أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-10-2014
![]()
التاريخ: 10-12-2015
![]()
التاريخ: 5/12/2022
![]()
التاريخ: 5-05-2015
![]() |
ربّما يتمسك المخالف بهذين اللفظين ، حيث قال سبحانه : {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 121] لكن لا دلالة لهما على ما يرتئيه المستدل.
أمّا لفظة ( عَصَىٰ ) فهي وإن كانت مستعملة في مصطلح المتشرعة في الذنب والمخالفة للإرادة القطعية الملزمة ، ولكنه اصطلاح مختص بالمتشرعة ولم يجر القرآن على ذلك المصطلح ، بل ولا اللغة ، فإنّ الظاهر من القرآن ومعاجم اللغة أنّ العصيان هو خلاف الطاعة ، قال ابن منظور : العصيان خلاف الطاعة ، عصى العبد ربّه : إذا خالف ربّه ، وعصى فلان أميره ، يعصيه ، عصياً وعصياناً ومعصية : إذا لم يطعه. وعلى ذلك فيجب علينا أن نلاحظ الأمر الذي خولف في هذا الموقف ، فإن كان الأمر مولوياً إلزامياً كان العصيان ذنباً ، وإذا كان أمراً إرشادياً أو نهياً تنزيهياً لم تكن المخالفة ذنباً في المصطلح ، ولأجل ذلك لا يصلح التمسّك بهذا اللفظ وإثبات الذنب على آدم عليه السلام .
وأمّا اللفظة الثانية : أعني ( فَغَوَىٰ ) فالجواب عنها : انّ الغي يستعمل بمعنى الخيبة ، قال الشاعر :
فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره ومن يغو لا يعدم على الغي لائماً
أي ومن حرم من الخير ولم يلقه ، لا يحمده الناس ويلومونه.
وفي حديث موسى وآدم : ( أغويت الناس ) أي خيّبتهم ، كما أنّه يستعمل في معنى الفساد ، وبه فسر قوله سبحانه : {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} أي فسد عليه عيشه كما سيأتي (1).
إذا عرفت ذلك فنقول : إنّ المراد من الغي في الآية هو خيبة آدم وخسرانه وحرمانه من العيش الرغيد الذي كان مجرداً عن الظمأ والعرى ، بل من المنغصات والمشقات ، وليس كل خيبة تتوجه إلى الإنسان ناشئة من الذنب المصطلح ، كما أنّه يحتمل أن يكون المراد منه هو الفساد ، وبذلك فسر ابن منظور المصري في لسانه قوله سبحانه : { وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ } أي فسد عليه عيشه (2) ، ولا شك أنّ العيش في الجنّة لا يقاس بالعيش في عالم المادة الذي هو دار الفساد والانحلال.
ولو سلم أنّ الغي بمعنى الضلال في مقابل الرشد ، لكن ليس كل ضلال معصية ، فإنّ من ضل في طريق الكسب أو في طريق التعلّم يصدق عليه أنّه غوى : أي ضل ، ولكنه لا يلازم المعصية.
وكان سيدنا الأُستاذ العلاّمة الطباطبائي ـ رضوان الله عليه ـ يقول في مجلس بحثه : إنّ لفظة ( غَوَىٰ ) تعني الحالة التي تعرض للغنم عندما تنفصل عن القطيع فتبقى حائرة تنظر يميناً وشمالاً ولا تشق طريقاً لنفسها ، وكان آدم أبو البشر حائراً بعد ما خالف نهي ربِّه وابتلي بما ابتلي به لا يدري كيف يعالج مشكلته ، وكيف يتخلّص من هذا المأزق الحرج ؟!
وبالجملة : فالغي إن أُريد منه الخروج عن جادّة التوحيد ، والانحراف عمّا رسم للإنسان من الواجبات والمحرمات ، فهو يلازم الكفر تارة والذنب أُخرى ، ولكن ليس كل ضلال ـ على فرض كون الغي بمعنى الضلال ـ ملازماً للجرم والذنب ، فمن ضل عن الطريق وتاه عن مقاصده الدنيوية أو المصالح التي يجب أن ينالها ، يصدق عليه أنّه ( غَوَىٰ ) مقابل أنّه « رشد » ولكنه لا يلازم المعصية المصطلحة.
ولا شك أنّ آدم بعدما أكل من الشجرة بدت له سوأته وخرج من الجنة وهبط إلى دار الفساد ، فعندئذ غوى في طريقه وضل عن مصلحته.
وبالجملة : فهذه الوجوه الثلاثة المذكورة حول ( غَوَىٰ ) تثبت وهن الاستدلال بها على العصيان.
____________________
(1) لاحظ لسان العرب : 15 / 140.
(2) لاحظ لسان العرب : 15 / 140 ، مادة « غوى ».
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تستعد لإطلاق الحفل المركزي لتخرج طلبة الجامعات العراقية
|
|
|