الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
الذوق الأدبي للآمدي وتعصبه
المؤلف:
علي علي مصطفى صبح
المصدر:
في النقد الأدبي
الجزء والصفحة:
ص:16-18
26-7-2017
3057
للفصل في هذه المشكلة الهامة يجب أن نقرّر:
أولا: أن التعصب معناه الفنِّي هو الانحياز كلية إلى ما تتعصب له، فلا ترى منه إلا الخير، وتقلب سيئاته حسنات مسوقًا بالهوى متحملًا الأسباب لتجميل القبيح والمبالغة في قيمة الحسن، وهذه حالة نفسية لا وجود لها في كتاب الآمدي لا صراحة ولا من وراء حجاب. فهو رجل يتبع في النقد منهجًا محكمًا. فيدرس ما أمامه، معللًا أحكامه، قاصرًا لها على التفاصيل التي ينظر فيها، رافضًا إطلاق التفصيل.
ثانيا: لما أن لم يفضل الشعر الطبيعي السهل على الشعر المتكلف المتصنع. فهذا ليس سيئًا وهو من حق كل ناقد، والذوق هو المرجع النهائي في كل نقد. وإنما يأتي خطر تحكيم الذوق عندما نتخذه ستارًا لعمل الأهواء التحكيمية، التي لا تصدر في أحكامها عن نظر في العناصر الفنية. وإحساس صادق بما فيها من جمال أو قبح، أو عندما يكون ذوقًا غفلًا لم تجتمع فيه" الدربة إلى الطبع، كما يقول الآمدي نفسه. "فالذوق الذي يعقد به هو ذوق ذوي البصر بالشعر، وهؤلاء لا يستطيعون عادة أن يعلِّلوا الكثير من أحكامهم، وفي التعليل ما يجعل الذوق وسيلة مشروعة من وسائل المعرفة، وإن كنا لا نذكر أن من الأشياء أشياء تحيط بها المعرفة ولا تؤدِّيها الصفة، على حدِّ قول إسحق الموصلي، كما نؤمن بأنه ليس في وسع كل أحد أن يجعلك في العلم بصناعته كنفسه، ولا يجد إلى قذف ذلك من نفسك ولا في نفس ولده ومن هو أخص الناس به سبيلًا، ولا أن يأتيك بعلة قاطعة ولا حجة باهرة، وإن كان ما اعترضت فيه اعتراضًا صحيحًا، وما سألت عنه سؤالًا مستقيمًا. لأن ما لا يدرك إلا على طوال الزمان ومرور النهار والأيام لا يجوز أن يحيط به أحد في ساعة من النهار".
وأخيرًا: فإننا نؤمن بأنه "لن ينتفع بالنظر إلا من يحسن أن يتأمَّل، ومن إذا تأمَّل علم ومن إذا علم أنصف".
إلى كل تلك الحقائق فطن الآمدي على نحو يدعو إلى الإعجاب، وهو في ذاك يعود بنا إلى التقاليد الأدبية الجميلة، الصادقة النظر كتقاليد ابن سلام، الذي تحدث عن الفروق بين المثقف وغير المثقف أصدق الحديث.
وبالرجوع إلى كتاب الموازنة نفسه نجد أن المؤلف لم يتعصب للبحتري، كما لم يتعصب ضد أبي تمام، وإنما هذه تهمة اتهمه بها النقاء واللاحقون عندما فسد الذوق، وغلبت الصنعة والتكلف على الأدب العربي، ونظر هؤلاء المتأخرون في بعض انتقادات الآمدي لسخافات أبي تمام ووساوسه. ولم يوافقوا على تلك الانتقادات لفساد أذواقهم فقالوا: إن الرجل متعصّب ضدّ أبي تمام أو تعصب ضد البحتري.
الذي لا شكّ فيه أن الآمدي لم يكتب كتابه أيام عنف الخصومة بين أنصار أبي تمام والبحتري، وذلك لأن أبا تمام توفي سنة 231هـ والبحتري 284 هـ والمعركة قد احتدمت فيما يظهر بعد موتهما مباشرة، حتى بلغت أقصاها في أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع، ونحن وإن كنا لا نملك من الكتب التي أُلفت في تلك الفترة غير أخبار أبي تمام للصولي إلا أننا نجد في هذا الكتاب ما يكفي للدلالة على مبلغ الإسراف والعنف، اللذين صحبا تلك المنازعات حول الشاعرين، فالصولي كما رأينا هو الذي يجب أن يتّهم بالتعصب لأبي تمام، وهو الذي يجب أن يرفض الكثير من أحكامه، بل ومن أخباره، لوضوح هواه وفساد ذوقه، وكثرة ادّعائه.
وأما الآمدي فقد جاء بعد أن كان الزمن قد هدأ من حدة الخصومة، وكان الأدباء قد أخذوا في الالتفاف حول رجل آخر هو المتنبي.
جاء الآمدي إذن بعد تراخي الزمن فوجد عدَّة رسائل في التعصب لهذا الشاعر أو ذاك كما وجد ديوانهما قد جمعا. وتعدَّدت منهما النسخ قديمة وحديثة، ونظر في كل تلك الكتب فوجد فيهما إسرافًا في الأحكام، وعدم دراسة تحقيقية. وضعًا في التعليل أو قصورًا، فتناول الخصومة بمنهج علمي أشبه ما يكون بمناهجنا اليوم. بحيث نعتقد أن هذا الكتاب خير ما نستطيع أن نضعه بين أيد الدارسين كمثل يُحتذى للمنهج الصحيح.
الاكثر قراءة في النقد القديم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
