المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 18000 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تاريخ المستوطنات العشوائية في بلدان العالم النامية (الثالث) - مدن الأكواخ
21-6-2021
Moritz Pasch
5-2-2017
قافلة الشرف باتجاه كربلاء
7-11-2017
معنى {ومَا اللّٰهُ بِغٰافِلٍ}
16-11-2015
Nuclei and particles
2024-01-23
Plateau,s Equation
23-7-2018


تفسير آية (111-113) من سورة الانعام  
  
4327   06:17 مساءً   التاريخ: 5-11-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الألف / سورة الأنعام /

قال تعالى : {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} [الأنعام : 111 - 113].

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

قال تعالى : {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} [الأنعام : 111] .

بين سبحانه حالهم في عنادهم ، وترددهم في طغيانهم ، وكفرهم ، فقال : {ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة} حتى يروهم عيانا ، يشهدون لنبينا بالرسالة {وكلمهم الموتى} أي : وأحيينا الموتى حتى كلموهم بالتوحيد ، وشهدوا لمحمد بالرسالة {وحشرنا} أي : جمعنا {عليهم كل شيء} أي : كل آية . وقيل :

كل ما سألوه {قبلا} أي : معاينة ومقابلة حتى يواجهوها ، عن ابن عباس ، وقتادة .

ومعناه أنهم من شدة عنادهم ، وتركهم الانقياد والإذعان للحق ، يشكون في المشاهدات التي لا يشك فيها ، ومثله قوله {وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم} وقبلا أي : قبيلا قبيلا يعني جماعة جماعة ، عن مجاهد . هذا إذا حملت {قبلا} على جمع القبيل الذي هو الصنف ، وإنما كانت تبهر هذه الآية ، لأنه ليس في العرف أن يجتمع جميع الأشياء وتنحشر إلى موضع . وقيل : كفلاء عن الفراء . وهذا الوجه فيه بعد لأنهم إذا لم يؤمنوا عند إنزال الملائكة إليهم ، وكلام الموتى ، فأن لا يؤمنوا بالكفالة أجدر ، إلا أن يكون المراد حشر كل شيء وفي الأشياء المحشورة ما لا ينطق ، فإذا نطق بالكفالة ما لا ينطق ، كان خارقا للعادة .

{ما كانوا ليؤمنوا} عند هذه الآيات {إلا أن يشاء الله} أن يجبرهم على الإيمان ، عن الحسن ، وهو المروي عن أهل البيت عليهم السلام . والمعنى انهم قط لا يؤمنون مختارين إلا أن يكرهوا {ولكن أكثرهم يجهلون} أن الله قادر على ذلك .

وقيل : معناه يجهلون أنهم لو أوتوا بكل آية ما آمنوا طوعا . وقيل : معناه يجهلون مواضع المصلحة ، فيطلبون ما لا فائدة فيه .

وفي الآية دلالة على أن الله سبحانه ، لو علم أنه إذا فعل ما اقترحوه من الآيات آمنوا ، لفعل ذلك ، ولكان ذلك من الواجب في حكمته ، لأنه لو لم يجب ذلك ، لم يكن لتعليله بأنه لم يظهر هذه الآيات لعلمه بأنه لو فعلها لم يؤمنوا معنى .

وفيها أيضا دلالة على أن إرادته محدثة ، لأن الاستثناء يدل على ذلك ، إذ لو كانت قديمة ، لم يجز هذا الاستثناء ، ولم يصح كما كان لا يصح لو قال ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يعلم الله ، وإلا أن يقدر الله لحصول هاتين الصفتين فيما لم يزل . ومتى قيل : فلم لا يقال إنهم لم يؤمنوا لأنه سبحانه يعلم أنه لم يشأ؟ فالقول فيه : إنه لو كان كذلك ، لكان وقوع الإيمان منهم موقوفا على المشيئة ، سواء كانت الآيات ، أم لم تكن ، وفي هذا إبطال للآيات .

- {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} [الأنعام : 111 - 113] .

ثم بين سبحانه ما كان عليه حال الأنبياء عليهم السلام مع أعدائهم ، تسلية لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم فقال : {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن} أي :

وكما جعلنا لك شياطين الإنس والجن أعداء ، كذلك جعلنا لمن تقدمك من الأنبياء وأممهم . وقيل في معنى قوله : {وجعلنا} هنا وجوه أحدها : إن المراد كما أمرناك بعداوة قومك من المشركين ، فقد أمرنا من قبلك بمعاداة أعدائهم ، من الجن والإنس ، ومتى أمر الله رسوله بمعاداة قوم من المشركين ، فقد جعلهم أعداء له ، وقد يقول الأمير للمبارز من عسكره : جعلت فلانا قرنك في المبارزة ، وإنما يعني بذلك أنه أمره بمبارزته ، لأنه إذا أمره بمبارزته ، فقد جعل من يبارزه قرنا له . وثانيها : إن معناه حكمنا بأنهم أعداء ، وأخبرنا بذلك لتعاملوهم معاملة الأعداء في الاحتراز عنهم ، والاستعداد لدفع شرهم ، وهذا كما يقال : جعل القاضي فلانا عدلا ، وفلانا فاسقا ، إذا حكم بعدالة هذا ، وفسق ذلك ، وثالثها : إن المراد خلينا بينهم وبين اختيارهم العداوة لم نمنعهم عن ذلك كرها ، ولا جبرا ، لأن ذلك يزيل التكليف .

ورابعها : إنه سبحانه إنما أضاف ذلك إلى نفسه ، لأنه سبحانه لما أرسل إليهم الرسل ، وأمرهم بدعائهم إلى الاسلام ، والإيمان ، وخلع ما كانوا يعبدونه من الأصنام والأوثان ، نصبوا عند ذلك العداوة لأنبيائه عليهم السلام . ومثله قوله سبحانه مخبرا عن نوح عليه السلام : {فلم يزدهم دعائي إلا قرارا} والمراد بشياطين الإنس والجن : مردة الكفار من الفريقين ، عن الحسن ، وقتادة ، ومجاهد . وقيل : إن شياطين الإنس الذين يغوونهم ، وشياطين الجن الذين هم من ولد إبليس ، عن السدي ، وعكرمة .

وفي تفسير الكلبي عن ابن عباس أن إبليس جعل جنده فريقين ، فبعث فريقا منهم إلى الإنس ، وفريقا إلى الجن فشياطين الإنس والجن أعداء الرسل والمؤمنين ، فيلتقي شياطين الإنس وشياطين الجن ، في كل حين ، فيقول بعضهم لبعض أضللت صاحبي بكذا ، فأضل صاحبك بمثلها ، فكذلك يوحي بعضهم إلى بعض . وروي عن أبي جعفر عليه السلام أيضا أنه قال : إن الشياطين يلقى بعضهم بعضا ، فيلقي إليه ما يغوي به الخلق حتى يتعلم بعضهم من بعض {يوحي} أي يوسوس ويلقي خفية {بعضهم إلى بعض زخرف القول} أي المموه المزين الذي يستحسن ظاهره ، ولا حقيقة له ، ولا أصل {غرورا} أي : يغرونهم بذلك غرورا ، أو ليغروهم بذلك {ولو شاء ربك ما فعلوه} أخبر سبحانه أنه لو شاء أن يمنعهم من ذلك جبرا ، ويحول بينهم وبينه ، لقدر على ذلك ، ولو حال بينهم وبينه ، لما فعلوه ، ولكنه خلى بينهم وبين أفعالهم إبقاء للتكليف ، وامتحانا للمكلفين . وقيل : معناه ولو شاء ربك ما فعلوه بأن ينزل عليهم عذابا ، أو آية ، فتظل أعناقهم لها خاضعين {فذرهم وما يفترون} أي : دعهم وافتراءهم الكذب ، فإني أجازيهم وأعاقبهم . أمر سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بأن يخلي بينهم وبين ما اختاروه ، ولا يمنعهم منه بالقهر ، تهديدا لهم ، كما قال اعملوا ما شئتم دون أن يكون أمرا واجبا ، أو ندبا .

{ولتصغي إليه} أي : ولتميل إلى هذا الوحي بزخرف القول ، أو إلى هذا القول المزخرف {أفئدة} أي : قلوب {الذين لا يؤمنون بالآخرة} والعامل في قوله {ولتصغي} قوله : {يوحي} ولا يجوز أن يكون العامل فيه {جعلنا} لأن الله سبحانه لا يجوز أن يريد إصغاء القلوب إلى الكفر ووحي الشياطين ، إلا أن تجعلها لام العاقبة ، كما في قوله {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا} على أنه غير معلوم أن كل من أرادوا منه الصغو قد صغى إلى كلامهم ، ولم يصح ذلك أيضا في قوله {وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون} لأنه غير معلوم حصول ذلك ، وعلى ما قلناه يكون جميع ذلك معطوفا بعضه على بعض ، والمراد بالأفئدة : أصحاب الأفئدة ، ولكن لما كان الاعتقاد في القلب ، وكذلك الشهوة ، أسند الصغو إلى القلب {وليرضوه} أي : وليرضوا ما أوحي إليهم من القول المزخرف .

{وليقترفوا} أي : وليكتسبوا من الإثم والمعاصي {ما هم مقترفون} أي : مكتسبون في عداوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين ، عن ابن عباس ، والسدي . وقال أبو علي الجبائي : إن اللام في قوله {ولتصغي} وما بعده ، لام الأمر ، والمراد بها التهديد ، كما قال سبحانه {اعملوا ما شئتم} {واستفزز من استطعت} وهذا غلط فاحش ، لأنه لو كان كذلك ، لقال : ولتصغ ، فحذف الألف . وقال البلخي : اللام في {ولتصغي} لام العاقبة ، وما بعده لام الأمر الذي يراد به التهديد ، وهذا جائز إلا أن فيه تعسفا ، فالأصح ما ذكرناه .

_______________________________

1 . تفسير مجمع البيان ، ج4 ، ص 137-141 .

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هذه الآيات (1) :

طراز من الناس :

{ ولَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ } . قلنا في تفسير الآيات السابقة : ان جماعة من المشركين اقترحوا على النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يأتيهم بآية معينة ، وان المؤمنين تمنوا لو استجاب اللَّه إلى طلبهم ، وان اللَّه سبحانه أجاب المؤمنين بقوله : {وما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ} وبعد هذه الإشارة أوضح جل ثناؤه لنبيه الأكرم بأن هؤلاء المشركين الذين اقترحوا عليك يا محمد ما اقترحوا من الخوارق لا يؤمنون بك بحال ، حتى ولو أنزلنا عليهم الملائكة من السماء ، وأحيينا الموتى وشهدوا لك جميعا بلسان عربي مبين انك نبي مرسل ، بل لو شهد لك الكون بأرضه وسمائه ما صدقوك ولا اتبعوك { إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ } أي يلجئهم إلى الايمان بك بالقوة والغلبة .

وتسأل : هل هذا الفرض صحيح ، وهذا الطراز من الناس يمكن أن يوجد - بحسب المعتاد - ؟ وكيف تكذب فئة قليلة الكون بما فيه ؟ وهل من المتصور أن يكذّب الإنسان سمعه وبصره ، فيرى الموتى تحيا وتقوم من قبورها الدارسة منذ آلاف السنين ، وهي تقول : لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه ، ويرى الملائكة تنزل من السماء أفواجا ، تشهد لمحمد بالرسالة ، ويسمع الحيوانات والطيور والأسماك والأشجار والأحجار وجميع الكواكب تنادي بأعلى صوتها : أشهد ان لا إله إلا اللَّه وان محمدا رسول اللَّه ، هل من المتصور أن يوجد انسان يكذّب بجميع هذه الخوارق والمعجزات ؟ ان هذا لشيء عجاب .

الجواب : إن هذا الفرض غير صحيح ، بل هو محال في حق الذين يتأثرون بالحق ودليله ، ويسيرون بوحي من منطق العقل وفطرة اللَّه التي فطر الناس عليها لأن هذه الخوارق دلائل قاطعة لا تبقي مجالا للريب ، أما هذا الفرض في حق الذين تسيطر على جميع مشاعرهم المصالح الخاصة ، ويرونها هي العقل والفطرة والحق والعدل ، أما هذا الفرض في حق هؤلاء فصحيح ، لأن هذا الطراز من الناس موجود بالفعل ، وهم المستعمرون والمحتكرون ، ومن إليهم من الذين يعيشون على السلب والفساد .

والذين يستبعدون هذا الفرض لم يتنبهوا إلى واقع هذه الفئة ، وخلطوا بين منطق العقل ، وبين الموجه الأول للمنتفعين والانتهازيين . . ان العقل من حيث هو ليس إلا مرشدا يأمر وينهى ، ولا يصغي إليه إلا من طلب الحق لوجه الحق ، أما الموجه والقائد للمنتفعين فهو النفع الشخصي ، وهو وحده الذي يقودهم في أعمالهم وسلوكهم ، وهو دينهم وعقلهم ، بل كيانهم وحياتهم ، ومن أجل هذا لا يجدي معهم أي منطق إلا منطق القوة الذي أشار إليه سبحانه بقوله : { إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ } . . { ولكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ } ولا ينتبهون إلى أنهم الفئة الباغية التي لا يجدي معها منطق العقل والفطرة ، ولا منطق الدين والانسانية ، ولا شيء إلا القهر والغلبة ، فمن الخطأ والضياع أن يخاطب هؤلاء بلغة العلم والانسانية .

{ وكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الإِنْسِ والْجِنِّ } . شيطان الإنس معروف ، وهو كل من يغري الناس بالباطل ، ويلبسه ثوب الحق . . أما الجن فهو من غيب اللَّه ، ونحن به من المؤمنين اجمالا ، ومن حيث المبدأ ، ولا تعنينا التفاصيل لأننا غير مسؤولين عنها ، تماما كما هو الشأن في الملائكة ، ولا غرابة في عداء الأشرار للأنبياء السابقين واللاحقين ، لأنه من مظاهر العداء بين الخير والشر ، وبين الحق والباطل .

وتسأل : إذا كان اللَّه سبحانه هو الذي جعل للأنبياء أعداء من الأشرار ، كما يظهر من الآية ، فلما ذا يعاقبهم على عدائهم للأنبياء ؟ وأيضا كيف أمر باتباع الأنبياء ، ثم جعل لهم أعداء يقاومونهم ، ويغرون الناس بالكفر بهم وبرسالتهم ؟ .

الجواب : ان اللَّه سبحانه بعث الأنبياء ، وجعل مهمتهم الدعوة إلى التوحيد والعدل ، ونبذ الظلم والوثنية ، وهذه المهمة بطبيعتها تستدعي التناقض والصراع بين الأنبياء وبين عبدة الأوثان والمستغلين ، فاللَّه سبحانه سبب البعثة ، والبعثة سبب العداء ، وبهذا الاعتبار نسب العداء إليه مجازا . جل ثناؤه . قال حكاية عن نوح : {رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا ونَهاراً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً} [نوح - 5] . فالفرار يستند إلى دعوة نوح ، ودعوته تستند إلى أمر اللَّه .

وزيادة في التوضيح نضرب هذا المثال : رجل ترك ثروة لولده ، فسببت له عداوة الحساد ، فيقال مجازا : خلق له والده حسادا .

{ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً } . زخرف القول هو الكلام المموّه الكاذب ، ظاهره الرحمة ، وباطنه العذاب ، والمعنى ان الأشرار يوسوس بعضهم إلى بعض بالباطل المموه بالحق بقصد الإغراء بعمل القبيح ، ومعاندة الحق وأهله { ولَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ } ضمير فعلوه يعود إلى عملهم القبيح ، أي عداوة الأنبياء ، وايحاء بعضهم إلى بعض ، والمعنى ان اللَّه لو أراد أن يمنعهم جبرا وقهرا عن القبح ما كان منهم ذاك العداء ، ولا هذا الإيحاء ، ولكن حكمته اقتضت أن يتركهم وشأنهم ، وأن يكونوا مختارين غير مسيرين ، فيحاسبون على ما يفعلون ، ويعاقبون بما يستحقون { فَذَرْهُمْ وما يَفْتَرُونَ } من الكذب ، فعليك البلاغ ، وعلينا الحساب والجزاء .

{ ولِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ } أي يوحي الأشرار بعضهم إلى بعض زخرف القول ليستمع إليه الكفار { ولِيَرْضَوْهُ } بعد ان استمعوا إليه ، ويعملوا به بلا بحث وتمحيص . وهاء يرضوه تعود إلى ما عادت إليه هاء ما فعلوه . {ولِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ} من المعاصي والآثام ، ويتميز المؤمن عن الكافر ، والمخلص عن المنافق .

والخلاصة ان الأبالسة الأشرار يزخرفون القول ليخدعوا به ضعاف النفوس ، ويميلوا إليه ، ويقترفوا الذنوب ، قال أبو حيان الأندلسي : هذا الكلام في غاية البلاغة ، لأنه أولا يكون الخداع ، فيكون الميل ، فيكون الرضا ، فيكون الاقتراف ، وكأن كل واحد مسبّب عما قبله .

____________________________

1. تفسير الكاشف ، ج3 ، ص 248-250 .

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى : {وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى} إلى آخر الآية بيان آخر لقوله : {إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ} وأن قولهم : {لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها} دعوى كاذبة أجرأهم عليها جهلهم بمقام ربهم فليس في وسع الآيات التي يظنون أنها أسباب مستقلة في إيجاد الإيمان في قلوبهم وإقدارهم على التلبس به أن تودع في نفوسهم الإيمان إلا بمشية الله .

فهذا السياق يدل على أن في الكلام حذفا وإيجازا ، والمعنى : ولو أننا أجبناهم في مسألتهم وآتيناهم أعاجيب الآيات فنزلنا إليهم الملائكة فعاينوهم ، وأحيينا لهم الموتى فواجهوهم وكلموهم وأخبروهم بصدق ما يدعون إليه ، وحشرنا وجمعنا عليهم كل شيء قبيلا قبيلا وصنفا صنفا ، أو حشرنا عليهم كل شيء قبلا ومواجهة فشهدوا لهم بلسان الحال أو القال ، ما كانوا ليؤمنوا ولم يؤثر شيء من ذلك في استجابتهم للإيمان إلا أن يشاء الله إيمانهم .

فلا يتم لهم الإيمان بشيء من الأسباب والعلل إلا بمشية الله فإن النظام الكوني على عرضه العريض وإن كان يجري على طبق حكم السببية وقانون العلية العام غير أن العلل والأسباب مفتقرة في أنفسها متدلية إلى ربها غير مستقلة في شيء من شئونها ومقتضياتها فلا يظهر لها حكم إلا بمشية الله ولا يحيى لها رسم إلا بإذنه .

غير أن المشركين أكثرهم ـ ولعلهم غير العلماء الباغين منهم ـ يجهلون مقام ربهم ويتعلقون بالأسباب على أنها مستقلة في نفسها مستغنية عن ربها فيظنون أن لو أتاهم سبب الإيمان ـ وهو الآية المقترحة ـ آمنوا واتبعوا الحق وقد اختلط عليهم الأمر بجهلهم فأخذوا هذه الأسباب الناقصة المفتقرة إلى مشية الله أسبابا مستقلة تامة مستغنية عنه .

قوله تعالى : {وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ} إلى آخر الآية الشياطين جمع شيطان وهو في اللغة الشرير غلب استعماله في إبليس الذي يصفه القرآن وذريته ، والجن من الجن بالفتح وهو الاستتار ، وهو في عرف القرآن نوع من الموجودات ذوات الشعور والإرادة مستور عن حواسنا بحسب طبعها وهم غير الملائكة . يذكر القرآن أن إبليس الشيطان من سنخهم . والوحي هو القول الخفي بإشارة ونحوها ، والزخرف الزينة المزوقة أو الشيء المزوق فزخرف القول الكلام المزوق المموه الذي يشبه الحق وليس به ، وغرورا مفعول مطلق لفعل مقدر من جنسه أو مفعول له .

والمعنى : ومثل ما جعلنا لك جعلنا لكل نبي عدوا هم شياطين الإنس والجن يشير بعضهم إلى بعض ـ وكأن المراد وحي شياطين الجن بالوسوسة والنزغة إلى شياطين الإنس ووحي بعض شياطين الإنس إلى بعض آخر منهم بإسرار المكر والتسويل ـ بأقوال مزوقة وكلمات مموهة يغرونهم بذلك غرورا أو لغرورهم وإضلالهم بذلك .

وقوله : {وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ} يشير بذلك إلى أن حكم المشية عام جار نافذ فكما أن الآيات لا تؤثر في إيمانهم شيئا إلا بمشية الله كذلك معاداة الشياطين الأنبياء ووحيهم زخرف القول غرورا كل ذلك بإذن الله ولو شاء الله ما فعلوه ولم يوحوا ذلك فلم يكونوا عدوا للأنبياء ، وبهذا المعنى يتصل هذه الآية بما قبلها لاشتراكهما في بيان توقف الأمور على المشية .

وقوله : {فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ} تفريع على نفوذ المشية أي إذا كانت هذه المعاداة والإفساد بالوساوس كل ذلك بإذن الله ولم يكونوا بمعجزين لله في مشيته النافذة الغالبة فلا يحزنك ما تشاهد من إخلالهم بالأمر وإفسادهم له بل اتركهم وما يفترونه على الله من دعوى الشريك ونحوها .

فقوله : {وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ} إلى آخر الآية في معنى قوله في صدر الآيات : {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا} .

والكلام في قوله تعالى : {وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ} إلخ ، حيث أسند ظاهرا جعلهم عدوا للأنبياء ـ وفيه التسبب إلى الشر والبعث إلى الشرك والمعصية ـ إلى الله سبحانه وهو منزه من كل شر وسوء نظير الكلام في إسناده تزيين الأعمال إلى الله سبحانه في قوله : {كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} وقد تقدم الكلام فيه ، وكذا الكلام في ظاهر ما يفيده قوله في الآية التالية : {وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} إلخ ، حيث جعل هذه المظالم والآثام غايات إلهية للدعوة الحقة .

وللمفسرين في هاتين الآيتين على حسب اختلاف مذاهبهم في انتساب الأعمال إلى الله سبحانه نظائر ما تقدم من أقوالهم في انتساب زينة الأعمال إليه تعالى .

وقد عرفت أن الذي يفيده ظاهر الآية الكريمة أن كل ما يصدق عليه اسم شيء فهو مملوك له تعالى منسوب إليه من غير استثناء لكن الآيات المنزهة لساحة قدسه تعالى من كل سوء وقبح تعطي أن الخيرات والحسنات جميعا مستندة إلى مشيته منسوبة إليه بلا واسطة أو معها ، والشرور والسيئات مستندة إلى غيره تعالى كالشيطان والنفس بلا واسطة ، وإنما تنتسب إليه تعالى بالإذن فهي مملوكة له تعالى واقعة بإذنه ليستقيم أمر الامتحان الإلهي ويتم بذلك أمر الدعوة الإلهية بالأمر والنهي والثواب والعقاب ولو لا ذلك لبطلت ولغت السنة الإلهية في تسيير الإنسان كسائر الأنواع نحو سعادته في هذا العالم الكوني الذي لا سبيل فيه إلى الكمال والسعادة إلا بالسلوك التدريجي .

قوله تعالى : {وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} إلى آخر الآية . الاقتراف هو الاكتساب ، وضمير المفرد للوحي المذكور في الآية السابقة واللازم في قوله : {لِتَصْغى} للغاية والجملة معطوفة على مقدر ، والتقدير : فعلنا ما فعلنا وشئنا ما شئنا ولم نمنع عن وحي بعضهم لبعض زخرف القول غرورا لغايات مستورة ولتصغى وتجيب إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليكتسبوا ما هم مكتسبون لينالوا بذلك جميعا ما يسألونه بلسان استعدادهم من شقاء الآخرة ، فإن الله سبحانه يمد كلا من أهل السعادة وأهل الشقاء بما يتم به سيرهم إلى منازلهم ويرزقهم ما يقترحونه بلسان استعدادهم قال تعالى : {كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً} [الإسراء : 20] .

___________________________

1. تفسير الميزان ، ج7 ، ص 272-274 .

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

قال تعالى : {وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} [الأنعام : 111] .

لماذا لا يرعوي المعاندون ؟

هذه الآية تتبع سابقاتها في تعقيب الحقيقة نفسها ، وهدف هذه الآيات هو بيان كذب أولئك الذين طلبوا تحقيق معجزات عجيبة وغريبة يستحيل تحقق بعضها كما مرّ (مثل رؤية الله جهرة) .

فهم يظنون أنّهم بطلبهم تلك المعجزات العجيبة سوف يزعزعون أفكار المؤمنين ويزلزلون عقائد الباحثين عن الحق ويشغلونهم عن ذلك .

فيصرّح القرآن في الآية المذكورة قائلا : {وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا} (2) .

ثمّ يؤكّد ذلك أنّهم لا يمكن أن يؤمنوا إلّا في حالة واحدة وهي أن يجبرهم الله بإرادته على الإيمان : {إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ} إلّا أنّ إيمانا كهذا لا ينفع في تربيتهم ولا يؤثر في تكاملهم وفي النهاية يقول : {وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} .

هناك كلام مختلف بين المفسّرين عمّن يعود إليهم الضمير «هم» في هذه العبارة ، فقد يعود إلى المؤمنين الذين أصروا على رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم أن يحقق للمشركين طلباتهم ويأتيهم بكل معجزة يريدونها .

وذلك لأنّ معظم هؤلاء المؤمنين كانوا يجهلون زيف الكفار في دعواهم ، ولكنّ الله كان عالما بأنّهم كاذبون ، ولذلك لم يجبهم إلى طلباتهم ، إلّا أنّ دعوة رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم لا يمكن أن تخلو ـ طبعا ـ من معجزة ، فقد حقق الله في مواضع خاصّة معجزات مختلفة على يده .

والاحتمال الآخر هو أنّ الضمير «هم» يعود إلى الكفار أصحاب الطلبات أنفسهم ، أي أنّ أكثرهم يجهل قدرة الله على تحقيق كل أمر خارق للعادة ، ولعلهم يعتبرون قدرته محدودة لذلك كانوا يصفون معاجز الرّسول بالسحر ، يقول سبحانه : {وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} [الحجر : 14-15] فهم قوم معاندون وجاهلون وينبغي أن لا يهتم أحد بكلامهم .

{وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ} [الأنعام : 112-113] .

وساوس الشياطين :

تشير هذه الآية إلى أنّ أمثال هؤلاء المعاندين اللجوجين المتعصبين الذين أشارت إليهم الآيات السابقة ، لم يقتصر وجودهم على عهد نبي الإسلام صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم ، بل إنّ الأنبياء السابقين وقف في وجوههم أعداؤهم من شياطين الإنس والجن : {وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ} ، لا عمل لهم سوى الكلام المنمق الخادع يستغفل به بعضهم بعضا ، يلقونه في غموض أو يهمس به بعض لبعض : {يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً} .

ولكن : لو أراد الله لمنع هؤلاء بالإكراه عن ذلك ولحال دون وقوف هؤلاء الشياطين وأمثالهم بوجه الأنبياء : {وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ} .

بيد أنّ الله لم يشأ ذلك ، لأنّه أراد أن يكون الناس أحرارا ، وليكون هناك مجال لاختبارهم وتكاملهم وتربيتهم ، إنّ سلب الحرية والإكراه لا يأتلف مع هذه الأغراض ، ثمّ إنّ وجود أمثال هؤلاء الأعداء المعاندين المتعصبين لا يضر المؤمنين الصادقين ، شيئا ، بل يؤدي بشكل غير مباشر إلى تكامل الجماعة المؤمنة ، لأنّ التكامل يسير عبر التضاد ، ووجود عدو قوي له تأثير على تعبئة الطاقات البشرية وتقوية الإرادة .

لذلك يأمر الله نبيّه في آخر السورة أن لا يلقى بالا إلى أمثال هذه الأعمال الشيطانية : {فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ} .

___________________________

1. تفسير الأمثل ، ج4 ، ص 191-193 .

2. {حَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ} تعني : حققنا لهم كل طلباتهم ، فالحشر بمعنى الجمع ، وقبلا بمعنى أمامهم وقبالتهم ، وقد تكون «قبل» جمع «قبيل» بمعنى تجميع الملائكة والأموات أمامهم جماعات .

 

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .