أهل السنة وضعوا الأحاديث المادحة لخلفائهم مقابل وضع الشيعة للأحاديث المادحة للأئمة |
![]() ![]() |
أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-11-2016
![]()
التاريخ: 12-4-2017
![]()
التاريخ: 9-2-2020
![]()
التاريخ: 12-4-2017
![]() |
[نص الشبهة] : اعلم أن ابن أبي الحديد نسب وضع الأحاديث إلى بعض الشيعة وبعض أهل السنة ، ونقل ما زعمه من أكاذيب الشيعة ، ثم قال : لما رأت البكرية ما صنعت الشيعة وضعت لصاحبها أحاديث في مقابلة هذه الأحاديث ، نحو " لو كنت متخذا خليلا " فإنهم وضعوه في مقابلة حديث الإخاء ، ونحو سد الأبواب ، فإنه كان لعلي ( عليه السلام ) فقلبته البكرية إلى أبي بكر ، ونحو " ائتوني بدواة وبياض أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه اثنان ، ثم قال : يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر " فإنهم وضعوه في مقابلة الحديث المروي عنه في مرضه " ائتوني بدواة وبياض أكتب لكم ما لا تضلون بعده أبدا " فاختلفوا عنده وقال قوم منهم : لقد غلبه الوجع حسبنا كتاب الله ونحو حديث " أنا راض عنك فهل أنت راض " ونحو ذلك . ثم نسب وضع حديث " لا يفعلن خالد ما أمر به " وحديث الشيخ الذي صعد المنبر يوم بويع أبو بكر ، فسبق الناس إلى بيعته وغيرهما إلى الشيعة .
ثم قال : وأحاديث مكذوبة كثيرة تقتضي نفاق قوم من أكابر الصحابة والتابعين وكفرهم ، وعلى أدون الصفات فسقهم (1) ، فقابلتهم البكرية بمطاعن كثيرة في علي وفي ولديه ، ونسبوهم تارة إلى ضعف العقل ، وتارة إلى ضعف السياسة ، وتارة إلى حب الدنيا والحرص عليها ، ولقد كان الفريقان في غنية عما اكتسباه واجترحاه .
ولقد كان في فضائل علي ( عليه السلام ) الثابتة الصحيحة ، وفضائل أبي بكر المحققة المعلومة، ما يغني عن تكلف العصبية لهما ، فإن العصبية لهما أخرجت الفريقين من ذكر الفضائل إلى ذكر الرذائل ، ومن تعديد المحاسن إلى تعديد المساوي والمقابح ، ونسأل الله تعالى أن يعصمنا من الميل إلى الهوى وحب العصبية (2) انتهى .
[جواب الشبهة ] اعلم أننا لا نجزم بكون كل رواية نقلها الشيعة في فضائل أهل البيت ( عليهم السلام ) ورذائل الثلاثة صادرة من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ولا ننكر احتمال الكذب في بعضها ، لكن لا نحتاج إلى ذلك ، فلذلك لم ننقل كل الأحاديث التي نسب إلى الشيعة وضعها، لأن وضعها على تقدير التسليم لا يضرنا ، لأن مدار استدلالنا على ما عرفت إنما هو القرآن والأخبار التي نقلها أهل السنة أيضا ، وقد عرفت من قريب أمارات الصدق فيها ، وقد عرفت دواعي الكذب فيما رووا من فضائل الثلاثة ، وأمارات الكذب فيما عدوه من الصحاح أيضا .
ومراده من فضائل أبي بكر المحققة المغنية عن العصبية ، ما اشتمل عليه القرآن ، وقد عرفت حاله ، وما اشتمل عليه صحاحهم ، وقد عرفت عدم صحة كثير مما سموه صحيحا ، فلا تغتر بهذا الاسم ، كيف ؟ وقد ظهر أنهم يعدون خبر عائشة صحيحا ، وكذلك ما رواه طلحة والزبير وسائر من خرج على الإمام لبعض الدواعي الفاسدة .
ومما يدل على اعتمادهم على رواية الكاذبين ، أنه يظهر من بعض رواياتهم الصحيحة كذب أبي هريرة ، مع حكمهم بعدالته ، وهو ما رواه ابن الأثير في جامع الأصول ، من صحيح مسلم والنسائي ، عن أبي رزين العقيلي ، قال : خرج إلينا أبو هريرة يوما وهو يقول - وضرب على جبهته بيده - : إنكم لتحدثون أني أكذب على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لتهتدوا وأضل ، ألا وأشهد لسمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : إذا انقطع شسع نعل أحدكم فلا يمشي في الأخرى حتى يصلحها (3) .
وجه الدلالة : أن قوله " تحدثون " يدل على الاستمرار التجددي ، و " أن " واللام على التأكيد ، فيدل هذا الكلام على تكرر حكاية كذب أبي هريرة وشيوعه بينهم ، فلا وجه للاعتماد على روايته بتكذيب الجماعة ، فكيف يجوز أن يعتمدوا عليها ويعدوها من الصحاح ؟
ومما ابتلاهم إلى اعتبار الروايات الضعيفة وتسميتها بالصحيحة ، حكمهم بعدالة الصحابة ، مع أن الروايات الصحيحة عندهم تدل على خلافه ، فننقل بعضها حتى يظهر لك الحال .
منها : ما رواه ابن الأثير في جامع الأصول ، في آخر الفصل الثالث من كتاب الفتن ، وهو الكتاب الثالث من حرف الفاء ، من صحيح البخاري ومسلم ، عن حذيفة ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ليردن على حوضي أقوام ثم يختلجون ، فأقول : أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك (4) .
ومن صحيح البخاري ، عن المسيب بن رافع ، قال : لقيت البراء ، فقلت : طوبى لك صحبت النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبايعته تحت الشجرة ، قال : يا بن أخي إنك لا تدري ما أحدثنا بعده (5) .
وروى ابن الأثير في جامع الأصول ، في الفرع الثاني من الفصل الرابع من الكتاب التاسع من حرف القاف الذي في القيامة وما يتعلق بها ، من صحيح البخاري ومسلم ، عن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أنا فرطكم على الحوض ، وليرفعن إلي رجال منكم : إذا أهويت إليهم لأناولهم اختلجوا دوني ، فأقول : أي رب أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك (6) .
ومن صحيح البخاري ومسلم ، عن أنس ، أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : ليردن علي الحوض رجال ممن صاحبني ، حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلي اختلجوا دوني ، فلأقولن : أي رب أصحابي أصحابي ، فليقالن لي : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك (7) .
ومن صحيح البخاري ومسلم ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، قال : سمعت النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقول : أنا فرطكم على الحوض ، من ورد شرب ، ومن شرب لم يظمأ أبدا ، وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني ، ثم يحال بيني وبينهم ، قال أبو حازم : فسمع النعمان بن أبي عياش ، وأنا أحدثهم هذا الحديث ، فقال : هكذا سمعت سهلا يقول ؟ فقلت : نعم، قال : وأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد ، فيقول : إنهم مني ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول : سحقا سحقا لمن بدل بعدي (8) .
ومن صحيح البخاري ومسلم ، عن أبي هريرة : أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي - أو قال : من أمتي - فيحلؤون عن الحوض ، فأقول : يا رب أصحابي ، فيقول : إنه لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، أنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري ، فيجلون .
وفي رواية البخاري : أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : بينا أنا قائم على الحوض إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال : هلم ، فقلت : إلى أين ؟ فقال : إلى النار والله ، فقلت : ما شأنهم ؟ قال : إنهم ارتدوا على أدبارهم، ثم إذا زمرة أخرى ، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال لهم : هلم ، قلت : إلى أين ؟ قال : إلى النار والله ، قلت : ما شأنهم ؟ قال : إنهم قد ارتدوا على أدبارهم ، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم (9) .
ومن صحيح مسلم ، عن عائشة ، قالت : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول وهو بين ظهراني أصحابه : أني على الحوض أنتظر من يرد علي منكم ، فوالله ليقتطعن دوني رجال، فلأقولن : أي رب مني ومن أمتي ، فيقول : إنك لا تدري ما عملوا بعدك ، ما زالوا يرجعون على أعقابهم (10) .
ومن صحيح البخاري ومسلم ، عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أني على الحوض أنظر من يرد علي ، وسيؤخذ ناس دوني ، فأقول : يا رب مني ومن أمتي - وفي رواية فأقول : أصحابي - فيقال : هل شعرت ما عملوا بعدك ؟ والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم (11) .
ومن صحيح مسلم ، عن أم سلمة ، قالت : كنت أسمع الناس يذكرون الحوض ، ولم أسمع ذلك من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلما كان يوما من ذلك والجارية تمشطني ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : أيها الناس ، فقلت للجارية: استأخري عني ، قالت : إنما دعا الرجال ولم يدع النساء ، فقلت : إني من الناس ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أني لكم فرط على الحوض ، فإياي لا يأتين أحدكم ، فيذب عني كما يذب البعير الضال ، فأقول : فبم هذا ؟ فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول : سحقا (12) .
ومن صحيح البخاري ، عن ابن المسيب ، قال : كان يحدث عن أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : يردن علي الحوض رجال من أصحابي ، فيحلؤون عنه ، فأقول : يا رب أصحابي ، فيقول : إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، أنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري (13) .
وروى ابن الأثير في جامع الأصول ، في الفصل الثاني من الباب الثاني من كتاب القيامة ، من صحيح البخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، عن ابن عباس ، قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى قوله : ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول : يا رب أصحابي ، فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول كما قال العبد الصالح {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ } [المائدة: 117، 118] – إلى قوله - {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [المائدة: 118] قال: فيقال لي : أنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم . زاد في رواية ، فأقول : فسحقا فسحقا (14) .
أقول هذه الروايات تدل على ارتداد كثير من الصحابة ، ولا يصح أن نحمل على مانعي الزكاة الذين قتل خالد بن الوليد رجالهم ، وسبي ذراريهم ، ونهب أموالهم ، ونكح امرأة مالك بن نويرة ليلة قتله ، مع كونهم مسلمين مقيمين للصلاة ، لأن تأخير جمع الزكاة وإعطائها بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى يظهر أن المدعي للأمر أهل لذلك أو لا ، لا يصير سببا للارتداد .
وكيف ارتدوا وعمر الذي ينطق الحق على لسانه عندكم قال بخطأ خالد ، وقال باستحقاقه الرجم والقتل ، ولكن أبو بكر رأى المصلحة في أمر السلطنة ترك قتله ، كما رأى عدم اعطاء حق أهل البيت موافقا لمصلحة السلطنة ، واستمر عمر على فعل خالد ، ولعل عدم قتل عمر خالدا عند انتقال السلطنة إليه لعدم زيادة تفضح أبي بكر وضعف سلطنة نفسه ، لأن السلطنة انتقلت إليه من أبي بكر ، وابن أبي الحديد أيضا حكم بخطأ خالد وبعدم ارتدادهم .
وبالجملة عدم قتل خالد بما صنع من المطاعن المشهورة في أبي بكر ، بأن إسلام مالك بن نويرة وسائر المقتولين كان ظاهرا، وكان الداعي على قتلهم أخذ الغنيمة ، وتزويج زوجة مالك، وإلا لم يظهر منهم منكر يوجب القتل ، بل الواجب رفع شبهتهم بالبيان ، لا سبي الذراري وقتلهم بالسيف والسنان ، فكيف يحكم بارتداد المقتولين بمجرد تأخير اعطاء الزكاة ؟
بل يجب على خالد بيان خلافة الأول بدليل شاف وبيان واف ، فإن لم يظهر لهم ببعض البيان والتقرير يجب المعاودة في البيان بدليل آخر لو كان له ، أو توضيح الأول إن خفي عليهم ، والسعي البالغ في توضيح أمر الخلافة ووجوب الإطاعة ، والمهلة للتأمل في الأدلة وللمراجعة فيها مرة بعد أخرى ، حتى يظهر لهم الأمر وتنجلي عنهم الشبهة ، فإن ظهر علمهم بتمامية الدليل باعترافهم أو بشهادة الحال ، فيعاقبهم بقدر جرمهم لا بما عوقبوا به ، لأن إمامة أبي بكر ووجوب إطاعة من أرسله ليسا من ضروريات الدين حتى يظنوا كفر من أنكرهما وصيرورتهم بالانكار في حكم الكفار .
وهل يجوز عاقل أن يكون ما أخبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن الله تعالى أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك وغيره مما اشتمل عليه الروايات إشارة إلى عدم المسارعة في إعطاء الزكاة بعد انتقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى روضة القدس قبل ظهور الأمر عليهم ؟
هل بلغ هذا الأمر في الفظاظة إلى مرتبة يناسب أن يعبر عنه بعبارات منقولة ؟
ولا أظن هذا الظن بأحد ممن اتصف بصفتي التميز والإنصاف .
وكذلك لا يصح أن تحمل على الخوارج منفردين ولا منضمين إلى أصحاب معاوية ، لظهور لفظ " بعدك " في المقارنة ، ودلالة السادسة على هلاك أكثر الصحابة وقلة الأصحاب فيهما ، ودلالة السابعة والثامنة على استمرار الارتداد بعده ، وحملهما على الاستمرار بعد حدوث الارتداد وإن كان بعد زمان طويل ، في غاية البعد ، ومع بعده تدفعه الرواية الأخيرة ، والروايات الثلاث تدفع الاحتمال الأول أيضا واحتمال أصحاب الجمل منفردين ومنضمين .
ومما يؤيد اعتمادهم على حديث الكذابين ، وتسميتهم إياه صحيحا ، ما قال السيد الجليل سيد مصطفى في حاشية كتاب الرجال: نقل الشيخ عبد الحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة أن معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم حتى يروي أن هذه الآية نزلت في علي ( صلى الله عليه وآله ) {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: 204، 205] وأن الآية الثانية نزلت في ابن ملجم وهي قوله {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ } [البقرة: 207]
فلم يقبل ، فبذل مائتي ألف فلم يقبل ، فبذل ثلاثمائة فلم يقبل ، فبذل أربعمائة فقبل انتهى .
وليس أعلم أن محمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج القشيري والترمذي والنسائي ، وغيرهم من العامة ، كيف حكموا بصحة الأحاديث المستندة إلى هذا الرجل ومثله (15) انتهى كلام السيد ( رحمه الله ) .
فإن قلت : قد ظهر بما ذكرت وضع الأحاديث في فضائل الخلفاء الثلاثة وبني أمية ومن شايعهم وعموم الصحابة ، لبعض الأغراض الفاسدة ، لكن الآيات شاهدة على فضائل الصحابة ، مثل {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ } [التوبة: 100] وقوله تعالى {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} [التحريم: 8] وقوله {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا } [الفتح: 29] وقوله {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ } [الفتح: 18] وغيرها .
قلت : الآية الأخيرة مع بعض آيات توهموا دلالتها على فضائل من أرادوا فضائله ، قد تكلمنا عليها في مبحث إمامة أبي بكر، وبالتأمل فيما ذكرته هناك يظهر لك ضعف التمسك بالآيتين ، ومع ذلك كما يقولون بخروج جماعة سموهم أهل الردة عن الإيمان ، وعن بقائهم على صفة يستحقون بها المدائح ، فكذلك نقول في من ظلم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وسائر أهل البيت ( عليهم السلام ) ونصر الظالمين .
ونقول : إن ملاحظة الآية الثالثة وحال الثلاثة يوجب اليقين بخروجهم عنها ، لأنه لم يظهر منهم شدة على الكفار في زمان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أصلا ، حتى لم يقدر تبعتهم على وضع رواية على قتل واحد منهم أحدا من الكفار في زمان حروب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وغاية سعي تبعتهم كانت في إنكار هرب بعضهم عن الحرب .
وقد نقل عن عمر في زمان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعد وثاق الكفار ، أو ظهور بعض ما لا يليق عن بعض الحضار ، قوله " مرني أن أضرب عنقه " ولما لم يكن القتل مناسبا لم يأمره ولا غيره به ، وأمثال هذا التمني تنشأ من الضعف لا من الشدة .
نعم قد ظهر منه ومن أخيه شدة على أكمل المؤمنين والمجاهدين وأول الساجدين أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى سائر أهل بيته عليهم السلام ، من كشف بيت فاطمة ( عليها السلام ) وما ترتب عليه ، وغصب الخلافة ، وجبر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على البيعة ، على وجه لا يليق بأحد من المؤمنين ، كما يظهر من مذمة معاوية التي آلت إلى المدح ، كما ذكره أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وننقله بعد .
وظهر من الأخير شدة عظيمة على من قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في شأنه : ما أقلت الخضراء الخ ، وعلى داعي الجنة ، وعلى ابن مسعود وغيرهم ، كما ظهر في موضعه ، فهم أشداء على المؤمنين على أقبح وجه وأشنعه ، لا على الكفار.
وما ظهر منهم بعد تشييد السلطنة من الأمر بقتل الكفار وفتح البلدان ، لا يندرج في الآية ، بل الداعي عليه هو الداعي لمعاوية وسائر بني أمية وسائر من يطلب السلطنة بأي وجه تيسر .
ومن العجائب توهم صدقهم في دعوى الإمامة بالآيات والأخبار الخاليتين عن الدلالة ، ولم يحكموا ببطلان خلافتهم وكذبهم في الدعوى ، مع ظهور كذبهم للمتتبع بملاحظة رواياتهم ، ومع كفاية بعض ما ذكرته للمسترشد نشير إليه إشارة خفيفة تأكيدا للسابق .
_________________
(1) في الشرح : وعلي أدون الطبقات فيهم .
(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 11 : 49 - 50 .
(3) جامع الأصول 11 : 271 برقم : 8246 .
(4) جامع الأصول 10 : 447 برقم : 7549 .
(5) جامع الأصول 10 : 447 برقم : 7550
(6) جامع الأصول 11 : 119 برقم : 7970 .
(7) جامع الأصول 11 : 120 برقم : 7971 .
(8) جامع الأصول 11 : 120 برقم : 7972 .
(9) جامع الأصول 11 : 120 برقم : 7973 .
(10) جامع الأصول 11 : 121 برقم : 7974 .
(11) جامع الأصول 11 : 121 برقم : 7975 .
(12) جامع الأصول 11 : 122 برقم : 7976 .
(13) جامع الأصول 11 : 122 برقم : 7977 .
(14) جامع الأصول 11 : 96 برقم : 7923 .
(15) نقد الرجال للتفرشي ص 163 .
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|