المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4878 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

العلاقة بين القضاء والادارة في العراق في ظل الاحتلال البريطاني
8-6-2016
الحياء.
2024-02-24
صور عزل المتولي واسبابه
7-2-2016
فضل الوليمة
2024-09-01
أبو الطفيل عامر بن واثلة الكناني.
12-12-2017
صلاة للأعمى ـ بحث روائي
23-10-2016


إستدلالات حول مشروعية الإحتفال بذكرى ولادة النبي صلى الله عليه وآله  
  
1883   12:58 مساءً   التاريخ: 8-2-2017
المؤلف : جعفر مرتضى العاملي
الكتاب أو المصدر : المواسم والمراسم
الجزء والصفحة : ص 29 - 42
القسم : العقائد الاسلامية / مقالات عقائدية /

بداية :

نجد للمجوزين لإقامة المواسم والمراسم استدلالات عديدة، ولكننا لا نجد من بينها ما يجدي في إثبات ما يريدون إثباته، ولا يصلح للاستدلال به، ونحن نشير إلى طائفة من أدلتهم تلك، مع التذكير ببعض ما يرد عليها. فنقول :

أبو لهب... وعتق ثويبة :

إنهم يذكرون: أن أبا لهب حينما بشر بولادته (صلى الله عليه واله)، اعتق مولاته ثويبة، فرآه العباس ـ وفي رواية اليعقوبي: رآه النبي (صلى الله عليه واله) ـ بعد موته في المنام، فأخبره أنه يخفف عنه العذاب كل يوم اثنين لعتقه ثويبة حينما بشر بذلك (1).

قال القصطلاني : «قال ابن الجزري: فإذا كان هذا أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه، جُوزِيَ في النار بفرحه ليلة مولد النبي (صلى الله عليه واله) به، فما حال المسلم الموحد من أمته عليه السلام، الذي يسر بمولده، ويبذل ما تصل اليه قدرته في محبته ؟ لعمري، إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله العميم جنات النعيم» (2).

ورحم الله حافظ الشام شمس الدين محمد بن ناصر، حيث قال :

إذا كان هذا كافر جاء ذمه * وتبت يداه في الججيم مخلدا

أتى أنه في يوم الاثنين دائما * يخفف عنه للسرور بأحمدا

فما الظن بالعبد الذي كان عمره * بأحمد مسرورا ومات موحدا (3) .

ولكن هذا الاستدلال لا يصح، وذلك لأن إعتاق ثويبة قد كان بعد مولده (صلى الله عليه واله) بزمن طويل، أي بعدما هاجر النبي (صلى الله عليه واله) الى المدينة، بعد أن حاولت خديجة شراءها من أبي لهب لتعتقها، بسبب ما يزعم من إرضاعها للنبي (صلى الله عليه واله) فرفض أبو لهب بيعها (4) .

وتوجيه الحلبي لذلك، بأن من الممكن أن يكون أبو لهب قد أعتقها أولا لكنه لم يذكر ذلك ولم يظهره، ورفض بيعها لخديجة لكونها كانت معتوقة، ثم عاد فأظهر ذلك (5)... هذا التوجيه غير وجيه، لأن من غير المعقول أن لا يظهر الناس ولا يطلعوا على عتقه لجاريته طيلة حوالي خمسين سنة، كما أن هذه الجارية التي اعتقها لماذا بقيت عنده طيلة هذه المدة المتمادية وهي خارجة عن ملكه... ؟ ولماذا لم يظهر ذلك إلا بعد هجرته (صلى الله عليه واله) ؟ فما هو الداعي له للكتمان، ولا سيما قبل النبوة ؟ وما الداعي للإظهار، ولا سيما بعد الهجرة ؟

وأوردوا أيضا على الرواية بأنها مرسلة.

وبأنه لا حجية في المنامات، وبأنها مخالفة لظاهر القرآن: الذي يقول عن الكفار: «وقدمنا الى ما عملوا من عمل، فجعلناه هباء منثورا». (6)

ولكن إذا ثبت أن الرائي هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما هو مقتضى رواية اليعقوبي، كان المنام حجة... كما أنهم قد ناقشوا في هذا الاعتراض الأخير بما لا مجال لذكره، فلتراجع المصادر المتقدمة، فالعمدة هو ما ذكرناه نحن آنفا ونذكر أخيرا... ان فرحه لو كان استجابة لحاجة نفسية طبيعية، ولم يكن لله، فلماذا يثاب عليه !؟

الاستدلال بفعل حاكم إربل :

ونجد في كلماتهم أيضا الاستدلال بفعل حاكم اربل، الذي ابتكر عمل المولد على ذلك النحو المخصوص حسبما ذكروه، وقد كان فاضلا ورعا دينا الى آخر ما وصفوه به. (7)

ولكنه استدلال لا يصح أيضا، لأن التشريع لا يصح من أحد إلا من صاحب الشريعة، ولم يكن هذا الرجل من العلماء، حتى يحمل عمله على أنه قد استند فيه إلى دليل شرعي، فلعله، كان غافلا عن اللوازم الفاسدة لمثل هذا العمل، أو حتى متعمدا لها...

إلا إذا كان المقصود والاستدلال على هذا الأمر بالإجماع المتحقق في زمانه وحضور العلماء وغيرهم لتلك المناسبات كما يظهر من سياق كلامه...  

ولكنه ايضا استدلال باطل عندنا، لأننا نعتقد: أن الإجماع بما هو هولا حجية فيه، إلا بسبب اشتماله على قول النبي المعصوم (صلى الله عليه واله)، أو قول أحد الأئمة المعصومين، أما دون ذلك فلا اعتبار به، ولكن المشهور عند أولئك المستدلين بهذه الأدلة هو حجيته متى تحقق، حتى ولو بعد عصر النبي (صلى الله عليه واله)، ثم ما تلاه من أعصار فيكون حجة عليهم... فراجع كتب الاصول. (8)

العقيقة... دليل آخر :

قال السيوطي ما حاصله: «إنه ظهر له تخريج عمل المولد على أصل آخر، وهو أنه (صلى الله عليه واله) قد عق عن نفسه بعد النبوة، مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب عق عنه في سابع ولادته... فهذا يعني أنه (صلى الله عليه واله) أراد إظهار الشكر على إيجاد الله تعالى إياه رحمة للعالمين، وتشريفا لأمته، فيستحب الحب لنا أيضا إظهارا للشكر بمولده، بالاجتماع وإطعام الطعام، ونحو ذلك من وجوه القربات وإظهار المسرات». (9)

ولكن هذا لا يصلح للاستدلال ايضا، اذ لم يثبت ان ذلك كان منه (صلى الله عليه واله) فرحا وابتهاجا، بما ذكر، فان ذلك لا يعدو عن ان يكون استنباطا استحسانيا قد يوافق الواقع وقد لا يوافقه.

هذا كله بالإضافة الى عدم ثبوت انه (صلى الله عليه واله) قد عق عن نفسه (10)، وعدم ثبوت ان عبد المطلب كان قد عق عنه (صلى الله عليه واله).. (11) فلابد من ثبوت ذلك بشكل قطعي ليتكلم في دلالته على المدعى أو عدم دلالته.

مضافا إلى أن العقيقة بنفسها مستحبة في الشرع، وقد ثبت ذلك بالدليل القطعي ولكن لا يلزم من استحبابها، والعمل بها جواز اقامة المراسم والمواسم في اوقات معينة وبكيفية خاصة... حتى لو ثبت أن ذلك كان فرحا واستبشارا بمولده (صلى الله عليه واله)، وإلا لكررها بعد ذلك في كل عام، كما يراد إثباته. فلعل للاستبشار بالعقيقة مرة واحدة في العمر خصوصية عند الشارع.

الاستدلال بيوم عاشوراء :

وقد نقل السيوطي عن أبي الفضل ابن حجر قوله عن عمل الموالد للنبي (صلى الله عليه واله): «وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت، وهو ما ثبت في الصحيحين، من أن النبي (صلى الله عليه واله) قدم المدينة، فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم، فقالوا: هذا يوم أغرق الله فيه فرعون، ونجى موسى، ونحن نصومه شكرا لله تعالى، فقال (صلى الله عليه واله): فأنا أحق بموسى عليه السلام منكم، فصامه، وأمر بصومه...

وفي نص آخر: «كان يوم عاشوراء يوما تصومه اليهود، تتخذه عيدا، فقال رسول الله (صلى الله عليه واله): صوموه أنتم». (12)

قال ابن حجر: فيستفاد منه، فعل الشكر لله تعالى على ما من به في يوم معين، من إحداث نعمة، أو دفع نقمة. ويعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سنة... وأي نعمة أعظم من نعمة بروز نبي الرحمة في ذلك اليوم» (13)

وقد رد البعض على هذا الاستدلال بأن السلف الصالح لم يعملوا بهذا النص، على الوجه الذي يفهمه منه من بعدهم، وهذا يمنع من اعتبار هذا النهي صحيحا، فاستنباط ذلك من الحديث مخالف لما أجمع عليه السلف، من ناحية فهمه، ومن ناحية العمل به، وما خالف إجماعهم، فهو خطأ (14) .

ونقول : إن هذا الرد ليس صحيحا ...

تعظيم شعائر الله سبحانه :

وقد استدل بعض الأصدقاء (15) في مقال له حول نفس هذا الموضوع بقوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ * لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 32، 33].

على اعتبار: أن شعائر الله سبحانه هي أعلام دينه، خصوصا ما يرتبط منها بالحج، كما قاله القرطبي، لأن أكثر أعمال الحج إنما هي تكرار لعمل تاريخي، وتذكير بحادثة كانت قد وقعت في عهد إبراهيم عليه السلام، وشعائر الله مفهوم عام شامل للنبي (صلى الله عليه واله) ولغيره، فتعظيمه (صلى الله عليه واله) لازم، ومن أساليب تعظيمه إقامة الذكرى في يوم مولده، ونحو ذلك، فكما أن ذكرى ما جرى لإبراهيم عليه السلام من تعظيم شعائر الله سبحانه، كذلك تعظيم ما جرى للنبي الأعظم، محمد صلى الله عليه وآله وسلم يكون من تعظيم شعائر الله سبحانه.

ونقول: إنه لابد من إصلاح هذا الاستدلال، والقول: بأنه لا يتوقف على دعوى أن شعائر الحج ما هي إلا تكرار لحوادث تاريخية، ليمنع ذلك بعدم ثبوت ذلك، أولا، وبأنه قد كان يمكن التذكير بحوادث تاريخية مهمة جدا غيرها، ولعل بعضها أهم بكثير من قضية التخير بين الصفا والمروة في طلب الماء، أو نحوه مما يذكر هنا.

كما لا يرد على هذا الاستدلال: أن تفسير القرطبي للشعائر بأعلام الدين، الذي هو معنى عام، لا ينافي اختصاص هذا التعبير في القرآن بـ «أعمال الحج» ومواضعه، لا يرد عليه ذلك، لأن العبرة إنما هي بعموم اللفظ، لا بخصوصية المورد.

ولكن يلاحظ: أن القرآن يكرر ويؤكد على أن في هذه الشعائر منافع للناس، فهو يقول في الآية السابقة، وهو يتحدث عن أعمال الحج {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ * لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} كما ويشير إلى أن عمل الحج نفسه يحصل الناس فيه على المنافع كما قال تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج: 28] .

وفي آية أخرى في نفس الموضوع، نجده تعالى يقول: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ } [الحج: 36، 37] .

وقد أطلق في القرآن لفظ المشعر الحرام على المزدلفة، كما وأطلق على الصفا والمروة انهما من شعائر الله...

فالظاهر : ان المراد هو: أن هذه الأماكن، وكذلك البدن التي يشعرها الحاج ويعلمها إنما هي من أعلام المناسك، ودلائله المظهرة لكمال انقياد العباد له تعالى، فلا يجوز التعدي على هذه الأعلام، ولا يجوز تجاوزها، بل لابد من تعظيمها والتقيد بها، وقد ورد النهي عن تجاوزها وتعديها في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا} [المائدة: 2]. وقبل آية تعظيم شعائر الله، تجده تعالى يقول وفي نفس المناسبة: {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: 30] فنجد أن هذا السياق متحد مع سياق الآية التي استدل بها هنا.

وبعد.. كل ما تقدم نقول: إن الاستدلال بالآية يتوقف على كون مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكذا يوم عاشوراء، مثلا، وغير ذلك من المناسبات من شعائر الله، أي من أعلام الله التي نصبها لطاعته، ليجب تعظيمها.. وكما يقال: العرش، ثم النقش...

فإن قوله تعالى : {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [الحج: 36] يشعر بأن كونها من الشعائر يحتاج إلى جعل منه تعالى...

وذكرهم بأيام الله :

وقد استدل أيضا على مشروعية المواسم والمراسم بقوله تعالى مخاطبا موسى عليه السلام: {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ} [إبراهيم: 5] ، فإن المقصود بأيام الله، أيام غلبة الحق على الباطل، وظهور الحق، وما نحن فيه من مصاديق الآية الشريفة، فإن إقامة الذكريات والمواسم فيها تذكير بأيام الله سبحانه.

ونقول: إن ما تدل عليه الآية هو التذكير بالأسلوب العادي والمعروف، وأما الخصوصية، فلا تفهم من الآية. وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: «كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يخطبنا فيذكرنا بأيام الله، حتى نعرف ذلك في وجهه، كأنه نذير قوم يصبحهم الأمر عداوة». (16).

وعن ابي بن كعب: «أن رسول الله (صلى الله عليه واله)  قرأ يوم الجمعة تبارك، وهو قائم، فذكرنا بأيام الله». (17)

وعن النبي (صلى الله عليه واله) : «بينما موسى عليه السلام في قومه يذكرهم بأيام الله، وأيام الله نعمه وبلاؤه إذ قال... الخ». (18)

فذلك كله يدل على أن التذكير بأيام الله كان يتخذ صفة الطبيعة والعادية، ولو للأفراد على انفراد، ولم يكن يقيم لهم احتفالات ومراسم معينة في أوقات مخصوصة من أجل ذلك، إلا أن يقال: إن أمر تعيين المصداق قد ترك إلينا ... فتكون الآية من أدلة العنوان العام.

كما أن المقصود بأيام الله.. لعله تلك الأيام التي تحدث فيها خوارق العادات، وتظهر فيها الآيات، أيام بطشه بالظالمين، وأخذه لهم أخذ عزيز مقتدر، وكذا الحال بالنسبة لآية: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} [الجاثية: 14] .. فلا تشمل الآية ما هو محل الكلام هنا...

الفرح بفضل الله سبحانه

وقد استدل أيضا بقوله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس: 58] ، إذ من المصاديق الجلية لرحمة الله سبحانه، هو ولادة النبي (صلى الله عليه واله) ، الذي أرسله الله رحمة للعالمين، فالفرح بمناسبة ميلاده صلى الله عليه وآله وسلم مطلوب ومراد. (19)

ولكننا نقول: إن الآية تدل على لزوم الفرح برحمة الله سبحانه وفضله... أما الخصوصية، فلا تدل عليها، وحينما يصف الله الانسان بأنه فرح فخور، فان ذلك لا يعني إلا ثبوت هذه الحالة النفسية له، ولا تدل على أنه يقيم الحفلات، ويلتزم بالمواسم والمراسم، كما هو محل البحث هنا.

إلا أن يقال: إن أمر تعيين الكيفية والمصداق قد أوكل الينا ...

مناسك الحج تكرار للذكرى :

واستدل بعض العلماء بأن جل أعمال مناسك الحج ما هي إلا احتفالات بذكرى الأنبياء، فأمر الله تعالى باتخاذ مقام إبراهيم مصلى، إحياء لذكرى شيخ الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أما السعي بين الصفا والمروة، فهو تخليد لذكرى هاجر حينما عطشت هي وابنها اسماعيل، فكانت تسعى بين الصفا والمروة، وتصعد عليهما لتنظر: هل ترى من أحد (كما ذكر البخاري)..

ورمي الجمار تخليد لذكرى إبراهيم عليه السلام، حينما ذهب به جبريل إلى جمرة العقبة، فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات، فساخ.

وذبح الفداء، إنما هو تخليد لذكرى إبراهيم أيضا حينما أمر بذبح ولده إسماعيل ففداه الله بذبح عظيم.

وفي بعض الأخبار: أن أفعال الحج إنما هي احتفال بذكرى آدم، حيث تاب الله عليه عصر التاسع من ذي الحجة بعرفات، فأفاض به جبريل حتى وافى إلى المشعر الحرام فبات فيه، فلما أصبح أفاض إلى منى، فحلق رأسه إمارة على قبول توبته، وعتقه من الذنوب.

فجعل الله ذلك اليوم عيدا لذريته.

فأفعال الحج كلها تصير احتفالات واعيادا بذكرى الأنبياء، ومن ينتسب اليهم، وهي باقية أبد الدهر. (20)

ونقول:

أولاً: إن هذا الاستدلال يتوقف على ثبوت الروايات المشار إليها آنفا، على كون قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى } [البقرة: 125] قد جيء به للإشارة إلى هذا الأمر التاريخي...

والآية إنما أوردت كلمة «مقام إبراهيم» للإشارة إلى موضوع الحكم، وليس عنوان هذا الموضوع دخيلا في ثبوت ذلك الحكم، لا بنحو الاقتضاء ولا بنحو العلية التامة، ولعله تكون العلة للحكم أمرا آخر، ويكون العنوان من قبل لفظ «زيد في قولك: أكرم زيدا».

كما ويرد هنا سؤال، وهو: لماذا اختصت هذه الأحداث بأن يقام لها هذا الاحتفال الدائم أبد الدهر، مع أنه قد توجد أحداث أعظم أهمية، وأشد خطرا منها ؟ لماذا لم تخلد هي أيضا باحتفالات على نحو تخليد هذه.... ولتكن إحدى هذه الأحداث، ولادة السيد المسيح من دون أب، وقصة غرق فرعون، ومحاولة إحراق إبراهيم بالنار، فكانت بردا وسلاما، وقصة الطوفان، وغير ذلك ؟

وثانياً: ان هذه الذكريات قد أمر الشرع بها وشرع الحكم بلزوم العمل بها، وهذا لا ينكره المانعون، وانما هم يقولون: إن ما لم يرد به الشرع يكون بدعة وحراما، وهذا مما قد ورد الشرع به، فلا إشكال فيه، وإنما الاشكال فيما عده ....

الاستدلال بما جرى ليعقوب :

واستدل ابضا على مشروعية الاحتفالات والمراسم بحزن يعقوب على فراق ولده يوسف، حتى ابيضت عيناه من الحزن، فلم لم يجز له بعد موت ولده العزيز على قلبه - مع ان حرقته عليه أعظم - أن يظهر التفجع عليه، ويقيم المراسم في هذا السبيل ؟!(21)

ونقول: إن ذلك لا ربط له بإقامة المراسم والمواسم في زمان معين، وفي مكان معين، فإن مجرد الحزن والأسى لا مانع منه، ولكن الزيادة على ذلك هي التي تحتاج إلى اثبات، بنظر المانع، والآيات لا تدل على أكثر من ممارسة التوجع والتفجع والحزن...

«ورفعنا لك ذكرك» :

واستدل أيضا بقوله تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4] فإن الاحتفالات بميلاده (صلى الله عليه واله)  ما هي إلا رفع لذكره (صلى الله عليه واله) ... (22).

ويمكن المناقشة في ذلك بأن ر فع ذكره (صلى الله عليه واله)  من قبل الله سبحانه إنما هو بجعله نبيا رسولا، وليس في الآية أمر متعلق بالمكلفين يطلب منهم إقامة احتفالات، ولا غير ذلك...

وقد ورد في الروايات أن المراد برفع ذكره ما هو واقع من ذكر الشهادة بنبوته إلى جانب الشهادة لله بالوحدانية في الأذان وفي غيره... وقيل في تفسير الآية غير ذلك أيضا...

آية المودة :

واستدل أيضا بأن مودة ذوي القربى مطلوبة شرعا، وقد أمر بها القرآن صراحة، فإقامة الاحتفالات للتحدث عما جرى للأئمة (عليهم السلام) لا يكون إلا مودة لهم... إلا أن يدعى أن المراد بالمودة الحب القلبي، ولا يجوز الاظهار.

ونقول: صحيح أن إرادة الحب القلبي مجردا ومن كلمة: «المودة» لا يمكن تقويته، لاسيما وأن بعض المحققين يقول في تفسير المودة: «كأنها الحب الظاهر أثره في مقام العمل...» (23).

ولكن يمكن المناقشة فيما ذكر، بأن مودتهم تحصل من دون إقامة احتفالات، فالمانع يدعي: أن الخصوصية للزمان وللمكان، وللتجمع، وللمراسم الخاصة، يحتاج جوازها إلى اثبات.. إلا إذا التزم بالأمر بالعنوان العام، وترك أمر تعيين المصاديق إلينا... مع عدم كون الخصوصية موردا للحكم الشرعي، ولا للتعبد بإتيانها... ولعل هذا هو مراد المستدل، فلا إشكال حينئذ.

ونفس ما تقدم يقال: بالنسبة إلى استدلاله بآية: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ } [الأعراف: 157] .

آية المائدة :

واستدل أيضا بقوله تعالى: {رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } [المائدة: 114].

فقد اعتبر يوم نزول المائدة السماوية عيدا وآية، مع أنها لأجل إشباع البطون.

فيوم ميلاده (صلى الله عليه واله) ، ويوم بعثته، الذي هو مبدأ تكامل فكر الأمم على مدى التاريخ أعظم من هذه الآية، وأجل من ذلك العيد، فاتخاذه عيدا يكون بطريق أولى... (24)

ويمكن الجواب عن ذلك: بأن العيد المشار إليه في الآية، قد جاء على وفق الحالة الطبيعية للأعياد عادة، لأن المائدة تنزل في وقت معين ن وقد طلب عود نزولها واستمرارها، ثم يجتمع الناس عليها للاستفادة منها، ولابد من أن يحصل الفرح والابتهاج بها، فكل الخصوصيات المعتبرة في العيد، لابد وأن تحصل بتبرع منا، مع عدم المساهمة الشرعية لا في حصولها، ولا في إمضائها وجعل المشروعية لها.

والضحى ... :

واستدلوا ايضا على مشروعية الاحتفالات والمواسم بأن الله سبحانه وتعالى قد أقسم بالضحى، وبالليل إذا سجى، وقد روي أن المراد ليلة المولد، أو ليلة المعراج.

والجواب أن ذلك يدل على أهمية هذه الليلة وامتيازها، ولكنه لا يدل على مشروعية إقامة الموالد والمواسم في زمان معين، أو في مكان معين، بل ليس فيها أية إشارة إلى أي نحو من أنحاء التجمعات، لا نفيا ولا اثباتا.

____________

1 ـ راجع: السيرة النبوية لابن كثير / ج 1 / ص 224، البداية والنهاية / ج 1 / ص 273، وتاريخ اليعقوبي / ج 2 / ص 9، وفتح الباري / ج 9 / ص 124، وعمدة القاري / ج 2 / ص 95، والسيرة الحلبية / ج 1 / ص 84 و 85، والسيرة النبوية لدحلان / ج 1 / ص 25، ورسالة حسن المقصد للسيوطي، المطبوعة مع النعمة الكبرى على العالم / ص 90، وارشاد الساري / ج 8 / ص 31، وهو ظاهر صحيح البخاري / ج 3 / ص 157 ط سنة 1309، وجواهر البحار / ج 3 / ص 338 / 339، وتاريخ الاسلام للذهبي / ج 2 / ص 19، والوفاء / ص 107، ودلائل النبوة للبيهقي / ج1 / ص 120، وبهجة المحافل / ج 1 / ص 41،

وطبقات ابن سعد / ج 1 قسم 1 / ص 67 ـ 68، والمواهب اللدنية / ج 1 / ص 27، وتاريخ الخميس / ج 1 / ص 222، وسيرة مغلطاي / ص 8، وصفة الصفوة / ج 1 / ص 62، ونور الابصار / ص 10، وإسعاف الراغبين بهامشه / ص 8.

2 ـ المواهب اللدنية / ج 1 / ص 27، ورسالة حسن المقصد للسيوطي، المطبوعة مع النعمة الكبرى على العالم ص 90 ـ 91، وتاريخ الخميس / ج 1 / ص 222.

3 ـ السيرة النبوية لزيني دحلان / ج 1 / ص 25، ورسالة السيوطي المطبوعة مع النعمة الكبرى على العالم / ص 91.

4 ـ أنساب الأشراف (سيرة النبي (صلى الله عليه واله)) / ص 95 / 96، والكامل لابن الأثير / ج 1 / ص 459، وطبقات ابن سعد / ج 1 / قسم 1 / ص 67، والإصابة / ج 4 / ص 258، وارشاد الساري / ج 8 / ص 31، والسيرة الحلبية / ج 1 / ص 85، وراجع الوفاء / ص 107، وفتح الباري / ج 9 / ص 124، والاتسيعاب بهامش الإصابة / ج 1 / ص 16، وذخائر العقبى / ص 259، وقاموس الرجال / ج 10 / ص 417.

5 ـ السيرة الحلبية / ج 1 / ص 85.

6 ـ راجع: فتح الباري / ج 9 / ص 124 ـ 125، وارشاد الساري / ج 8 / ص 31، وعمدة القاري / ج 20 / ص 95، والقول الفصل / ص 84 ـ 87.

7 ـ راجع: رسالة حسن المقصد للسيوطي، والمطبوعة مع كتاب: النعمة الكبرى على العالم / ص 80.

8 ـ راجع: المستصفى وفواتح الرحموت، والاحكام في أصول الاحكام، وإرشاد الفحول، بحث الإجماع...

9 ـ راجع: رسالة حسن المقصد للسيوطي، المطبوعة مع النعمة الكبرى على العالم ص 90.

10 ـ روى ذلك البيهقي في السنن الكبرى ج 9 ص 300.

11 ـ الرواية في تهذيب تاريخ دمشق ج 1 ص 283.

12 ـ راجع: القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ص 78 و 79، وسنن الدارمي / ج 2 / ص 22، وصحيح البخاري / ج 1 / ص 224، وصحيح مسلم / ج 3 / ص 159 و 150، ومسند أحمد / ج 4 / ص 409، وزاد المعاد ج 1 / ص 164 فما بعدها، وكشف الأستار / ج 1 / ص 490، ومجمع الزوائد / ج 3 / ص 185. وللحديث طرق متعددة، ونصوص مختلفة، وهو موجود في مختلف المصادر الحديثة عند أهل السنة، ولتراجع رسالة حسن المقصد للسيوطي، المطبوعة مع: النعمة الكبرى على العالم / ص 89، والسيرة النبوية لدحلان / ج 1 / ص 25، والتوسل بالنبي وجهلة الوهابيين / ص 114، وعجائب المخلوقات، بهاشم حياة الحيوان / ج 1 / ص 114، والمنتقى من أخبار المصطفى / ج 2 / ص 192، ومجمع الزوائد / ج 3 / ص 184 ـ 188، ومنحة المعبود / ج 1 / ص 193.

13 ـ تلخيص من رسالة حسن المقصد للسيوطي، المطبوع مع: النعمة الكبرى على العالم / ص 89 ـ 90 وراجع: التوسل بالنبي وجهلة الوهابيين / ص 114 / 115.

14 ـ راجع: القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ص 78 و 79.

15 ـ المستدل هو صديقنا الشيخ رسول جعفريان حفظه الله في مقال له حول هذا الموضوع.

16 ـ مسند أحمد / ج 1 / ص 167.

17 ـ سنن ابن ماجة / ج 1 / ص 352 ـ 353.

18 ـ مسند احمد / ج 5 / ص 121.

19 ـ راجع: القول الفصل / ص 73، ومقالة الصديق المشار إليه آنفا.

20 ـ راجع كتاب: معالم المدرستين / ج 1 / ص 47 ـ 49، للعلامة العسكري حفظه الله تعالى.

21 ـ راجع كتاب: آئين وهابيت / ص 180 ـ 181 للعلامة السبحاني حفظه الله.

22 ـ آئين وهابيت / ص 184 للسبحاني.

23ـ راجع: تفسير الميزان / ج 16 / ص 166.

24 ـ راجع: آئين وهابيت ص 182 / 183.




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.