المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

Evolutionary History
4-4-2018
أرجو إبطال الرواية القائلة بأنّ أبا بكر حجّ بالناس في العام التاسع للهجرة؟
2024-10-12
Physician Assistant
27-10-2015
زياد بن حفص التميمي
5-9-2017
Other Aspects of Inheritance
19-10-2016
مظاهر النحت البحري- الجروف Cliffs - أنواع الجروف
13/9/2022


النظرة المؤذية التي تحمل الاستهزاء  
  
2738   10:39 صباحاً   التاريخ: 11-4-2017
المؤلف : صالح عبد الرزاق الخرسان
الكتاب أو المصدر : تربية الطفل واشراقاتها التكاملية
الجزء والصفحة : ص312-318
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

إن الاسلام الحقيقي هو دين الحضارة والفضيلة والمودة، وقد منعت تعاليمه الاخلاقية النظرة المؤلمة التي تحمل طابع الاستهزاء والاهانة واللوم والشماتة بصورة قطعية ومطلقة وحرمت ذلك وحذرت من هذه الصفات الذميمة، وحرصت اشد الحرص في ان يكون اسلوب المعاشرة مع ذوي العاهات والنقائص الجسمية اسلوباً حسناً ملؤه الرحمة والعطف والشفقة عليهم، والتعاون معهم والتخفيف من آلامهم وليس الاستهزاء بهم لكي لا يشعروا بالضعة والحقارة.

قد وردت روايات شريفة عن الرسول الاكرم محمد (صلى الله عليه واله) واهل بيت العصمة والهدى سلام الله عليهم اجمعين، بهذا الصدد، نذكر جملة منها:

1ـ قال النبي الاعظم (صلى الله عليه واله): (لا تديموا النظر إلى اهل البلاء والمجذومين فان ذلك يحزنهم)(1).

2- وعن الامام جعفر الصادق (عليه السلام) انه قال: (لا تنظروا إلى اهل البلاء فان ذلك يحزنهم)(2).

3- وعنه (عليه السلام) ايضاً : (اسماع الاصم من غير تضجر صدقة هنيئة) (3).

4- وعنه (عليه السلام) ايضاً :

(من نظر إلى ذي عاهة ، او من قد مثل به ، او صاحب بلاء ، فليقل سراً في نفسه من غير ان يسمعه : الحمد لله الذي عافاني)(4).

5ـ عن ابي جعفر (عليه السلام) انه قال (كفى بالمرء عيباً ان يبصر من الناس ما يعمى من نفسه ، او يعبر الناس بما لا يستطيع تركه، او يؤذي خليله بما لا يعنيه) (5).

أجل ان النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) واهل بيته الاطهار (عليهم السلام) قد اهتموا اهتماماً لا نظير له بتربية الفرد والمجتمع والبشرية جمعاء، وطرحوا على الساحة الاسلامية والانسانية ارقى انواع الاطروحات في مضمار التربية والآداب والاخلاق، وخصوصاً في مجال التعامل والتخاطب مع ذوي العاهات والعيوب والنقائص الجسمية لترك الاثار الطيبة في نفوسهم والتقليل قدر الامكان من تأثرهم الشديد مما يكابدونه من الالام وضعة وعُقد.

ومما لا شك فيه، ان صاحب العاهة كالأعور والمجذوم والمشلول يتألم في باطنه ويحس بالحقارة والضعة عندما يطيل المرء النظر اليه او إلى عاهته، فيزداد حزنا إلى حزنه ومرارة شديدة، وكذلك الاصم او الضعيف السمع ، قد يتألم في نفسه او يحس بنقص كبير عندما يكون الكلام معه بلهجة مؤلمة.

لذلك اعتبر الامام الصادق (عليه السلام) ان اسماعه من غير تضجر صدقة هنيئة، وامر بعدم اطالة النظر إلى اهل البلاء حتى لا يزداد حزنهم او يتألموا.

والواقع ان ادامة النظر، والتدقيق في عيوب الناس لا نفع فيه. بل يسبب ألماً وضعفاً روحياً لأصحابها، وينم في الوقت نفسه عن سوء خلق الناظر وعدم احترامه للآخرين ومشاعرهم، وعدم تربيته تربية لائقة.

ـ هكذا يكون العلاج :

(لقد ظهرت بقع بيضاء في وجه يونس بن عمار ، احد اصحاب الامام الصادق (عليه السلام)

وآلمه ذلك، الا انه كان يضيق ذرعا بالكلمات المسموعة الصادرة من الناس تجاهه فقد كانوا يقولون له : لو كنت اهلا لفضل الله وكان الدين الحق بحاجة اليك لما ابتليت بهذا الداء، فتألم يونس من ابتلائه بالمرض، وكذلك من تحقير الناس واهانتهم اياه تألما شديداً، وجاء إلى الإمام الصادق (عليه السلام) وقال :

إن هذا الذي يظهر بوجهي يزعم الناس ان الله لم يبتل به عبداً له فيه حاجة، قال : فقال لي:

لقد كان مؤمن ال فرعون مكنّع الاصابع، فكان يقول هكذا ويمد يديه ويقول: يا قوم اتبعوا المرسلين)(6). انظر عزيزي ـ كيف عالج الامام الصادق (عليه السلام) مثل هذه الحالة المؤلمة بقوله : (لقد كان مؤمن ال فرعون مكنع الاصابع) أي صاحب عاهة الا ان عاهته لم تمنعه ان يكون داعية خير وهدى وصلاح.

وكان يمد يديه ويقول : يا قوم اتبعوا المرسلين، فأعطي بذلك دفعا كبيراً وقوة روحية ليونس بن عمار، ولقنه درسا بليغاً، وشد على يديه، واثار في نفسه مواطن القوة من اجل ان يكون داعية للهداية والايمان والاصلاح، ولا تعيقه العاهة وكلام الناس ، كما كان مؤمن ال فرعون وقطعا ان كلام الامام (عليه السلام) يخفف من الم الشعور بالحقارة ويبعث الرجاء في تحقيق الخير وخدمة دين الله سبحانه.

فالإمام (عليه السلام) يعلمنا والمربين جميعا كيف نتعامل مع ذوي العاهات، كباراً كانوا ام صغارا لكي ننتشلهم من كابوسهم المؤلم وشعورهم بالحقارة الذي ربما سيتحول إلى عقد نفسية موغلة في التعقد وكيف نأخذ بأيديهم إلى شاطئ الحياة المريحة المليئة بالتفاؤل والأمل والانفتاح على خير والتعاون والمحبة ونكون في تعاملنا مع ذوي العاهات كالماء البارد بالنسبة إلى الظمآن، كما قال الامام الصادق (عليه السلام):

(إن المؤمن ليسكن إلى المؤمن كما يسكن الظمآن إلى الماء البارد)(7).

أجل ان الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله) واهل البيت الاطهار سلام الله عليهم اجمعين ملائكة رحمة للبشر يعلموننا كل خلق حسن وسلوك طيب.

(لقد ذكر في مجلس الامام علي  بن موسى الرضا (عليه  السلام) شاعر، فذكره أحد الحاضرين بكنيته، فقال له الإمام (عليه السلام) : (هات اسمه ودع عنك هذا، ان الله عز وجل يقول : ولا تنابزوا بالألقاب. ولعل الرجل يكره هذا)(8).

وقد جاء في الحديث الشريف المروي عنهم (عليهم السلام)

(حق المؤمن على أخيه ان يسميه بأحب اسمائه)(9).

نعم، ان تسمية الطفل بأحب اسمائه لها مردود ايجابي يترك تأثيره الحسن في نفسية الطفل وحتى الكبير، وكذلك اللقب فاللقب الحسن يخلف تأثيراً حسنا في سلوك ونفسية الاشخاص، والعكس صحيح لان اللقب القبيح يخلق السمعة السيئة ويوجد الحرمان او يمنع الانسان من الاستمرار في الحياة كفرد اعتيادي، بل يصبح ويسمي وهو يكابد ضغطاً روحيا، ويقضي حياته في حرمان وشعور بالحقارة والدناءة حتى وان كان كثير العلم والمعرفة كمثال على ذلك نذكر (ابن النديم):

ـ ابن النديم :

كان اسحاق ابن ابراهيم المعروف بابن النديم من العلماء الذين قل نظراؤهم  في عصره، وكان قد اجهد نفسه في علوم كثيرة كالكلام والفقه، والنحو والتاريخ واللغة والشعر وبرع في جميع ذلك براعة تامة وكان عملاقا عظيما في المناظرات العلمية وكثيرا ما كان يتغلب على فقهاء

عصره، وله في مختلف العلوم ما يثرب من اربعين مجلداً وآثاره المهمة باقية حتى اليوم.

كان ابن النديم ذا صوت جميل، ورغبة شديدة في الغناء، وكثيرا ما كان يشترك في مجالس طرب الخلفاء ورجال الدولة، ويؤنس الحاضرين بغنائه المطرب، ويجذب قلوبهم نحوه... ولاستمراره في هذا العمل، ضؤلت قيمة ثقافته العلمية شيئا فشيئاً بالنسبة إلى غنائه حتى عرف في المجتمع بهذه الصفة، ولقبه الناس بـ(المغني) و(المطرب).

لقد أوردت هذه الشهرة ضربة قاصمة في شخصيته ولم يتمكن فيها بعد ان يُعِدّ نفسه في المجتمع كرجل عالم مطلع، وان يظهر كفاءته العلمية... وبالرغم من قربه لدى الخلفاء والشخصيات فإنهم لم يعهدوا إليه بمهمة أو عمل خطير في الدولة، وذلك حذراً من اضطراب الرأي العام وبهذا الصدد كان المأمون العباسي يقول :

(لو لم يكن يشتهر ابن النديم بالطرب والغناء لوليته القضاء، لأنه يفوق جميع قضاة الدولة الموجودين من حيث الفضل والعلم واكثرهم استحقاقاً لهذا المنصب)(10).

____________

1ـ بحار الأنوار :ج16، ص122.

2ـ بحار الانوار :ج16، ص123.

3ـ بحار الانوار :ج16، ص111.

4ـ وسائل الشيعة :ج3، ص209.

5ـ الكافي :ج2، ص459.

6ـ نفس المصدر.

7ـ الكافي :ج2، ص247.

8ـ وسائل الشيعة :ج5، ص116.

9ـ مجمع البحرين (مادة: نبز).

10ـ الطفل بين الوراثة والتربية نقلا عن قاموس دهخدا الفارسي،ص2225.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.