد فرضوه على المدينة ومكحول مولى بني هذيل وأبي حازم سلمة بن دينار الأعرج مولى بني مخزوم وسليمان بن طرخان واسماعيل بن خالد البجلي وعكرمة مولى ابن عباس وابن شهاب الزهري وغير هؤلاء من علماء الموالي الذين قربوهم وفتحوا لهم صدورهم وخزائنهم ولم يسمحوا لأحد ان يحدث عن أهل البيت أو يسند لعلي ولغيره من ولده رأيا في الفقه أو في غيره من المواضيع الإسلامية مما سبب ضيقا واحراجا لكثير من الفقهاء الذين كانوا لا يرون لفقه علي وأبنائه بديلا.
و لعل بعض من عرفوا بفقهاء الرأي كانوا يفتون برأيه وينسبون الفتوى لأنفسهم بدون ان يذكروا لها سندا من مرويات الصحابة أو آرائهم ولا يجرؤون على اسنادها لعلي (عليه السلام) خوفا من سياط الأمويين وسيوفهم المسلولة على الرقاب فعدوهم لذلك من فقهاء الرأي.
ولما اتيح للإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) ان يحدثا عنه وعن الرسول (صلى الله عليه واله) وينشرا فقهه وآثار الإسلام توافد العلماء وطلاب العلم عليهما في مدينة الرسول (صلى الله عليه واله) من كل جانب ومكان لا سيما وقد شهد عصرهما نهضة علمية شملت جميع اطراف الدولة وصراعا عقائديا كانت وراءه ايد خفية تحاول تشويه أصول الإسلام وتحريفها بما يسيء إلى الإسلام ولا يخدم إلا اعداءه وكان الرابح الأكبر من ذلك الصراع الذي فرق المسلمين الى شيع وأحزاب اولئك الحكام الذين يهمهم ان ينصرف المسلمون عن ظلمهم وجورهم وطغيانهم إلى هذا اللون من الصراع مهما كانت النتائج.
و مهما كان الحال فلقد تتابعت الوفود من جميع المدن والقرى على جامعة أهل البيت ونشطت الحركة العلمية في عهد الإمام الصادق (عليه السلام) إلى أبعد الحدود بعد ان زالت الحواجز التي كانت تحول بين الناس وبينهم وبلغ عدد المنتمين إليها أربعة آلاف كما احصاهم أبو العباس احمد بن عقدة المتوفى سنة 230 في كتاب مستقل وأيده الشيخ نجم الدين في المعتبر وأدرك منهم الحسن بن علي الوشاء وكان من أصحاب الرضا تسعمائة شيخ كانوا يجتمعون في مسجد الكوفة يحدثون عن جعفر بن محمد ويتدارسون فقهه وذلك بعد أكثر من عشرين عاما مضت على وفاة الإمام الصادق.
وإذا صح أن الحسن بن علي الوشاء قد ادرك منهم بعد عشرين عاما او تزيد في مسجد الكوفة وحده هذا المقدار فليس بغريب اذا اجتمع عنده من سائر البلاد والاقطار اربعة آلاف طالب وأكثر من ذلك.
و قال المحقق في المعتبر: ان الذين برزوا من تلامذته ألفوا من أحاديثه وأجوبة مسائله أربعمائة كتاب عرفت بعد عصره بالاصول وقد اعتمدها المحمدون الثلاثة الكليني والصدوق والطوسي في كتبهم الأربعة الكافي ومن لا يحضره الفقيه والوافي والاستبصار.
كما تنص المؤلفات الشيعية في أحوال الرجال أن أصحاب الامامين الباقر والصادق (عليهما السلام) قد ألفوا في مختلف المواضيع اكثر من أربعة آلاف كتاب ولو افترضنا ان هذا العدد مبالغ فيه وليس ذلك ببعيد فمما لا شك فيه بأنهم تركوا بالإضافة إلى الأصول الأربعمائة مئات الكتب في الحديث والفقه وغيرهما من المواضيع الإسلامية كما يرشد إلى ذلك تأكيد الإمام الصادق (عليه السلام) بكتابة ما كان يلقيه عليهم خوفا من النسيان والزيادة والنقصان لا سيما وان التدوين والتأليف قد بلغا اقصى حدودهما في ذلك العصر الذي كان فيه العلماء والمعنيون بإحصاء الحوادث والآثار يتسابقون إلى التأليف والتدوين وظهرت فيه عشرات المؤلفات لغيرهم في الحديث والسير والتاريخ والتفسير وغير ذلك من المواضيع الإسلامية وغيرها.
اما اين ذهبت تلك المؤلفات الشيعية فالتاريخ قد أهمل مصيرها كما أهمله المؤلفون في احوال الرجال وآثارهم وبلا شك فلقد بقي الكثير منها الى القرنين الرابع والخامس واعتمد عليها اصحاب الكتب الأربعة في مجاميعهم كما ذكرنا وقد اتلف اكثرها السلاجقة والتتر والايوبيون وغيرهم من الغزاة في جملة ما اتلفوه من مكتبة الوزير سابور ومكتبة الطوسي في بغداد ومكتبة القصر الفاطمي في القاهرة هذا بالإضافة الى ما تلف من مكتبة محمد بن عمير التي دفنها في التراب خوفا من الرشيد وكان قد حبسه الرشيد وصادر جميع امواله ولما خرج من سجنه وجدها بالية وكانت تشتمل على مئات الكتب لأصحاب الإمامين الصادق والباقر (عليه السلام).
و يظهر من سرائر محمد بن ادريس العجلي المتأخر عن الشيخ الطوسي انه كان يحتفظ ببعض تلك المؤلفات وانه في السرائر اخذ منها بلا واسطة حيث قال: فمن ذلك ما اورده موسى بن بكير الواسطي في كتابه عن حمران بن اعين الشيباني وبعد ان اورد جملة من الكتاب المذكور قال: ومن ذلك ما استطرفناه من كتاب معاوية بن عمار وقد اخذ منه بعض الأحاديث في احكام الحج والصلاة ثم قال: ومن ذلك ما استطرفناه من كتاب احمد بن محمد ابي نصر البزنطي كما اخذ من كتاب لأبان بن تغلب ومن كتاب لجميل بن دراج وللسياري وللبزنطي ولحريز بن عبد اللّه السجستاني وللحسن بن محبوب السراد ولعبد اللّه بن بكير وغيرهم وعبارته تكاد تكون صريحة في أنه اخذ من تلك الكتب مباشرة.
و يظهر من الشهيد في الذكرى والكفعمي في مصباحه ان بعض تلك المؤلفات التي تركها اصحاب الأئمة (عليهم السلام) كانت عندهما كما نص على ذلك الحر العاملي في الفائدة السادسة التي الحقها في المجلد الثالث من الوسائل الطبعة القديمة.
و مهما كان الحال فلست بصدد تحقيق هذه الأمور ولا استقصاء جميع ما قيل فيها وفي جامعة أهل البيت والعدد الذي كان ينتمي إليها وما انتجته في مختلف الميادين فإن استقصاء ذلك كله لا يكفيه مجلد واحد.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|