المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4957 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



أهل السنة وضعوا الأحاديث المادحة لخلفائهم مقابل وضع الشيعة للأحاديث المادحة للأئمة  
  
812   01:23 مساءً   التاريخ: 12-4-2017
المؤلف : الفاضل محمد بن عبد الفتاح المشتهر بسراب التنكابني
الكتاب أو المصدر : سفينة النجاة
الجزء والصفحة : ص 296- 306
القسم : العقائد الاسلامية / شبهات و ردود / ابو بكر و عمر و عثمان و مشروعية خلافتهم /

[نص الشبهة] : اعلم أن ابن أبي الحديد نسب وضع الأحاديث إلى بعض الشيعة وبعض أهل السنة ، ونقل ما زعمه من أكاذيب الشيعة ، ثم قال : لما رأت البكرية ما صنعت الشيعة وضعت لصاحبها أحاديث في مقابلة هذه الأحاديث ، نحو " لو كنت متخذا خليلا " فإنهم وضعوه في مقابلة حديث الإخاء ، ونحو سد الأبواب ، فإنه كان لعلي ( عليه السلام ) فقلبته البكرية إلى أبي بكر ، ونحو " ائتوني بدواة وبياض أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه اثنان ، ثم قال : يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر " فإنهم وضعوه في مقابلة الحديث المروي عنه في مرضه " ائتوني بدواة وبياض أكتب لكم ما لا تضلون بعده أبدا " فاختلفوا عنده وقال قوم منهم : لقد غلبه الوجع حسبنا كتاب الله ونحو حديث " أنا راض عنك فهل أنت راض " ونحو ذلك . ثم نسب وضع حديث " لا يفعلن خالد ما أمر به " وحديث الشيخ الذي صعد المنبر يوم بويع أبو بكر ، فسبق الناس إلى بيعته وغيرهما إلى الشيعة .

ثم قال : وأحاديث مكذوبة كثيرة تقتضي نفاق قوم من أكابر الصحابة والتابعين وكفرهم ، وعلى أدون الصفات فسقهم (1) ، فقابلتهم البكرية بمطاعن كثيرة في علي وفي ولديه ، ونسبوهم تارة إلى ضعف العقل ، وتارة إلى ضعف السياسة ، وتارة إلى حب الدنيا والحرص عليها ، ولقد كان الفريقان في غنية عما اكتسباه واجترحاه .

ولقد كان في فضائل علي ( عليه السلام ) الثابتة الصحيحة ، وفضائل أبي بكر المحققة المعلومة، ما يغني عن تكلف العصبية لهما ، فإن العصبية لهما أخرجت الفريقين من ذكر الفضائل إلى ذكر الرذائل ، ومن تعديد المحاسن إلى تعديد المساوي والمقابح ، ونسأل الله تعالى أن يعصمنا من الميل إلى الهوى وحب العصبية (2) انتهى .

[جواب الشبهة ] اعلم أننا لا نجزم بكون كل رواية نقلها الشيعة في فضائل أهل البيت ( عليهم السلام ) ورذائل الثلاثة صادرة من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ولا ننكر احتمال الكذب في بعضها ، لكن لا نحتاج إلى ذلك ، فلذلك لم ننقل كل الأحاديث التي نسب إلى الشيعة وضعها، لأن وضعها على تقدير التسليم لا يضرنا ، لأن مدار استدلالنا على ما عرفت إنما هو القرآن والأخبار التي نقلها أهل السنة أيضا ، وقد عرفت من قريب أمارات الصدق فيها ، وقد عرفت دواعي الكذب فيما رووا من فضائل الثلاثة ، وأمارات الكذب فيما عدوه من الصحاح أيضا .

ومراده من فضائل أبي بكر المحققة المغنية عن العصبية ، ما اشتمل عليه القرآن ، وقد عرفت حاله ، وما اشتمل عليه صحاحهم ، وقد عرفت عدم صحة كثير مما سموه صحيحا ، فلا تغتر بهذا الاسم ، كيف ؟ وقد ظهر أنهم يعدون خبر عائشة صحيحا ، وكذلك ما رواه طلحة والزبير وسائر من خرج على الإمام لبعض الدواعي الفاسدة .

ومما يدل على اعتمادهم على رواية الكاذبين ، أنه يظهر من بعض رواياتهم الصحيحة كذب أبي هريرة ، مع حكمهم بعدالته ، وهو ما رواه ابن الأثير في جامع الأصول ، من صحيح مسلم والنسائي ، عن أبي رزين العقيلي ، قال : خرج إلينا أبو هريرة يوما وهو يقول - وضرب على جبهته بيده - : إنكم لتحدثون أني أكذب على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لتهتدوا وأضل ، ألا وأشهد لسمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : إذا انقطع شسع نعل أحدكم فلا يمشي في الأخرى حتى يصلحها (3) .

وجه الدلالة : أن قوله " تحدثون " يدل على الاستمرار التجددي ، و " أن " واللام على التأكيد ، فيدل هذا الكلام على تكرر حكاية كذب أبي هريرة وشيوعه بينهم ، فلا وجه للاعتماد على روايته بتكذيب الجماعة ، فكيف يجوز أن يعتمدوا عليها ويعدوها من الصحاح ؟

ومما ابتلاهم إلى اعتبار الروايات الضعيفة وتسميتها بالصحيحة ، حكمهم بعدالة الصحابة ، مع أن الروايات الصحيحة عندهم تدل على خلافه ، فننقل بعضها حتى يظهر لك الحال .

منها : ما رواه ابن الأثير في جامع الأصول ، في آخر الفصل الثالث من كتاب الفتن ، وهو الكتاب الثالث من حرف الفاء ، من صحيح البخاري ومسلم ، عن حذيفة ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ليردن على حوضي أقوام ثم يختلجون ، فأقول : أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك (4) .

ومن صحيح البخاري ، عن المسيب بن رافع ، قال : لقيت البراء ، فقلت : طوبى لك صحبت النبي ( صلى الله عليه وآله ) وبايعته تحت الشجرة ، قال : يا بن أخي إنك لا تدري ما أحدثنا بعده (5) .

وروى ابن الأثير في جامع الأصول ، في الفرع الثاني من الفصل الرابع من الكتاب التاسع من حرف القاف الذي في القيامة وما يتعلق بها ، من صحيح البخاري ومسلم ، عن ابن مسعود ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أنا فرطكم على الحوض ، وليرفعن إلي رجال منكم : إذا أهويت إليهم لأناولهم اختلجوا دوني ، فأقول : أي رب أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك (6) .

ومن صحيح البخاري ومسلم ، عن أنس ، أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : ليردن علي الحوض رجال ممن صاحبني ، حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلي اختلجوا دوني ، فلأقولن : أي رب أصحابي أصحابي ، فليقالن لي : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك (7) .

ومن صحيح البخاري ومسلم ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، قال : سمعت النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقول : أنا فرطكم على الحوض ، من ورد شرب ، ومن شرب لم يظمأ أبدا ، وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني ، ثم يحال بيني وبينهم ، قال أبو حازم : فسمع النعمان بن أبي عياش ، وأنا أحدثهم هذا الحديث ، فقال : هكذا سمعت سهلا يقول ؟ فقلت : نعم، قال : وأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد ، فيقول : إنهم مني ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول : سحقا سحقا لمن بدل بعدي (8) .

ومن صحيح البخاري ومسلم ، عن أبي هريرة : أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي - أو قال : من أمتي - فيحلؤون عن الحوض ، فأقول : يا رب أصحابي ، فيقول : إنه لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، أنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري ، فيجلون .

وفي رواية البخاري : أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : بينا أنا قائم على الحوض إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال : هلم ، فقلت : إلى أين ؟ فقال : إلى النار والله ، فقلت : ما شأنهم ؟ قال : إنهم ارتدوا على أدبارهم، ثم إذا زمرة أخرى ، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال لهم : هلم ، قلت : إلى أين ؟ قال : إلى النار والله ، قلت : ما شأنهم ؟ قال : إنهم قد ارتدوا على أدبارهم ، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم (9) .

ومن صحيح مسلم ، عن عائشة ، قالت : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول وهو بين ظهراني أصحابه : أني على الحوض أنتظر من يرد علي منكم ، فوالله ليقتطعن دوني رجال، فلأقولن : أي رب مني ومن أمتي ، فيقول : إنك لا تدري ما عملوا بعدك ، ما زالوا يرجعون على أعقابهم (10) .

ومن صحيح البخاري ومسلم ، عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أني على الحوض أنظر من يرد علي ، وسيؤخذ ناس دوني ، فأقول : يا رب مني ومن أمتي - وفي رواية فأقول : أصحابي - فيقال : هل شعرت ما عملوا بعدك ؟ والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم (11) .

ومن صحيح مسلم ، عن أم سلمة ، قالت : كنت أسمع الناس يذكرون الحوض ، ولم أسمع ذلك من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلما كان يوما من ذلك والجارية تمشطني ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : أيها الناس ، فقلت للجارية: استأخري عني ، قالت : إنما دعا الرجال ولم يدع النساء ، فقلت : إني من الناس ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أني لكم فرط على الحوض ، فإياي لا يأتين أحدكم ، فيذب عني كما يذب البعير الضال ، فأقول : فبم هذا ؟ فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول : سحقا (12) .

ومن صحيح البخاري ، عن ابن المسيب ، قال : كان يحدث عن أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : يردن علي الحوض رجال من أصحابي ، فيحلؤون عنه ، فأقول : يا رب أصحابي ، فيقول : إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، أنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري (13) .

وروى ابن الأثير في جامع الأصول ، في الفصل الثاني من الباب الثاني من كتاب القيامة ، من صحيح البخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، عن ابن عباس ، قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى قوله : ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول : يا رب أصحابي ، فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول كما قال العبد الصالح {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ } [المائدة: 117، 118] – إلى قوله - {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [المائدة: 118] قال: فيقال لي : أنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم . زاد في رواية ، فأقول : فسحقا فسحقا (14) .

أقول هذه الروايات تدل على ارتداد كثير من الصحابة ، ولا يصح أن نحمل على مانعي الزكاة الذين قتل خالد بن الوليد رجالهم ، وسبي ذراريهم ، ونهب أموالهم ، ونكح امرأة مالك بن نويرة ليلة قتله ، مع كونهم مسلمين مقيمين للصلاة ، لأن تأخير جمع الزكاة وإعطائها بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى يظهر أن المدعي للأمر أهل لذلك أو لا ، لا يصير سببا للارتداد .

وكيف ارتدوا وعمر الذي ينطق الحق على لسانه عندكم قال بخطأ خالد ، وقال باستحقاقه الرجم والقتل ، ولكن أبو بكر رأى المصلحة في أمر السلطنة ترك قتله ، كما رأى عدم اعطاء حق أهل البيت موافقا لمصلحة السلطنة ، واستمر عمر على فعل خالد ، ولعل عدم قتل عمر خالدا عند انتقال السلطنة إليه لعدم زيادة تفضح أبي بكر وضعف سلطنة نفسه ، لأن السلطنة انتقلت إليه من أبي بكر ، وابن أبي الحديد أيضا حكم بخطأ خالد وبعدم ارتدادهم .

وبالجملة عدم قتل خالد بما صنع من المطاعن المشهورة في أبي بكر ، بأن إسلام مالك بن نويرة وسائر المقتولين كان ظاهرا، وكان الداعي على قتلهم أخذ الغنيمة ، وتزويج زوجة مالك، وإلا لم يظهر منهم منكر يوجب القتل ، بل الواجب رفع شبهتهم بالبيان ، لا سبي الذراري وقتلهم بالسيف والسنان ، فكيف يحكم بارتداد المقتولين بمجرد تأخير اعطاء الزكاة ؟

بل يجب على خالد بيان خلافة الأول بدليل شاف وبيان واف ، فإن لم يظهر لهم ببعض البيان والتقرير يجب المعاودة في البيان بدليل آخر لو كان له ، أو توضيح الأول إن خفي عليهم ، والسعي البالغ في توضيح أمر الخلافة ووجوب الإطاعة ، والمهلة للتأمل في الأدلة وللمراجعة فيها مرة بعد أخرى ، حتى يظهر لهم الأمر وتنجلي عنهم الشبهة ، فإن ظهر علمهم بتمامية الدليل باعترافهم أو بشهادة الحال ، فيعاقبهم بقدر جرمهم لا بما عوقبوا به ، لأن إمامة أبي بكر ووجوب إطاعة من أرسله ليسا من ضروريات الدين حتى يظنوا كفر من أنكرهما وصيرورتهم بالانكار في حكم الكفار .

وهل يجوز عاقل أن يكون ما أخبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن الله تعالى أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك وغيره مما اشتمل عليه الروايات إشارة إلى عدم المسارعة في إعطاء الزكاة بعد انتقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى روضة القدس قبل ظهور الأمر عليهم ؟

هل بلغ هذا الأمر في الفظاظة إلى مرتبة يناسب أن يعبر عنه بعبارات منقولة ؟

ولا أظن هذا الظن بأحد ممن اتصف بصفتي التميز والإنصاف .

وكذلك لا يصح أن تحمل على الخوارج منفردين ولا منضمين إلى أصحاب معاوية ، لظهور لفظ " بعدك " في المقارنة ، ودلالة السادسة على هلاك أكثر الصحابة وقلة الأصحاب فيهما ، ودلالة السابعة والثامنة على استمرار الارتداد بعده ، وحملهما على الاستمرار بعد حدوث الارتداد وإن كان بعد زمان طويل ، في غاية البعد ، ومع بعده تدفعه الرواية الأخيرة ، والروايات الثلاث تدفع الاحتمال الأول أيضا واحتمال أصحاب الجمل منفردين ومنضمين .

ومما يؤيد اعتمادهم على حديث الكذابين ، وتسميتهم إياه صحيحا ، ما قال السيد الجليل سيد مصطفى في حاشية كتاب الرجال: نقل الشيخ عبد الحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة أن معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم حتى يروي أن هذه الآية نزلت في علي ( صلى الله عليه وآله ) {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: 204، 205] وأن الآية الثانية نزلت في ابن ملجم وهي قوله {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ } [البقرة: 207]

فلم يقبل ، فبذل مائتي ألف فلم يقبل ، فبذل ثلاثمائة فلم يقبل ، فبذل أربعمائة فقبل انتهى .

وليس أعلم أن محمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج القشيري والترمذي والنسائي ، وغيرهم من العامة ، كيف حكموا بصحة الأحاديث المستندة إلى هذا الرجل ومثله (15) انتهى كلام السيد ( رحمه الله ) .

فإن قلت : قد ظهر بما ذكرت وضع الأحاديث في فضائل الخلفاء الثلاثة وبني أمية ومن شايعهم وعموم الصحابة ، لبعض الأغراض الفاسدة ، لكن الآيات شاهدة على فضائل الصحابة ، مثل {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ } [التوبة: 100] وقوله تعالى {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} [التحريم: 8] وقوله {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا } [الفتح: 29] وقوله {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ } [الفتح: 18] وغيرها .

قلت : الآية الأخيرة مع بعض آيات توهموا دلالتها على فضائل من أرادوا فضائله ، قد تكلمنا عليها في مبحث إمامة أبي بكر، وبالتأمل فيما ذكرته هناك يظهر لك ضعف التمسك بالآيتين ، ومع ذلك كما يقولون بخروج جماعة سموهم أهل الردة عن الإيمان ، وعن بقائهم على صفة يستحقون بها المدائح ، فكذلك نقول في من ظلم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وسائر أهل البيت ( عليهم السلام ) ونصر الظالمين .

ونقول : إن ملاحظة الآية الثالثة وحال الثلاثة يوجب اليقين بخروجهم عنها ، لأنه لم يظهر منهم شدة على الكفار في زمان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أصلا ، حتى لم يقدر تبعتهم على وضع رواية على قتل واحد منهم أحدا من الكفار في زمان حروب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وغاية سعي تبعتهم كانت في إنكار هرب بعضهم عن الحرب .

وقد نقل عن عمر في زمان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعد وثاق الكفار ، أو ظهور بعض ما لا يليق عن بعض الحضار ، قوله " مرني أن أضرب عنقه " ولما لم يكن القتل مناسبا لم يأمره ولا غيره به ، وأمثال هذا التمني تنشأ من الضعف لا من الشدة .

نعم قد ظهر منه ومن أخيه شدة على أكمل المؤمنين والمجاهدين وأول الساجدين أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى سائر أهل بيته عليهم السلام ، من كشف بيت فاطمة ( عليها السلام ) وما ترتب عليه ، وغصب الخلافة ، وجبر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على البيعة ، على وجه لا يليق بأحد من المؤمنين ، كما يظهر من مذمة معاوية التي آلت إلى المدح ، كما ذكره أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وننقله بعد .

وظهر من الأخير شدة عظيمة على من قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في شأنه : ما أقلت الخضراء الخ ، وعلى داعي الجنة ، وعلى ابن مسعود وغيرهم ، كما ظهر في موضعه ، فهم أشداء على المؤمنين على أقبح وجه وأشنعه ، لا على الكفار.

وما ظهر منهم بعد تشييد السلطنة من الأمر بقتل الكفار وفتح البلدان ، لا يندرج في الآية ، بل الداعي عليه هو الداعي لمعاوية وسائر بني أمية وسائر من يطلب السلطنة بأي وجه تيسر .

ومن العجائب توهم صدقهم في دعوى الإمامة بالآيات والأخبار الخاليتين عن الدلالة ، ولم يحكموا ببطلان خلافتهم وكذبهم في الدعوى ، مع ظهور كذبهم للمتتبع بملاحظة رواياتهم ، ومع كفاية بعض ما ذكرته للمسترشد نشير إليه إشارة خفيفة تأكيدا للسابق .

_________________

(1) في الشرح : وعلي أدون الطبقات فيهم .

(2) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 11 : 49 - 50 .

(3) جامع الأصول 11 : 271 برقم : 8246 .

(4) جامع الأصول 10 : 447 برقم : 7549 .

(5) جامع الأصول 10 : 447 برقم : 7550

(6) جامع الأصول 11 : 119 برقم : 7970 .

(7) جامع الأصول 11 : 120 برقم : 7971 .

(8) جامع الأصول 11 : 120 برقم : 7972 .

(9) جامع الأصول 11 : 120 برقم : 7973 .

(10) جامع الأصول 11 : 121 برقم : 7974 .

(11) جامع الأصول 11 : 121 برقم : 7975 .

(12) جامع الأصول 11 : 122 برقم : 7976 .

(13) جامع الأصول 11 : 122 برقم : 7977 .

(14) جامع الأصول 11 : 96 برقم : 7923 .

(15) نقد الرجال للتفرشي ص 163 .




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.