أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-04-2015
1800
التاريخ: 25-04-2015
2064
التاريخ: 26-11-2014
1847
التاريخ: 23-09-2015
2004
|
هناك مدخل تنظيري آخر للحاجة إلى التفسير يرتبط بتفاوت الإدراك الإنساني ، وأنّ الناس ليسوا على درجة واحدة من الاستعداد للفهم ، فبعض يدرك أسرع من الآخر وبعض أتمّ وهكذا ، فهل من المعقول أن يحرم هؤلاء من معارف القرآن وهدايته عامة للجميع {وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} [القلم : 52] ، وقوله : {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان : 1].
لا شك
أنّ القرآن نفسه ينطوي على معان مترتبة على بعضها بحيث يكون لكلّ نصيبه ، بيد أنّ ذلك
لا يمنع من توسط عملية التفسير في إعانة الإنسان على الرقي العلمي بل وتنمية استعداده
الإدراكي وسعته الفكرية والوجودية لكي يرتقي إلى مراتب أعلى.
لقد
اختار هذا المدخل عدد كبير من المفسّرين والباحثين القرآنيين ، من بينهم أبو حامد الغزالي
وصدر الدين الشيرازي والسيد محمد حسين الطباطبائي وجوادي آملي ، إذ انطلق هؤلاء من
مسلّمة ثابتة تفيد اختلاف الناس في العقل ، حتّى قال الغزالي : «ومن أنكر تفاوت الناس
في هذه الغريزة فكأنّه منخلع عن ربقة العقل» (1).
ومع أنّهم اختلفوا في بعض التفاصيل ، إلّا أنّهم اتفقوا بأنّ هذا الاختلاف يملي الحاجة
إلى وجود علم التفسير وضرورة التعليم.
يقول
أبو حامد : «وكيف ينكر تفاوت الغريزة ولولاه لما اختلف الناس في فهم العلوم ، ولما
انقسموا إلى بليد لا يفهم بالتفهيم إلّا بعد تعب طويل من المعلم ، وإلى ذكي يفهم بأدنى
رمز وإشارة ، وإلى كامل تنبعث من نفسه حقائق الامور بدون التعليم» (2).
ثمّ
يأتي الغزالي بتمثيل جميل لتفاوت الناس في الفهم والإدراك ، وهو يقول :
«وانقسام
الناس إلى من ينتبه من نفسه ويفهم ، وإلى من لا يفهم إلّا بتنبيه وتعليم ، وإلى من
لا ينفعه التعليم أيضا ولا التنبيه كانقسام الأرض إلى ما يجتمع فيه الماء فيقوى فيتفجر
بنفسه عيونا ، وإلى ما يحتاج إلى الحفر ليخرج إلى القنوات ، وإلى ما لا ينفع فيه الحفر
وهو اليابس وذلك لاختلاف جواهر الأرض في صفاتها ، فكذلك اختلاف النفوس في غريزة العقل»
(3).
في كلّ
الأحوال ، إنّ هذا الاختلاف هو من بين ما أملى انطلاق عملية التفسير وحاجة الناس إلى
تعلم معاني القرآن ، حيث كان المعلم الأوّل هو رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم
: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ
مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل : 44] ، وقوله : {هُوَ
الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ
وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة : 2] . ثمّ
سار التفسير في خطاه بعد مرحلة التكوين ليواصل أشواطه إلى وقتنا الحاضر.
يمكن
أن يضاف إلى هذا المدخل ويلتحق به نظرية موانع الفهم وضرورة التخلّي عنها. فبعض هذه
الموانع علمية ونظرية تملي عملية إزالتها والتخلص منها ، الحاجة إلى التفسير الذي يمكن
أن ينهض بهذه المهمة.
ممّن
يتبنى نظرية موانع الفهم وضرورة التخلي عنها أبو حامد الغزالي وصدر الدين الشيرازي
والإمام الخميني .
__________________
(1)-
إحياء علوم الدين 1 : 88.
(2)- نفس المصدر.
(3)- نفس المصدر.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
جرّاح عراقي: تقنيات مستشفى الكفيل مكّنتنا من إجراء عمليات انحراف العمود الفقري
|
|
|