أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-15
1029
التاريخ: 9-3-2016
2372
التاريخ: 2023-04-09
2370
التاريخ: 2023-06-22
1294
|
التراكب وعدم التحديد
وقد يشعر القارئ بعدم الرضا لوجود الفوتونات مع النظرية التقليدية للضوء. وربما يجادل بأن هناك فكرة غريبة قد قدمت إمكانية أن يكون الفوتون جزئيٍّا في كل من حالتي الاستقطاب أو أن يكون في واحد من الشعاعين المنفصلين، ولكن حتى باستخدام هذه الفكرة الغريبة لم تعط صورة مقنعة للعمليات الأساسية للفوتون المفرد. ويمكن أن يقول أيضًا إن هذه الفكرة الغريبة لم تعط أية معلومات عن النتائج العملية للتجارب التي نوقشت، خلافًا لما يمكن الحصول عليه باعتبار أن الفوتونات تكون موجهة بطريقة غامضة بواسطة موجات. وما هي عندئذ الفائدة من هذه الفكرة الغريبة؟
وللإجابة عن الانتقاد الأول يمكن ملاحظة أن الموضوع الرئيسي للعلوم الطبيعية ليس التزويد بالصور ولكن وضع صيغ لقوانين تحكم الظواهر واستخدام هذه القوانين لاكتشاف ظواهر جديدة. وإذا وجدت صوره فبها ونعمت، وسواء كانت الصورة موجودة أو غير موجودة فإن ذلك ذو أهمية ثانوية. وفي حالة الظواهر الذرية لا يتوقع وجود صورة بالمعنى المعتاد لكلمة « صورة » والتي يعنى بها نموذج يعمل أساسًا على طرق تقليدية، وعلى أية حال، ربما يستطيع المرء أن يمد معنى كلمة « صورة » ليشمل أي طريقة للنظر إلى القوانين الأساسية التي تجعل توافقها الذاتي واضحًا، وبهذا الامتداد ربما يكتسب المرء تدريجيٍّا صورة للظواهر الذرية وذلك بأن يصبح معتادًا على قوانين النظرية الكمية.
بالنسبة للانتقاد الثاني يمكن ملاحظة أنه في كثير من التجارب البسيطة على الضوء فإن نظرية مبدئية تربط بين الموجات والفوتونات بطريقة إحصائية، تفتقد الدقة الصارمة؛ سوف تكون مناسبة لتفسير النتائج. وفي مثل هذه التجارب فإن ميكانيكا الكم لا تعطي معلومات إضافية. وفي معظم التجارب تكون الظروف معقدة إلى درجة كبيرة، بحيث إن مثل هذه النظرية المبدئية لا يمكن تطبيقها وتظهر الحاجة إلى مشروع أكثر تطورًا مثل ذلك المقدم من خلال نظرية الكم.
وأسلوب الوصف الذي تعطيه ميكانيكا الكم في الحالات المعقدة يصلح تطبيقه أيضًا على الحالات البسيطة، وبالرغم من أنه ليس ضروريٍّا لتفسير النتائج العملية، إلا أن دراسة الحالات البسيطة تكون مقدمة مناسبة لدراسة الحالة العامة.
ويظل هناك انتقاد عام يمكن أن يوجه للمشروع كله، ألا وهو الابتعاد عن الحتمية (determinacy) في النظرية التقليدية، إذ يظهر تعقيد كبير في وصف الطبيعة، وهذا في الواقع ملمح غير مرغوب. وهذا التعقيد لا يمكن إنكاره ولكن يعوضه تبسيط هائل يقدمه المبدأ العام لتراكب الحالات general principle of superposition of states وهو ما سنتعرض له فيما يلي. على أنه من الضروري أن ندقق مفهوم الحالة states لمنظومة ذرية عامة.
دعنا نأخذ أي منظومة ذرية مكونة من جسيمات أو أجسام لها خواص محددة (الكتلة، عزم القصور الذاتي، … إلخ) تتفاعل وفقًا لقوانين معينة للقوة، نتيجة لذلك سوف يكون هناك حركات مختلفة ممكنة للجسيمات أو الأجسام تتوافق مع قوانين القوة. أي من هذه الحركات تعرف بأنها حالة للمنظومة ووفقًا للأفكار التقليدية يمكن للمرء أن يحدد أي حالة بإعطاء قيم عددية للمركبات المختلفة لإحداثيات وسرعات الأجزاء التي تتركب منها المنظومة في لحظة ما من الزمن. وبهذا تكون الحركة الكلية قد تحددت تحديدًا تامٍّا. كما أنه لا يمكننا ملاحظة منظومة صغيرة بنفس القدر من التفاصيل التي تفترضها النظرية التقليدية. وحدود قدرة الملاحظة تضع حدٍّا لعدد البيانات التي يمكن تخصيصها لحالة ما. ولهذا فالحالة لمنظومة ذرية يجب أن تعين ببيانات أقل أو غير محددة وليس بفئة متكاملة من القيم العددية لكل الإحداثيات والسرعات عند لحظة ما من الزمن. وفي حالة ما إذا كانت المنظومة هي فوتون مفرد فتعرف المنظومة تمامًا بحالة انتقالية.
ويمكن تعريف حالة المنظومة كحركة غير مضطربة مقيدة بالعديد من الشروط أو البيانات الممكنة نظريٍّا دون تداخل أو تناقص ذاتي. وعمليٍّا توضع الشروط بغرض إعداد (تحضير) مناسب للمنظومة، وربما يكون هذا الأعداد من خلال التمرير في أجهزة فرز مثل فتحات (شقوق) أو مقياس استقطاب، وتظل المنظومة غير مضطربة بعد التحضير.
ويمكن أن تستخدم كلمة حالة لتعني الحالة عند لحظة معينة (بعد التحضير) أو الحالة خلال الزمن الكلي بعد التحضير. للتمييز بين هذين المعنيين تعرف الأخيرة « بحالة الحركة » state of motion عند مظنة الالتباس.
يطبق المبدأ العام للتراكب في ميكانيكا الكم للحالات بأي من المعاني السابقة لأي منظومة ديناميكية. وهذا يتطلب منا أن نفترض وجود علاقات خاصة بين هذه الحالات بحيث إنه عندما تكون المنظومة في حالة محددة يمكننا اعتبارها جزئيٍّا في حالتين أو أكثر. وعليه يجب النظر إلى الحالة الأصلية كنتيجة لنوع من التراكب لحالتين أو أكثر من الحالات الجديدة، بطريقة لا يمكن تخيلها طبقًا للأفكار التقليدية. وأية حالة يمكن اعتبارها نتيجة لتراكب حالتين أو أكثر من حالات أخرى وبالتأكيد بعدد لانهائي من الطرق. وبالتبعية أي حالتين أو أكثر تتراكب لتعطي حالة جديدة. ومنهج التعبير عن حالة ما كتراكب من الحالات الأخرى هو طريقة رياضية مسموح بها دائمًا، غير معتمدة على الرجوع إلى الشروط الفيزيائية، مثل طريقة تحليل موجة إلى مركبات « فوريير »، ومع أنها مفيدة في حالة بعينها، فإنها تعتمد على الشروط الفيزيائية للمسألة قيد الاعتبار.
وطبيعة العلاقات التي تتطلب مبدأ التراكب أن توجد بين حالات أي منظومة من النوع الذي لا يمكن شرحه من خلال المفاهيم الفيزيائية المعتادة. فلا يستطيع المرء من خلال المعنى التقليدي تصور منظومة تكون جزئيٍّا في كل من الحالتين، ثم يري تطابق هذا مع منظومة كائنة كلية في حالة أخرى. هناك محتوى لفكرة جديدة تمامًا يتعود المرء عليها وعن طريقها يجب على المرء أن يتقدم نحو بناء نظرية رياضية مضبوطة دون امتلاك تفاصيل الصورة التقليدية.
عندما تتكون حالة من تراكب حالتين أو أكثر فسوف تحمل خواصَّ متداخلة بطريقة غامضة بين خواص الحالتين الأصليتين وتقترب من أو تبتعد عن خصائص واحدة منهما وفقًا لكبر أو صغر الوزن المرافق لهذه الحالة في عملية التراكيب. وتُعرَّف الحالة الجديدة تمامًا بالحالتين الأصليتين عندما تعرف الأوزان النسبية في عملية التراكب مع فرق طور معين، والمعنى الدقيق للأوزان والأطوار تعينه النظرية الرياضية في الحالة العامة. ومعنى الأوزان والأطوار في حالة استقطاب فوتون يتعين من البصريات التقليدية، بحيث، مثلًا، عندما تتراكب حالتان متعامدتا الاستقطاب بأوزان متساوية فربما تكون الحالة الجديدة مستقطبة دائريٍّا في أي من الاتجاهين، أو مستقطبة خطيٍّا بزاوية π 4/1 أو مستقطبة ناقصيٍّا، وفقًا لفرق الطور.
وتظهر بوضوح الطبيعة غير التقليدية لعملية التراكب إذا وضعنا في اعتبارنا تراكب حالتين ,A,B بحيث توجد عملية رصد، عندما تجرى والنظام في حالة A فسوف تعطي قيمة معينة ولتكن a مثلا، وعندما تجرى والنظام في حالة B فسوف تعطي قيمة معينة ولتكن b مثلًا. السؤال هو: ما هي النتيجة عندما يجري الرصد والنظام في حالة التراكب؟ والإجابة تكون أن النتيجة ستكون أحيانًا a وأحيانا اخرى b وفقا لقوانين الاحتمالات، اعتمادًا على أوزان كل من A, B في عملية التراكب. لن تختلف أبدًا عن a أو b. (إن السلوك البيني للحالات المتكونة بالتراكب يعبر عن نفسه من خلال احتمال نتيجة معينة لرصد يكون بينيٍّا بين الاحتمالات المناظرة للحالة الأصلية * وليس من خلال أن النتيجة نفسها تكون بينية بين النتائج المناظرة للحالات الأصلية(.
وبهذه الطريقة نرى أن التخلي الحاد عن الأفكار العادية — كافتراض علاقات التراكب بين الحالات — ممكن فقط باعتبار الاعتراف بأهمية الاضطراب المصاحب لعملية الرصد وعدم التحديد المترتب على نتائج الرصد. وعندما يجري رصد على أي منظومة ذرية في حالة عامة معطاة فإن النتيجة لن تكون قطعية، بمعنى أنه إذا أجريت التجربة عدة مرات تحت نفس الظروف فيمكن الحصول على نتائج مختلفة. إنه قانون الطبيعة، ومع ذلك إذا كُررت التجربة عددًا كبيرًا من المرات فسوف نحصل على كل نتيجة خاصة بنسب محددة من العدد الكلي لمرات الرصد، ولذا فهناك احتمال محدد للحصول على هذه النتيجة. وهذا الاحتمال هو ما تنطلق النظرية لحسابه فقط في بعض الحالات الخاصة عندما يكون احتمال نتيجة معينة مساويًا الواحد الصحيح تكون النتيجة محددة (قطعية).
يؤدي افتراض علاقات التراكب إلى نظرية رياضية تكون فيها المعادلات التي تُعرّف الحالة خطية في المجاهيل، وبناءً على هذا حاول أنُاس بناء منظومات مشابهة مع منظومات في الميكانيكا التقليدية، مثل الأوتار أو الاغشية المتذبذبة والمحكومة بمعادلات خطية حيث يسري مبدأ التراكب عليها. وأدي هذا التناظر إلى ظهور اسم «الميكانيكا الموجية » ليُعطي أحيانًا « لميكانيكا الكم ». ومن المهم أن نتذكر أن التراكب الذي يحدث في ميكانيكا الكم له طبيعة جوهرية مختلفة عن أي تراكب يحدث في النظرية التقليدية. كما هو واضح من حقيقة أن مبدأ التراكب الكمي يتطلب عدم التحديد في نتائج الرصد من أجل القدرة على تفسير فيزيائي مقبول. وعليه فإن التناظر قد يكون خادعًا.
_______________________________________
(*) احتمال نتيجة خاصة للحالة الناتجة عن التراكب لا تقع دائمًا متوسطة بين النتائج للحالات الأصلية في الحالة العامة التي تكون فيها الحالات الأصلية ليست صفرًا أو الواحد الصحيح، ومن ثم فإن هناك تحفظات على « البينية » Intermediateness للحالة الناتجة بالتراكب.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
وفد كلية الزراعة في جامعة كربلاء يشيد بمشروع الحزام الأخضر
|
|
|