أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-06-2015
2081
التاريخ: 27-1-2016
2850
التاريخ: 21-2-2018
1638
التاريخ: 30-12-2015
4881
|
تقع مدينة حماة في شمال سوريا، لها تاريخ عريق، وكان لها بعد الفتح الاسلامي دورا بارزا في مشاركة المدن المشهورة الأخرى في الحركة الفكرية، وانجاب الكثيرين من العلماء والأدباء والمؤرخين، وكان ابن حجة الحموي واحداً منهم (1).
ولد تقي الدين أبو بكر علي بن عبدالله المعروف بابن حجة في حماة سنة 767 للهجرة، وكانت أسرته محبة للعلم والمعرفة، فوجهت ولدها نحو الدروس والتحصيل، وتتلمذ على يد تقي الدين بن الخيمي فقيه حماة وقاضيها ثم ارتحل في طلب العلم الى الموصل ودمشق والقاهرة.
وكان ابن حجة يشتغل في مطلع حياته – الى جانب مثابرته على قراءة الكتب – بعمل الحرير وعقد الأزرار، وبعد ان ازدادت دائرة معارفه وتفتحت أكمام غرسه بدأ بتأليف الكتب في مختلف الفنون، ولا سيما في الأدب والنقد والبلاغة والتاريخ.
واشتغل في دواوين الدولة في الشام ومصر، واكتسب اصدقاء كثيرين من أمثال الأديب صدر الدين بن الآدمي الذي ولي رئاسة ديوان الانشاء بدمشق، وهو الذي حفزه الى جميع مختارات من شعر برهان الدين القيراطي شاعر مصر في زمانه سماه (تحرير القيراطي)، وناصر الدين محمد بن البارزي الذي اشتغل برئاسة ديوان الانشاء بمصر، وهو الذي أوحى اليه بنظم قصيدته (البديعية) التي عارض بها بديعيتي صفي الدين الحلي وعز الدين الموصلي. وبدر محمد بن أبي بكر الدماميني أحد أعلام النحو في زمانه وشهاب الدين بن حجر العسقلاني الأديب الشاعر.
وقد بلغ ذروة مجده الأدبي في القاهرة حينما كان منشئ الديوان، ولا عجب فقد تفيأ ظل السلطان ورئيس الديوان، ونعم بولاء تلميذه شمس الدين النواجي الذي بلغ من حبه لشيخه أن نسخ عنه كتابه (قهوة الانشاء)، يثني عليه به وهذا ما يدل على ما كان بين الشيخ وتلميذه من مودة ومحبة، والغريب أن النواجي انحرف عنه بعد ذلك الاختصاص وصنف (المحجة في سرقات ابن حجة (2)) وزاد في التحامل عليه.
عاد ابن حجة في أخريات أيامه الى بلده حماة وبقي فيها الى أن وافته المنية في الخامس عشر من شعبان سنة 837هـ، وقد ذكر في كتابه (تأهيل الغريب) أنه أوصى أن يكتب في قبره هذان البيتان:
يا غافر الزلات، يا من عفوه ينهل بالرحمة من فوق السحب
بيتك قد جاورته بحفرتي وأنت أوصيت بالجار الجنب (3)
آثاره:
اشتغل ابن حجة في التأليف والتصنيف، ووضع كثيراً من الكتب والرسائل ومختارات الشعر والنثر، بعضها طبع، وبعضها الآخر لا يزال محفوظاً ومن أشهر كتبه ما يأتي:
وهناك كتب أخرى ذكر أسماءها السخاوي في كتابه الضوء اللامع (4).
شعره:
عالج ابن حجة نظم الشعر في عمر مبكر، وقد وصل الينا شعره الذي نظمه قبل بلوغ الأربعين من العمر، وقيده في ديوانه الموسوم (الثمرات الشهية) أما شعره الذي نظمه بعد الأربعين فلم يصل الينا منه إلا قليل وهو متناثر في كتبه المختلفة.
ويتوزع شعره بين المديح ،و الغزل، والوصف، والحنين والشوق، والأحاجي والألغاز، و الاخوانيات.
مدح النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – بقصائد طويلة، تناول فيها سيرته وصفاته وأخلاقه وما تحلى به من كرم الطبع ولطف الشمائل، وفي ديوانه (الثمرات الشهية) أربع قصائد احداها البديعية ومطلعها:
لي في ابتدا مدحكم يا عرب ذي سلم
براعة تستهل الدمع في العلم
ولامية عارض بها (بانت سعاد) لكعب بن زهير ومطلعها:
في قتلتي لعيون السهل تشهيل وما لموتي عند الخد تقبيل
وقافية ومطلعها:
أغرد في أفنان وجدي بكم عشقا
فلا تذكروا من بعد تغريدي الورقا
وميمية تسمى (أمان الخائف) ومطلعها:
شدت بكم العشاق لما ترنموا
فغنوا وقد طاب المقام وزمزم
وفيها يقول:
نبي بدا في جبهة الدهر غرة
بنته البيضاء والشرك أدهم
سراج منير قد هدينا بنوره
وللشرك غي من دجى الليل أظلم
ومعدن در علمتنا صفاته
وقد نظمت في عقدها كيف ننظم
وروضة حسن في ربيع لنا بدت
ومنبتها البيت العتيق المعظم
له النسب الأعلى فيا مادح الورى
اذا كان مدحاً فالنسيب المقدم (5)
وله مدائح في الشخصيات البارزة من أمراء وأعيان وقضاة، وغالباً ما يجنح فيها الى المبالغة، من ذلك قوله في مدح الأمير تمربغا الأفضل المشهور بمنطاش الأشرفي نائب حماة، وقد انتصر في احدى وقائعه على أعداء الدولة:
ملك شجاع له في الحرب مبتدأ
قد صير القوم في يوم اللقا خبرا
ان أبرقت في سما الهيجا صوارمه
رأيت غيث دما الأبطال قد مطرا
فمن رأى منهم برقاً يلوح له
يظنه سيفه الماضي قد إشتهرا
له مطالعة في الحرب حين يرى
دم العدا فوق طرس الأرض قد سطرا
إن راسل القوم أنشا في رسائله
سجعات ضرب بها الهامات قد نثرا (6)
وغزله رقيق عذب، وأغلب مقطعات، أو افتتاحيات لقصائد في المديح، من ذلك قوله في مطلع قصيدة يمدح بها العالم الجليل برهان الدين بن جماعة:
طربت عند سماعي وصف معناك
فكيف لو كان هذا عند مغناك (7)
يا ظبية نفرت عن مرتعي ورعت
حشاشة القلب عين الله ترعاك
أغروك بي ثم قالوا كن على حذر
واحيرتي بين تحذيري وإغراك!
بمر هجرك عجباً قد قضيت لنا
وشاهد الحسن بالإحسان حلاك
ومذ تحجبت يا دنيا بلا سبب
ناديت يا مهجتي فارقت دنياك
إن كنت أدركت معنى الحسن من صغر
فقد فهمت الهوى من قبل إدراك
قيدت أسراك في بحر الهوى عبثاً
كفي القتال وفكي قيد أسراك
يا فتنة البيض قلنا أنت غصن نقاً
وما علمنا بأن السمر تخشاك
أنثيت للوجد في خدي من مقلي
رسائلاً جل من بالحسن أنشاك
رققت أجسامنا يوم النوى شغفاً
فما أرق محبيلت وأجفاك!
ومذ ملكت عزلت النوم عن مقلي
وحاسدي كلما أقبلت ولاك
لولاك ما قلت شعراً لا ولا حفظت
عيني (قفا نبك) يوم البيت لولاك
وتتجلى في شعره الذي نظمه في الحنين والشوق لوعة وأنين، وحسرة وألم، ولا سيما لمدينة حماة مرتع صباه ومربع هواه، مثل قوله:
م/8/أ.ع.م
يا ساكني مغنى حماة وحقكم من بعدكم ما دقت عيشاً طيبا
ومهالك الحرمان تمنع عبدكم من أن ينال من التلاقي مطلبا
وإذا اشتهيت السير نحو دياركم قرأ النوى لي في الأواخر من سبا (8)
وقد التفت اليك يا دهري بطو ل تعتبي ويحق لي أن أعتبا
وأسرتني لكن بحق محمد يا دهر كن في مخلصي متسببا
ولابن حجة شعر في الوصف، ولكنه مثقل في أغلب جوانبه بالتكلف والزخرفة البديعية، أما في الاخوانيات فقد استأثرت بكثير من قصائده لكثرة علاقاته الشخصية برجال عصره، ونجد في هذا اللون من النظم الشوق، والعتاب والاعتذار، والشكاية، فمثلاً حين سعى بعض الوشاة بالوقيعة بين الشاعر وصديقه المقر الأشرف الأميني صاحب ديوان الانشاء بدمشق، توقفت الرسائل بينهما بسبب ذلك، ثم تبين كذب الوشاة، فكتب الشاعر الى صديقه قصيدة عاتبه فيها عتاباً رقيقاً، ومدحه في أعقابها، قال:
من بأسياف هجرهم كلمونا
ما عليهم لو أنهم كلمونا (9)
أغلقوا باب وصلهم فتح اللـ
ـه لهم بالهناء فتحاً مبينا
ملكوا رقنا فصرفنا عبيداً
ليتهم بعد رقنا كاتبونا
وغدونا لهم أرقا ولكن
قد تجافوا بالهجر مذ رقفونا
فطروا بالعباد منا قلوبا
حين أضحكوا عن وصلنا صائمينا
وصلوا هجرنا وعيش هواهم
لم نحل عنهم ولو قطعونا
حسبوا بعدنا بسرعة هجر
فاتعسنا بأسرع الحاسبينا
إن شعره بسيط في معناه ومبناه، وقد اعتمد على البديع في ابراز صوره، وأكثر من ايراده في ثنايا شعره مثل براعة الاستهلال، وحسن التخلص، ورعاية النظير، والتضمين، والاقتباس، والتوجيه .... ولم يسلم شعره من العيوب كالسرقة، والتكرار، والأخطاء اللغوية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ترجمته في الضوء اللامع 11: 53 حسن المحاضرة 1: 573، البدر الطالع للشوكاني 1: 164، شذرات الذهب 7: 219، آداب اللغة العربية 3: 125، تاريخ الأدب العربي في العراق 1: 83، النقد الأدبي في العصر المملوكي للدكتور عبدة عبدالعزيز قليقلة ص152، تقي الدين ابن حجة الحموي تأليف محمود رزق سليم، ابن حجة شاعراً وناقداً تأليف محمود ربداوي، تاريخ الأدب العربي في العراق 1: 82.
(2) توجد نسخة منه بدار الكتب المصرية رقم 1279 أدب.
(3) الجار الجنب: جارك من غير قومك.
(4) الضوء اللامع 11: 54.
(7) المغنى: المنزل.
(6) أنشا: أنشأ سهلت همزته.
(5) في العجز تضمين من مطلع قصيدة للمتنبي في مدح سيف الدولة، وقد نقله مع النورية في لفظ النسيب، (ينظر شرح ديوان المتنبي 2: 249).
(8) في الأواخر من سبا: أي من سورة سبأ.
(9) كلمونا: جرحونا، وفي البيت جناس.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|