أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-6-2016
2722
التاريخ: 2024-01-23
2869
التاريخ: 16-1-2019
3566
التاريخ: 12-10-2017
3561
|
وتتمثل هذه الجزاءات في إسقاط الالتزام في عقد التزام المرافق العامة والفسخ الجزائي في عقدي الأشغال العامة والتوريد حيث تملك الإدارة سلطة انهاء العلاقة التعاقدية بينها وبين المتعاقدين معها قبل الأجل المحدد في عقد الامتياز والقيام بالتنفيذ الكامل في عقد الأشغال العامة وعقد التوريد وغاية الادارة من فرض الجزاءات الفاسخة تكمن في رغبتها في إنهاء الرابطة العقدية ، بعد ان تيقنت انه لا جدوى من تقويم المتعاقد واعادته الى طريق الصواب(1). وعلى ذلك نقسّم هذا الموضوع الى فرعين.
استخدم مجلس الدولة الفرنسي اصطلاح الإسقاط بمناسبة فسخ عقد الالتزام حيث يميز مجلس الدولة الفرنسي بين جزاء الفسخ في العقود الادارية بوجه عام والفسخ في عقد التزام المرافق العامة حيث يشترط لايقاع الاسقاط صدور خطأ جسيم من المتعاقد مع الإدارة وان تقوم بأعذاره قبل توقيع ذلك الجزاء بالإضافة الى صدور حكم قضائي بإسقاط الالتزام. فالادارة لا تستطيع ان توقعه من تلقاء نفسها وبإرادتها المنفردة الا في حالة وجود نص صريح في العقد يخولها ذلك. اما في مصر فان الإدارة تستطيع توقيع جزاء الإسقاط من تلقاء نفسها ودون حاجة الى اللجوء الى القضاء (2). ويتم هذا الاجراء نتيجة لخطأ الملتزم خطأ جسيماً او نتيجة لعجزه عن إدارة المرفق او إخلاله بالتزاماته وإسقاط الالتزام يتم بناء على حكم قضائي او بناء على نص اتفاقي ، او بغير نص اذا كان رائد الإدارة في فسخ العقد مصلحة المرفق حيث ان الإسقاط (Decheance) يعد طريقة من طرق انهاء العقد الإداري قبل انتهاء مدته الطبيعية هو عبارة عن جزاء توقعه السلطة مانحة الالتزام على الملتزم نتيجة الأخطاء الجسيمة التي اقترفها في أدارته للمرفق، بحيث يصبح من المتعذر الاطمئنان الى استمراره في إدارة المرفق وتيسيره على نحو سليم ولا يستحق الملتزم اية تعويضات نتيجة لإسقاط التزامه وهذه تعد نقطة الخلاف بين الإسقاط واسترداد الالتزام (Rachatdelaconce sion ) الذي تقرره السلطة مانحة الالتزام حيث يجب على الإدارة عند استرداد المرفق ان تضمن الحقوق المشروعة للملتزم والاسترداد يتخذ صور مختلفة فاما ان يكون منصوصاً عليه في العقد (الاسترداد التعاقدي) او غير منصوص عليه (الاسترداد غير التعاقدي) او ربما تقرره قوانين خاصة وقد في تكييف الاسترداد فقد ذهب جانب منه إلى انه نوع من نزع الملكية ولكن في الحقيقة ان الاسترداد ليس الا ممارسة الإدارة لسلطتها في إنهاء عقد الالتزام عند ما تقتضي المصلحة العامة ذلك(3). والإسقاط إذا كان يؤدي الى إنهاء عقد الالتزام فأن ذلك لا يعني فناء المرفق العام لأنه ليس هو الهدف من فرض هذا الجزاء وتقع على الادارة مسؤولية استمرار المرفق سواء عن طريق الإدارة المباشرة او ان يعهد به الى ملتزم جديد في مزايدة عامة وعندئذ يتحمل الملتزم القديم كافة الأعباء المالية المترتبة على ذلك (4). ولما كان إسقاط الالتزام يمثل خطراً على المرفق فان القضاء سواء في فرنسا ام في مصر والعراق يفرض قيوداً عديدة على الجهة مانحة الالتزام والتي يجب عليها مراعاتها قبل اتخاذ قرار الإسقاط (5) والتي تعد بمثابة شروط لممارسة الادارة هذه السلطة ويمكن أجمالها بماياتـي:-
اولاً. ان يرتكب الملتزم أخطاء جسيمة. :- الخطأ الجسيم هو عبارة عن إخلال المتعاقد بالتزاماته التعاقدية او القانونية (6) ((ولاجل هذا يجري مجلس الدولة الفرنسي على ان ينعت الخطأ المبرر لجزاء الاسقاط بنعوت مميزه ومن ذلك قوله (ان الخطأ على درجة خاصة من الجسامة duneparticulievite او ان الملتزم قد دأب على مخالفة التنظيمات الفنية والمالية للمرفق المدار عن طريق الالتزام))(7). ومن التطبيقات على الأخطاء الجسيمة التي تبرر إسقاط الالتزام ، التنازل عن الالتزام من دون موافقة الإدارة ، والاستمرار في مخالفة التزاماته التعاقدية ورفض الملتزم تنفيذ التعليمات الصادرة من الإدارة ، وعدم احترام مدد التنفيذ المنصوص عليها في دفتر الشروط وترك المرفق من دون استغلال وقد يحدد العقد او دفتر الشروط او القوانين أنواعا من الأخطاء يرتب عليها جزاء الإسقاط ففي مصر مثلاً نص القانون رقم 169 لسنة 1954 في شأن النقل العام للركاب بالسيارات المعدل بالقانون رقم 24 لسنة 1956 على المخالفات التي تبرر إسقاط الالتزام (8) وهي:
ويلاحظ بان مجلس الدولة الفرنسي يرفض الحكم بإسقاط الالتزام اذا اتضح ان الخطأ المنسوب الى الملتزم لا يرتقي الى فكرة الخطأ الجسيم ، لذا لا يبرر توقيع هذا الجزاء الشديد وانما توقيع جزاء آخر أخف خطورة ، مثل وضع الالتزام تحت الحراسة الإدارية(10).
ومن المسلم به ان النص على حالات الخطأ الجسيم التي تستوجب الإسقاط لا يحرم الإدارة من ممارسة حقها في فرض هذا الجزاء وهذا يظهر أهميته في نطاق الرقابة القضائية التي يمارسها القاضي وذلك لأن ذكر الحالات يعني ان المتعاقدين او المشرع قد قدروا خطورتها وعند ذلك لا يخضع قرار الإسقاط لرقابة الملاءمة القضائية اما عن الحالات غير المنصوص عليها فان تخضع لهذه الرقابة لتحقق من مدى ملاءمة هذه العقوبة الخطيرة للأخطاء التي اقترفها الملتزم(11).
ثانياً : اعذار الملتزم Misendemurepreable :- تلتزم الإدارة قبل توقيع جزاء الفسخ بأعذار الملتزم يتشدد مجلس الدولة الفرنسي في ضرورة اتخاذ الادارة هذا الاجراء قبل توقيع جزاء الاسقاط ولا تتحرر منه الا بنص صريح أو إذا تبين من ظروف الحال انعدام الفائدة بالاعذار او ان الملتزم نفسه أعلن عن عدم قدرته على ادارة المرفق كما ان الادارة تحلل من التزامها في الأعذار في حالة الإفلاس او التصفية القضائية بالنسبة للملتزم. أما في (مصر) فان مجلس الدولة المصري لا يشترط اعذار الملتزم وذلك على خلاف القواعد العامة التي تلزم الاعذار قبل توقيع الجزاء كما نظمها القانون المدني(12). أما في العراق فان القانون يلزم الإدارة بأعذار المتعاقد معها قبل توقيع الجزاء أي على الادارة ان تنذر المتعاقد المخطئ وان تنبهه الى خطئه قبل توقيع الجزاء استناداً الى نص م/ 869 فقرة (أ) من القانون المدني (13). والواقع ان الاتجاه المعمول به في مصر محل نظر لان الأعذار ليس مهما للمتعاقد فقط وانما ضروري ايضاً للإدارة لان الأعذار يعطي فرصه للمتعاقد لتصحيح خطئه وفي الوقت نفسه يحقق مصلحة الادارة في ان لا تتكبد اعباء مالية حين تستلم المرفق وهو مثقل بالاخطاء وهذا ما أكدته المحكمة الادارية العليا في مصر في قرار حيث تذهب فيه ((… ويحق لمانح الالتزام اسقاط الالتزام اذا اختل المرفق اختلالا جزئياً او كلياً او اذا ارتكب الملتزم مخالفات جسمية او تقرر اهماله على انه يجب انذار الملتزم قبل توقيع هذا الجزاء…))(14).
ثالثا : وجوب ان يصدر قرار الاسقاط من القضاء :- لقد استقر القضاء الفرنسي على ان ذا الادارة لا تستطيع تقرير اسقاط الالتزام من غير اللجوء الى القضاء ما لم ينص على خلاف هذا في العقد لذلك فالمبدأ القضائي الثابت والقطعي هو اختصاص قاضي العقد في فرنسا بتقرير الالتزام الذي يحرم الادارة من ممارسة حقها في اتخاذ قرار الاسقاط وبقرار اداري على خلاف العقود الاخرى ولا يعفيها من اللجوء الى القضاء الا اذا وجد نص في العقد او دفتر الشروط يمنح هذا الحق للادارة مع ذلك يجوز للادارة ان تتنازل عن هذا الحق الذي يقرره لها عقد الالتزام ومن ثم الالتجاء الى القاضي لتقريره والحقيقة ان الاعتبارات العملية التي تكمن وراء قيام مجلس الدولة الفرنسي في وضع هذا القيد يرجع الى ما انفق في سبيل اعداد المرفق من رؤوس اموال ضخمة تجعل الملتزم اجدر بالرعاية (15). وهذا الاتجاه المعمول به في القضاء الفرنسي لا يأخذ به مجلس الدولة المصري الذي يقر للادارة حق اسقاط الالتزام دون الحاجة الى اللجوء الى القضاء وعلى الرغم من تسيلم الفقه في مصر بالاتجاه المعمول به للأسس العملية التي تدور مع العقد الالتزام لا يبرر استثناء هذه السلطة المعترف بها للادارة (16) . وقد قررت المحكمة الادارية العليا في مصر ذلك في احد احكامها الصادرة في 31/12/1977 حيث قالت (… وليس صحيحاً في القانون ان هذا الحكم لا يجوز توقيعه الا بحكم من المحكمة المختصة ) (17) . ومع تقديرنا لما سار عليه الاتجاه في مصر وما قرره القضاء للادارة من سلطة في اسقاط الالتزام دون اللجوء الى القضاء ولكننا نساير القضاء الفرنسي بذهابه الى اعطاء القضاء سلطة اسقاط الالتزام ليس فقط بسبب التكاليف الباهظة واضطراب المرفق من جراء إسقاط الالتزام. وهذا الاتجاه معمول به في العراق والاردن ففي عقد الالتزام يتطلب قيام القاضي النطق بالحكم الاسقاط الالتزام في حالة عدم النص على هذا الجزاء في العقد ، اما اذا نص عليه العقد فان للادارة ان تفرضه بارادتها المنفردة (18). وهذا ما أكدته محكمة التمييز العراقية في حكمها المرقم 930 / حقوقية / 1967 إذ تذهب إلى القول ((… ان من المسلم به في القانون الاداري ان الملتزم يخضع في القيام بادارة المرفق العام واستغلاله لرقابة الحكومة سواء نص في عقد الالتزام على الرقابة ام لم ينص فان هذا العقد قد نص في مواد متعددة منه على سلطة الحكومة في الاشراف على تنفيذ صاحب الالتزام لنصوص العقد واجاز في مادته الحادية والثلاثين للحكومة ان تلغي المشروع او تنقله الى غير صاحب الامتياز اذ عجز عن تنفيذه او أدارته بصورة مرضية بمقتضى شروط العقد او اذا خالف هذه الشروط وقد خلا العقد من نص يوجب فيه على الحكومة دفع أي تعويض في حالة الإلغاء…))(19). ويترتب على اسقاط الالتزام جملة من النتائج القانونية بخصوص الالتزامات المالية التي يتحملها الملتزم نتيجة لأخطائه التي ادت اسقاط الالتزام وايضاً بما يتعلق بضرورة استمرار المرفق في تقديم خدماته للمنتفعين(20). ولتسليط الضوء على هذه النتائج نقول بهذا الصدد ان الادارة (مانحة الالتزام) لا تلتزم في حالة إسقاط الالتزام باي تعويض لصالح الملتزم بل على العكس من ذلك ان الادارة تستطيع مطالبة الملتزم الذي تقرر عليه جزاء الاسقاط وإلزامه التعويض عن الاضرار التي نالت المرفق بخطئه (21). كما ان للادارة ان تعلن بعد إسقاط الالتزام عن مزايدة عامة لغرض اختيار ملتزم جديد يحل محل الملتزم القديم يتساوى في مركزه وبذلك يؤول الثمن الى الملتزم القديم والثمن في هذه الحالة يمثل (الثمن الذي بيع المرفق به) واعطاء الادارة كافة الاعباء المالية التي تكبدتها في سبيل اتمام المزايدة وهذا من حق الادارة لانها في المدة التي تجري خلالها اجراءات المزايدة تكون مسؤولة عن استمرار المرفق في تقديم خدماته الى المنتفعين(22). وتأسيساً على ذلك فان عقود المنتفعين بالمرفق تبقى قائمة ونافذة حتى لو انتقل الالتزام من جهة الى اخرى اعمالاً بالمبدأ القائل (استمرار المرفق في تادية خدماته للجمهور)(23). اما بخصوص عقود العاملين والمستخدمين التي تربط بينهم وبين الملتزم السابق فانها لا تسري بحق الادارة بل تبقى بذمة الملتزم السابق ولكن هذه القاعدة ليست مطلقة بل يجوز استثناءها عن طريق نص في العقد او القانون الذي اسقط الالتزام(24). ونرى بدورنا بانه ما دام المرفق يؤدي خدماته والعامل يمارس عمله بصورة مرضيه، فان العدالة والمنطق يقتضان استمرار عقود العمل ، الا في حالة ان يكون اسقاط الالتزام راجع الى اخطاء ارتكبها العمال فهنا يجب على الادارة باعتبارها المسؤولة عن المرفق اتخاذ اجراءات لابعاد العمال المعنيين. واخيراً يجب ان لاننسى بان حق الادارة في التامين يصبح من الواجب دفعة من الملتزم وتستحق الفوائد القانونية عنه ابتدا من يوم اسقاط الالتزام(25). الفسخ جزاء يمكن توقيعه في سائر العقود الأخرى ما عدا عقد الامتياز اذ يطلق عليه الإسقاط كما ذكرناه سلفاً والمبدأ المسلم به في العقد المدني هو ان العقد شريعة المتعاقدين وبذلك لا يجوز إنهائه او تعديله الا باتفاق الطرفين او للأسباب التي يحددها القانون.
أما بخصوص العقد الإداري فان الأمر مختلف لان الإدارة في نطاق هذا العقد تملك إنهاء العقد بقرار من جانبها من دون ان يتوقف ذلك على موافقة المتعاقد معها. ويتميز جزاء الفسخ في انه يضع نهاية للعقد وهو جزاء خطير لذا فان الإدارة لا تلجأ أليه الا اذا كان الإخلال خطيراً ولم تفلح الجزاءات السابقة في تقويمه من توقيع غرامات او استعمال وسائل الضغط(26). وسلطة الإدارة في فسخ العقد كجزاء يختلف عن سلطة الإدارة في إنهاء العقد بناء على سلطتها التقديرية (إذ ان الإدارة تملك هذا الحق اذ رات ان هذا ما يقتضيه الصالح العام وليس للطرف الآخر الا طلب التعويضات ان كان لها وجه اما سلطة الإدارة في فسخ العقد كجزاء لا تلجأ اليه الا اذا ثبت لها ان المتعاقد معها لا يستطيع الوفاء بالتزاماته وفاء كاملاً فتضطر الإدارة الى إنهاء العقد)(27) وتمارس الإدارة سلطتها وهذه السلطة مسلم بها حتى ولم تكن منصوصاً عليها في العقد وقد تتولى كراسات الشروط تنظيم هذا السلطة.
علماً بانه يوجد في فرنسا نوعان من الفسخ – الفسخ المجرد والفسخ على مسؤولية المتعاقد (28) .إذ نلاحظ ان مجلس الدولة الفرنسي يفرق بين هذين النوعين حيث يذهب الى ان الفسخ المجرد هو الذي يؤدي الى نهاية الرابطة التعاقدية وقد يكون مصحوباً بالجزاءات مالية مثل الغرامات التاخيرية او التعويض عن الأضرار التي تلحق المرفق العام أما الفسخ على مسؤولية المتعاقد فالإدارة لا تقوم بإنهاء الرابطة التعاقدية مع المتعاقد السابق وانما تحمله مخاطر التعاقد الجديد عند إبرامها لعقد جديد مع الغير ونجد ان هذا النوع من الفسخ يكون مصحوباً بإعادة الشراء على مسؤولية المورد او باجراء إعادة طرح الأشغال العامة في مناقصة على مسؤولية المقاول . اما في مصر فنجد ان لائحة المناقصات والمزايدات تنص على الفسخ المجرد وتخير الادارة بين الالتجاء إلى الفسخ المجرد او التنفيذ على حساب المتعاقد المقصر (29) . ومن المسلم به ان العقد الإداري قد ينص على سلطة الإدارة في توقيع جزاء الفسخ على المتعاقد معها الذي يقصر في الوفاء بالتزاماته وفي حالة عدم وجود هذا النص فان امتياز التنفيذ المباشر (Privllegedactiondoffice) يخول الإدارة فسخ العقد دون حاجة للجوء للقضاء للحصول على حكم بفسخ العقد غير ان هذه السلطة لا تمنع الإدارة من ان تتنازل عنها بمحض أرادتها وتقديرها وان تلجأ الى القضاء لطلب فسخ العقد (30). ومما تجدر ملاحظته في هذا الخصوص ان سلطة الإدارة في فرض هذا الجزاء ليست مطلقة حيث يشترط لمباشرة الإدارة حقها في فرض هذا الجزاء توفر شروط معينة فيه وهي:
أما الحال في العراق فنجد ان المادة (65) من الشروط العامة للمقاولات قد اغفلت النص على حق الإدارة في فسخ العقد عند ارتكاب المقاول خطأً جسيماً وبالرجوع الى القانون المدني نجد انه قرر للادارة هذا الحق ويمكن ملاحظة ذلك بالرجوع الى المادتين(868) و(869) منه(31). وهذا ما أكده البعض الذي يذهب بالقول الى ان العقد عندما ينص على حق الادارة في فسخ العقد فلا يعني حرمان الادارة من استعمال هذه السلطة في غير الحالات المنصوص عليها لان حق الإدارة ثابت سواء نص في العقد ام لم ينص لكونها احدى الجهات المنفذة لسلطة الدولة وسيادتها وبدون هذه السيادة سوف تضيع اموال الدولة هباء لاسيما إذا كان جهاز الموظفين ليس حريصا على المال العام. على فرض ثبوت امانته(32).
2. أعذار المتعاقد بالفسخ : من المسلم به في القضاء الفرنسي ان الإدارة تلزم باعذار المتعاقد قبل توقيع الفسخ ويمكن للإدارة ان تعفي نفسها من هذا الأجراء في حالة النص على ذلك في العقد او في حالة أن يكون الفسخ لاحقاً لإجراءات الضغط وأخذ المشرع العراقي ويمكن ملاحظة ذلك من خلال المادة (869) فقرة (1) من القانون المدني التي تشير إلى ضرورة الاعذار المقاول الذي يخل بتنفيذ العمل ويحدد له اجل مناسب لاصلاح ذلك الإخلال او العدول عنه الى الطريقة الصحيحة في التنفيذ. أما في مصر فان المشرع لم يجعل الأعذار وجوبياً في جميع الحالات(33).
3. صدور قرار أداري بفسخ العقد :- للإدارة ان تتخذ قرار الفسخ بإرادتها المنفردة ومن دون ان تلجأ إلى القضاء للحصول على حكم بالفسخ اعتماداً على سلطتها في التنفيذ المباشر(34)ويترتب على ذلك آثار خطيرة في حق المتعاقد حيث يفقد جميع حقوقه المتعلقة بالعقد حتى التامين المدفوع بل قد تطالبه الإدارة بالتعويض عن الأضرار التي تلحق بها))(35). ونظراً لخطورة آثار جزاء الفسخ فان القضاء الإداري يتطلع بالرقابة على تطبيق قرار الفسخ ورقابته بهذا الصدد واسعة ، تشتمل على مشروعية قرار فرض العقوبة وملاءمتها لخطأ المتعاقد ولكن إلى أي مدى سلطاته في مواجهة الإدارة ؟. ان النص على بعض حالات الخطأ الجسيم كمبرر للفسخ تفلت من رقابة الملاءمة اما غيرها من حالات الخطأ التي لم ينص عليها فهي تخضع لرقابة الملاءمة وذلك لقياس مدى خطورة الخطأ ومن ثم اعتباره كمبرر للفسخ حيث يجوز لقاضي العقد مثلاً ان يحول أجراء الفسخ على مسؤولية المتعاقد الى فسخ مجرد إذا ما تحقق من عدم ملاءمته وان الإدارة قد أسهمت به بخطئها. اما بخصوص رقابة الإلغاء فقد أثير النقاش فيما اذا كان من حق القضاء الإداري وهو ينظر منازعات العقود الإدارية ان يحكم بإلغاء الجراء المتخذ من قبل الإدارة فنجد بان مجلس الدولة الفرنسي يفرق في هذا الخصوص بين عقد الأشغال العامة وعقد الالتزام حيث يذهب بان حكم الإلغاء يجوز ان يكون بالنسبة لعقد الالتزام اما بالنسبة لعقد الاشغال العامة فان القضاء يكتفي بالتعويض ولا يحكم بالغاء. اما في مصر فلم نجد قضاء مجلس الدولة المصري في هذا الصدد، رغم انه لم يسر على خط قضائي واحد في مواجهة تلك الجزاءات ، ففي بعض الحالات يكتفي بالحكم بالتعويض للمتعاقد عندما يتحقق من عدم صحة الوقائع المنسوبة للمتعاقد وفي حالات الاخرى يقضي بإلغاء قرار الفسخ الجزائي ورغم تباين اتجاه مجلس الدولة المصري في مواجهة قرار الفسخ الجزائي ولكنه يحبذ التسوية بين جميع العقود الادارية بهذا الصدد(36). أما في العراق فنجد ان محكمة التمييز العراقية قد سارت على الاتجاه نفسه المعمول به في مصر هذا ما أكدته في حكمها المرقم 132 والصادر في 11/3/1992 حيث تذهب فيه ((… وجد من وقائع الدعوى ومستنداتها وعقد المقاولة المنظم بين الطرفين المؤرخ في 14/10/1975 المصدق من كاتب العدل ان المدعى باشر العمل بتاريخ 29/10/1975 وان المدعي عليه ( رب العمل قام بفسخ العقد بتاريخ 29/3/1977 بعد ان قام المدعي بانجاز بعض الأعمال وترك بعض المواد في ساحة العمل الموضحة بتقرير الخبير المؤرخ 9/12/1991 وان من حق رب العمل ايقاف العمل الوقتي وفقاً لاحكام المادة (41) من شروط المقاولة وان على المقاول في هذه الحالة المحافظة وحماية العمل بصورة ملائمة وان جميع المصروفات يتحملها المقاول وقد تبين لدى محكمة الموضوع من التحقيقات التي قامت بها والمستندات المبرزة ان المدعي (المميز) لا يستحق المطالبة عما فاته من ارباح جراء فسخ العقد لان المدعي عليه (رب العمل) قد قام بفسخ العقد بعد ان ظهر ان المقاول (المدعي) غير قائم بتنفيذ الاعمال وفقاً لشروط المقاولة وعجزه عن تنفيذها و لا يستحق التعويض الوقتي المدعي به كما لا يستحق مبلغ التامين ولا أي مبلغ اخر))(37).يترشح من حكم محكمة التمييز اعلاه ، بان القضاء العراقي كان موفقاً في مواكبة القضاء المصري ومسايرته في هذا الاتجاه، إذ لا محل للتمييز بين عقد الامتياز وسائر العقود لانه براينا ان الاعتبارات التي يقوم بها مجلس الدولة الفرنسي والمتمثلة بضخامة الاموال المبذولة في عقد الامتياز فضلاً عن السلطات الخاصة التي يخولها هذا العقد للملتزم تجعله جدير بالرعاية يمكن ان تصدق على المقاول في عقد الاشغال العامة فضلاً عن أن قرار الفسخ الصادر من الادارة هو قرار اداري يخضع لنفس احكام واجراءات الطعن المتبعة في بقية القرارات الادارية.
__________________
1- محمود خليل خضر، الغرامات التاخيرية في العقود الادارية، رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية القانون – جامعة بغداد، 1991 ص38.
2- انظر د. احمد عثمان عياد، مظاهر السلطة العامة في العقود الادارية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1973، ص366.
3- انظر د. الاسس العامة للعقود الادارية، ط4، دار الفكر العربي، القاهرة، 1984، 785-786 وانظر كذلك د. احمد عثمان عياد ، مرجع سابق ، ص276.
4- محمد عبد الله الدليمي، سلطة الادارة في انهاء عقودها الادارية، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون ، جامعة بغداد، 1983 ، ص129.
5- د. سليمان الطماوي، الاسس العامة للعقود الادارية، ط4، دار الفكر العربي، القاهرة، 1984، ص494.
6- د. ابراهيم طه الفياض، العقود الادارية، النظرية العامة وتطبيقاتها في القانون الكويتي والمقارن مع شرح قانون المناقصات الكويتي رقم 37 لسنه 1964، الكويت 1981، ص362.
7- نقلاً عن د. سليمان الطماوي ، الاسس العامة للعقود الادارية ، المرجع نفسه ، ص 495.
8- ينظر
9- د. محمود حلمي، العقد الاداري، ط2، دار الفكر العربي، 1977، ص145.
10- د. عبد المجيد فياض، نظرية الجزاءات في العقد الاداري، ط1، دار الفكر العربي القاهرة، 1، ص254 وانظر أيضاً حكم محكمة التمييز العراقية المرقم 153/م 1971 حيث قضت بانه ((لم يثبت غش او خطأ جسيم من قبل المييز عليه لان الخطأ الجسيم يفترض سوء نية او الإهمال وعدم التبصر الذي يبلغ من الجسامة حدا يجعل له اهمية خاصة .. )) منشور في مجلة القضاء العراقية العدد 1-2 السنة 27 ، 1972 ص269.
11- حسين درويش، النظرية العامة للعقود الادارية، ج2، 1958، ص91.
12- د. عزيزة الشريف ، مرجع سابق ، ص 192.
13- د. علي محمد بدير واخرون، مبادئ احكام القانون الاداري، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر، بغداد، 1993، ص504.
14- انظر حكم المحكمة الصادر في القضية رقم 110لسنة 13 بتاريخ 31/12/1977 والمنشور في مجلة العلوم الادارية ، ع1 ، س20، ص192.
15- د. عبد المجيد فياض ، مرجع سابق ، ص 254- 255.
16- د. توفيق شحاته، مبادئ القانون الاداري ، ج1 ، ط1، 1954 –1955 ، ص800.
17- محمد عبد الله حمود الدليمي ، مرجع سابق ، ص128.
18- د. خالد خليل الظاهر ، مرجع سابق ، ص267
19- حكم محكمة التمييز العراقية رقم 930 / حقوقية /1967 في 2/12/1967 أشار اليه محمد عبد الله الدليمي، مرجع سابق ، ص137.
20- د. عبد المجيد فياض ، مرجع سابق ، ص259.
21- د. فتحي عبد الصبور، الاثار القانونية للتاميم والحراسة الادارية على الاموال ، ط2 ، 1967، ص149.
22- فتوى قسم الرأي مجتمعاً في 28/1/1953 مجموعة الفتاوي في خمسة عشر عاما للاستاذ سمير او شادي، ص71.
23- د. فتحي عبد الصبور ، مرجع سابق ، ص103.
24- محمد عبد الله حمود الدليمي ، مرجع سابق ، ص31.
ومما تجدر الإشارة إليه ان قوانين العمل يحكمها مبدأ مهم وهو ارتباط العامل بالمشروع لا بشخص صاحب العمل لذلك فعند انتقال ملكية المشروع الخاص أو حق الانتفاع به إلى شخص أقر بأوجه الانتقال المختلفة، فيعد صاحب العمل الذي انتقلت إليه ملكية المشروع أو حق الانتفاع به مسؤلاً عن الوفاء بجميع الحقوق الناشئة للعامل في مواجهة سلفه. ورغم ذلك فإن القانون أجاز أيضاً تصفية المشروع وتسريح العمال جميعهم، شرط اخبار وزير العمل والشؤون الاجتماعية بذلك. راجع بهذا الخصوص
- د. عدنان العابد و د. يوسف الياس، قانون العمل، ط2، بغداد، 1989، ص328.
- المواد (14) و (39) من قانون العمل رقم 71 لسنة 1987 وتعديلاته.
25- فتوى قسم الراي مجتمعاً ، المرجع نفسه، ص71.
26- د. محمود حلمي ، مرجع سابق، ص145.
27- حسين درويش ، السلطات المخولة بها الادارة في العقد الاداري ، مرجع سابق ، ص183.
28- حسين درويش ، السلطات المخول بها الادارة في العقد الاداري، ص191 .
29- د. عزيزة الشريف ، مرجع سابق ، ص189-190.
30- ينظر
31- د. سليمان الطماوي ، الاسس العامة للعقود الادارية ، مرجع سابق ، ص501-504 وانظر كذلك محمود خليل خضر، الغرامات التاخيرية في العقود الادارية، رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية القانون – جامعة بغداد، 1991، ص40-41.
32- د. محمود خلف الجبوري، العقود الادارية، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1998، ص234 .
33- د.عزيزه الشريف ، مرجع سابق ، ص185-186.
34- د. محمود خلف الجبوري، العقود الادارية ، مرجع سابق ، ص234.
35- د. اعاد حمود القيسي ، الوجيز في القانون الإداري، ط1، عمان 1998، ص336.
36- ينظر:
- د. عزيزة الشريف ، مرجع سابق ، ص190.
- د. محمود حلمي ، مرجع سابق ، ص152.
- د. خالد خليل الظاهر ، مرجع سابق، ص267-268.
- د. سليمان الطماوي، الاسس العامة للعقود الادارية، ط4، دار الفكر العربي، القاهرة، 1984، ص503.
37- انظر حكم محكمة تمييز العراق المرقم 132 والصادر في 1992 (غير منشور).
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|