المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



مواجهة الظالم وتصاغر يزيد  
  
3502   05:04 مساءً   التاريخ: 1-11-2017
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ص65-71.
القسم :

لا شك ان مواجهة الحاكم الظالم بعد معركة خاسرة عسكرياً أمرٌ صعب بل مرعب خصوصاً إذا كانت السبايا من النساء والصبيان والمرضى , إلاّ ان موقفا زينب (عليها السلام) وزين العابدين (عليه السلام) أمام يزيد الطاغية قد قلبا كل المقاييس .
فقد توقع بنو أمية إذلال السبايا واهانتهم والتشفي منهم في وقت غابت عنهم فصاحة أهل البيت (عليهم السلام) وحجتهم البالغة القوية , وعلى أية حال فقد خابت آمال بنو أمية عندما انطلقت زينب (عليها السلام) في خطبتها الفصيحة البليغة تعدد مثالبهم وتكشف انحرافهم عن الاسلام وعن تعاليم القرآن المجيد والسنة النبوية الشريفة , بينما أرجع الإمام زين العابدين (عليه السلام) مصيبة كربلاء إلى ظلم بني أمية وإرادتهم ذلك الظلم المكتوب في الكتاب قبل ان يبرأ الله عزوجل الخلق .
وبتعبير آخر أراد الإمام السجاد (عليه السلام) تذكير الناس بان المصائب ومنها مصيبة كربلاء مكتوبة في اللوح المحفوظ ذلك الكتاب الذي فيه ما كان وما يكون وما هو كائن الى يوم القيامة , فالله عزّ وجلّ يعلم ما في اللوح من آجال قبل ان يخلق الخلق وهذا المعنى مستخلص من قوله تعالى في سورة الحديد : {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22] , فواقعة الطف لم تكن مفاجئة لهم (عليهم السلام) بل ان الأحاديث المتواترة تشير إلى انهم كانوا يتنبأون بها قبل وقوعها في مناسبات معروفة عديدة .
 لما أدخل ثقل (1) الحسين (عليه السلام) ونساؤه برفقة السجاد (عليه السلام) على الطاغية يزيد وقد أوثقوهم بالحبال ابتدأ الإمام (عليه السلام) خطابه ليزيد : ما ظنك بجدنا رسول الله (صلى الله عليه واله) لو يرانا على مثل هذه الحالة ؟ .
فأمر يزيد بحلّ الوثاق وقال : قبّح الله ابن مرجانة عبيدالله بن زياد , لو كان بينكم وبينه قرابة لما فعل بكم هذا , ثم دعا يزيد بقضيب خيزران فجعل ينكت به ثنايا الحسين (عليه السلام) فأقبل عليه أبو برزة الأسلمي وقال : ويحك يا يزيد أتنكت بقضيبك ثغر الحسين ابن فاطمة (عليها السلام) أشهد لقد رأيت النبي (صلى الله عليه واله) يرشف ثنايا وثنايا أخيه الحسن (عليه السلام) ويقول : أنتما سيدا شباب أهل الجنة فقتل الله قاتلكما ولعنه وأعد له جهنم وساءت مصيراً.
فغضب يزيد وأمر بإخراجه فأخرج سحباً من المجلس وجعل يزيد يتمثل بأبيات ابن الزبعرى :
ليت أشياخي ببدر شهدوا    جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلوا واستهلوا فرحاً         ثم قالوا يا يزيد لا تشل
قد قتلنا القرم من ساداتهم     وعدلناه ببدر فاعتدل
لعبت هاشم بالملك فلا         خبر جاء ولا وحي نزل
لست من خندف إن لم أنتقم     من بني أحمد ما كان فعل
فقامت زينب بت علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقد ناهزت الخمسين من العمر والإمام زين العابدين (عليه السلام) جالس مع السبايا فقالت : الحمد لله رب العالمين وصلى الله على رسوله وآله أجمعين صدق الله سبحانه كذلك يقول : {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ} [الروم: 10] , أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الأسرى إن بنا هواناً على الله وبك عليه كرامة وإن ذلك لعظم خطرك عنده فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك جذلان مسروراً حين رأيت الدنيا لك مستوثقة والأمور متسقة وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا , فمهلاً مهلاً أنسيت قول الله تعالى : {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [آل عمران: 178] .
أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإمائك وسوقك بنات رسول الله (صلى الله عليه واله) سبايا قد هتكت ستورهن وأبديت وجوههن تحدوا بهن الأعداء من بلد إلى بلد ويستشرفهن أهل المناهل والمناقل ويتصفح وجوههن القريب والبعيد والدني والشريف ليس معهن من رجالهن ولي ولا من حماتهن حمي , وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأذكياء ونبت لحمه من دماء الشهداء وكيف ويستبطأ في بغضاء أهل البيت من نظر إلينا بالشنف والشنان والإحن والأضغان ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم :
لاهلّوا واستهلّوا فرحاً         ثم قالوا يا يزيد لا تشل
منتحياً على ثنايا أبي عبدالله (عليه السلام) سيد شباب أهل الجنة تنكتها بمخصرتك وكيف لا تقول ذلك وقد نكأت القرحة واستأصلت الشأفة باراقتك دماء ذرية محمد (صلى الله عليه واله) ونجوم الأرض من آل عبد المطلب وتهتف بأشياخك زعمت إنك تناديهم , فلتردن وشيكاً موردهم ولتودن إنك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت . 
اللهم خذ لنا بحقنا وانتقم ممن ظلمنا وأحلل غضبك بمن سفك دمائنا وقتل حماتنا . 
فوالله ما فريت إلا جلدك ولا حززت إلا لحمك ولتردن على رسول الله (صلى الله عليه واله) بما تحملت من سفك ذريته وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته وحيث يجمع الله شملهم ويلم شعثهم ويأخذ بحقهم {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] , وحسبك بالله حاكماً وبمحمد (صلى الله عليه واله) خصيماً وبجبرائيل ظهيراً وسيعلم من سوّل لك ومكنك من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلاً وأيكم شر مكاناً وأضعف جنداً .
ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك إني لأستصغر قدرك وأستعظم تقريعك وأستكثر توبيخك . لكن العيون عبرى والصدور حرى , ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء , فهذه الأيدي تنطف من دمائنا والأفواه تتحلب من لحومنا وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل وتعفرها أمهات الفراعل ولئن اتخذتنا مغنماً لتجدنا وشيكاً مغرماً حين لا تجد إلا ما قدمت يداك وما ربك بظلام للعبيد . فإلى الله المشتكى وعليه المعول .
فكد كيدك وأسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا ولا ترحض عنك عارها , وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين . 
فالحمد لله رب العالمين الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ولآخرنا بالشهادة والرحمة ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة إنه رحيم ودود وحسبنا الله ونعم الوكيل .
فقال يزيد بن معاوية :
يا صيحة تحمد من صوائح         ما أهون الموت على النوائح
ثم قال يزيد : أية يا علي بن الحسين , أبوك الذي قطع رحمي وجهل حقي ونازعني في سلطاني فصنع الله به ما رأيت .
فقال السجاد (عليه السلام) : بسم الله الرحمن الرحيم : {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: 22، 23] .
قال يزيد : بل قل : {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ...} [الشورى: 30] , فردّ الإمام (عليه السلام) : هذا في حق من ظَلم لا في حق من ظُلم.
ثم قال (عليه السلام) : يا ابن معاوية وهند وصخر لم تنزل النبوة والإمرة إلا لآبائي وأجدادي من قبل أن تولد , ولقد كان جدي علي بن أبي طالب في بدر وأحد والأحزاب في يده راية رسول الله (صلى الله عليه واله) وأبوك وجدك في أيديهما راية الكفار .
ويلك يا يزيد لو تدري ما صنعت وما الذي ارتكبت بأبي وأهل بيته لهربت في الجبال وافترشت الرماد ودعوت بالويل والثبور فابشر بالخزي والندامة إذا اجتمع الناس ليوم الحساب .
وفي رواية المسعودي ان يزيد سأل زين العابدين (عليه السلام) : كيف رأيت يا علي بن الحسين ؟ قال (عليه السلام) : رأيت ما قضاه الله عز وجل قبل ان يخلق السموات والأرض .
فشاور يزيد جلساءه في أمره فأشاروا بقتله , فابتدر زين العابدين (عليه السلام) الكلام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا يزيد لقد أشار عليك هؤلاء بخلاف ما أشار جلساء فرعون عليه حيث شاورهم في موسى وهارون فانهم قالوا له : ارجه وأخاه وقد أشار هؤلاء عليك بقتلنا ... ان أولئك كانوا الراشدة وهؤلاء لغير رشدك [ ماضون ] ولا يقتل الأنبياء وأولادهم إلا أولاد الأدعياء فأمسك يزيد مطرقاً (2) .

 

 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)    ثقل الرجل : عياله .
(2)    إثبات الوصية لعلي بن الحسين المسعودي , ص 140 , طبعة النجف .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.